شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

أحد أفضل عشرة أفلام علي مستوي العالم في 2004 يعرض غدا في مصر

يسري نصر الله في ندوة «القاهرة»:

حملة صهيونية عالمية ضد فيلم «باب الشمس»

 

 

 

 

* مراسل يديعوت أحرنوت حاول أن يقيم الدنيا ضد الفيلم بتهمة معاداة السامية وفشل.. لأنه بالفعل رصد تاريخي يخلو من العداء للسامية

* فيلمي تسبب في زعزعة أفكار أجيال اليهودية الجديدة التي اكتشفت أن أجدادهم سفاحون وليسوا ملائكة  

يعشق المخرج يسري نصر الله السباحة ضد التيار وتقديم أفلام مختلفة عن كل ما هو سائد يطرح من خلالها أفكاره الخاصة ورؤيته للواقع السياسي والاجتماعي.. وإلي جانب موهبته الكبيرة كأحد أهم مخرجي السينما المصرية حاليا فإنه أيضا مثقف كبير واسع القراءة والاطلاع ومن يقترب منه لا يملك إلا أن يبادله التقدير والاحترام فهو لا يقبل بأنصاف الحلول ولا يرضي عن الجودة بديلا. وقد استحوذ يسري نصر الله في الفترة الأخيرة علي اهتمام وسائل الإعلام العالمية والعربية بعد عرض تحفته السينمائية الجديدة «باب الشمس» بجزئية الرحيل والعودة والذي يتناول القضية الفلسطينية التي ابتعدت عنها السينما العربية طويلا.. والفيلم مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للأديب اللبناني إلياس خوري وقد اختارته مجلة «التايم» الأمريكية ضمن أفضل عشرة أفلام علي مستوي العالم في عام 2004، وكان ترتيبه الثامن، ومن المنتظر أن يبدأ عرضه تجاريا غدا الأربعاء في سينما جالكس وسينما سيتي ستارز بالقاهرة وسينما جرين بلازا بالإسكندرية بعد أن سبق عرضه في القسم الرسمي لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الأخيرة وقوبل بحفاوة نقدية كبيرة، كما عرض في عدد من المهرجانات الدولية والعربية الأخري آخرها مهرجان قرطاج بتونس ومهرجان مراكش بالمغرب.

وقد عقدت القاهرة ندوة للمخرج يسري نصر الله ليتحدث عن فيلمه الجديد.

·         لماذا اخترت رواية «باب الشمس» تحديدا لتكون موضوعا لفيلمك الجديد؟

ـ الرواية صدرت عام 1998 عن دار الآداب ببيروت للأديب اللبناني إلياس خوري الذي كان يتولي رئاسة تحرير شئون فلسطينية والذي ارتبط بشكل وثيق بحركة فتح والمقاومة الفلسطينية وتربطني به صداقة عميقة بدأت خلال الفترة التي قضيتها في بيروت ما بين عامي 1978و1982 .. وخلال تلك الفترة كنت قريباً جدا من جو المقاومة رغم أنني لم أتدرب عسكريا بالإضافة إلي تراث الحركة الطلابية والتي كنت أحد أعضائها في فترة السبعينيات وكانت مرتبطة بالتضامن مع المقاومة الفلسطينية، وقد تربيت علي أدب غسان كنفاني الذي كان يتعامل مع الموضوع الفلسطيني كقضية ورموز ولكن جذبني لرواية إلياس خوري أنني للمرة الأولي أقرأ عملاً أدبياً يتكلم عن الفلسطينيين كأشخاص وأفراد وهذا يتسق تماما مع كل أفلامي السابقة مثل سرقات صيفية وصبيان وبنات والمدينة فهذه الأفلام موضوعها الفرد وعلاقتة بالتاريخ وكيف لا يكتم التاريخ علي نفس الفرد ويتحول لعبء يحمله وكيف يصبح الفرد ندا للتاريخ ويطرح أسئلة عليه كما أن الفرد نفسه يكون قابلا للمساءلة؟ وشيء منفر جدا بالنسبة لي أن نتكلم عن الضحايا عديمي الأخلاق وأنه طالما تعذبت فمن حقي أن أفعل ما أريد فهذه هي العقلية المرتبطة بعدم محاسبة الصهيونية علي ما تفعله في الفلسطينيين لأنه حدث لهم هولوكست.. لكن في الرواية هناك شخصيات تسأل عن نفسها وتراجع نفسها وتتفاعل مع الموضوع التاريخي علي أنها صاحبة أخلاق وهذا ما شدني إليها بشكل أساسي.. والرواية نفسها مثيرة جدا ونعطيك حماسا لأن تقدمها كفيلم ولكن في نفس الوقت عندما تطرح فكرة تقديم فيلم عن الفلسطينيين فلن تتحمس له أي جهة عربية من ناحية الإنتاج وحتي علي المستوي السياسي.. وفي أحيان كثيرة عندما أتكلم حتي مع مصريين عن رغبتي في تقديم فيلم مثل «باب الشمس» عن الفلسطينيين فإنهم يقولوا «ليه يا عم تقدم فيلم عن الناس ولاد.. اللي باعوا أرضهم»، وكل هذه الدعاية الساداتية الخاصة بتلك الفترة مازالت موجودة.

