بالتأكيد من إن فيلم (صراع في الوادي ـ 1953)، يعد من أبرز الكلاسيكيات في السينما
المصرية. وهو أول فيلم لنجمنا عمر الشريف، والثاني للعبقري يوسف شاهين، وقد استحق
هذا الفيلم المركز 25 فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية، وشارك فى
مهرجان كان عام 1954 كثانى مشاركة للمخرج يوسف شاهين بعد مشاركته بفيلم ابن النيل
عام 1952.
لقد كان عمر الشريف في هذا الفيلم، يخطو خطواته الأولى، بعد أن اختاره يوسف شاهين
كبطل أما فاتن حمامة، وصحبة نخبة هامة من ممثلين عمالقة، أمثال زكي رستم عبدالوارث
عسر وفريد شوقي وحمدي غيث. لذلك كان الفيلم بمثابة مدرسة وورشة تمثيل حقيقية له.
استفاد منها لتعليم نفسه فن التمثيل وأدرك من خلالها، كيف يطور من موهبته وقدراته
التمثيلية. وقد أهله ليكون وجهاً جديداً في وقت كانت السينما المصرية متعطشة لمثل
هذه الملامح، فضلاً عن الموهبة التي يمتلكها. وأصبح النجاح الكبير الذي حقّقه
الفيلم هو النقطة التي انطلق منها عمر الشريف نحو النجومية.
بتحدث الفيلم عن "أحمد" مهندس زراعي (عمر الشريف)، يعود إلى قريته في جنوب الوادي
حيث يعمل أبوه صابر أفندي كناظر زراعة (عبدالوارث عسر)، فينجح في تحسين سلالة
القصب، وهو يحب ابنة الباشا (زكي رستم) منذ أن كانا صغارًا، ولكن ينافسه في ذلك
سكرتير الباشا (فريد شوقي) الذي يطمع في الزواج من نادية (فاتن حمامة)، تزامن هذا
مع غضب الباشا عليه لأنه يحتكر تصدير القصب بعد التحسين الذي أجراه عليه، فيستغل
الباشا خلاف ينشأ بين شيخ العزبة عبدالصمد (منسي فهمي) والناظر فيطلق سكرتير الباشا
النار على شيخ العزبة ويلفق التهمة للناظر، ويحكم عليه بالإعدام، وينفذ الإعدام
بوالد أحمد البريء، ليصبح أول بريء يعدم في تاريخ السينما المصرية. ويصر أحمد على
البحث عن المجرم الحقيقي، لتبرئة والده من الظلم الذي وقع عليه.
هناك الكثير مما يقال عن تناسب الأحداث والمواقف في الفيلم، وعدم مصداقيتها لرسم
الشخصيات، ولكن كل هذا يمر مرور الكرام مع لهاث المتفرج وشوقه للكشف عن القاتل
الحقيقي، ونصرة الحق في النهاية.
صحيح بأن القضايا الاجتماعية والاهتمامات السياسية لم تكن تعني ليوسف شاهين الشيء
الكثير، ولكنه ـ كان عفوياً وتلقائياً ـ وجد نفسه يدافع، ببساطة متناهية وصدق مؤثر،
عن الفلاح المصري في فيلمه (ابن النيل). ولم يكن شاهين، في ذلك الوقت، يفهم مشكلة
الفلاح المصري، ولا كان يعي الواقع الاجتماعي والمعيشي الذي فرض على هذا الفلاح
أوضاعاً حياتية مزرية، وربما جاء ذلك نتيجة انتماء شاهين الطبقي الى بيئة
بورجوازية. ومع هذا، فقد جاء فيلم (صراع في الوادي ـ 1953) صرخة عنيفة ضد الإقطاع،
عبر فيه عن نظرته المليئة بالحنان والحنو للفلاحين. صحيح بأن الفيلم يفتقر الى
التحليل الاجتماعي الجدي للواقع الذي يتناوله، إلا أنه قد طرح قضية الصراع الطبقي
بين الإقطاع والفلاحين بشكل صارخ، لم تشهده السينما المصرية من قبل.. وبالتالي يمكن
اعتبار (صراع في الوادي) بمثابة الخطوة الحقيقية الأولى في مرحلة نمو الوعي
الاجتماعي عند يوسف شاهين.
القبلة/ الأزمة
خلال تصوير «صراع في الوادي» حدثت الكثير من المواقف الطريفة، منها موقف غريب، ففي
هذا الفيلم قدمت فاتن أول قبلة لها في فيلم، ووافقت على أن تتبادلها مع عمر
الشريف في الفيلم، وعند تصوير هذه القبلة كانت أحداث الفيلم تتطلب أن يغمى على عمر
الشريف، وبعد الانتهاء من تصوير هذا المشهد اكتشفوا أنه أغمى عليه بالفعل، ولم يجد
عمر تفسيرا لهذه الإغماءة.
وكان هذا الفيلم سبباً في العديد من المشاكل، حيث أن في مشهد القبلة بين فاتن وعمر
وقع كل منهما في غرام الآخر حتى سقط عمر مغشياً عليه، وهنا غضب شكري سرحان وشن
هجوماً ضارياً في الصحافة على فاتن يتهمها بأنها قبلت هنا مشهد القبلة في حين أنها
رفضت أن تقبله في أفلام سابقة ووجدت فاتن نفسها في مأزق جماهيري كبير.
ومع تلك الأزمة اتجهت فاتن حمامة إلى جريدة أخبار اليوم، فى نفس الوقت الذى بدأت
فيه الشائعات تنتشر بوجود علاقة عاطفية تجمعها بالوجه الجديد عمر الشريف وحاولت أن
تنفي وترد على اتهامات شكري ونشرت مقالاً فى أخبار اليوم قالت فيه: ألتمس لزميلى
شكرى سرحان بعض العذر لأنه لم يشاهد هذا الفيلم ولأنه لو شاهده لغير رأيه، القبلة
بسيطة عادية على الخد، لكن الأستاذ يوسف شاهين مخرج الفيلم هو الذى أثار حول القبلة
البسيطة جوا من الإثارة جعل المتفرج العادى يشعر أنها حقيقية وهذا فى الواقع شطارة
مخرج. |