نشرت هذه الدراسة في جريدة الأيام في 29 يناير 1990

 
 
 
 
 
 
 
       

عمر الشريف

       
 
 
 
 
 
 
 
 

من إصدارات حداد

 
 
 
 
 

الفاتن

عمر الشريف

 
 
 
 
 
 
 

 
 

ممثل عمل بالمسرح الإنجليزي والسينما المصرية، من أسرة ثرية بالإسكندرية، درس بمدرسه فيكتوريا، اكتشفه زميله يوسف شاهين، اخرج له الكثير م الأفلام، تزوج فاتن حمامه وأنجبت له طارق، ثم انفصلا بعد أن صار نجما عالميا، واشتغل عن أسرته بأعماله الفنية، اكتشفه المخرج العالمي دافيد لين، فقدمه في أفلام عديدة، رشح لجائزة الاوسكار عن دور مساعد في فيلم - لورانس العرب، عمل في السينما الإيطالية والفرنسية والأمريكية، أثناء غيابه عن مصر كان لا يتوقف عن العمل في مسلسلات إذاعية مصريه – انف وثلاث عيون – الحب الضائع، عاد إلى مصر في التسعينات، وتفرغ للعمل العام بعد أن انحصرت عنه أضواء العالمية .

تاريخ الميلاد: 10 أبريل 1932          تاريخ الوفاة: 10 يوليو 2015

 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

1991 - المواطن مصري

1989 - الأراجوز

1983 - أيوب

1965 - Doctor Zhivago

1962 - Lawrence of Arabia

1961 - في بيتنا رجل

1960 - نهر الحب

1960 - بداية ونهاية

1960 - إشاعة حب

1954 - صراع في الوادي

 
 
 
 
 
 
 
 

ملف خاص عن رحيله

 
 
 
 
 
 
 
عن رحيل الأسطورة
عمر الشريف

(1932 - 2015)

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

الفاتن.. عمر الشريف


«عمر الشريف».. ليس مجرد اسماً عادياً لشخص يمتهن التمثيل، إنه رمز لأجيال من الممثلين، على مدار تاريخ السينما المصرية بشكل خاص، والعالمية بشكل عام. فقد كان النجم العالمي عمر الشريف، قدوة لمن جاءوا بعده، في النظر إلى الأفق الرحب للانطلاق للسينما العالمية. كانت ملامح عيني عمر الواسعتين السوداوين وابتسامته، إحدى مؤهلاته لأن يصبح فالنتينو عصره، في ستينيات القرن الماضي. وعرف بجاذبيته لبعض أشهر النساء حول العالم. لكنه قال مرة: (...لا أدري ما تنجذب إليه النساء، لكنني لا أحاول بأي شكل أن أكون جذابا للنساء...).

بالإضافة إلى وسامته، التي جذبت الكثير من النساء حول العالم، كان فناناًُ مجتهداً، تعلم على أيدي عمالقة في الإخراج والتمثيل في مصر (يوسف شاهين، صلاح أبوسيف، كمال الشيخ، عاطف سالم، عزالدين ذوالفقار، نيازي مصطفى، هنري بركات) والعالم (ديفيد لين، فريد زينيمان، أنطوني مان، هنري ليفن، فرانسيسكو روزي، سيدني لوميت، جون فرانكنهامر، أندريه فايدا، أليخاندرو خودوروفسكي، جون مكتيرنان).

كل ما ذكرناه هذا، قد كان محفزاً في محاولة تناول مشوار هذا الفنان، ورصد المراحل الفنية والحياتية التي مرت به، وأوصلته إلى هوليوود قلعة السينما العالمية، وعواصم السينما في العالم.

 

البداية


«ميشال شهلوب» هو اسمه الحقيقي. ولد في الإسكندرية عام 1932، ونشأ في ظل عائلة غنية من أصل لبناني مسيحي. تلقى تعليمه في أرقى المدارس الخاصة، مثل «كلية فكتوريا»، والتي أهلته لإتقان اللغة الفرنسية كتابة وقراءة وتحدثاً. أما في الوقت الحاضر فهو يجيد الإنجليزية والإيطالية والأسبانية واليونانية، إضافة الي العربية والفرنسية.

بدأت علاقة عمر الشريف بالفن منذ الصغر، عندما وقف على خشبة المسرح المدرسي ليؤدي دوراً في إحدى المسرحيات العالمية. أما فرصته الذهبية فكانت في عام 1954، عندما اختاره المخرج يوسف شاهين للوقوف أمام النجمة الكبيرة «فاتن حمامة» في فيلم (صراع في الوادي). وبالطبع كانت جرأة كبيرة وحساسية فنية من شاهين، عندما قدمه ولأول مرة في دور بطولة.. إلا أن عمر الشريف لم يخذل مكتشفه، فقد نجح الفيلم والدور، وأصبح اسم عمر الشريف على كل لسان.

كانت المرة الأولى التي يواجه فيها كاميرات السينما، ومن ثم بدأت الرحلة الى عالم الأضواء، وذلك بعد أن أنقذ عمر نفسه من الغوص في تجارة الأخشاب (مهنة والده التي اختارها له والده)، ليصبح في فترة قصيرة، وبمساعدة وتشجيع فاتن حمامة في البداية، فتى الشاشة الأول في السينما المصرية.

 

فاتن.. الحب الأول


كانت فاتن قد تطلقت حديثاً من المخرج عزالدين ذوالفقار، وكانت حينها تشعر بفراغ عاطفي كبير يسري في كل كيانها. وعندما التقت بالوجه الجديد عمر الشريف (وهو الاسم الفني الذي اختارته له فاتن حمامة) شعرت بألفة غريبة تجاهه.

عندها بدأت علاقة حب بقبلة طويلة، كانت أساساً ضمن إحدى مشاهد فيلم (صراع في الوادي)، والتي أعادها المخرج إحدى عشرة مرة حتى يحصل على التأثير المناسب، وكانت هي المرة الأولى التي تسمح فيها فاتن حمامة لممثل أن يقبلها على الشاشة. وذات ليلة اختفى الاثنان عمر وفاتن، بعد انتهاء العمل في الفيلم، في فندق «ميناهوس»، حيث تزوجا هناك وأمضيا أسبوع العسل خفية عن أعين الفضوليين وشائعات المغرضين.