·         وما الذي تطرحه رواية «باب الشمس»؟

ـ «باب الشمس» تحكي بشكل أساسي قصتين للحب.. الأولي تبدأ في الأربعينيات وتمتد حتي السبعينيات بين البطل الفلسطيني يونس الذي يشارك في المقاومة وأثناء النكبة يذهب إلي لبنان ليؤسس المقاومة هناك بينما تظل زوجته نهيلة في الجليل وطوال فترة الخمسينيات والستينيات يتسلل من لبنان إلي الجليل ليقابل زوجته في مغارة «باب الشمس» وتنجب منه ثم يعود مرة أخري لينضم إلي تنظيم المقاومة في لبنان، والقصة الثانية هي التي يحكيها ابنه بالتبني لذلك البطل لكي يبقيه علي قيد الحياة لأنه يرفض أن يموت في المخيم ويريد أن يموت في الجليل كما يموت الأبطال وكان رهانه أن يبقيه علي قيد الحياة لمدة سبعة أشهر ليموت في وطنه وكان ذلك هو التحدي الذي دخله خليل الراوي للأحداث مع يونس البطل الفلسطيني.. وهذا الجزء قدمته بالطريقة التي حكيت لنا عن فلسطين من أجدادنا والأشخاص الذين عاشوا تلك الفترة، وكذلك كتب التاريخ، وكل الوقائع الموجودة في الفيلم حقيقية ولكن في إطار من الأسطورة مثل حدوتة تحكي لاستعادة الذاكرة ولإبقائها حية.. أما الجزء الثاني فهو قصة خليل الذي يري أنه ليس من حقه أن يحكي حكاية بدون أن يكون له أيضا حكاية ولديه قناعة بأنه يكفي ما سمعه عن حكاية خليل ويجب أن يسمع هو أيضا حكايته، وخليل ولد في المخيم ويعيش علاقة حب معقدة كما أن لديه تجربة الجانب البطولي فيها لم يتم حكيه.. والسؤال لماذا يحكي خليل هذه الحكاية.. فمثلما في الجزء الأول تحول أن تخلق صورة لأبيك وجدك وتعرف كيف تتعامل معها وتحبها فأنا أيضا استطيع أن أخلق صورة عن نفسي واستطيع أن أحبها.. وهذا ما يفعله خليل في الجزء الثاني عندما يحكي قصة حبه مع شمس وهي امرأة تزوجت من شخص سادي كان يعذبها وهربت منه والتحقت بالمقاومة، وفي نفس الوقت تبحث عن الحب وإمكانية أن تعيش كامرأة حرة.. وفي حياة شمس شخص غرر بها وأوهمها بأنه سيأتي لها بابنتها من الأردن فقتلته، وخليل يجد نفسه لا يفهم أي شيء، فهل كانت شمس تحبه أم تحب ذلك الرجل ويبدأ يسأل نفسه أسئلة عن الحب ويراجع كل ممارساته، فهو شارك في حرب لبنان، فهل كان من الصواب أن يكون فيها أم لا.. كما أنه لم يسافر مع المقاومة إلي تونس وقيل عنه إنه خائن أو جبان، فهل هو كذلك؟ وخليل كان يحاول أن يعيد بناء نفسه كفرد في مواجهة آلة سياسية ومحققين بعقليات بوليسية تحاول أن تلغيه كفرد.. والشيء الذي يشدني في هذا الموضوع أن هناك كابوساً يكتم علي أنفاسنا منذ 50 عاما، وهو الموضوع الفلسطيني والذي باسمه نبتز ويقال لنا إننا لا نساوي شيئا طالما هناك القضية الفلسطينية فالأنظمة والأحزاب تستخدم وجود القضية الفلسطينية لإلغائك كفرد.. وأنا لدي قناعة بأنه لا يمكن أن يكون هناك بداية حل بدون أن يشعر الفرد بنفسه لأن ذلك بداية الديمقراطية وهذا ما شدني للموضوع، فالفيلم يحكي عن جيلي.

·     ألم تشعر كمخرج سينمائي مصري وخبرتك الأساسية والاجتماعية خبرة مصرية بأن الرواية تدور في جو يبدو غريباً عليك وربما يكون من الصعب أن تترجمه إلي صورة لأنه ليس لديك خلفية بصرية متعلقة بالوقائع أو الشخصيات أو حتي بالحوار؟

ـ إطلاقا، لأن هناك أكثر من شيء أتحرك من خلاله.. وكاتب مثل صلاح عيسي عندما يقدم كتاباً عن ريا وسكينة فإنه لا يعرفهم ولكنه يبحث ويعمل وهناك جزء أساسي يساعده.. وأنا شخصيا عشت مع الفلسطينيين لمدة أربع سنوات في المخيمات أثناء الحرب الأهلية في لبنان وأعرفهم جيدا فهم ليسوا بمعزل عني وبالنسبة للجزء الخاص بالبعد التاريخي لفلسطين فالموجود لدينا مجموعة صور ووثائق وحكايات يحكيها الناس، بمعني أن هناك شيئاً يحرك خيالك أما بالنسبة للأغاني فقد سألت أشخاصاً عن التراث الفلسطيني وكيف كانوا يجمعون الزيتون والملابس وكل هذه الأشياء لكن ما يخص الجزء الثاني وحياة المخيمات فهي أشياء أعرفها وعشتها في لبنان لمدة أربع سنوات واعتبرها أهم أربع سنوات في حياتي.

