محمد خواص: المخرجون الغربيون يختارون الممثل العربي لدور مجرم أو لص! يعرف القليل من العربية والجمهور اللبناني أحب اداءه بيروت ـ زهرة مرعي |
اختاره المخرج اللبناني زياد دويري لبطولة فيلمه الثاني Lila dit ca لأنه وجد فيه ذلك الشاب المرهف الاحساس. الممثل محمد خواص زار بيروت للمشاركة في اطلاق الفيلم الي جانب المخرج والبطلة فاهينا جيوكانتي ووجد الترحيب من الجمهور اللبناني الذي احب اداءه. فقد تمكن محمد من الوصول باحساسه الي الحد الذي كان يطمح اليه الدويري حيث جسد دور المراهق العاشق تشيمو برقي. محمد الذي يعرف القليل من اللغة العربية ولد في فرنسا ونشأ في بلدة صغيرة وانتقل في المرحلة الجامعية الي باريس حيث تابع دروسا في المسرح في احد المعاهد. وهناك بدأت رحلته مع التمثيل. معه كان هذا الحوار: · ماذا عن تجاربك في التمثيل قبل ان تلقي زياد دويري؟ مثلت العديد من الادوار في افلام قصيرة حين كنت طالبا جامعيا. وعلي الدوام اتعاون مع اصدقائي المخرجين في انجاز اعمالهم. كما لعبت بعض الادوار في المسرح. · كيف تعرفت الي زياد دويري؟ جئت للمشاركة في الاختبار الذي اجراه لاختيار ابطاله وهناك التقيته لأول مرة وكنت محظوظا بأن امثل هذا الدور بحسب ما رسمه المخرج. · لماذا وقع اختيار المخرج عليك ؟ بحسب ما علمته منه مباشرة انه وجد في وجهي مزيجا من الطهارة والبراءة، وكان اتفاقنا تاما منذ اللقاء الأول علي كيفية اداء الدور. وانا كنت شديد السعادة بهذا الدور لأنه يبعدني عن الادوار التي يحصر بها بعض المخرجين الغربيين الشباب العربي ، فهو اما خارج من السجن، او يستعد مع شلته للسطو علي مكان ما. · هل يزعجك ان يري المخرجون في الغرب هذا الجانب فقط من الشباب العرب الذين يعيشون في الغرب؟ جدا، وكأننا نحن المغاربة والعرب نرتكب الحماقات علي الدوام او نحن ضحيتها. انا الان مسرور لأن ابناء وطني سيتمكنون من مشاهدتي في صورة أخري من المؤكد ان كل شاب مر في مثلها. انها صورة الشاب العاشق. · بماذا يتميز تشيمو عن باقي زملائه في الحي الذي يسكنه؟ اهم ما في شخصية تشيمو انه يستوعب ويفهم اختلافه مع المحيط الغربي الذي يعيش فيه، وبتعرفه الي ليلا يتمكن من تطوير هذا الاختلاف الي ابعد الحدود الممكنة. اما محيطه من الشبان العرب فهم يقومون بتصرفات حمقاء كما انهم يتعاملون مع الامور والواقع وفق افكارهم المسبقة. والمهم بالنسبة لي ان هؤلاء الشبان في نهاية الفيلم سوف يدركون الخطأ الذي يرتكبونه. وهنا تكمن اهمية زياد الدوري في نسج هذا السيناريو الجميل. · ما هي العوامل التي تترك تشيمو مختلفا عن محيطه برأيك؟ تشيمو انقذ نفسه بالحب بحسب رأيي. كما انه قادر علي عكس احساسه بالحب علي ورقة. ان نكتب ما يجول في خاطرنا، وما يثقل صدورنا علي الورق اعتبره نوعا من العلاج النفسي. في الفيلم يمثل الحب بالنسبة لتشيمو مفتاح الروح. · كيف تصف ادارة زياد دويري للممثل؟ دلني المخرج الي مراجعه السينمائية ، كما شاهدنا معا بعض الافلام التي اراد او توقع ان تنعكس اجواؤها في فيلم Lila dit ca. · ما هي الافلام التي تابعتها الي جانب المخرج؟ منها Leolo للمخرج فرانسوا اوزون، رغم كونه فيلما يطغي عليه التعليق الصوتي وتدور احداثه حول شاب في عمر الـ19 سنة وهو من النوع الحميمي. كما شاهدت فيلم رامبلفيش لفرنسيس فورد كوبولا لما يتضمنه من رؤي، وكذلك لأجل ميكي روك وحضوره الطبيعي اللافت. · هل كنت مرتاحا الي علاقتك بالمخرج اثناء التصوير؟ كنت في غاية الراحة لأني لمست مدي العلاقة المتينة التي تربط المخرج بشخصية تشيمو، وهو كان مدركا تماما لما يريد ان يستخرجه مني. والأمر الاساسي بالنسبة لي كان الابتعاد عن التعاسة الي اقصي الحدود، وتقمص الشخصية الي اقصي الحدود. باختصار كان يجب وضع كل همومنا جانبا لنكون في غاية الهدوء. · الي اي حد كنت تعرف المجتمع العربي الموجود في فرنسا والذي اراد الفيلم ان يظهره؟ في الواقع كفرنسي من اصل جزائري لم اتعرف ابدا الي مآسي المهاجرين الذين يسكنون الضواحي. ولدت في فرنسا ونشأت في مدينة صغيرة كانت الامور فيها تسير بانتظام. حياتي كانت حيوية حيث كنت مع رفاقي نلعب كرة القدم طوال النهار. المجتمع الذي يشرع العنف ويهمش افراده في الضواحي الفرنسية او الاوروبية بشكل عام لم اختبره. · ما هو موقفك من هامش الحرية الواسع الذي يظهره الفيلم؟ انا مع الحرية الانسانية والعاطفية المطلقة. · هل شاهد والداك هذا الفيلم؟ الي الان اري من الصعب ان ادعوهما لمشاهدته لأنهما ينتميان الي جيل آخر،ربما اسيء الي شعورهما المرهف. ربما ازددت شجاعة مع الوقت ودعوتهما لمشاهدته عندما يعرض في البلدة التي نعيش فيها في فرنسا. لكن بالطبع لن اجبرهما علي ذلك. · هل من جديد علي صعيد مشاريعك الفنية؟ اسعي لأن أكون علي الدوام في السينما ما دام لدي ما اريد قوله. قريبا سوف أكون في استعراض وان مان شو لا يرتكز علي الفكاهة وحسب بل ينطلق من مادة مضحكة ليعالج امورا جدية. لقد تأهلت مسرحيا أكثر من كوني سينمائيا لكني الان احاول مشاهدة ما فاتني من افلام قديمة بقدر الامكان. القدس العربي في 19 فبراير 2005 |
محمد خواص عن "شيمو" في "هكذا تحدثت ليلا": يعنيني أن ألعب شخصية تشبه خلفيتي غير الشخصيات النمطية السائدة ريما المسمار يطل محمد خواص بتجربته التمثيلية الاولى في السينما في شريط المخرج زياد دويري الاخير "هكذا تحدثت ليلا" Lila Dit Ca. وجه بملامح مغاربية بارزة، لا يفصّل الفيلم الى اين ينتمي تحديداً، مبقياً على ذلك الجانب غير المُباح في شخصية "شيمو". ليس غموضاً بقدر ما هو انغلاق على احاسيسه ومشاعره ذاك الذي يسم "شيمو" من بداية الفيلم حتى نهايته. انغلاق وخجل لا ينسجمان تماماً مع شخصية الممثل الواقعية كما ظهرت خلال زيارته بيروت مؤخراً بهدف إطلاق الفيلم في عروضه المحلية برفقة مخرجه دويري وشريكته في التمثيل فاهينا جيوكونت. ولكنه، مثل "شيمو"، قليل الكلام، لا يستفيض في التعبير عما يجول في رأسه؛ كلمات قليلة تفي بالغرض ومن هناك، ينطلق المتفرج في الفيلم او محدثه في الواقع الى ملء الفراغات. بخلافه، تقوم شخصية "ليلا" على جرأة البوح وتأليف القصص بما يجعل مهمة المتفرج معها عكسية، إذ على الاخير ان يشذب احاديثها ليصل الى الجوهر. لعل هذا التناقض هو ما جمع الشخصيتين بعلاقة غير عادية، حيث كل منهما يضيف الى الآخر مما ينقصه. لا يخفي خواص في دردشته مع "المستقبل" الشبه القائم بينه وبين "شيمو": "أعتقد انني مثل شيمو منفتح الذهن وأتطلع الى الحياة بإيجابية." انفتاح ليس مسلماً به وانما مرغوب عندما يتحدر الانسان من خلفية ويحيا في غير إطاره الاجتماعي: "انا مولود في فرنسا بمدينة صغيرة تُدعى فيارزون. أتحدر من اصل جزائري وباعتقادي ان الانفتاح ضرورة اكتسبتها من محيطي المتعدد." قبل "شيمو"، لعب خواص ادواراً مسرحية "ولكنني كنت بانتظار الفرصة لتجسيد دور تراجيدي، في السينما او على المسرح، لا يهم. كنت انتظر دوراً مركباً." على الرغم من ان "شيمو" ليس شخصية تراجيدية، الا انها من الشخصيات القائمة على الانفعالات الداخلية والاداء المتقشف بما يبدو