عمر الشريف وفاتن حمامة انفصلا وقت تصوير فيلم دكتور زيفاجو سنة 1965، وعاش عمر الشريف لوحده حتى طلاقهم سنة 1974. وفي التسع سنوات، كان عمر الشريف مرتبط بفنانات في هوليوود (حسب ما قيل آنذاك) أشهرهم باربرا سترايسند وأنوك إيمييه وانجريد بيرغمان. وعندما كبر في السن ومسيرته الفنية مثل السابق، صرح بأنه يشعر بالندم، بإنه طلق فاتن حمامة، والندم الأكبر إنه سافر هوليوود وأصبح ممثل عالمي، ولولا ذلك، لكان استمر ممثل في مصر وأنجب أكتر من ولد، وعاش سعيداً مع زوجته.

يقول عمر الشريف: (...فشلت في حياتي الشخصية بسبب مشواري مع النجومية في عالم السينما، فلم أعرف الاستقرار ولم أكون أسرة، وكنت طوال أكثر من عشرين عاماً مغترباً أعيش في الفنادق وأنتقل من بلد الى آخر...).

 

تجربة الفيلم الأول*


يتحدث عمر الشريف عن تجربته الأولى، فيقول:

«كان عمري عشرين عاما عندما اختارني يوسف شاهين لكي يعمل لي اختبارا بالكاميرا لفيلمه القادم «صراع في الوادي»، ويوسف شاهين صديق من أيام الطفولة، كنا في فصل واحد في مدرسة فيكتوريا الإنجليزية، ونحن الاثنان ننتمي إلى عالم المسيحية اللبنانية.

رضى شاهين عن نتيجة الاختبار، ثم كانت هناك مشكلة إقناع البطلة بأن تمثل أمام مبتدئ، دعتنا على فنجان من الشاي في بيتها، وكنت خالي الذهن تماما عما تريده، طلبت منى أن أمثل أمامها قطعة ما، جاءتني فكرة جهنمية، بدأت أمثل أمامها قطعة من «هاملت» شكسبير بالإنجليزية، وأنا أعرف أنها لا تعرف كلمة من هذه اللغة، وأنها لن تعترف بذلك، أنصتت إلى باهتمام شديد، أو هكذا بدا لي، وهكذا وقعت عقدي الأول عن طريق خدعة.

في مكان التصوير كان الجو العام طيبا وسارا، وسار كل شيء بطريقة حسنة مع فاتن حمامة، ولكي نلتزم بالسيناريو فإنها - ولأول مرة- وافقت على أن أقبلها على الشاشة.

إنها لم تسمح لنفسها أبدا أن تكون محل إغراء في الأفلام، وتلك القبلة كان من شأنها أن تتسبب في إصابة جمهورها بالحرج.. وربما بصدمة، كل واحد من جمهورها يعتبرها ملكه، والمنتجون احترموا حساسية الجمهور هذه، بل لعبوا على الجمهور من هذه النقطة.

القبلة التي أعطتها لي كانت بريئة جدا، كان قد أغمى عليّ، وشفتا فاتن بالكاد لامست شفتي، ولكن الصحفيين كانوا هناك، ونشروا صورة القبلة، وكانت فضيحة كبرى.

وخلال يوم واحد أصبحت الرجل الذي دنس مثلهم الأعلى، أحس المصريون بالغضب الشديد، وأنهم أهينوا بهذه القبلة، التي كانت هدية من السماء بالنسبة للمنتج، لأن الفيلم ضرب الرقم القياسي في شباك التذاكر، وكانت الطوابير تصطف أمام دور العرض السينمائي التي تعرض الفيلم.

ولكنني عمليا تمت مصادرتي من الشاشة في بلدي لأن أحدا من المنتجين لم يجرؤ على تشغيل الرجل الذي سبب الفضيحة. ولكن هذه القصة خلقت بين فاتن وبيني موقفا مبهما، كان علينا أن نتجنب بعضنا البعض وكان ذلك صعبا لأننا نتحرك في الدوائر نفسها.. نذهب إلى الأماكن نفسها.. وإذا كان هناك صديق مشترك يدعو واحد منا إلى بيته فلا بد أن يتأكد من عدم دعوة الآخر، وإذا كانت فاتن وزوجها في مكان عام فإن شخصا ما كان يحضر ليقول لي ألا أدخل هذا المكان.

ثم حدث ذات يوم، وفجأة، أن التقينا في مطعم، حدث أنني بالكاد دخلته وجلست إلى مائدتي.. وجاءت فاتن لتقول لي «هاللو».

وتوقفت كل الشوك والملاعق في الهواء، لقد كنا نعيش في رعب من اللقاء في الطريق، وها نحن وجها لوجه أمام الناس، كل منا استغرقه هذا اللقاء القدري وأصبنا بذهول، كانت قد بدأت تفكر في باستمرار، وأنا لم أكن أستطيع أن أبعد وجهها عن عقلي.

هذا اللقاء دفع مخرجا جريئا لأن يفكر في أن يجمعنا مرة أخرى على الشاشة، وانطلقت الشائعات عن علاقة بيننا تملأ الشوارع، في البداية كانوا يتحدثون بحرج ثم دفعونا بعد ذلك إلى أن يحتوي كل منا الآخر.

في البداية كانت مجرد صداقة، كان لفاتن زوج وابنة، ثم أصبحت علاقتنا كما لو كانت قصيدة، وفى النهاية قررنا أن نتزوج.

وبسماحة وافق زوجها، ويجب أن أوضح أنه في مصر، العقد الذي يجمع بين رجل وامرأة هو مستند من ورقة واحدة، والذي يحمل هذا العقد له كل الحقوق، وزوجها هو الرجل الذي يمتلك هذا العقد والذي يستطيع أن يرغمها على الالتزام. ولكن زوج فاتن كان حقا رجلا شهما «جنتل مان» وأنهى كل شيء.

أصبح من الممكن أن نتزوج ولكن كانت هناك مشكلة دينية، فأنا مسيحي كاثوليكي وهي مسلمة، وكان مستحيلا أن تترك دينها، وهكذا لم يكن لدى خيار، ذهبت إلى أحد المكاتب الحكومية حيث كان يجلس أحد الشيوخ، وقال لي: إذا أردت أن تكون مسلما كرر ورائي: إنني أؤمن بأنه لا إله إلا الله، ثم أضاف: وأن موسى وعيسى ومحمد أنبياء الله.

كررت ذلك وراءه وقلت: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، بعد ذلك قال الرجل: ضع توقيعك هنا.. ووقعت وأصبحت مسلما، كان الأمر سهلا ورسميا للغاية. وبقيت مشكلة أخرى وهي إخبار الأسرة وخاصة أبي، لقد رفض أبى من قبل أن أتزوج من شابة لأنها بروتستانتية، وكاد أن يصاب بانهيار عصبي، وها أنا بعد ثمانية أشهر فقط علىّ أن أخبره بأنني تركت ديني، ودينه، لأتزوج من مسلمة.