·         وماذا عن الفترة الي عشتها في لبنان؟

ـ السبب في سفري إلي لبنان هو أن صديقة فلسطينية كانت زميلة لي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أخبرتني أن عام 1978 هو عام الطفل وأن هناك أموالاً موجودة لكي يتم من خلالها إنتاج أفلام عن الأطفال الفلسطينيين ودعتني للمشاركة في هذا المشروع فذهبت وقضيت ثمانية أشهر تقريبا كنت خلالها أذهب يوميا لأقوم بالتدريس لأطفال شهداء تل الزعتر في مدرسة بمخيم مار إلياس إنجليزي ورياضيات وكان ذلك بشكل يومي.. والعمل مع الأطفال كان يعتبر جزءاً من المعاينة لأعرفهم عن قرب ولأنني لم أكن أتقاضي أجراً من المقاومة فعملت كناقد سينمائي في جريدة «السفير» استطيع مواجهة متطلبات الحياة وفي النهاية الفيلم لم ير النور لأنني كنت أريد أن أقارن بين جيل أيلول الأسود الذين كانوا أطفالا في بداية السبعينيات وكانوا يقولون لهم إن الملك حسين سيحرر فلسطين وهو في الحقيقة يذبحهم وأطفال تل الزعتر الذين كانوا يقولون لهم إن سوريا والعرب هم الذين سيحررون فلسطين رغم أن السوريين هم الذين دمروا المخيم في تل الزعتر لذلك قوبل الفيلم بالرفض.

·         من الملاحظ وجود أكثر من جهة تشارك في إنتاج الفيلم.. فهل كانت هناك صعوبات في خروجه إلي النور؟

ـ الفيلم لم يواجه أية صعوبات إنتاجية وتكلف تقريبا 4.5 مليون يورو وهذه التكلفة تبدو منطقية ففيلم مثل «عمارة يعقوبيان» ميزانيته المعلنة 16 مليون جنيه و«باب الشمس» ميزانيته ضعفه مرتين لأنه طوله مرتين.. كما أن الميزانية مثل ميزانية أي فيلم عادي لأن أي فيلم في مصر حاليا يتكلف علي الأقل أربعة ملايين جنيه وهذا في حالة ما يكون بسيطاً لكننا نتكلم عن فيلم ضخم به كم هائل من المجاميع وتقنيات متطورة، لذلك لابد أن يتكلف كل هذه الملايين والتي جاء جزء كبير منها من قناة «ARTE» الفرنسية وجزء آخر من قناة «2M» المغربية والباقي ساهمت به عدة تليفزيونات أوروبية مثل التليفزيون الدانماركي والسويسري وقناة «TV 5» الفرنسية، حيث ساهموا بمبالغ قليلة ولكنها أكملت ميزانية الفيلم.

·         فيلم كبير مثل «باب الشمس» سيعيش طويلا في ذاكرة السينما.. أليس غريبا ألا تشارك في إنتاجه أية جهة إنتاج مصرية؟

ـ لا يفرق معي هذا كثيرا لأنني قدمت الفيلم مثلما أريد ووجدت صيغة لأن أطرح من خلاله هذا الموضوع الشائك دون تدخل من أحد وبأقصي قدر من الحرية، لذلك فعدم وجود جهات حكومية عربية في الإنتاج كان مريحا بالنسبة لي.

·         هل بدأت مرحلة كتابة السيناريو قبل البحث عن منتج أم بحثت عن المنتج قبل أن تبدأ كتابة السيناريو؟

