افلام الخيال العلمي والمغامرات الملحمية تسيطر على انتاج هوليوود للعام الحالي كتب - محمود الزواوي |
تتميز الأفلام التي تقدمها هوليوود هذا العام، والتي تقدر بخمسمائة فيلم، بعودة عدد من كبار نجوم هوليوود وأبرز مخرجيها في أفلام جديدة، وبالارتفاع المستمر لتكاليف الإنتاج السينمائي، وهو من متطلبات أفلام الخيال العلمي وأفلام المغامرات المشحونة بالإثارة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على استخدام المؤثرات الخاصة الباهظة التكاليف التي أسهمت في ارتفاع معدل تكاليف إنتاج الفيلم في هوليوود إلى أكثر من 60 مليون دولار. وعملا بمبدأ تقليد كل ما هو ناجح في هوليوود، سعيا لضمان نجاح الأفلام الجديدة على شباك التذاكر، نجد أن أفلام العام الحالي تشتمل على عدد كبير من الأفلام التي تعيد تقديم قصص أفلام أثبتت نجاحها في الماضي أو تلك التي تتمم قصص مثل تلك الأفلام. وقد تحوّل كثير من أفلام النوع الثاني إلى مسلسلات سينمائية وصل بعضها إلى عشرين فيلما كسلسلة أفلام جيمس بوند. كما تتضمن أفلام العام بعض الأفلام المستندة إلى مسلسلات تلفزيونية أميركية قديمة رائجة، تطبيقا لنفس المبدأ، وهو تقليد كل ما هو ناجح، ولو كان في التلفزيون. ومن أبرز أفلام هذا العام من نوع القصص السينمائية المعادة فيلم الخيال العلمي "حرب العوالم" المبني على رواية شهيرة صدرت في العام 1898 لأشهر كتّاب الخيال العلمي، وهو الكاتب الإنجليزي هـ. ج. ويلز. ويجمع هذا الفيلم الضخم الإنتاج بين الممثل توم كروز النجم السينمائي رقم واحد في العالم وبين المخرج ستيفين سبيلبيرج ملك شباك التذاكر وأشهر مخرجي أفلام الخيال العلمي. وقد سبق لهذين الفنانين أن قدّما فيلم الخيال العلمي "تقرير الأقلية" (2002). وقد قدمت قصة "حرب العوالم" التي تتعلق بغزو من سكان المريخ لكوكب الأرض، في فيلم بنفس العنوان في العام 1953، كما قدمها المخرج والممثل الشهير أورسون ويلز في تمثيلية إذاعية في العام 1938، واكتسب هذا الحدث شهرة كبيرة بعد أن تسبب تقديم التمثيلية في نشر موجة من الذعر بين المستمعين الأميركيين الذين اعتقدوا آنذاك أن الغزو من الفضاء كان حقيقيا. ومن قصص أفلام الخيال العلمي المعادة في فيلم جديد هذا العام قصة فيلم "كنج كونج" التي سبق أن قدمت في فيلمين في العامين 1933 و1976 وقد تحول الفيلم الأول، وهو فيلم رفيع المستوى للمخرج ماريان كوبر والممثلة فاي راي إلى رائعة كلاسيكية، في حين جلب الفيلم الثاني، وهو فيلم ضعيف المستوى للمخرج جون جويليرمين، الشهرة للممثلة جيسيكا لانج في باكورة أدوارها السينمائية. ويواصل الفيلم الجديد للمخرج بيتر جاكسون والممثلة نعومي واتس مغامرات القرد العملاق الذي تربطه علاقة عاطفية ببطلة الفيلم والذي ينشر الدمار في مدينة نيويورك. وقد بلغت تكاليف إنتاج هذا الفيلم 150 مليون دولار، وهو أول فيلم يقدمه المخرج البريطاني بيتر جاكسون بعد النجاح الكبير الذي حققه في ثلاثية أفلام "سيد الخواتم" التي حصدت 1ر3 مليار دولار على شباك التذاكر خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي فاز آخرها بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم في العام الماضي. وبين الأفلام