شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

السينما الإيرانية تشوه تاريخ المقاومة اللبنانية

"جرح الزيتون"

تأجّل عرضه إلى الصيف

فادي عاكوم

 

 

 

 

دعيت منذ مدة الى مسرح قصر الاونيسكو في بيروت لمشاهدة الفيلم الايراني "جرح الزيتون" او "زخم زيتون" بالايرانية للمخرج "محمد رضا اهانج" في عرض خصص بالاصل لرجال الصحافة وبعض المهتمين من نقاد وفنيين. لدى وصولي اعتقدت اني اضعت طريقي ودخلت السفارة الايرانية عن طريق الخطأ فالحضور الايراني كان كثيفا جدا ابتداء من السفير وصولا الى الحراس. وبعد ساعة و نصف من الانتظار في الردهة بسبب قلة التنظيم (من قبل شركة الانتاج اللبنانية "الريحانة" التي نفذت الانتاج في لبنان)، فتحت لنا الابواب وكانت المفاجأة انه باستثناء حضور قناة المنار الالزامي في هكذا مناسبات، لكنت الاعلامي الوحيد الموجود في هذا العرض.

الفيلم

الفيلم من انتاج رسمي ايراني، صُور على مدى شهرين في ربوع منطقة جون الشوفية، وذلك بسبب اختلاطها السكاني من جهة  وقربها من الساحل ومدينتي بيروت وصيدا من جهة اخرى، بالاضافة الى توفر الامكنة الصالحة للتصوير. استعان المخرج بفتاة لبنانية غير معروفة بل لا خبرة لديها اطلاقا في التمثيل لتكون بطلة الفيلم وهي "ياسمين الارناؤط" فيما لعب الادوار الثانوية ممثلين لبنانيين معروفين مثل غريتا عون وحسن حمدان و غيرهم من ممثلي لبنان الشباب.  تدور احداث الفيلم الرئيسية خلال فترة الاجتياح الاسرائيلي للبنان مع استطراد للفترات السابقة واللاحقة لهذا الاحتلال. وحاول المخرج تجسيد روح التعايش بين الاديان في لبنان مع اطغاء الطابع الاسلامي على الجو العام (علما والجميع يعرف ان هذه الاجواء لم تكن سائدة بلبنان في تلك الفترة) كما تم القاء الضوء على التاثير النفسي والاجتماعي للاجتياح الاسرائيلي من زاوية بعيدة وضيقة.

يبتدئ الفيلم بمشهد عرس قروي يجمع اهالي القرية بتنوعهم الديني، ومن ثم ينتقل مباشرة حيث عائلة مكونة من اب وام وابنتهم، الاب يخفي وراء عمله كبائع متجول عمليات سرية لدعم المقاومة، الام تهجّرت من فلسطين بعد تعرض قريتها للاعتداء من قبل الجيش الاسرائيلي ولاتزال تعاني نفسيا من المجزرة التي نفذت بحق اهلها واقاربها، وتاخذ مركز زوجها في المقاومة بعد استشهاده على يد نفس الضابط الاسرائيلي الذي نفذ المجزرة في بلدتها في فلسطين، وبعد استشهاد ابنتها إثر غارة جوية على بيروت مقررة الانتقام لهم.

يبدأ ضعف الفيلم مع مشهد دخول الجيش الاسرائيلي الى القرية حيث يبدو واضحا ضعف مشهد الاهالي و يبدو الارتباك على الكومبارس، الذين هم بالواقع من اهالي بلدة جون، القرية التي يتم فيها التصوير،وهم لا يعرفون عن صناعة السينما الا ارتياد صالاتها في بعض المناسبات. بالاضافة الى بعض المفارقات، كالاستعانة ببعض الممثلين للعب اكثر من دور، إلى جانب التناقض الواضح و الفاضح كالعريس الذي ظهر في اول الفيلم، و اعتبر رمز للروح الوطنية الجامعة، نراه بعد قليل احد الجنود الاسرائيليين الذين احتلوا القرية!. مشاهد الغارات الجوية ضعيفة جدا، خاصة اثناء هروب السكان اذ لا يبدو في احدى اللقطات الا مجموعة من الاولاد الذين ينظرون الى العدسة فرحين بالمشاركة في الفيلم.