لم تكن لدى الشجاعة لمواجهته وكان على أن ألجأ إلى أمي كالعادة، ولكن حدث ما لم يكن متوقعا، عندما سمع أبى بخبر زواجي أصابته «كريزة» سكر، برغم ذلك، بعد ثلاثة أيام، تزوجت فاتن، واحتفلنا في بيتها، وحضرت أسرتي، وما زلت أذكر وجوههم الحزينة ليلتها، ولكن عندما كان أبى يغادر الفيلا توقف قليلا وقال: من الآن فصاعدا أريد أن يكون الجميع سعيدا.. وبارك الزواج، لقد تزوجت أنا من والد فاتن، فالتقاليد الإسلامية ترى أن الأب هو الذي يتولى مسألة الزواج ويبارك هذا الاتحاد.

كان كل شيء يسبح في السعادة، أبوها وأنا كنا واقفين ويدي في يده وفوقهما منديل بينما الشيخ يقرأ العقد الذي يتم بموجبه الزواج.

وعندئذ أصبحت فاتن زوجتي وخرجت من حجرتها إلى الصالون، وبدأت الفتيات في الرقص على أنغام الموسيقى بينما كنا نتجول في الحجرات التي امتلأت بالضيوف.

كان ذلك يوم ٥ فبراير ١٩٥٥، وكانت نادية، ابنة فاتن من زوجها الأول، عمرها خمس سنوات، وقد أصبحت في مقام ابنتي عندما توفى والدها بعد ذلك بعدة أعوام».

لكن متى كانت بالضبط اللحظة التي انطلقت فيها شرارة الحب بين فاتن وعمر؟ على عكس فاتن لم يخجل عمر الشريف منذ البداية من اعترافه بأنه أحبها منذ اللحظة الأولى، ومفهوم بالطبع أن فاتن لم تكن لتعترف أنها أحبت عمر وهي على ذمة رجل آخر.

في حوار مجلة «أهل الفن» مع فاتن حمامة بعد زواجها من عمر، والمنشور بتاريخ ٢٨ مايو ١٩٥٥، والذي اقتبست جزءا منه من قبل، يروى المحرر أن عمر الشريف انضم إلى الحوار في وقت ما، بينما كانت فاتن منشغلة بإحدى المكالمات التليفونية، ويقول:

«وجدتها فرصة لأسأله نفس السؤال: متى بدأت علاقتك بفاتن؟ فسكت قليلا وكأنه لا يعرف كيف يرد بالعربية، فعدت أسأله: متى أحسست أنك تحبها، قال مترددا: لقد كان ذلك من زمن، منذ سنوات ولكنى لم أستطع أن أتكلم، وكانت تتقابل عيوننا أو تحصل حاجات أفهم منها أنني مهتم بها، وأنني أحبها، ثم بدأ الناس يتكلمون وبدأت الصعوبات حتى في أن أراها مجرد رؤية عادية، أو أراها ولا أستطيع أن أكلمها، وزادت هذه الصعوبات من حبي لها ثم اشتغلنا سويا في الفيلم الأخير فزادت فرصنا في اللقاء وازداد حبي وأصبح ظاهرا لها».


* ورد هذا الحديث في (المذكرات الأصلية لفاتن حمامة) للناقد عصام زكريا

 

الشهرة والانتشار


بعدها مثل عمر الشريف في العديد من الأفلام أمام فاتن حمامة وغيرها من نجمات السينما المصرية، مثل: نادية لطفي، ماجدة، شادية، سعاد حسني، هند رستم، لبنى عبدالعزيز، زبيدة ثروت، برلنتي عبدالحميد. وعمل مع عدد من خيرة المخرجين المصريين، مثل: عاطف سالم في (شاطئ الأسرار، موعد مع المجهول، صراع في النيل، إحنا التلامذة، المماليك)، ومع كمال الشيخ في (أرض السلام، سيدة القصر، حبي الوحيد)، ومع صلاح أبوسيف في (لا أنام، لوعة الحب، بداية ونهاية)، ومع مكتشفه يوسف شاهين مرة أخرى في فيلم (صراع في الميناء)، ومع حلمي حليم في فيلم (أيامنا الحلوة)، ومع السيد بدير في (غلطة حبيبي)، ونيازي مصطفى في (فضيحة في الزمالك)، ومع فطين عبدالوهاب في (إشاعة حب)، ومع عزالدين ذوالفقار في (نهر الحب)، ومع رمسيس نجيب في (غرام الأسياد)، ومع هنري بركات في (في بيتنا رجل).

وفي أثناء عمله في السينما المصرية، قام بأداء دورين قصيرين في فيلمين أجنبيين، هما (صاحبة القصر الملكي) أمام الممثلة جينا ماريا كانالي وبإدارة المخرج ريشار بوتيه، والدور الثاني في فيلم (مرحباً أيها الحزن) من تأليف الفرنسية فرانسوا ساجان. وفي عام 1957 اختاره المخرج الفرنسي جاك باراتيه للقيام بدور البطولة في فيلم (جحا البسيط).

فيلم (جحا البسيط) فيلم ناطق بالعربية لكنه إنتاج تونسي فرنسي، وهو فيلم “جحا البسيطGoha Le Simple  ولعب عمر الشريف دور البطولة “جحا”. الفيلم عرض في كان السينمائي، وحصل على جائزة لجنة التحكيم، ورشح للسعفة الذهبية.

 

بداية المغامرة


وبالرغم من أدواره هذه في الأفلام الأجنبية، إلا أنه استمر بالعمل في السينما المصرية، بل إنه بدأ يفهم أسرار الصناعة ويفكر في تكوين شركة للإنتاج السينمائي، حيث اشترى بالفعل رواية «لا تطفئ الشمس» من إحسان عبدالقدوس، وبدأ يستعد للقيام ببطولتها أمام زوجته فاتن حمامة، ليكون هذا الفيلم باكورة إنتاجه السينمائي. إلا أن بطولة مشروعه هذا، قد ذهبت الي زميله شكري سرحان، وذلك لأن فرصته للانطلاق الى العالمية قد حانت قبل إتمام هذا المشروع، عندما اتصل به المنتج البريطاني «سام سبيغل» يدعوه للقائه في الأردن لإجراء اختبار لأداء دور الشريف عليّ في فيلم (لورنس العرب).

سافر عمر الشريف الى عمان وعاد يحمل عقداً بتمثيل الدور، بعد أن اجتاز جميع الاختبارات. فقد كانت كل النتائج في صالحه، وبالتالي سيعمل تحت إدارة المخرج البريطاني الكبير «ديفيد لين».. كان ذلك عام 1962.