الجديدة المعادة أيضا عدد من الأفلام الكوميدية، ومن أبرزها فيلم "الفهد القرمزي" للمخرج شون ليفي. ويحل في هذا الفيلم الممثل الكوميدي الأميركي ستيف مارتن الذي كتب سيناريو الفيلم محل الممثل الكوميدي البريطاني الراحل بيتر سيلرز الذي قام بدور مأمور الشرطة الفرنسي الأخرق في تسعة أفلام في سلسلة أفلام "الفهد القرمزي". وتنتقل أحداث القصة من باريس في السلسلة القديمة إلى نيويورك في الفيلم الجديد. أما الأفلام المتممة لقصص أفلام سابقة فمن أبرزها هذا العام فيلم "حرب النجوم: الحلقة الثالثة انتقام سيث" للمخرج والمنتج جورج لوكاس، رائد التقدم التكنولوجي السينمائي والمؤثرات الخاصة. وهذا الفيلم هو الفيلم السادس في سلسلة أفلام حرب النجوم، أشهر سلسلة في أفلام الخيال العلمي في تاريخ السينما. وقد بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية للأفلام الخمسة الأولى 5ر3 مليار دولار. ويترقب الجمهور عرض هذا الفيلم المقرر في شهر مايو/ أيار المقبل بشغف كبير بسبب الشعبية التي حققتها هذه السلسلة السينمائية منذ صدور الفيلم الأول فيها، وهو فيلم "حرب النجوم" في العام 1977. ويقدّم المخرج كريستوفر نولان فيلم "بداية الرجل الوطواط"، وهو الحلقة الخامسة في هذه السلسلة السينمائية الضخمة الإنتاج التي حصدت الأفلام الأربعة الأولى فيها 3ر1 مليار دولار على شباك التذاكر، وتعاقب في دور البطولة فيها عدد من كبار نجوم هوليوود. ويقوم بدور "الرجل الوطواط" في الفيلم الجديد لأول مرة الممثل كريستيان بيل، وينضم إليه عدد من الممثلين القديرين ومنهم مايكل كين وليام نيسون ومورجان فريمان وجاري أولدمان والممثل الياباني كين واتانابي والممثلة كيتي هولمز. وتعود قصة الفيلم إلى بدايات الرجل الوطواط وتتميز بتعدد الشخصيات الشريرة الرئيسية في الفيلم الجديد. وتضفي هذه الشخصيات الشريرة المبتكرة عادة عنصر التشويق على أفلام هذه السلسلة. ويعود الممثل الإسباني أنتونيو بانديراس والممثلة البريطانية كاثرين زيتا جونز والمخرج مارتن كامبيل في فيلم "أسطورة زورو" بعد النجاح الكبير الذي حققوه في فيلم "قناع زورو" (1998) الذي جلب النجومية للممثلة كاثرين زيتا جونز. وتنقلنا قصة الفيلم الجديد أكثر من عشر سنوات إلى الأمام بعد أن يكون زورو وحبيبته إيلينا قد تزوجا ورزقا ولدا، ولكن زورو يجد نفسه مرغما على الخروج من تقاعده وارتداء قناعه لمحاربة إقطاعي جشع يقاوم انضمام كاليفورنيا إلى الولايات المتحدة لأن ذلك يتعارض مع مصالحه الخاصة. ويقدم المخرج البريطاني مايك نيويل فيلم "هاري بوتر وكأس النار"، وهو الحلقة الرابعة في سلسلة أفلام الخيال العلمي "هاري بوتر" التي حصد الأفلام الثلاثة الأولى فيها 7ر2 مليار دولار على شباك التذاكر. ويعود في الفيلم الجديد معظم طاقم الممثلين البريطانيين من الأفلام السابقة وعلى رأسهم دانييل رادكليف وإيما واتسون، ويواصل الفيلم الجديد مغامرات هذه السلسلة التي يلعب فيها السحر والسحرة دورا رئيسيا باستخدام براعة المؤثرات الخاصة. وتضم أفلام العام المبنية على المسلسلات التلفزيونية القديمة فيلم "المسحورة" وفيلم "أسرة ديوك من هازارد" اللذين ينقلان قصتي مسلسلين تلفزيونيين حققا شعبية واسعة