شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

دور السينما بغزة مهجورة ويسكنها البوم

صالات لم يزر المفتاح أقفالها منذ أكثر من خمسة سنوات

سمية درويش من غزة

 

 

 

 

 

 

أصبحت دور العرض السينمائية في قطاع غزة موصدة الأبواب، في ظل الظروف المعقدة التي يعيشها المواطن من عدم استقرار وركضه للبحث عن متطلبات الحياة الضرورية.

ومنذ اندلاع الانتفاضة الأولى، لم يعد لدى المواطن الفلسطيني الإمكانية للتطلع للرفاهية أو الفائدة في ما تعرضه دور السينما، حتى تفرقت السبل بها، بعد استخدامها لعرض بعض المسرحيات المحلية، وقيام الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق العديد منها، معتبرها حربا ثقافية وأدبية على الشعب الفلسطيني، ومحاولة منه لمنع التجمعات الشبابية والشعبية حتى تم استغلال بعضها كصالات لإحياء المناسبات الخاصة.

وفي ظل هذا المعترك السياسي والاقتصادي شهدت معظم هذه الدور تحولات جذرية بحثا عن الحياة الثقافية والأدبية في القطاع حيث تم تحويل إحدى دور العرض السينمائية في مخيم خان يونس إلى مكتبة عامة باسم " دار الكتاب "، بدعم من بعض المؤسسات والجمعيات الأهلية وتبرعات أهالي المخيم مشكلين بذلك مقاومة للحرب الثقافية والعلمية التي يفرضها عليهم الاحتلال.

وذكر إبراهيم حرب صاحب دار سينما السلام، كان لدور العرض جماهيرها،حيث شهدت فترة وجيزة من الازدهار في عرضها الأفلام العربية والأجنبية على حد سواء،مرجعا ذلك لافتقار قطاع غزة لاماكن ووسائل الترفيه ورغبة المواطنين في قتل أوقات الفراغ.

الانتعاش النسبي

وأشار حرب لـ"إيلاف"،إلى أن العروض بدأت تقل حتى انتهت مع اندلاع الانتفاضة الأولى، وبعد قيام السلطة الوطنية عام 1994م عادت الحياة الثقافية في الأراضي الفلسطينية تضخ عروضها عبر دور السينما،حيث شهد المسرح استقرار وانتعاشا نسبيا ملحوظا وفتح الأبواب التي أغلقت لسنوات من الزمن لاستقبال الباحثين عن المتعة والفائدة.

وساهم هذا الانتعاش النسبي في الحياة السينمائية بدعم العديد من الجهات الأجنبية والعربية قطاع السينما،من خلال ترميم بعض دور العرض القديمة وتزويدها بأحدث الأفلام إضافة الى إقامة الأسابيع السينمائية للدول المختلفة،ودعمها للأفلام القصيرة الهادفة.

وأضاف حرب،مع نهاية عام 2000م أصبحت الصالات السينمائية تستخدم لعرض بعض المسرحيات المحلية،والتي انعدمت مؤخرا بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية،مشيرا الى ان البعض منها تحول الى صالات لإحياء الأفراح والمناسبات القليلة، في حين بقي البعض الأخر مغلقا أبوابه، ولم نعد منذ أكثر من أربعة أعوام نفتح أبواب دور السينما ولو لمجرد تفقد هذه الصالات المهجورة.

الإحصاء المركزي

وفي تقرير لجهاز الإحصاء المركزي تشير البيانات إلى أن عدد دور السينما المفتوحة في فلسطين عام 2003 م بلغ ست دور حيث توجد أربعة منها في الضفة بينما توجد داران فقط في القطاع، وكذلك في عام 2003 بلغ عدد رواد دور السينما "19830 " شخصا مقابل "46696 " شخصا في عام 1999م، و ذلك نتيجة للظروف الأمنية الاستثنائية التي يعيشها المواطن.

المرواد للثقافة والفنون

وأوضح محمد شاهين رئيس جمعية المرواد للثقافة والفنون، إن الشارع الفلسطيني يفتقر لدور العرض السينمائي والمسرحي مشيرا الى العديد من المحاولات المحلية لإنتاج العروض التي لم يكتب لها الحياة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يعيشها الوطن.

وقال شاهين لا زالت دور العرض في فلسطين تعيش أوضاعا صعبة جدا حيث النشاط السينمائي وبالذات المحلي يكاد يكون معدوما عدا بعض التجارب القليلة في مضمار إنتاج الأفلام الدرامية والوثائقية القصيرة التي تحاول مناقشة معاناة الشعب الفلسطيني، إضافة إلى انحصار النشاط السينمائي في حدود العرض فقط للإنتاج العربي والأجنبي، مشددا على ضرورة التجديد في إدارة دور السينما ونوعية العروض بها من خلال احتضان وزارة الثقافة لبعض هذه الأماكن واهتمامها بالخبرات من الثقافة والمثقفين.