ـ الفيلم جاء تقريبا بناء علي طلب من الجانب الفرنسي.. ففي أواخر عام 2000 كنت أحضر موضوع فيلم آخر وفوجئت بأمبير بلزان المنتج الفرنسي لأفلامي يتصل بي ويقول إن جيرون بوليمون مدير قناة «ARTE» وبير شيفالييه رئيس شعبة الأفلام بالقناة يريدون أن أقدم فيلماً عن ملحمة لعائلة فلسطينية عبر التاريخ ورفضت في الحال من منطلق.. لماذا يريدون مخرجاً مصرياً تحديدا.. فهل هم متوقعون أنني سأقدم الفيلم لأننا نرتبط بمعاهدة صلح مع إسرائيل وسأقدم حكاية شاب فلسطيني وبنت إسرائيلية يعيشان قصة حب، فأنا لا أريد أن أقدم فيلماً عن ذلك.. ولكن في اليوم التالي فكرت في الموضوع وكان في ذاكرتي رواية «باب الشمس» فأخبرتهم بموافقتي علي تقديم الفيلم علي شرط أن يؤخذ عن الرواية وأن يشاركني إلياس خوري كتابة السيناريو.. وتحدثت مع إلياس خوري ووافق وكانت الرواية تترجم في نفس الوقت بفرنسا وكان هناك مقاطع مترجمة منها موجودة في إحدي دور النشر وهي المقاطع التي قرأها الناشر الفرنسي وعلي أساسها تحمس لنشرها وأخذت هذه المقاطع المترجمة واجتمعت مع المنتج والمسئولين بقناة «ARTE» وأخبرتهم بأنني لن أفعل كذا وكذا وأنني إذا قدمت فيلم عن الفلسطينيين فسيكون الهدف أن أحكي عن ظلم فظيع وقع عليهم وليس فيلماً عن السلام.. وموضوع السلام لا يأتي إلا في إطار إقرار أن هناك ظلماً حدث وطالما هذه الحكاية مكتومة فلن يكون هناك سلام.. وهذه الحكاية مكتومة عربيا وإسرائيليا وكذلك في الغرب وحتي النسخة الرسمية التي نسمعها كثيرا في العالم العربي هي أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم وهناك نسخة أخري بأن الأنظمة والحكومات العربية هي التي طلبت منهم أن يهاجروا وهم صدقوهم ورحلوا، وكل رسائل بن جوريون التي يتحدث فيها عن الترانسفرت لا يعلم عنها أحد شيئا وحتي المؤرخون الإسرائيليون الجدد مثل السر بابيه «بينضربوا بالجزمة» من الإسرائيليين وكلامهم لا يسمعه أحد.. وحكاية أن هناك مذابح حدثت وعن طريقها تم طرد الفلسطينيين من أرضهم إلي جانب الحرب والإرهاب مكتومة وغير محكية وبالنسبة لأوروبا فإن جزءاً كبيراً من التعاطف مع إسرائيل مرتبط بالعداء للسامية.. وبعد أن ذكرت ذلك نظر لي المنتج الفرنسي وقال: «إحنا عايزينك تعمل فيلم حلو.. اعمل اللي إنت عايزه».

·         وهل يتعاملون مع مثل هذه المشروعات كمردود اقتصادي يحقق الربح أم أنهم يؤدون دورا ثقافيا فقط؟

ـ الحد الأدني الذي تدفعه أي قناة تليفزيونية فرنسية لشراء حق العرض الأول لأي فيلم لا يقل عن 150 ألف يورو وهذا المبلغ يوازي مليون جنيه مصري وبعض القنوات تساهم في الإنتاج، وجزء من المبلغ الذي يدفعونه يكون نظيرا العرض الأول للفيلم ومن الممكن أن يدخلوا بنسبة معينة في توزيع الفيلم وفي النهاية يربحون.. وفائدة هذا النظام من الإنتاج بالنسبة لي كمخرج مصري أنه ليس هناك شروط توضع علي النجوم التي تشارك بالفيلم، كما أنه ليس هناك شروط علي الموضوع وكيفية تناوله وحتي المردود الاقتصادي محسوم من البداية وعندما أقرر أن أقدم فيلما مثل «باب الشمس» أو «المدينة» لا تواجهني أي شروط ودائما أحكي عن تجربة فيلم «سرقات صيفية» الذي قدمته عام 1986، حيث كانت السعودية في ذلك الوقت هي السوق الرئيسية للفيلم المصري والجزء الأساسي من الفيلم خطبة الرئيس عبدالناصر وكان صوت عبدالناصر في تلك الفترة ممنوعاً في السعودية وعندما تم بيع الفيلم هناك للعرض علي شرائط فيديو شاهدت النسخة ووجدت أن الجزء الذي به خطبة عبدالناصر وقوانين يوليو الاشتراكية ليست محذوفة ولكن الصوت ملغي ووضعوا مكانه موسيقي التيترات كما أن فيلم «مرسيدس» حذفوا منه في السعودية 40 دقيقة تقريبا وعندما نتكلم عن السوق المصري أو السوق العربي التقليدي فإن فيلمك لابد أن يكون كوميدياً وبه النجم الفلاني وفي تلك الأيام كان هناك تعريفة للنجوم. إذن أنت في النهاية تجد نفسك تخضع لشروط مفزعة إلي جانب الشروط الرقابية الأشد قسوة من الرقابة المصرية والخلاصة أنك لابد أن ترضخ لشروط السوق العربي التقليدي.. ولكن نحن لدينا أيضا ديماجوجية ضخمة جدا في الموضوعات التي تقدم بنظام الإنتاج المشترك بأنها مرتبطة بعاداتنا وتقاليدنا وكل العك الذي نسمعه والأشياء المقيدة للإبداع وأنا في النهاية أصنع فيلمي وأنا أعلم أنا باشتغل فين.