في فترة الستينيات إلى الشاشة السينمائية. وتقوم ببطولة الفيلم الأول الممثلتان نيكول كيدمان وشيرلي ماكلين الحائزتان على جائزة الأوسكار، وببطولة الفيلم الثاني الممثلة جيسيكا سمبسون مع الممثل بيرت رينولدز. ويتضح من هذا العرض أننا سنرى خلال العام الحالي مزيدا من أفلام الخيال العلمي وأفلام المغامرات الملحمية التي تلقى رواجا كبيرا بين الجمهور، ولكن العام لا يخلو من العديد من الأفلام الدرامية والغرامية والكوميدية التي تضفي نوعا من التنوع والتوازن على أفلام هوليوود. الرأي الأردنية في 19 يناير 2005 |
مارلون براندو.. الرجل الذي جعل من التمثيل متعة كبرى عمر خليفة إن المثقفين والنقاد السينمائيين لا يولون الممثل ـ عادة ـ اهتماما كبيرا، فأبرز ما يمكن أن يقال عنه إنه بارع في أداء أدواره. والحديث ينصب غالبا على المخرج أو كاتب السيناريو أو المصور. لكن أن يصبح ممثل ما علما على مرحلة جديدة في الأداء السينمائي، بحيث يصبح وجوده في أي فيلم إشارة إلى شكل فني جديد في أداء الشخصية، فذلك ما هو جدير بالاهتمام، وهو الشيء الذي حدث مع مارلون براندو. جاء براندو إلى عالم التمثيل في وقت انقسم فيه ممثلو هوليود إلى نمطين : فإما الممثل الطيب الودود الذي ينتصر للخير ويقضي على الأشرار، كما هو الحال مع غاري كوبر وجيمس ستيوارت وكلارك غيبل، أو الممثل الشرير العنيف الذي تلاحقه الشرطة، كما نرى مع جيمس كاغني وإدوارد ج. روبنسون وهمفري بوغارت (في بداياته). لكن مجيء براندو في بداية الخمسينات بفيلم (الرجال) الذي أخرجه فريد زينمان، وما تلاه من أفلام، بدأ يقلب الصورة بشكل واضح، فنحن أمام بطل ـ عنيف، طيب ـ مكروه في الوقت ذاته، ومن الصعوبة أن يتم تصنيفه وفق الأشكال المثالية المبسطة. كما إن طريقة أداء براندو وأسلوبه التمثيلي شكّل اختلافا واضحا عن كل من سبقه، فأسلوبه الذي تخرج به من استوديو الممثلين الشهير يختلف عن الأداء الكلاسيكي للممثلين الانجليز الذي كانوا بارعين في أربعينات القرن الماضي، مثل لورنس أوليفييه وأليك جينيس، فنحن نشعر مع براندو أنه لا يردد جملا يحفظها، وإنما يبدع الشخصية الموكلة إليه إبداعا، بكل أحاسيسها ودواخلها، وقد أصبح أسلوب براندو نموذجا يحتذى لجيل مهم من الممثلين الأميركيين على رأسهم روبرت دي نيرو وآل باتشينو وجاك نيكلسون. وإذا كان البعض يقارن بين ظاهرة براندو وظاهرة الممثل الراحل جيمس دين، الذي برز في الفترة ذاتها تقريبا، فإن فرقا واضحا يظهر في مستوى الأداء التمثيلي لصالح براندو، فجيمس دين لم يكن أسطورة في التمثيل بقدر ما كان ملهما لجيل الشباب الباحث عن رمز للتمرد والثورة على الأعراف السائدة، فجاءت أفلام دين، خصوصا (تمرد بلا سبب) لتصبح أيقونة لمجتمع الشباب الأميركي في الخمسينات، فظاهرة جيمس دين ليست على مستوى الأداء التمثيلي، وإنما على مستوى الحاجات الثقافية في ذلك الوقت. والغريب أن سجل مارلون براندو من الأفلام المتميزة لا يتطابق مع القدرات الهائلة التي يملكها، إذ إن مشواره شهد صعودا وهبوطا ملحوظين في قيمة الأفلام التي شارك فيها، فمرحلة الستينات مثلا كانت في أغلبها وبالا على براندو، إذ لم يقدم فيها فيلما على درجة كبيرة من الأهمية، كما إنه لم يكن