كما ان العملية الكبيرة التي نفذت خلال الفيلم ضد الاسرائيليين  تفتقر الى المشاهد الحربية، و كأن الممثلين مجموعة هواة بلباس فلكلوري يجسدون احدى البطولات التاريخية. اما عن الصوت فرديء جدا بنوع خاص خلال العمليات الحربية. إضافة إلى عدة مشاهد تتشابه بالضعف والركاكة.  والاهم من هذا، تحوير تاريخ المقاومة اللبنانية، ونحن هنا لسنا امام خطأ غير مقصود، بل ان السرد يبدو واضحًا ليتجه نحو هذا التحوير، فجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي خطت تحرير لبنان بدماء شهدائها، لا وجود لها في قاموس الفريق الايراني الذي اعد و برمج هذا الفيلم ليتناسب مع دعايته الاعلامية، فالمقاومة اللبنانية بالنسبة لهم قامت على يد حزب الله وحده و لا احد غيره، فهذا التحوير المقصود ليس الا محاولة لحرق صفحة كاملة من التاريخ اللبناني، و استبدالها باخرى لتناسب فئة أو شريحة معينة من بين كافة شرائح الشعب اللبناني. وهنا يبقى السؤال الابرز اين دور الرقابة اللبنانية خاصة وان الفيلم سيعرض في الصالات اللبنانية خلال فترة الصيف، بعد ان تاجل عرضه حاليًا بسبب الاوضاع الراهنة في لبنان.

لو ان فيلمًا تناول مرحلة استقلال لبنان و تم تحوير بعض الفواصل التاريخية، لكنا راينا مقص الرقيب في الامن العام اللبناني يعمل فيه طولًا وعرضًا، ولو ان مخرج لبناني او احد كتاب المسرحيات كزياد الرحباني مثلا، تعرض في عمله للاداء الحكومي المزري، او عالج الاوضاع السياسية و الاجتماعية المزرية التي نمر بها لكنا راينا ليس فقط مقص الرقيب بل كنا راينا منعا لعرض العمل باكمله.

واذا كانت الحجة عدم الاطلاع فالحجة واهية لان التعاون كان تامًا مع الاجهزة الامنية اللبنانية (امن عام، مخابرات جيش، قوى الجيش،قوى امن داخلي)، حيث تم الاستعانة بسرية دبابات من الجيش اللبناني لتصوير بعض اللقطات وتم قطع الطرقات من قبل الشرطة اللبنانية، اما الامن العام فكانت مهمته تسهيل دخول و خروج الفريق الايراني، كما و ان التمثيل الرسمي الوحيد خلال عرض الفيلم كان عبر ضابط من الجيش اللبناني برتبة عقيد.

أمن المعقول ان احدًا لم يلاحظ هذا الاتجاه الخطير للفيلم ام انها كانت خطة مدروسة لطمث معالم المقاومة الحقيقية، وابقاء حزب الله في الواجهة كمقاوم وحيد وداعم للشرعية اللبنانية؟ وهذا بالفعل ما نراه اليوم على الساحة اذ يشكل حزب الله الجهة الاكبر الداعمة والورقة الرابحة للنظام اللبناني واجهزته.

مخرج الفيلم هو اصلاً مخرج افلام وثائقية و مسلسلات تلفزيونية و هذا يبدو واضحا من طريقة سرد الاحداث و تصوير اللقطات لدرجة يبدو الفيلم معها فيلما وثائقيًا طويلا بهدف ايصال الفكرة الرئيسية لتصويره اصلا.