·     نعود للحديث عن «باب الشمس».. الإسرائيليون لم يظهروا بالشكل الذي اعتدنا عليه في الأفلام العربية، ورغم ذلك كانت هناك اتهامات للفيلم بالعداء للسامية فهل كنت تتوقع ذلك؟

ـ طبعا.. كلنا كنا متوقعين ذلك ولكن كلمة عداء للسامية لم تذكر ولكن الذي حدث هو أسوأ من ذلك بكثير فكل الصحف الكبيرة والصغيرة والمتخصصة في فرنسا كانت سعيدة بالفيلم كسرد للذاكرة الفلسطينية وكحدث سياسي مهم، ولكن الذي حدث أن قناة «ARTE» نظمت عرضا للفيلم في برلين بعد عرضه في مهرجان «كان» وحضر العرض مراسل جريدة «يديعوت أحرونوت» وكتب أن الفيلم يشوه الجنس الإسرائيلي ويصورهم بأنهم مستعدون أن يقبلوا أن جماعة شترن والإرهابيين اليمينيين التي كان بها بيجين وشارون، مستعدين أن يقبلوا أن هؤلاء فعلوا بشاعات والمذبحة الوحيدة التي يعترفون بها هي دير ياسين، وإنما الهجانا نفسها والبلماخ التي تعتبر نواة سهال شاركت في مذابح وطردت الفلسطينيين بقوة السلاح أن ذلك انكار تام لها.. ولكن نحن لدينا وثائق، فمثلا كل الفضيحة الكبيرة الخاصة ببحث آلان بابيه المؤرخ الإسرائيلي بجامعة حيفا والذي أشرف علي رسالة دكتوراة تكشف مذبحة كتيبة إسكندروني من الهجانا في قرية طنطورة في جنوب حيفا ومارسوا ضغطاً رهيباً جعلوا الباحث يقول إن هذا غير صحيح بعد أن وثق الموضوع وقامت القيامة في الجامعات وقالوا سنقاطع الجامعات الإسرائيلية لأنها لا تترك الفرصة للباحثين للعمل.. فكل ذلك حدث عيني عينك وتعتبر تجاوزات ولكن ليس من الجيش.. ماذا تفعل في كل رسائل بن جوريون الذي يتكلم عن أهمية أن تكون دولة إسرائيل دولة يهودية وهناك كاتب مثل كاستلر الذي كتب كتاباً مرعباً «عن يوميات عام 1948» وكان قريبا من المتطرفين وكتب بشكل بسيط وبدون تعقيد عن كيفية تدمير القري وكيف يأخذون الشباب ويضعونهم في معسكرات اعتقال.. تصور أن كاتباً يهودياً عام 1948 يتكلم ببساطة شديدة عن معسكرات اعتقال للعرب.. كل هذا كان غير معلن ولكن مرة واحدة كتب هذا الصحفي الإسرائيلي هذا المقال. إن هناك تشويهاً للجيش الإسرائيلي وأنا شخصيا حساس جدا لهذه النقطة وأكره تماما فكرة مقارنة أي كارثة بكارثة أخري، فما حدث في ألمانيا النازية شيء وما حدث في فلسطين شيء آخر تماما.. الذي حدث في ألمانيا النازية مذبحة منظمة لجنس لمجرد أنهم يهود ذبحوهم وتم التخلص منهم ولكن ما حدث في فلسطين شيء آخر، فلا أظن أن اليهود كانوا مهتمين بشكل أساسي بطردهم والمذابح التي تمت كانت للإرهاب والتخويف وليس لإبادتهم وهذا مهم ليس لإنصاف اليهود لأن ذلك بشع وذاك بشع ولكنه مهم لكي تعرف ماذا يحدث في العالم.. والمشهد الذي يحفر فيه يونس تاريخ النكبة علي كتفه والمشهد الذي يعود فيه أهل شعب لقريتهم ويجدون أن الجيش اليهودي أخذ كل الملابس ووضعها في مكان واحد حدث في الحقيقة.. هذان المشهدان يتكلم عنهما الصحفي الإسرائيلي كتحريف لما حدث في المحرقة وأن ذلك إيحاء لما كان يفعله التتواج عندما كانوا يختمون اليهود بوشم ويأخذون شعرهم وأسنانهم ويضعونها في غرف الغاز.. هذا ملخص المقال، ومرة