عندما عاد عمر من الأردن ليزف الخبر الى فاتن، قابلته بمشاعر موزعة بين الفرحة العارمة والخوف الغامض. أما الفرحة، فلأن عمر سوف يكون النجم السينمائي بدون نفوذ وشعبية فاتن حمامة، وسوف يسترد معنوياته كلها ويتحرر من العقدة التي تملكت منه.. أما الخوف الغامض فلم تكن تدري له سبباً، مع أن السبب واضحة معالمه في قلب كل زوجة ترى زوجها يشق طريقه الى مجتمع متحرر فيه نساء فاتنات بالمئات والآلاف. كانت فاتن الزوجة تخاف على عمر الزوج، وكان خوفها في محله، فقد حصل الطلاق بينهما فيما بعد.

 

لورانس العرب


بالنسبة لمسألة اشتراكه في فيلم (لورنس العرب)، فيعتبرها عمر الشريف مغامرة فنية وحياتية، حيث قال: (...كان لي في مصر بيت وزوجة وابن، وكنت أعمل في السينما المصرية ولي فيها مكانة، فغامرت بكل هذا وقلت وأنا ذاهب الى الأردن بأنني لو نجحت كان بها، ولو لم أنجح سأرجع الى مصر حيث حياتي منتظمة...).

ونجحت المغامرة، بل وكانت بمثابة التجربة الفنية والحياتية الهامة في مشوار عمر الشريف السينمائي. عامان كاملان من الإعداد والتصوير في صحراء الأردن، كانا بمثابة المختبر الفني الحقيقي الأول بالنسبة لعمر.. تعلم من خلالهما الكثير عن السينما والحياة، فقد تسنى له ـ ولأول مرة ـ معاشرة كبار السينمائيين، أمثال: ديفيد لين، بيتر أوتول، أنتوني كوين، أليك جينس، وغيرهم. كما تعلم منهم كيف يمثل بعينيه لا بحركات جسمه فقط، وكيف يعود الى ذاته فيتصوف، وكيف لا يرى النساء إلا خلال زياراته الخاطفة لبيروت مع صديقه بيتر أوتول. ومن خلال (لورنس العرب)، وضع عمر الشريف نفسه أمام تجربة المشوار الطويل، وأمام الفن العالمي الحقيقي، والذي لا يشبه في إنتاجه وإخراجه وإمكانياته ما يعادله في السينما المصرية.

فيلم “لورانس العرب” ترشح لجوائز الأوسكار بين الإخراج والتأليف والمونتاج، وترشح الفيلم لعشر جوائز أوسكار كان من بينها ترشح عمر الشريف لأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد وكأنه على موعد مع السعادة في أولى خطواته بهوليوود، وقد فاز الفيلم بسبع جوائز أوسكار من بين العشر ترشيحات، أفضل فيلم، أفضل إخراج، أفضل تصوير سينمائي، أفضل ديكور، أفضل مونتاج، أفضل صوت، وأفضل موسيقى تصويرية،، كما ترشح الممثل بيتر أوتول عن هذا الفيلم لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيسي، وترشح الفيلم كذلك لتسع جوائز جولدن جلوب فاز منها بست جوائز، وقد فاز “ابن مصر” بجائزتين منهم، واحدة كأفضل ممثل مساعد والأخرى كأفضل ممثل وافد واعد (باعتباره ممثلاً مصرياً وليس أمريكياً)، أما الأربع جوائز الأخرى ذهبت لأفضل فيلم وأفضل إخراج “ديفيد لين” وأفضل تصوير سينمائي، وجائزة أخرى كذلك كأفضل ممثل وافد واعد للممثل “بيتر أوتول” (باعتباره ممثلاً بريطانياً وليس أمريكياً)، وقد ترشح “أنتوني كوين” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل.

 

انطلاقة صاروخية


بعد فيلم (لورنس العرب)، ظهر عمر الشريف في عدة أفلام كبطل.. فقد جسد دور «جنكيز خان» أمام الممثلة الفرنسية «فرانسواز دورلياك»، ولعب دور الكاهن في فيلم (أنظر الحصان الشاحب) تحت إدارة المخرج الأمريكي «فريد زينمان» مع «أنتوني كوين» و«جريجوري بيك». عندها بدأ نجمه يلمع في السينما العالمية، وبدأت وسائل الإعلام تتكلم عنه، خصوصاً عندما اختاره عبقري السينما ومكتشفه عالمياً المخرج «ديفيد لين» للقيام بدور عمره في فيلم (دكتور زيفاجو) عن رائعة «بوريس باسترناك». وديفيد لين بخبرته ومقدرته الفنية، عرف كيف يستثمر إمكانيات عمر الشريف التمثيلية، فأسند إليه الدور الرئيسي أمام «جولي كريستي» و«جيرالدين شابلن»، وكانت الانطلاقة الصاروخية.

بعدها، قام بدور تشي جيفارا، للمخرج «ريشار فليشر»، لكن الفيلم أنتقد كثيراً، حيث لم يغفر له وجود عمر الشريف ومخرج ماهر ومتمكن. كما أنه وقف أمام الإيطالية «صوفيا لورين» في فيلم (سقوط الإمبراطورية الرومانية)، وأمام «إنجريد بيرجمان» في فيلم (الرولزرويس الصفراء)، ومرة أخرى مع «بيتر أوتول» في فيلم (ليلة الجنرالات)، وأمام «كاترين دينوف» في فيلم (مايرلينغ)، كما مثل في فيلم (ذهب ماكينا).

 

عربي بُقبِّل يهودية


وفي عام 1967 مثل دور البطولة مع اليهودية «بربارا ستريسند» في فيلمين (الفتاة المرحة)، (امرأة مرحة). وكانت ردود الفعل عند العرب ذلك الاستنكار التام، خصوصاً وإن العمل في هذا الفيلم تزامن مع أحداث 1967 والهزيمة، وعندما نشر في إحدى الصحف الأمريكية صورة لمشهد غرامي من الفيلم يجمع الإثنين في قبلة، ما لبثت الصورة أن وصلت الى القاهرة، ومن ثم نشرت مرفقة بتعليقات مطولة تطالب بإسقاط جنسية هذا الذي باع وطنه بقبلة منحها الى يهودية.

أما عمر الشريف، فيقول في هذا الصدد: (...تلقيت مكالمة هاتفية من وكالة الأسوشيتد برس تسألني عن رأيي في هذه المقالات التي تنشرها الصحف المصرية عني؟ فأجبت بالقول: إنني لا أهتم بإن أسأل فتاة عن جنسيتها أو مهنتها أو ديانتها قبل أن أقبلها.. سواء على الشاشة أو في الحياة العامة...). كما يضيف قائلاً: (...إنني أعارض فكرة التعصب القومي والديني، وأكره العنصرية، بل أكره أي شيء يدفع بمجموعة من الناس الى احتقار مجموعة أخرى من الناس...).