السينما الإيرانية

إهتم النظام الايراني منذ نجاح الثورة الاسلامية بصناعة السينما باعتبارها احدى دعائم تصدير الثورة، فبعد انتصار الثورة في ايران سنة 1979، باربعة سنوات تخرج جيل جديد من المخرجين من الجامعات الايرانية و نطلقوا لصناعة افلام موجهة سياسيًا بغطاء ديني و اجتماعي، و هذا التوجيه تعرض للتغييرات المتتالية طبقًا للحالة السياسية الداخلية السائدة في ايران.

هذا و تحاول ايران اليوم خلق موجة من افلام سنيمائية لمواجهة التوسع الهوليوودي في العالم عبر انشاء ثلاثة مدن سنيمائية ضخمة للتصوير، متخصصة بالافلام الحربية والتاريخية والافلام البوليسية مع اصدار سنوي لحوالي المئة فيلم تقريبًا، يتراوح مستواها بين الجيد و العادي، يشارك بعضها في مهرجانات الافلام العربية والدولية، بالاضافة الى افتتاح عدد هائل من قاعات السينما قارب الالاف في مختلف انحاء اراضي الجمهورية الاسلامية، في ظل منع شبه كلي للافلام السنمائية الغربية واعتماد نظام منع صحون الاستقبال الخاصة بالقنوات الفضائية.

حتى وصل حد الخوف من المنافسة الغربية لحد الاعتراف على لسان احد كبار المخرجين الايرانيين "مجيد مجيدي" خلال احتفال بمئوية السينما الايرانية: "ان السينما الإيرانية قد دخلت مرحلة جديدة في مسيرتها التي يجب أن لا تعرقل من خلال استيراد الأفلام الأجنبية".

وليس" جرح الزيتون " الفيلم الوحيد الذي يصب في هذا الاتجاه ففي فيلم "الراية الحمراء"  الذي يجسد قصة البطل الفلسطيني "عصام الطراونة" سعى الكاتب" محسن بسطامي" والمخرج "حسين قاسمي جامي" الى نفس الهدف الا وهو اضفاء طابع المقاومة الاسلامية على بدايات المقاومة الفلسطينية وتصوير الجماعات الاسلامية بانها هي وحدها التي تمتلك الجرأة لمقاومة المحتل (وكان هذا الفيلم قد صور في لبنان عام 2004 و قام بالتمثيل عدد من النجوم اللبنانيين الشباب نذكر منهم سنتيا كرم(نجمة ستار اكاديمي 1) و عماد علي و نيكولا معوض و بولين حداد و اخرين). ولم يتم عرضه في بيروت لغاية الان.

اما في المقابل فيجب ان لا ننسى المخرجين الايرانيين المخضرمين الذين حافظوا على نفس الوتيرة في اعمالهم كالمخرج " عباس كيارستمي" الذي تميزت اعماله بمواضيع الحب والموت والبحث عن الصفاء وجمال الطبيعة ولا تخلو افلامه من الكوميديا الخفيفة لاضفاء جو من الراحة لمشاهديه، وقد رشحت اعماله اكثر من مرة لجوائز في مهرجان كان السنيمائي. هذا ويتم سنويًا في ايران تكريم اهم الاعمال السينمائية من خلال مهرجان" الفاجر" السنيمائي، وكان ابرز المكرمين في دورته الثالثة و العشرين الاخيرة المخرج "مجيد مجيدي" عن فيلمه "بيد مجنون" حيث حصل على عشر جوائز عن نفس الفيلم ! 

أبرز الأفلام الإيرانية :

1985 فيلم "العداء".

1997 فيلم "طعم الكرز".

1998 فيلم "التفاحة" لسميرة مخملباف(18 سنة)

1999 فيلم "أطفال الجنة".

2004 فيلم "بيد مجنون" وفيلم "البعيد كثيراً والقريب كثيراً".

أبرز المخرجين الإيرانيين :

المخرج محسن مخملباف، والمخرج درويش مهرجوي، والمخرج مجيد مجيدي، والمخرج رضا ميركريمي.

موقع "إيلاف" في 1 أبريل 2005