واحدة بدأ هذا المقال يملأ شبكة الإنترنت وأن فيلم باب الشمس بيعمل كذا وكذا ولم تكن تلك الرسائل تصل إلا لليهود ووصلتني عن طريق أصدقاء يهود في فرنسا، كان هناك حملة أخري تنظم من خلال رسائل تصل لقناة «ARTE» وتهديدات بقتل مديرها جيرون بوليمون والأفظع من ذلك بدأت رسائل تصل لوزير الثقافة ووزير الخارجية في فرنسا تطالب بإقالة جيرون بوليمون والكف عن تمويل الأفلام العربية وأفلام الجنوب ولم يكن أحد يتكلم عن «باب الشمس» ولكن عن المناخ المعادي للسامية في فرنسا.. فهناك دعوة في فرنسا يتزعمها شارون تنادي اليهود الفرنسيين بالذهاب لإسرائيل لأن فرنسا دولة معادية للسامية.. وأغبي شيء فعلوه كان رسالة علنية في المرة الوحيدة التي خرجوا فيها للعلن عن طريق مقال تم نشره في اللموند وهي أن علي قناة «ARTE» أن تكف عن إذاعة برامج عن الشرق الأوسط لأن هناك أماكن أخري في العالم فيها ضحايا وموتي أكثر بكثير فرد عليهم مدير القناة بأنهم لا يقدمون برامجهم علي أساس عدد الضحايا والموتي، وبعد ذلك أرسل سفير إسرائيل يقول إن الجزء الأول من «باب الشمس» والذي يتحدث عن النكبة جزء خيالي فرد عليه مدير قناة «ARTE» بأنه من الممكن أن يعترض علي شكل الجزء الأول ولكن الوقائع الموجودة فيه ليس عليها جدال وأنها موثقة تاريخية والحقيقة أن موقف هذا الرجل كان محترماً جدا.. وأنا تفسيري لما حدث والتركيز علي أن تصل تلك الرسائل لليهود الفرنسيين ولا يكون لها صدي في الصحافة حتي لا تستطيع بالتالي أن ترد علي شيء لأنه غير معلن في الصحافة.. وأحب أن أشير إلي أن هناك موقفا حدث عند عرض الفيلم في مهرجان «كان» واعتبره مؤثرا جدا بالنسبة لي، حيث كان هناك شخص يهودي لا أعرفه يرتبط بصداقة قوية مع المونتير الفرنسي الذي عمل معي في الفيلم، هذا الرجل شاهد الجزء الأول وخرج شاحبا جدا واختفي وعاد تعبان جدا فسأله المونتير عن السر وراء شحوبه وشعوره بالتعب فقال إنه تحدث مع جده في إسرائيل وسـأله إذا كان حقيقياً أنهم طردوا الفلسطينيين من أراضيهم بقوة السلاح فقال له جده إن ذلك حدث بالفعل وعندما سأله لماذا لم تحك لي من قبل هذه الحكاية فقال له: «علشان ما تتحكيش»، فقال له إذن لماذا فعلتم ذلك فأجابه لأنه كان لابد أن نبني الدولة.. المهم أن هذا الرجل شاهد الجزء الثاني وخرج في حالة صعبة جدا وبعد مرور أربعة أيام حصل علي رقم تليفوني من المونتير وتحدث معي وقال: فيلم غير حياتي.. وأنا أعتقد أن الذعر الأساسي الذي يسببه الفيلم هو أن لديك أجيالاً بأكملها لا تعلم شيئا عن هذه الحكاية وأن اكتشافها أن ذلك ما حدث لتأسيس دولة إسرائيل ومازال يحدث حتي اليوم سيجعل الولاء الذي يحاولون أن يغرسوه عند اليهود الأوروبيين لإسرائيل يسبب لهم مشاكل.. أما كلمة العداء للسامية فلم تذكر إلا مرة أو مرتين في مقال تافه جدا مثل شخص يتكلم عن أن قناة «ARTE» تكشف العداء للسامية في فرنسا لأنها أعطت لمخرج مصري تربي وسط الجنون المعادي للسامية أموالا لتقديم فيلم عن الفلسطينيين رغم أنني لم أشاهد طيلة عمري جنوناً معادياً للسامية في مصر.