موفقا أبدا في إعادة تمثيل فيلم (تمرد على السفينة باونتي) إذ فشل الفيلم على المستوى التجاري، ولم يضف براندو شيئا للنسخة الكلاسيكية من الفيلم التي مثلها تشارلز لوتون وكلارك غيبل. أما المرحلة الذهبية من حياة براندو فقد كانت سنوات الخمسينات، إذ ساهم في تقديم روائع لا يمكن نسيانها، خصوصا أفلامه التي تعاون فيها مع أستاذه إيليا كازان، وهي (عربة اسمها الرغبة) عام 1951، و(فيفا زاباتا) عام 1952، و(على رصيف الميناء) عام 1954، الذي حمل له أول فوز بجائزة الأوسكار عن فئة أحسن ممثل. وبعد صمت الستينات الطويل عاد براندو لينطق بقوة مع فيلم (العراب) الذي فاز عنه بأوسكاره الثاني، وليثبت أنه أحد الأساتذة في عالم التمثيل الذين يصعب تكرارهم. لذلك تظل عين المشاهد متعلقة بمشاهد أثارت إحساسه وعمقت إدراكه للجمال والحياة. ومحبو براندو لا يمكن أن ينسوا قدرته الهائلة على خلق مشاهد من نصوص ربما تكون عادية جدا وهي مكتوبة على الورق، ومن هذه المشاهد الخالدة التي يصعب تكرارها مشهد لبراندو في فيلم العراب الذي أدى فيه دور زعيم المافيا الشهير دون كورليونو، ظهر فيه وهو يداعب حفيده الصغير قبل أن يقع ويموت، فقد أبدع في نقل إحساس هذا الذي يظنه الناس وحشا مجرما لا يعرف إلا لغة الدم والنار، ومشهده في فيلم عربة اسمها الرغبة وهو راكع على قدميه ينادي على زوجته بصوته المجروح في محاولة لإرضائها، وقد كان من الظلم ألا يفوز براندو بجائزة أوسكار عن هذا الفيلم، مع أنه رشح إليها، بل إن بعض النقاد رأوا أن حرمانه منها كان مقصودا، خصوصا أن الممثلين الأربعة في الفيلم رشحوا للأوسكار عن الفئات التمثيلية الأربعة، وكل المرشحين فازوا بجوائزهم إلا براندو. وهو ما يشير إلى العلاقة الصدامية التي سادت بين براندو والمؤسسة الهوليودية، فقد كان براندو متمردا دوما على الأشكال التقليدية التي تحكم علاقة الممثل بالمؤسسة، وكان يبدي ضجره الدائم من قسوة هذا العالم وسحقه لكرامة الفنان وخصوصياته، لذلك كان براندو يحاول أن يفرض ذاته على المؤسسة، وقد وصل هذا الأمر إلى قمته حين فاجأ براندو الجميع أثناء تسلم جائزة الأوسكار عن فيلم «العراب»، إذ أرسل مكانه فتاة من الهنود الحمر لتستلم عنه الجائزة، ولتكون دليلا على إدانته الطريقة الوحشية التي عومل بها هؤلاء من الإنسان الأبيض الأميركي. وبعد فيلم العراب أصبح براندو أيقونة سينمائية، يكفي أن يوجد في فيلم ما ليضيف عليه نكهته الخاصة، حتى إنه حصل على ملايين الدولارات مقابل ظهوره لدقائق معدودة في الجزء الأول من فيلم سوبرمان، كما استعان به المخرج الإيطالي برناردو بيرتولوتشي لأداء دور مثير للجدل في فيلم (التانغو الأخير في باريس )، ولا شك أن وجود براندو في هذا الفيلم ساهم في نجاحه الجماهيري الكبير في السبعينات، إضافة إلى مدى جرأته في طرح موضوع الشبق الجنسي. ثم جاء تعاونه الثاني مع فرانسيس فورد كوبولا في فيلم (القيامة الآن) ليعكس مدى الجنون التمثيلي الذي يمتلكه هذا الإنسان، فرغم أنه لم يظهر إلا في نهاية الفيلم، إلا أنه استطاع أن يصبغ الفيلم بصبغته، ويجعلنا نحن المشاهدين نتخيل وضعه وحالته أثناء سير بطل الفيلم، مارتن شين، بحثا عنه. الرأي الأردنية في 19 يناير 2005 |