بعد ذلك قدم عمر الشريف العديد من الأدوار العالمية، والتي تفاوتت في المستوى الفني، مثل دوره في فيلم (السطو) مع «جان بول بلموندو»، وقيامه ببطولة مشتركة مع البريطاني «مايكل كين» في فيلم (القرية الأخيرة).. وأفلام أخري مثل: رصاصة بالتيمور، مرارة الحب، الحصان الأبيض، الخريف، وفيلم (الموعد) أمام الممثلة «أنوك إيميه»، وفيلم (أكثر من معجزة) مع «صوفيا لورين»، ثم فيلم (ثمار التمر الهندي).

وفي رده على من يتهمه بالفشل في اختياره للأدوار الجيدة لأفلامه، يقول عمر الشريف: (...ماذا تنتظرون من ممثل مصري شاب لا يعرف شيئاً عن عالم السينما في هوليوود، وعرضوا عليه دوراً رئيسياً في (لورنس العرب) مع عقد يحتكر نشاطه الفني لمدة سبع سنوات لحساب شركة كولومبيا.. لقد كان هذا العقد بمثابة عقد للعبودية...). ويشرح عمر ظروف تلك السنوات السبع العصيبة، حيث كان يتقاضى خمسة عشر ألف دولار فقط عن كل دور يقوم به. لذلك ما أن انتهت مدة العقد ـ وكان عمره آنذاك 37 عاماً ـ حتى انطلق باحثاً عن المال والمزيد من الشهرة، وليقوم بأي دور لئلا يفوته القطار.

 

التصوير في إسرائيل


في عام 1979، قام عمر الشريف بدور قصير في فيلم (أشانتي) مع الممثل «مايكل كين». هذا الفيلم ـ عموماً ـ يهاجم العرب وبترولهم، ويصفهم بالجهل والتخلف. هذا إضافة الى أن الجزء الكبير منه صور في صحراء النقب بفلسطين المحتلة، ومثل فيه بعض الممثلين الإسرائيليين. وعلى هذا الأساس وقعت المقاطعة العربية على عمر الشريف بتهمة تعاونه مع الصهاينة، بعد أن شنت الصحافة العربية حملة شعواء على الفيلم، وطالبت بمقاطعة عمر الشريف وجميع أعماله.

أما عمر الشريف، فيبرر اشتراكه في هذا الفيلم، بقوله: (...عرض عليّ هذا الفيلم وفيه الدور الرئيسي الثاني، والذي أداه الممثل الهندي فيما بعد، على أساس إن الفيلم سيصور في المغرب.. وفي آخر لحظة قال المنتج إنه سيصور في إسرائيل. قلت له: أنا لن أذهب الى إسرائيل، ليست لدي الرغبة في أن أصور في إسرائيل. قال: إنك مضطر لأنك وقَّعت العقد، وأنا بعت الفيلم على اسمك. قلت: هذا لا يهمني، لقد اتفقنا على المغرب ولن أذهب الى إسرائيل، فأعطي الدور الى ممثل آخر، ولكنه قال: عليك أن تقوم بدور صغير حتى أستطيع أن أضع اسمك على ملصقات الفيلم. فاقترح أن نصور في مدينة «بالرمو» في صقلية، ودفع ـ بالضبط ـ مبلغ مائة ألف دولار مقابل التصوير لمدة أسبوع، وكنت في ضائقة مادية حينها...).

هكذا تكلم عمر الشريف وبصراحة، بل إنه عاتب على البلدان العربية التي لامته، والتي عندما أرادت استثمار أموالها في السينما العالمية، بإنتاج فيلم (الرسالة) للمخرج مصطفى العقاد، لم تفكر فيه تماماً، واستعانت بالممثل «أنتوني كوين».. خصوصاً إن رأسمال الفيلم والمخرج والموضوع عربي، وهو منذ سنوات يحمل اسم السينما والثقافة العربية في المحافل الدولية.. هذا مع العلم بأنه كان في حالة مادية سيئة، ولم يعمل في أي فيلم خلال الأربع سنوات التي سبقت إنتاج الفيلم. ويواصل عمر الشريف حديثه، فيقول: (...ثم أنني لم أذهب الى إسرائيل، رفضت الذهاب.. فبماذا يتهمونني؟ لأني صورت فيلماً لم أذهب من أجله الى إسرائيل؟ لقد شرحت كل هذا لجامعة الدول العربية، وعلى هذا الأساس رفع الحظر، فماذا يريدون مني؟...).

في الحقيقة، إن هذه المقاطعة العربية، كانت ظالمة بالنسبة لعمر الشريف، وهو الذي عانى الأمرِّين.. فبالإضافة الى الحرب العربية ضده على صفحات المجلات والصحف العربية، كان هناك بالمقابل سطوة رأس المال الصهيوني على السينما الأمريكية.. فعندما بدأ عمر الشريف مشواره نحو العالمية، وأصبح أحد خمسة كبار في السينما العالمية، شنت عليه الصهيونية حملة شعواء مفادها إن عمر كان طياراً سابقاً أغار على إسرائيل وقتل بني إسرائيل.

وبالرغم من كل هذه العقبات والمشاكل التي صادفها عمر الشريف في مشوار حياته، إلا أنه لم يتوقف وواصل مسيرته السينمائية وحياته الخاصة كذلك، والتي اقتصرت ـ في أكثر الأحيان ـ على ممارسة هواياته واهتماماته في لعب البريدج والسكربل وتربية الخيول، واستمر في تنقله من لندن الى باريس الى هوليوود وغيرها، حتى استقر به المقام في باريس في بداية الثمانينات. وأصبحت السينما بالنسبة إليه مجرد أكل عيش (كما يقول). فقد كان لا يشارك في أي فيلم إلا إذا أحس بضائقة مالية. فهو يذكر ـ بصراحة ـ في إحدى مقابلاته الصحفية بأن عمله في السينما يرتبط بخسارته على موائد البريدج، حيث يقول: (...عندما كنت أترك صالة ألعاب بعد أن أكون قد خسرت كل نقودي، كنت أتصل بمتعهدي كي يجد لي دوراً ما في أي فيلم...). ومعنى هذا بأن عمر الشريف قد انغمس في مباريات البريدج والسهر ومراهنات سبق الخيل، وانشغل عن تقديم الفن الحقيقي والجاد، ولهذا انحسر نجمه لفترة طويلة، غير إنه ـ في نفس الوقت ـ كان يعاني وحيداً، ويشعر دائماً بأن عليه أن يجتاز مرحلة حساسة من مراحل التحدي الشخصي، وضرورة إثبات الوجود.. ذلك لأنه يريد أن يبرهن لنفسه وللسينما العالمية التي خذلته، أن بإمكانه النهوض من كبوته الفنية، وإن النجاح بالنسبة إليه لم ينته مع فيلم (الدكتور زيفاجو).