·         بمناسبة الحديث عن العداء للسامية.. متي بدأت علاقتك بالقضية الفلسطينية؟ وما هو شكل هذه العلاقة؟

ـ طيلة عمري لم أشاهد جنوناً معادياً للسامية في مصر والأشخاص الذين تربيت بينهم في الحركة الديمقراطية المصرية لم يكونوا أبدا معادين للسامية.. نحن تربينا علي شعارات منظمة التحرير التي تقول إن فلسطين دولة ديمقراطية يتعايش فيها اليهودي والمسلم والمسيحي.. هذا جيلي ولكن جيل المتأسلمين ليس لي شأن به فهذا ليس السائد ولكن هذا الذي يريدون أن يسود لأنه مريح جدا بالنسبة لهم وبالنسبة لعقلية الضحية نفسها.

·         هل فكرت في عرض الفيلم في إسرائيل؟

ـ أنا أريد أن أعرضه في إسرائيل وقد تلقيت دعوة من مهرجان القدس ولكنني كنت أريد عرضه في حيفا وعموما الدعوة كانت للفيلم وليست لي لأنني عادة أضع حظراً علي سفر أفلامي لمهرجانات إسرائيلية ولكن في «باب الشمس» طلبت من المنتج والموزع أن يذهب الفيلم لإسرائيل ولكن دون أن يعرض في القدس لأن مهرجان القدس أقيم خصيصا لكي يقال إن القدس هي عاصمة إسرائيل ولكنني موافق علي عرضه في أي مدينة أخري ولكن هم الذين يرفضون... ومن الأشياء الغريبة أن هناك إذاعات عديدة في باريس كانت تجري معي حواراتي حول الفيلم وسألتني المسئولة عن إجرائي لحوارات مع الصحافة والإعلام عن إمكانية أن أتحدث للراديو اليهودي في باريس فوافقت وهم كانوا متوقعين أن أرفض ولكن بعد أن رأيت ما يحدث علي شبكة الإنترنت تغير موقفي ولكنهم تراجعوا وفي كثير من المرات كنت أدعو صحفيين من المجلات التي توزع وسط الطائفة اليهودية ولكنهم كانوا يرفضون الحضور لمشاهدة الفيلم وأسخف ما قيل إن من ضمن دلائل عداء الفرنسيين للسامية أن الفيلم عرض يوم الخميس ويوم الجمعة الذي يعد يوم الشابات وغير المسموح لهم فيه بفتح التليفزيون وهذا معناه أنهم لا يريدون مشاهدة الفيلم لأن الأمر محرج جدا بالنسبة لهم فهناك 40 دقيقة بالجزء الأول نري فيها ماذا فعل اليهود في الفلسطينيين ولكن بقية الفيلم نشاهد فيها ماذا فعلنا نحن كعرب بأنفسنا واليهود هناك لا يعرفون ماذا يفعلون لأن هناك إجماعاً علي جودة الفيلم من النقاد وفشلوا في وضع الفيلم في خانة سياسية كمنشور حنجوري وبالتالي فالحل الوحيد أمامهم ألا يتكلموا عنه.

جريدة القاهرة في 18 يناير 2005

الـمخـــرج يســــري نصــرالله‏:‏

باب الشـمـس عن الإنسان الفلسطيني‏..‏ و‏50‏ ســنة من عـمـر القضـيـة 

حوار‏:‏ محمـد نـصـر 

يعرض فيلم باب الشمس اخراج يسري نصرالله في القاهرة‏,‏ في ثلاث دور عرض فقط‏,‏ وهو إنتاج فرنسي ـ مغربي‏..‏ وقد اعتبرته مجلة تايم الأمريكية الاسبوعية أحد أهم عشرة أفلام عرضت في العالم في العام الماضي‏..‏ والفيلم مدته‏4‏ ساعات ونصف ساعة مقسم إلي جزءين‏:‏ الرحيل والعودة وسوف يعرض علي مرتين‏,‏ وهو يطرح القضية الفلسطينية منذ عام‏1943‏ حتي‏1994.‏

مع مخرجه يسري نصرالله كان الحوار حول قضية الفيلم‏,‏ وطريقة إنتاجه‏,‏ ولماذا معظم ابطاله من السوريين والأردنيين واللبنانيين‏..‏وكيف كانت رؤيته للقضية الفلسطينية‏:‏ التاريخ والحاضر‏.‏

·         لماذا اخترت عمل فيلمين طول كل منهما ساعتين وربع الساعة عن القضية الفلسطينية؟

ـ باب الشمس مأخوذ عن رواية كتبها الأديب اللبناني الكبير الياس خوري‏,‏ ونشرت عام‏1998‏ والفيلم قراءة حرة لهذه الرواية‏,‏ شارك معي في كتابته المؤلف والمخرج اللبناني محمد سويد‏..‏ وقد اخترت للجزء الأول شكلا ملحميا يتيح لي أن احكي قصة النكبة‏,‏ وهي فترة لم يتم تصويرها من قبل في السينما الروائية أو التسجيلية والاسلوب السينمائي لهذا الجزء يشعر المتفرج بأنه امام فلسطين كما نتصورها وكما نحب أن نتذكرها اما الجزء الثاني فانه يحكي اشياء أكثر قسوة لانها اشياء عشناها‏,‏ أحلامنا وبطولاتنا وهزائمنا وآمالنا‏.‏ إنها فلسطين كما عاشها جيلي والاسلوب هنا أكثر معاصرة وخشونة والعلاقات الإنسانية في هذا الجزء أكثر جراءة‏..‏وقد طلبت الرقابة عرضه للكبار فقط ومن هنا فان الجزءين يكملان بعضهما‏.‏

·         لماذا جعلت من مغارة باب الشمس محورا لاحداث الفيلم‏..‏ هل هي رمز؟

ـ المغارة هي المكان الذي يلتقي فيه العاشقان يونس ونهيلة وهو المكان الذي يحكي عنه خليل لكي يتذكر قصة حبه مع شمس وهي الأرض الوحيدة في فلسطين التي لم تدخلها إسرائيل‏,‏ انها مكان واقعي وملئ بالاحلام والدلالات‏..‏ وأحب أن أقول لك‏:‏ انا والياس خوري ومحمد سويد لانحب الرموز‏.‏

·         البناء الدرامي للفيلم ملئ باللحظات التي تنتقل فيها من مشاهد مؤلمة إلي مشاهد مليئة بالمرح؟

