في فيلم (نهر الحب)، نحن أمام واحد من أهم الأفلام الرومانسية، للمخرج
العبقري عزالدين ذوالفقار. فيلم لا يمكن أن يغادر الذاكرة أبداً.
الفيلم مقتبس عن القصة الشهيرة (آنا كارنينا) للكاتب الروسي تولستوي.
وكتب المعالجة المصرية لها الكاتب يوسف عيسى مع المخرج.
يتحدث الفيلم عن نوال (فاتن حمامة)، فتاة بسيطة تعيش مع أخيها المحامى
الشاب ممدوح (عمر الحريري) الذي يقوم باختلاس مبلغ من العهدة الموكلة
لديه؛ فيعلم طاهر باشا (زكي رستم) رب عمله بهذا الاختلاس فيطلب يد أخت
المحامي ممدوح كنوع من الابتزاز؛ فتقبل نوال حرصا علي مستقبل أخيها
وزوجته؛ وتنتقل نوال للحياة في جحيم الحياة مع رجل لا يعرف للحب معني.
إلى أن يمن الله عليها بابتسامة مشرقة تضئ حياتها وهي ابنها هاني (وجدي
العربي). وتسافر نوال لأخيها الذي سافر إلي الصعيد ليعمل بعيدا عن
تضحية أخته بحياتها لأجله.
تلتقي هناك بالشاب خالد (عمر الشريف)، الحب الذي طالما حلمت به؛ والذي
لولا تضحيتها لكان هو مستقبلها. تنشأ قصة حب بينهما؛ يذاع أمرها في
الأوساط الراقية، تطلب الزوجة الطلاق إلا أن الباشا يطردها من المنزل
ويحرمها من ابنها دون أن يحقق أملها. تسافر نوال مع خالد إلى لبنان،
وتلتقط لهما الصحافة الصور، مما يدين نوال ويعطي زوجها وسيلة ابتزاز
جديدة؛ فإما أن تنسي ابنها وطلاقها وإما أن تسجن بجريمة الزنا. يستشهد
خالد في حرب 1948 ويحقق الزوج انتقامه حين يعلم بموت خالد فيطلقها.
ترجو نوال طاهر أن تعود لإبنها، فيرفض؛ فلا تجد في الحياة سبيلا سوي
الموت؛ فيصدمها القطار وتموت.
فيلم (نهر الحب) هو فيلم (عمر الشريف) الأخير مع (فاتن حمامة).
هذا الثنائي الإستثنائي، الذي كان الجميع ينتظر
ظهورهما مع بعص، بعد مجموعة ناجحة من هذه البطولة الثنائي. وبالرغم من
الهجوم الذي واجهه الفيلم، حين عرضه في السينما... إلا أن الكل أجمع
بأنه فيلم مميز، وقادر على التأثير في المتفرج. الفيلم توافرت فيه
الكثير من المميزات التي أهلته ليكون من بين أهم الأفلام المؤثرة، من
إخراج وتصوير وأداء تمثيلي، وغيرها من الإمكانيات الإنتاجيه. والخلاف
على الفيلم، جاء فقط على موضوعه غير المناسب لمجتمعنا.. حيث يظهر
المرأة بشكل لا يليق، ويبرر لها خيانتها. خصوصاً بأن الجماهير العريضة
ارتبطت ببطلته (فاتن حمامة) بشكل مبهر، منذ ظهورها الأول على الشاشة.
وهي ممثلة كلما إزدادت عمراً إزدادت وعياً ونضجاً فنياً.. ممثلة بالغة
الاقناع والتلقائية. وهذا ما جعلها تحظى بقدر كبير من الاعجاب والتقدير
لدى الجماهير العربية. فكيف يمكن أن يقبل هذا المتفرج، أن تكون بطلته
خائنة؟!
هنا جاء دور عزالدين ذوالفقار وحساسيته كمخرج، هذا العبقري الذي حاول
بأدواته الفنية والتقنية، من توجيه الأنظار أكثر إلى الزوج (زكي رستم)،
وتحميله كل الذنوب. ومن ثم يبقي المتفرج في حالة تماهي مع بطلته، التي
ما زالت تملك تلك المصداقية لديه.
ولا يمكن أن ننكر، بأن الحضور الطاغي للممثل العملاق زكي رستم، هو
العنصر الرئيسي الذي أضفى على الفيلم نوعاً من الجلالة والإكبار
بتجسيده لشخصي (طاهر باشا)، وساهم في تطور الأحداث وتناسبها مع
الشخصيات.
فطاهر باشا، على الصعيد الموضوعي، أستاذ قانون مرموق، وسياسي ثري ذو
نفوذ واسع وتطلعات لا تنتهي إلى المزيد من الصعود، وهو على الصعيد
الذاتي صارم في عقلانيته، حاد الذكاء، يخضع كل مفردات حياته للنظام
والحسابات الدقيقة المغلفة بقدر كبير من الوقار والتشبث بالتقاليد
الموروثة.
وهم حاد الذكاء والمكر، وقدرة فائقة على الخداع وإحكام الحصار للوصول
لأهدافه والإنتصار على أعدائه. |