 

التلفزيون المصري


في هذه الفترة بالذات، أي في عام 1983، اختار عمر الشريف العودة الى القاهرة، والى الفن المصري أيضاً، وذلك ليقوم بدور المليونير المصري المشلول في فيلم (أيوب) التليفزيوني، والذي اختار قصته هو بعد أن أعدها نجيب محفوظ، ومن ثم أخرجها المصري الشاب هاني لاشين، في أولى تجاربه الإخراجية الروائية. إذاً يعود عمر الشريف للتمثيل في مصر، بعد كل هذه القطيعة، منذ آخر أفلامه المصرية (المماليك) عام 1965. علماً بأن الكثيرين قد اعتبروا هذه العودة بمثابة تأكيد للإفلاس الفني الذي يعيشه هذا الفنان العالمي، ولكن عمر الشريف يرفض هذا الاتهام بشدة ويعتبره مجرد دعاية مغرضة.

عموماً، ليس هذا هو المهم، المهم هو العودة بحد ذاتها، والتي جاءت من خلال التليفزيون وليست من خلال السينما، كما كان متوقعاً. يتحدث عمر الشريف في هذا الصدد، فيقول: (...لقد فكرت في الأمر ووجدت بأن التليفزيون يحظى بأغلبية ساحقة، فضلاً عن إنه يجمع العائلات في المنازل، ويقدم ـ وقتها ـ مستوى أرقى من مستوى السينما. أما مسألة إسناد الإخراج لفنان مبتدئ، فقد اعتبرها البعض مغامرة محفوفة بالمخاطر. إلا أن عمر الشريف أعلن مستنكراً: (...إطلاقاً، فلابد للشباب أن يأخذ فرصته ويثبت وجوده، وهذه الفرصة من يعطيها له إلا نحن!! وهاني أخرج لي ثلاثة أفلام تسجيلية تتناول السياحة والآثار في مصر، وهو شاب له فكر وأسلوب يميزانه عن غيره...).

 

المسرح العالمي


بعد فيلم (أيوب)، تأتي المصادفة لتجعل من أحلام عمر في إثبات وجوده عالمياً، واقعة ملموسة، وذلك عندما تلقى عرضاً مغرياً للقيام ببطولة المسرحية الإنجليزية (الأمير النائم)، على مسرح "هاي ماركت" الذي يعد من أجمل مسارح العاصمة البريطانية. وقد قدمت هذه المسرحية من قبل، حيث قام ببطولتها إمبراطور المسرح البريطاني الممثل الراحل "لورنس أوليفيه"، واستكمالاً لنجاح المسرحية، تم إنتاجها في فيلم لعب فيه "أوليفيه" دور البطولة أمام فاتنة السينما "مارلين مونرو". لقد تردد عمر في البداية بقبول هذا الدور، إلا أنه تراجع تحت إصرار المخرج، ورصده لتجربة زميليه "يول براينر" في مسرحيته (الملك وأنا)، و"أنتوني كوين" في تجربته المسرحية (زوربا اليوناني). عندها أدرك عمر بأن هذه الفرصة مثالية، لكي يثبت للجمهور كفاءته كممثل من جهة، ومن جهة أخرى ينقذ نفسه من الانهيار ويتخطى مرحلة الضياع والوحدة. فنجح عمر الشريف ونجحت المسرحية، فلا يكاد يمر يوم إلا ويكون الحديث عن الإثنين حافلاً بالإعجاب والتقدير من قبل المتفرجين، كما إن الصحافة البريطانية والعالمية والعربية أيضاً، قد أنصفت عمر في النجاح الذي حققه عبر هذه المسرحية، فكتبت عنه الكثير وأضاءت له شموع جديدة في عالم الشهرة والنجومية.

بعد ذلك، أي في النصف الثاني من عقد الثمانينات، اشترك عمر الشريف في عدة أعمال فنية، مثل قيامه بدور آخر قياصرة روسيا في الفيلم التليفزيوني (ناتاشيا)، ثم قيامه بدور أحد الكهنة المقربين لأحد قياصرة روسيا في فيـلم (بطرس الأكبر) الذي أنتجته محطة التليفزيون الأمريكي "إن. بي. سي" وتكلف إنتاجه ستة وثلاثين مليون.

في عام 1985، تحدث عمر الشريف للإعلام، وقال:

«لم أعد أجد أدواراً جيدة في السينما.. ولم يعد لدي ثقة في شغلي، وأعيش الآن مرحلة عمرية لا تصلح معها أدوار الشباب ولا أدوار الرجل العجوز، لكنني لا أجد أزمة في أن ألعب أدواراً مساعدة إذا أحببت العمل وكان الدور ملائماً لي».

 

العودة إلى السينما المصرية


في عام 1989، عاد عمر الشريف الى السينما المصرية ليقوم ببطولة فيلم (الأراجوز)، الذي أثبت فيه بأنه مازال النجم "عمر الـشريف". فقد لاقى هذا الفيلم نجاحاً فنياً وجماهيرياً، واستقبلته المهرجانات بشكل يليق به، حيث حصل على الجائزة الثالثة مع شهادة تقدير لعمر الشريف في مهرجان فالنسيا الدولي في أسبانيا.. كما حصل- قبل ذلك- على الجائزة الأولى مناصفة مع جائزة خاصة لعمر في مهرجان الإسكندرية السينمائي.

 

الشيخوخة امتياز


حتى في شيخوخته (وهو يقترب من الثمانين عاماً)، واصل عمر الشريف العمل في المهنة التي أحبها وأعطاها كل حياته، وبالطبع أعطته الكثير أيضاً. فبعد نجاح (الأراجوز)، عمل عمر الشريف في أكثر من ثلاثين عملاً عالمياً، في السينما والتلفزيون.

