شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

فرحاتي: بحثا عن ذاكرة المجتمع المعتقلة

تناول شاعري لسنوات الاحتقان السياسي في المغرب

أحمد نجيم الدار البيضاء

 

 

 

 

 

شكلت أفلام المخرج جيلالي فرحاتي على الدوام حدثا سينمائيا، فهذا المخرج والممثل شكل لنفسه مسارا مختلفا عن زملائه السينمائيين المغاربة. لذا كان عرض "الذاكرة المعتقلة" مناسبة انتظرها المغاربة المولعين بمتابعة الأفلام السينمائية المغربية لمدة طويلة. هذا الفيلم الذي غاب عن مهرجان مراكش الدولي للفيلم، كما غابت أفلامه السابقة عن قسم بانوراما الأفلام المغربية، سيوزع تجاريا في الأيام القليلة المقبلة. أول ما يثير شهية مشاهدة فيلم فرحاتي الأخير عنوانه الشاعري "الذاكرة المعتقلة"، عنوان يشي بمضمون الفيلم، فذاكرة أبطال هذا الفيلم مرهونة بماض يجتم على الحاضر ويعيق انتقالهم إلى المستقبل. كما أن فعل الاعتقال لا تفرضه الذاكرة، بل هناك مفعولا خارجيا، إذ يعاني الزبير والمختار، بطلا الفيلم، من اعتقال ذاكرتهما من قبل التاريخ والزمان والمكان.

فيلم "الذاكرة المعتقلة" سفر في الزمن والمكان في تجربة السياسي السابق مختار الذي فقد ذاكرته في السجن. لذا يمكث في السجن المادي والوجداني، ولم يغادرهما إلا رفقة شاب يدعى زهير، جسده محمد مروازي. ذاكرة الشاب معتقلة هي الأخرى، من طرف المجتمع، الذي دفعه إلى ارتكاب جرائم سرقة، ومن طرف أمه التي تخلت عن أبيه وخانت نضاله لترتمي في أحضان رجل غني. لذا يرافق مختار المعتقل الآخر بحثا عن الخلاص. هذا الشاب الحالم بالجمال، من خلال المسرح، يمثل جيلا بأكمله فقد ذاكرته وجزء من تاريخه.

رحلتهما معا حول المغرب رحلة اكتشاف وتصالح مع الذات ومع المجتمع ومع المكان، لكن التصالح لم يكن هينا، وظهر ذلك من خلال ردة فعل معارفه السابقين الذين تنكر بعضهم له.

بدت مشاهد الخوف من الماضي من خلال ردة فعل المجتمع، فزوجة المناضل الذي زاره مختار أول مرة تنكرت لاسم "المختار"، الرجل الذي يقطن في إحدى القرى المغربية نفى أن يكون سمع يوما بالاسم. أمام هذا الوضع لم يجد البطل من بديل سوى صدى الزنازن والسجون التي غذت أطلالا، وهي إشارة ذكية إلى التحولات التي عاشها المغرب.

المختار بطل الفيلم ذو حساسية مرهفة، فرغم فقدانه لعقله وتاريخه تظل علاقته بالمكان قوية، وهي العلاقة التي سترجع له جزءا من ماضيه. فبقطع الطباشير يتعرف على مدرسته وباستحضار الماء في الزنزانة يستحضر الجزء المظلم من حياته النضالية.

استطاع الجيلالي فرحاتي، بأدائه الرصين والبسيط أن ينقل معاناة البطل المختار بحس فني مرهف، بعيدا عن الإيغال في اللعب. أما محمد مروازي، الذي أدى رفقة فرحاتي واحد من أجمل أدواره السينمائية، يبدو أن الدور استهواه وأغراه فكان مقنعا في الأداء صادقا في نقل مشاعر الزبير بأسلوب طفولي أحيانا، في حين كانت لوكيلي في دور الحبيبة العائدة، محايدا، معاناتها وطول غيابها عن المجتمع جعلها تكتم مشاعرها.