نهضة ثقافية وأدبية

أما بالنسبة لأراء الشارع حول أهمية هذه الدور فالبعض يرى بها نشاطا ثقافيا وأدبيا وحالة ضرورية للمجتمع حيث ذكر ياسر الغنيمي الطالب الجامعي،إن المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى دور العرض حيث الافتقار الشديد لأماكن الترفيه الأخرى على الإطلاق،هذا علاوة على أنها تعكس معاناة شعبنا وأحواله للشعوب الأخرى وبذلك من الممكن أن نكون في حالة تواصل مع العالم من خلال مشاهدة ثقافاتهم.

وأشار الغنيمي الى إن أرقى المجتمعات في العالم تتمتع بنهضة ثقافية وأدبية واسعة وهذا يعكسه عنهم السينما والمسرح لأنها تؤثر في الثقافة العامة، داعيا الجهات المعنية، الاهتمام والارتقاء بهذا الجانب للارتقاء بثقافتنا وكذلك تشكيل نوع من الصمود والتحدي لسياسة التجهيل الإسرائيلية المفروضة علينا.

الراحة والاسترخاء

ومن جانبه يرى الباحث الاجتماعي رأفت أبو الروس، إن السينما والمسرح نشاطا ثقافيا وأدبيا ذو تأثير شديد في ثقافة ومشاعر الشعوب وبذلك هي حالة ضرورية للمجتمع،مؤكدا أن المشكلة ليست في دور العرض،ولكن المشكلة فيما يعرض من خلالها حيث من الممكن إن تؤدي هذه الأماكن خدمة ثقافية وسياسية للمجتمع،إضافة إلى الدور الترفيهي والقدرة على تقديم التسلية وتهيئة الراحة والاسترخاء للقضاء على التوتر المستمر في حياتنا بفعل الظروف السياسية والعسكرية المحيطة بنا.

وأكد أبو الروس لـ"إيلاف"، إن حالة التوتر والشعور بعدم الأمان التي خيمت على المواطن الفلسطيني فاقمت القلق لديه وقلصت اهتمامه إلى الحدود الضرورية للعيش حينا وانشغاله بأمنه حينا أخر وبهذا أصبح للمواطن الفلسطيني طبيعة حياة خاصة تحت الاحتلال الأمر الذي منع قيام علاقة طبيعية وروتينية بين السينما و المسرح من جهة والجمهور من جهة أخرى.

اخراج مسرحي

وذكر بسام الأشرم مخرج مسرحي، لقد مرت سنوات طويلة قبل قدوم السلطة الوطنية،حيث كان الاحتلال يحارب السينما والمسرح لقناعته انه علاوة على اعتبار دور العرض مكانا للترفيه فان المجتمع يقوم بتفسير نفسه من خلال وسائل الإعلام ومنها السينما والرواية التي تعتبر وسيلة محبوبة للشعوب ومؤثرا قويا في الشعور والثقافة العامة.

وأضاف الأشرم، من اجل تسجيل تاريخنا ومعانتا اليومية وكذلك إحياء للحالة الثقافية والأدبية كانت هناك العديد من المحاولات لإشغال دور العرض في القطاع من خلال الإنتاج المحلي سواء عبر مساعي فردية او عبر المؤسسات، ولكن الظروف الاقتصادية والأمنية وقفت عائق كبير في طريق هذا، الى ان فقدت دور العرض روادها.

وزارة الثقافة

ودعا الأشرم عبر "إيلاف"،وزارة الثقافة الى الاهتمام من خلال دعم وتفعيل دور العرض بالأفلام السينمائية الهادفة والمسرح خاصة وأن الثقافة هي عنصر مهم لاستمرارية هذه الحياة والتعبير عن هذه الاستمرارية مهم جدا في هذا الوقت بالتحديد كما أهميتها في مسيرة النضال الفلسطيني.

وبهذا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة مع احتياج الشارع الفلسطيني لدور العرض السينمائي تبقى هذه الأماكن في قطاع غزة تتفرق بها السبل بين عرض الأفلام الدرامية والوثائقية القصيرة، إضافة إلى بعض المسرحيات الناطقة بمعاناة هذا الشعب،إلى أن وصل الحال بها لمجرد صالات لإحياء بعض الأفراح، التي هي الأخرى لم يعد لها أثرا وصولا إلى مرحلة إغلاق أو إهمال هذه الدور، دون أن يزور المفتاح احد أقفالها منذ أكثر من خمسة سنوات، حتى اخذ ينعق بها الغراب ولا يسكنها سوى طير البوم.

موقع "إيلاف" في 24 مارس 2005