في التسعينات من القرن الماضي، بدأ عمر الشريف يتنقل بين أعمال تلفزيونية أكثر من الأعمال السينمائية، وانطفأ إلى حدٍ كبير نجمه السينمائي بالخارج، حتى ساق إليه القدر عام 2003 واحداً من أهم أعماله السينمائية وهو الفيلم الفرنسي “مسيو إبراهيم وأزهار القرآن” Monsieur Ibrahim et les fleurs du Coran  وهو الفيلم الذي يرد بمحتواه وبدور عمر الشريف ورسالته فيه على كل من هاجمه وأساء إليه وخاصة فيما يتعلق بمصريته وانتمائه للإسلام، حيث لعب عمر الشريف دور “مسيو إبراهيم” المسلم الديانة وصاحب دكان بقالة في شارع “بلو” بأحد أفقر أحياء باريس، والذي يُحْسِن معاملته لصبي يهودي مراهق يُدعى “مومو” ولا يشغله سوى مواعدة بائعات الهوى، وهو الذي يتحول تدريجياً إلى صديق حميم لـ “مسيو إبراهيم” ويتأثر به وبطيبته وكرم أخلاقه، ويُعَلِّم “مسيو إبراهيم” الصبي “مومو” القرآن الكريم وهو الأمر الذي جلب الحب والاحترام من الصبي إلى “مسيو إبراهيم” فاتخذه والداً له. وقد نال عمر الشريف باستحقاق على هذا الدور جائزة السيزار الفرنسي كأفضل ممثل.

واصل عمر الشريف عمله في السينما المصرية أيضاً، بل قدم لها أدواراً مهمة، مثل (المواطن مصري) للمخرج صلاح أبوسيف، (ضحك ولعب وجد وحب) باكورة أفلام مدير التصوير طارق التلمساني كمخرج. كما أنه تقاسم البطولة مع عادل إمام في فيلم (حسن ومرقص) للمخرج رامي إمام.

ولا يمكن أن ننسى ذكر (حنان وحنين)، المسلسل التلفزيوني الوحيد الذي عمل فيه ضمن موسم الدراما المصرية لعام 2007.

أما عمله في فيلم (المسافر) للمخرج الجديد (آنذاك) أحمد ماهر، فكان أول إنتاج لوزارة الثقافة المصرية، بعد توقف الدولة عن الإنتاج السينمائي، قرابة الأربعين عاماً. بلغت ميزانية الفيلم 18 مليون جنية مصري، وهي أكبر ميزانية لفيلم في ذلك الوقت. كما اختير الفيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا الدولي، إلا أنه (الفيلم) واجه الكثير من المشاكل الإنتاجية والفنية، وكان مخيباً للآمال التي عقدت عليه. حيث هوجم من قبل بعض النقاد، لغموض فكرته وعدم وضوحها، وتلك الميزانية الخرافية التي صرفت عليه.

آخر أعمال عمر الشريف كان فيلماً تسجيلياً درامياً(Docu-Drama)  وتعليمي باسم (1001 Inventions and the World of Ibn Al-Haytham ألف اختراع واختراع وعالم ابن الهيثم). يتناول على لسانه (جد يعلم حفيدته) رحلة العلم من الظلام إلى النور على يد العالم العربي الجليل ابن الهيثم.

ولكن الفيلم الأشهر من آخر أعماله، كان فيلماً فرنسياً/ مغربياً باسم (هز القصبة Rock the Casbah ) للمخرجة ليلى المراكشي.. كان فيلماً مهماً، ودور عمر الشريف في الفيلم متميز حقيقة. شارك فيه عددٌ كبير من نجوم السينما العربية، ومنهم الفلسطينية هيام عباس، واللبنانيتان نادين لبكي ولبنى الزبال، والمغربية راوية سالم.

 

موت فاتن


ما أن وصل خبر وفاة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة الى عمر الشريف حتى سيطرت عليه حالة من الانهيار، وقال إنه ذهب إليها في منزلها بمجرد علمه للخبر برفقة ابنه طارق ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس. وقال الشريف: "كنت أحترمها دائما، فبالرغم من انفصالنا كنت دائما أطمئن عليها من ابننا طارق". وان أفضل ذكرى تجمعه بها هي ميلاد ابنه طارق.

 

الرحيل


بعد ست شهور من وفاة فاتن حمامة، لم يعد يدرك أن فاتن حمامة، زوجته السابقة، وحبيبته، قد فارقت الحياة مؤخراً. كما أنه لم يعد يفرق بين أهم أفلامه «الدكتور زيفاجو» و«لورانس العرب». هذا ما صرح به نجله الوحيد طارق، الذي كشف عن أن والده يصارع مرض «الزهايمر» على مدار السنوات الثلاث الماضية وإن من الصعب عليه تحديد أي مرحلة يعيش.. ومن الواضح أن حالته لن تتحسن بل ستزداد سوءا.

وفي العاشر من يوليو (تموز) عام 2015، رحل الفنان العالمي عمر الشريف عن عالمنا، بعمر يناهز الـ 83 عاماً. بعد مشوار فني حافل قاده إلى العالمية. فقد أعلنت الوفاة بسبب سكتة قلبية، في إحدى مستشفيات القاهرة بعد صراع طويل مع مرض الزهايمر. وكان حفيد الفنّان عمر الشريف، نشر صورة تجمعه بجدّه معلّقًا (البقاء لله)، وجاء التأكيد بعدها من خلال وكيل أعمال عمر الشريف.

كما أعلن نقيب المهن التمثيلية في مصر، الفنّان أشرف زكي، وفاة الممثّل العالمي الشريف، وقال إن (الفنّان عمر الشريف توفيّ في مستشفى بهمن في المعادي بالقاهرة)، مشيرًا إلى أن الفنّان الشريف (امتنع عن تناول الطعام منذ 3 أيام).

وقال ستيف كينيس وكيل أعمال الممثل الراحل من لندن: “توفي عمر الشريف جراء أزمة قلبية في القاهرة، وكان قد نقل إلى مستشفى متخصص بمعالجة المرضى المصابين بالزهايمر”.

وكان المرض اضطره إلى الابتعاد عن الشاشات في عام 2012 بعد آخر ظهور له في الفيلم المغربي “هز القصبة”. وقال وزير الآثار المصري السابق عالم المصريات المعروف زاهي حواس الذي كان صديقاً مقرباً لعمر الشريف إن الممثل المصري توفي في مستشفى في حي حلوان بالقاهرة حيث نقل منذ شهر. وأضاف أن جنازة عمر الشريف ستجرى غداً الأحد. وأكد حواس أن الحالة النفسية لعمر الشريف “تدهورت في الآونة الأخيرة ولم يكن يأكل أو يشرب”.