متناقضاً احياناً مع المسرح: "أظن ان المسرح اساس متين لأي ممثل ومنه يسهل الانتقال الى السينما وسواها بمجرد الاستغناء عن تفاصيل واساليب تعبيرية خاصة بالمسرح. في "هكذا تحدثت ليلا"، ساعدني زياد في الوصول الى اداء "متقشف" هو من مستلزمات الشخصية. ولا ننسى ان الصوت الخارجي المرافق (voice-over) لدور "تشيمو" كان عاملاً مساعداً في التعبير عما يختلج في دواخل الشخصية." المعروف ان دويري عرض على ممثليه مجموعة افلام لوضعهما في مناخات الشخصيتين. من بين الافلام التي شاهدتها جيوكونت تحضيراً للدور "لوليتا" بنسخته الاولى من اخراج ستانلي كيوبريك. اما خواص، فشاهد ثلاثة افلام هي: Rumble Fish لفرانسيس فورد كوبولا حيث قدم ميكي رورك اداءً متقشفاً، Leolo للفرنسي جانكلود لوزون المتسم بأجوائه الغنائية والشريط الصوتي المرافق و The Cement Garden لأندرو بيركن الحسي. في نهاية المطاف، توصل خواص الى اداء يكاد يمحي الخط الفاصل بين الممثل والشخصية. فهل يبحث دائماً عن ادوار تلبسه؟ "انا منفتح لقبول اي دور" يقول ويستدرك "بالطبع يبقى طموح اي ممثل ان يترك اثراً في اي دور يلعبه لا ان يبحث فقط عن الدور الذي يبرع فيه لمجرد شبهه به. الا ان خبرتي القصيرة في هذا المجال، تمنعني من الاسترسال في الحديث عما لم يتحقق بعد." في الكتاب الذي شكل مصدر السيناريو، ذكر دويري في احد حواراته ان شخصية "شيمو" بدت سلبية تماماً وبطيئة الانفعال. ولكن على الشاشة، ثمة ما يشع منها برغم كونها الاكثر سلبية واستسلاماً: "شيمو مراهق حالم" يقول خواص في وصف الشخصية مكملاً "يعيش في وحدة وقليل الكلام. يهرب من واقعه الى عالم متخيل، شاعري ولكنه في الوقت عينه لا يخلو من نظرة حادة الى الواقع." من جهة ثانية، "ليلا" هي الشخصية المحرضة التي تنسجم حكاياتها وخيالاتها مع ميل "شيمو" الى الخيال. "انه غير قادر على مقاومة الابحار في عالمها بما يحمله على تغيير نمط حياته." ينتمي "شيمو" الى جيل معاصر، شاهد على احداث العصر. في أحد المشاهد، يعبر صديقه "ميلود" عن ضيقه مما وصل اليه حال العرب بعيد احداث 11 ايلول. وفي مكان آخر، يقول ان الغربيات يركضن خلف الرجل العربي لأنه الموضة السائدة في هذه الايام. هذا نقاش لا ينتهي وفكرة الاكزوتيكية متشعبة ويصعب حصرها بتعريف واضح. "بالنسبة الى "ليلا"، فإن انجذابها الى "تشيمو" نابع من اختلافه ليس كعربي بل كإنسان وكرجل" يقول خواص مكملاً "ثمة خصوصية في سلوكه ونظراته وصمته وخجله وحساسيته تتعدى جنسيته. ثم ان جزءاً من تحرر "ليلا" عدم ارتباطها بمفاهيم واحكام جاهزة قد يذهب ضحيتها شاب مثل "تشيمو". بهذا المعنى، تجد العلاقة بينهما جذورها في تحرر كل منهما من منظومة الموروثات والتحول الى جوهر انسانيتهما المتفلتة." بخلاف "ميلود"، لا يبدو "شيمو" متوقفاً عند تلك التفاصيل التي تؤطر شخصيته. الامر عينه ينطبق على محمد خواص غير المبالي بضرورة تقديم ادوار تنسجم مع خلفيته العربية: "يعنيني ان العب شخصية تشبه خلفيتي انما ليس في الاطار الذي تُقدم فيه هذه الشخصيات في معظم الافلام الفرنسية. عندما اخترت التمثيل، اخترته لا لأمثل احداً او لأعبر عن مجموعة او شعب. اخترت فن التمثيل بعيداً من اية افكار نضالية. مع فيلم "ليلا"، لم يكن دافعي الى تجسيد الشخصية انها مغاربية تحديداً ولكن لا انكر ان إحساسي عندما قرأتها بانني امام شخصية مغاربية مكتوبة بدون تسطيح وبعيدة من الكليشيه ومرسومة بحساسية عالية. انجذبت الى شعرية "شيمو" وحساسيته." المستقبل اللبنانية 11 فبراير 2005
|