ايناس الدغيدي: لا أقدم مشاهد لغرض الاثارة بل لأخدم القضية التي اتبناها لقاء مع مخرجة مثيرة للجدل علي هامش الملتقي القومي للفنانين العرب محمود ابو عبيد |
الدخول الي شارع الرشيد بطرابلس الغرب متعب جدا، نتيجة للازدحام الشديد الذي يجعلك تبحث عن اول زقاق صغير تهرب اليه بجلدك، لكن هذه المرة جئنا اليه بملء اختيارنا، ثلة من المشاركين في الملتقي القومي الاول للفنانين العرب ودخلنا الشارع من ناحية ميدان السويحلي باحثين عن اشياء ربما لن نجدها الا في هذا المكان، رصيف مغطي بأقواس عتيقة، موسيقي منبعثة من كل مكان من الاكشاك، المحال، والارصفة تمنعنا من تبادل الحديث، لا احد يمكنه ان يسمع الاخر، ضجيج، كل يغني، بعضهم يطربك واغلبهم يجعلك تتقزز، حبة فوق وحبة تحت، بوسني علي خدي اليمين ويا واد تعال اخطبني، ماذا يريد هؤلاء المغنون؟ بالطبع حينها لم تظهر اغنيات هيفا ومن لف حولها، ما الذي يريدون قوله للناس؟ وخرجنا من الشارع صفر اليدين، وفي الحافلة قالت ايناس الدغيدي وكانت من ضمن الوفد: اغان هابطة تفسد الذوق، ناهيك ان عدوية يستفز المارة في شارع الرشيد، وهنا انبري احد الوفود وقال: يا ست ايناس صحيح ان عدوية يستفز المارة لكن انت علي شاكلته تستفزين كل اسرة بما تقدمين من افلام مملوءة بالمشاهد الساخنة من دانتيلا الي لحم رخيص الي الوردة الحمراء. وهنا احتدت ايناس وقالت: يا أخي انا لا اقدم في افلامي مشاهد الاثارة حبا في الاثارة وانما اوظف هذه الاثارة في خدمة القضية التي اعالجها، اجابها: ان اسلوبك خارج علي المألوف ومثير للرأي العام، وهنا اجابت: انا اطالب بالحرية ومطالبتي هذه موجهة للعالم العربي بوجه عام، وانا اخي محصنة ضد اي هجوم غير موضوعي اتعرض له، ووصلنا الفندق وعلمنا ان الفنانة محسنة توفيق عادت بسرعة الي القاهرة وهي حزينة لانها ظلت ثلاثة ايام في غرفتها مريضة ولم يسأل عنها احد من اللجنة المشرفة، وعلمنا فيما بعد ان سعد الدين وهبة وكان امينا عاما لاتحاد الفنانين العرب قد عاتب عضوا في اللجنة المشرفة لأنه دخل في حوار مع ايناس الدغيدي، اما الفنانون الليبيون والذين جاءوا بدعوة من اتحاد او رابطة الادباء والكتاب في ليبيا كان لهم رأي خاص في الملتقي لخصه لنا الشاعر فرج العربي بقوله: جئنا من المدن والقري للمساهمة في السجال المرتقب حول اشكاليات المبدع العربي لكن اللجنة المشرفة ارتبكت واربكتنا معها ببرامج غير معدة، اكثر من 75% من الحاضرين كانوا كومبارس حتي ان بعضهم ليس له حضور في بلده، احدهم قال لي: انني امسك بمروحة واطرد الذباب عن مولاي. حقيقة لقد غابت عن الملتقي اغلب الاسماء الفنية الملتزمة والقادرة علي القيام بأهداف الملتقي بما تملكه من تجربة فنية وانسانية وبقدراتها علي التأثير المباشر من الجماهير، كذلك اللجنة المشرفة لم تفكر في الصحافيين المرافقين للوفود وبالتالي لم يتمكن هؤلاء من الاتصال بصحفهم لتغطية الملتقي واختتم الملتقي في نفس اليوم الذي بدأ فيه المهرجان الوطني للمسرح، كان المشاركون يتمنون معرفة الحركة الفنية في الجماهيرية تري هل كان هامش الملتقي اهم من المتن؟ اظن ذلك لقد تعارف المشاركون بشكل تلقائي وعفوي وتبادلوا الرأي بعيدا عن الرسميات، وكنا نتمني ان يعقد الملتقي الثاني في القاهرة او الاردن بحيث نستفيد من تجارب الملتقي الاول لكنه كان الاول والاخير. وفي طريق العودة كان مقعدي بجانب ايناس الدغيدي والمقعد الثالث لصحافية بدار الاهرام امينة الشريف وفي الخلف جلست فردوس عبد الحميد مع محسن سرحان وكمال الشيخ وكانت الاحاديث عن سينما الزمن الجميل. ايناس مثيرة للجدل في افلامها لكنها من الصعوبة بمكان ان تثار، قلت لها: ست ايناس هل انت متزوجة؟ قالت: نعم، سألتها: هل هو من الوسط الفني. قالت: لا هو دكتور له اهتمامات فنية، يقف الي جانبي مع كل رد فعل متباين، سألتها ايضا: الك اولاد؟ قالت: عندي بنوتة صغيرة. قلت لها: عندما تكبر هل تجعلين منها ممثلة ام مخرجة؟ اجابت: هذا عائد لها. كان هذا الحوار قبل سنوات الان اتابع حوارات لها في القاهرة ومعها في الدوحة عندما شاركت في ندوة تحت مسمي العنف ضد المرأة في السينما، لقد تحاور معها الكثيرون حول طوق الشوك المضروب حولها كما وصفه عبد الرحيم كمال وما اشبه هذه الايام بالبارحة ما زالت اجاباتها هي هي: انا لا اقدم الاثارة لمجرد الاثارة بل لاخدم القضية التي اتبناها، بعد ايام يتم النظر في الدعوي القضائية المقامة عليها من قبل احد المحامين ضد فيلم الباحثات عن الحرية لان الفيلم يسيء الي القيم والاخلاق. للعلم ليس الا، لقد ترددت هي في طرحه في دور العرض خوفا من بعض المشاهد الساخنة لكنها عادت وقالت: تأخرت في طرحه لانني اربأ في الفيلم عن صراعات افلام الصيف. الفيلم اجيز وخبر الحذف والخبر اليقين عند علي ابو شادي رئيس الرقابة، قصة الفيلم ثلاث فتيات عربيات، مصرية، لبنانية، ومغربية، عشن في فرنسا واصطدمن بالتقاليد من ناحية وبالتحرر وتقاليد الغرب من ناحية اخري. الفيلم يعالج حرية المرأة في المجتمع العربي من خلال ثلاث فتيات يبحثن عن الحرية في باريس وهناك يكتشفن ان الحرية الحقيقية يجب ان تكون داخل الانسان نفسه او لا تكون. والغريب ان فيلم الباحثات عن الحرية بطولة داليا البحيري (مصر)، نيكول بردويل (لبنان)، سناء موزيان (المغرب) وهشام سليم (مصر) قد مثل مصر مؤخرا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. من اسئلة عبد الرحيم كمال من الدوحة لايناس: مؤلفة الفيلم هدي الزين اتهمتك بتسطيح الرواية وادخال شخصيات جديدة تركزت ادوارها حول الجنس؟ اجابت: هذا ليس صحيحا، ولم تقل هدي شيئا حول هذا الفيلم، ومن الاسئلة ايضا لقد هربت الممثلات المصريات من فيلم مذكرات مراهقة مما جعلك تسندين الدور الي هند صبري الممثلة تونسية؟ منذ البداية اسندت الدور الي وجه جديد هو هند صبري، هكذا اجابت. وعلي فكرة اهلها منعوها من التمثيل بعد مشهدين من الفيلم، لكن هند ما زالت تمثل وحصلت علي بطولة مطلقة في فيلم مواطن، مخبر وحرامي اذن هي لم تمنع من قبل الاهل. ولا ادري اية حرية تتكلم عنها الدغيدي عندما نري في الباحثات عن الحرية فتاة ترفض الزواج حتي لا يعطل هذا الزواج نجاحها في عملها لكنها تقيم علاقات حب مع عديد من الرجال في اي شرع هذا؟ وكيف نظرة المجتمع للمرأة العانس؟ ثم كيف تقر ايناس ارتباط الازواج بصديقات زوجاتهم ضمن علاقات حب.. الخ. اين حقوق الزوجات التي اقرها الشرع؟ ونظرتها للضرة لا يقرها المجتمع. دعاوي قضائية ضد اعمالها ومع ذلك تقول انها زوبعة في فنجان. هنا وهناك نشاهد خلطة من المشاهد السينمائية المسروقة ومن الافلام المشوشة العشوائية التي اختلط فيها الحابل بالنابل.. يا ناس هل سوق الفن اصبحت مضروبة، التهريج ضد التسلية والفوضي مرادفة للتلقائية وهس.. سكوت.. صور.. مش ح تقدر تفتح عينيك.. اشح بوجهك جانبا.. لطفا اقفل التلفاز، هكذا افضل.
القدس العربي في 25 أبريل 2005 |
|