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 
في السينما
 
 
 
   

44.  ارثهم - 1979

45.  اشانتي - 1979

46.  غرائب الاهرامات العظيمة - 1977 (وثائقي/تسجيلي)

47.  النمر الوردي يعود مرة اخري - 1976

48.  Ace up My Sleeve - 1976

49.  مهارة عالية - 1974

50.  بذور التمر الهندي - 1974

51.  الجزيرة الغامضة - 1973

52.  الحق في الحب - 1972

53.  القضية - 1971

54.  The Last Valley - 1970

55.  Mackenna's Gold - 1969

56.  Che! - 1969

57.  Funny Girl - 1968

58.  The Night of the Generals - 1967

59.  More Than Miracle - 1967

60.  Doctor Zhivago - 1965

61.  المماليك - 1965

62.  Genghis Khan - 1965

63.  سقوط الإمبراطورية الرومانية - 1964

64.  Behold a Pale Horse - 1964

65.  The Yellow Rolls-Royce - 1964

66.  Lawrence of Arabia - 1962

67.  فى بيتنا رجل - 1961

68.  غرام الأسياد - 1961

69.  نهر الحب - 1960

70.  بداية ونهاية - 1960

71.  لوعة الحب - 1960

72.  حبى الوحيد - 1960

73.  إشاعة حب - 1959

74.  صراع فى النيل - 1959

75.  إحنا التلامذة - 1959

76.  فضيحة فى الزمالك - 1959

77.  موعد مع المجهول - 1959

78.  من أجل امرأة - 1959

79.  سيدة القصر - 1958

80.  غلطة حبيبي - 1958

81.  شاطىء الأسرار - 1958

82.  لا أنام - 1957

83.  أرض السلام - 1957

84.  صراع فى الميناء - 1956

85.  أيامنا الحلوة - 1955

86.  شيطان الصحراء - 1954

87.  صراع في الوادي - 1954

  

1.  Rock the Casbah - 2013

2.  المسافر - 2010

3.  I Forgot to Tell You - 2009

4.  حسن ومرقص - 2008

5.  10,000 B.C. - 2008

6.  one night with the king - 2006

7.  الوصايا العشر - 2006

8.  نار في قلبي - 2006

9.  البحث عن مصر الابدية - 2005 (وثائقي/تسجيلي)

10.  بينجي: اوقف النار - 2004

11.  هيدالغو - 2004

12.  Monsieur Ibrahim and the Flowers of the Koran - 2003

13.  The Parole Officer - 2001

14.  الرقيب - 2001

15.  mysteries of egypt - 2000 (وثائقي/تسجيلي)

16.  The 13th Warrior - 1999

17.  الجنة قبل ان الموت - 1998

18.  ضحك ولعب وجد وحب - 1993

19.  تنجوكو ني تيزازي - 1992

20.  بعيدا عن العدل - 1992

21.  588 شارع الجنة - 1992

22.  المواطن مصري - 1991

23.  Mayrig - 1991

24.  امير الصحراء - 1991

25.  جبال القمر - 1990

26.  رحلة حب - 1990

27.  لص قوس قزح - 1990

28.  الأراجوز - 1989

29.  الاهرامات الزرقاء - 1988

30.  الامتلاك - 1988

31.  مفاتيح الحرية - 1988

32.  السرقة الكبري - 1987

33.  بيتر الاعظم - 1986

34.  Edge of the Wind - 1985

35.  Funny Lady-part2 - 1985

36.  Top Secret! - 1984

37.  أيوب - 1983

38.  مارتينجال - 1983

39.  الثلج الاخضر - 1981

40.  انشون - 1981

41.  الكلب السامي - 1980

42.  رصاصة بالتيمور - 1980

43.  اس اتش ايه : خبراء المخاطر الامنية - 1980 

   
 
 
 
 
 
في الإذاعة والتلفزيون
 
 
 
   

13.  ملك باتاجونيا - 1990

14.  قليلا من اربع نساء - 1989

15.  اناستاسيا : غموض انا - 1986

16.  عقل ديفيد بلجراس - 1986

17.  حريم - 1986

18.  سري للغاية - 1985

19.  حلقة مفرغة - 1985

20.  الممرات البعيدة - 1984

21.  قصر السعادة - 1980

22.  الحب الضائع -    (مسلسل إذاعي)

23.  أنف وثلاث عيون -    (مسلسل إذاعي)

 

1.  المعبد الاخير - 2009

2.  حنان وحنين - 2007

3.  الامير المتوج - 2006

4.  القديس بيترو - 2005

5.  ليلة لا تنسي - 2004

6.  Urban Myth Chillers - 2003

7.  شاكا زولو : القلعة - 2001

8.  رحلات جليفر - 1996

9.  العظيمة كاثرين - 1995

10.  الاسترخاء مع الاسود - 1994

11.  السيدة ايرس تذهب الي باريس - 1992

12.  ذكريات منتصف الليل - 1991 

   
 
 
 
 

اضغط اسم الفيلم لقراءة المزيد

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مهرجانات وجوائز

 
 
 
 
 
 

·      فاز بجائزة غولدن غلوب للنجم الصاعد مشاركة مع كلٍّ من: تيرينس ستامب، وكير دولا، وبيتر أوتول.

·      فاز بجائزة غولدن غلوب عن فئة أفضل ممثل مساعد عن دوره في لورنس العرب.

·      فاز بجائزة غولدن غلوب لأفضل ممثل في فيلم دراما عام 1966 عن دوره في فيلم دكتور جيفاغو.

·      رُشح عام 1962 لجائزة الأوسكار عن أفضل ممثل مساعد، عن دوره في فيلم لورنس العرب، ولكنَّه لم يفُز بها.

·      فاز بجائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله، عام 2003.

·      مُنِحَ جائزة مشاهير فناني العالم العربي، عام 2004؛ تقديرًا لعطائه السينمائي في مشاوره الفني الطويل.

·      فاز بجائزة سيزر لأفضل ممثل عن دوره في فيلم السيد إبراهيم وأزهار القرآن لفرانسوا دوبيرون، عام 2004.

·      حصل من منظمة (اليونسكو) العالمية على جائزة (سيرجي آيزِنشتاين) الخاصة تقديرًا لإسهاماته في صناعة السينما والتنوع الثقافي وهي جائزة خاصة تمنح بشكل غير دوري وهو واحد من 25 فردًا حازوا عليها.

·      حصل على جائزة (المشوار الفني) من مهرجان دبي السينمائي في دورته الأولى عام 2004 وعلى جائزة (المشوار الفني) من مهرجان (فينيسيا) الرفيع عام 2003.

·      حصل على جائزة اختيار الجمهور من مهرجان (فينيسيا) السينمائي الرفيع وعلى جائزة (سيزار) المعادل الفرنسي لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره الممتدح في فيلم (السيد إبراهيم وأزهار القرآن) الذي قام فيه بدور رجل تركي مسلم يصادق فتى يهودي صغير السن.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004