ـ إن داخل أكثر اللحظات قسوة هناك لحظات يتمسك فيها الإنسان بأثمن ما منحه له الخالق‏:‏ غريزة البقاء‏,‏ وذلك ما يجعلنا نقاوم ونحب ونفكر‏,‏ وهي المادة التي يصنع منها الفن‏..‏ واللحظات التي يتعرض فيها المرء إلي أفظع المحن هي ايضا اللحظات التي تظهر فيها الشجاعة والمرح والرغبة في مقاومة الموت‏,‏ انه فيلم ينتصر للحياة وليس عن الموت‏.‏

·         أليس غريبا أن يتضمن فيلم عن القضية الفلسطينية مشاهد حب؟

ـ الفيلم ليس عن القضية الفلسطينية فقط‏,‏ وإنما ايضا عن الإنسان الفلسطيني‏,‏ وعندما تتحدث عن الإنسان وعن الحياة فإنك تتحدث عن أفكاره وعن كفاحه وعن ايمانه وايضا عن عواطفه‏.‏ يبدو لي ذلك شيئا بديهيا‏..‏ ولا استطيع أن أتصور فيلما يتخذ من الشعارات مادة للسرد‏..‏ ولا أستطيع أن اتصور فيلما ليس فيه قصة حب أو عدة قصص حب‏.‏

·         لماذا اخترت ممثلين غير مصريين مع أنك مخرج مصري؟

ـ معظم العاملين الاساسيين في الفيلم من المصريين‏..‏ مدير الإنتاج إيهاب ايوب ومدير التصوير سهير بهزان ومهندس الديكور عادل المغربي ومصممة الملابس ناهد نصرالله والموسيقار تامر كروان والمخرجون المساعدون رشا الكردي ونادين محمد خان ووائل مندور ومني أسعد وكريم غالي‏..‏ أما الممثلون فهناك ماهر عصام وباسم سمره من مصر‏,‏ وبالنسبة للادوار الرئيسية قررت أن يكون الممثلون كلهم فلسطينيين‏,‏ ولم يكن ذلك ممكنا لان عددا كبيرا من الممثلين الفلسطينيين يحملون جوازات سفر إسرائيلية الأمر الذي يحول دون دخولهم لبنان وسوريا حيث صورنا الفيلم‏.‏ ولذلك تعاملت مع ممثلين من الأردن وسوريا ولبنان حيث ان اللهجة قريبة من اللهجة الفلسطينية وكان العمل معهم ممتعا للغاية‏.‏

·         هل عرض الفيلم خارج مصر؟

ـ العرض الأول للفيلم كان ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان خارج المسابقة وعرض بعد ذلك في العديد من المهرجانات منها قرطاج ونيويورك وواشطن والعرض التجاري للفيلم كان في باريس في اكتوبر الماضي‏,‏ وبعدها في بيروت والبحرين ثم في الأردن‏.‏

·         ماذا كان رد الفعل بعد عرض الفيلم؟

ـ كان أكثر من ممتاز في كل مكان إلا أن اليمين الصهيوني في فرنسا كان رد فعله شديد الغرابة‏,‏ فلم يهاجم الفيلم علنا لكن قناة آرتي الفرنسية‏.‏ وهي المنتج الرئيسي للفيلم تلقت كما هائلا من الرسائل التي تطالب بمنع عرض النسخة المدبلجة للفرنسية علي التليفزيون‏,‏ والتي اعتبرت إنتاجه دليلا علي عداء فرنسا للسامية‏,‏ وان الفيلم يشوه سمعة الجيش الإسرائيلي‏..‏ والمدهش ان هذه الحملة التي شنت بالبريد والإنترنت والهاتف لم تخرج في أية لحظة للحيز الإعلامي ووصل الأمر إلي مطالبتهم وزير الخارجية ووزير الثقافة الفرنسيين بإقالة مدير القناة جيروم كليمان وقد كان موقف القناة ومديرها عظيما في الدفاع عن محتوي الفيلم التاريخي والفني‏.‏

·         لماذا كانت هذه الحملة سرية؟

ـ يبدو لي أن السبب الرئيسي هو اشادة مجمل الصحف والنقاد السينمائيين بالفيلم فنيا وسياسيا والحرص علي عدم إثارة فضول الشباب اليهودي الفرنسي الذي يريد اليمين الليكودي ان يجعله يصدق أسطورة ان أهالي فلسطين تركوا بلادهم ولايريده ان يتصور أو يعرف مدي العنف الذي عاني منه الشعب الفلسطيني لطرده من أراضيه‏.‏

·         هل التمويل الخارجي لأفلامك أصبح السبيل الوحيد لعملك في السينما؟

ـ بالنسبة لفيلم باب الشمس فقد توجهت للتليفزيون المصري ولسائر التليفزيونات العربية‏,‏ لكن كان الرد التقليدي ان هذا الفيلم موضوعه شائك‏.‏

الأهرام اليومي في 19 يناير 2005