كان لعب أبطال الفيلم لوكيلي ومروازي وفرحاتي مختلفا دون أن يخلق التنافر. كان إيقاع الفيلم بطيئا، لأنه لم يوظف مشاهد العنف أو التعذيب، وكان التركيز على الجانب التنفسي للشخصيات. هذا الاختيار يخلق نوعا من الملل عند المتلقي، خاصة في الدقائق العشرين الأخيرة من الفيلم. فرحاتي المخرج وكاتب السيناريو جعل شخصية المختار يدخل في علاقة حسية بالذاكرة، فمن خلال علاقته بالتراب يتذكر الطباشير ومهنة التعليم، فالجسد كما قال، "يتذكر الحركات لا إراديا"، وهو يقاوم "إغفاءة العقل".

ظل فرحاتي وفيا لاهتمامه بالبسطاء والمنسيين، وشخصياته امتداد لشخصيات أفلامه السابقة "خيول الحظ" و"شاطئ الأطفال الضائعين" وبعض شخصيات فيلمه ما قبل الأخير "ظفائر". شخصية المختار صورة للفيلم، إنها شخصية هادئة تتأمل محيطها بعين الحكماء" كما المشاهد التي يسترجعها لا توظف العنف المادي بل العنف النفسي.

فيلم مغربي يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان السينمائي

تطوان (المغرب) (رويترز) - فاز الفيلم المغربي (ذاكرة معتقلة) لمخرجه الجيلالي فرحاتي بجائزة احسن فيلم في المسابقة الرسمية للدورة الثانية عشرة لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر المتوسط الذي اختتم اعماله مساء الجمعة. وقال فرحاتي عقب فوزه بهذه الجائزة لرويترز "أظن ان هذا فوز كبير بالنسبة لي ولا استطيع التعبير عن فرحتي وهو شعور عادي من اي مخرج يفوز بالجائزة الكبرى." من جهته قال نصير شمة الموسيقار العراقي لرويترز الذي جاء الى مهرجان تطوان كعضو في لجنة التحكيم "اعتقد اننا كنا موضوعيين جدا في موضوع الاختيارات والجوائز." واضاف "في الحقيقة كانت المنافسة شديدة بين السينما الاوروبية والسينما العربية لكننا اخذنا بعين الاعتبار حجم الانتاج وكمية الاموال التي تحققها الافلام الاوروبية وفقر الانتاج لدينا وحاولنا ان نركز على الافكار التي تطرحها الافلام العربية ولم نعتمد على لغة السينما كتكنيك التي تتفوق فيها بكثير السينما الاوروبية."

وصرح المخرج الايطالي موريتسيو زاكارو الذي كان ضمن لجنة التحكيم لرويترز "اخترنا الفيلم لجودته ولاهمية الموضوع الذي تطرق اليه."

يسرد الفيلم حكاية لقاء المختار في السجن بالزبير الذي.. يقوم بدوره الممثل المغربي الشاب محمد مروازي.. وهو الذي دخل السجن بتهمة سرقة السيارات ظاهريا وللالتقاء بذاكرة ابيه الذي كان هو الاخر معتقلا سياسيا. يساعد الشاب الزبير المختار الذي فقد ذاكرته على استرجاعها ليعرف منه ملامح واسرار بعض اقاربه واصدقائه لتبدا رحلة البحث المضنية.

وفاز فيلم "كاترينا تقصد المدينة" للمخرج الايطالي باولو فيرزي بجائزة لجنة التحكيم للفيلم الطويل. كما فاز الممثل المصري محمود حميدة بجائزة احسن دور رجالي عن فيلم (بحب السيما). وفازت الممثلة الفرنسية لولا نيمارك بجائزة احسن دور نسائي عن فيلم (الحائكة) لاليونور فوشير. وفاز الفليم الللبناني-الفرنسي-البلجيكي "معارك الحب" لدانييل عربيد بجائزة دون كيشوت مناصفة مع الفيلم المغربي (ذاكرة معتقلة). كما فاز فيلم الفلسطيني-الفرنسي (الراقصة الابدية) لهيام عباس بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وفاز الفيلم (ذاكرة معتقلة) ايضا بجائزة الشباب للفيلم الطويل بينما عادت جائزة النقد للفيلم الطويل للفيلم المغربي (طرفاية) لداوود اولاد السيد. وفاز فيلم (الاملاء) لابراهيم لطايف من تونس بجائزة الشباب للفيلم.

موقع "إيلاف" في 2 أبريل 2005