شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

‏20‏ مليون جنيه عـيدية الحكومة للسينما‏!‏

كتب ـ نــــادر عـــــدلي

 

 

 

 

 

 

قررت حكومة د‏.‏ أحمد نظيف دعم الأفلام المصرية بمبلغ‏20‏ مليون جنيه سنويا‏,‏ وهذا قرار تاريخي ومذهل بكل المقاييس‏..‏ وعلي مدي معرفتي فإن هذه المرة الأولي في تاريخ صناعة السينما المصرية التي تقرر فيها الحكومة أن تصبح مع السينما وليست ضدها‏!..‏ وعلي مدي‏75‏ سنة هي العمر الحقيقي لصناعة الأفلام‏,‏ كانت الحكومات تتفنن في الضرائب والجمارك عليها‏,‏ وأسست الرقابة خصيصا لفرض السيطرة عليها‏!..‏ ومعني القرار ببساطة أنه أخيرا جاءت حكومة تعرف قيمة صناعة السينما‏.‏

قد يكون من الممتع سرد قصة علاقة السينما بالحكومات المتعاقبة‏,‏ وكيف بدأت الرقابة عليها من جهاز يتبع وزارة الداخلية‏,‏ والأفلام العديدة التي عانت من المصادرة والحذف‏,‏ وكيف أثر ذلك علي تجنب انتاج الأفلام التي تطرح قضايا اجتماعية مهمة‏,‏ بل وأثر ذلك علي حركة الانتاج عموما‏..‏ ولولا شطارة أهل الشام التجارية الذين كانوا يوزعون الفيلم المصري في العالم العربي‏,‏ لما عاشت صناعة السينما‏!..‏ ثم تمخض ذهن الحكومات الاشتراكية في الستينات عن تأميم الصناعة التي بدأت ونمت وعاشت قطاع خاص‏,‏ ورغم أن القطاع العام انتج بعض الأفلام المتميزة‏,‏ إلا أن رصيده الأكبر كان لإنتاج الأفلام الاستهلاكية‏,‏ ولأنه قطاع عام‏,‏ فإنه أهمل أصول الصناعة من استوديوهات ومعامل‏,‏ وأصبحت عبئا عليه‏..‏فقرر بيعها أو تأجيرها بعد أن وصلت إلي أدني درجة من الكفاءة‏.‏ 

وسط كل هذا ظلت الحكومات لاترحم في فرض الضرائب والجمارك علي كل ما يتعلق بصناعة السينما‏,‏ ووصل الحال إلي أن الانتاج تراجع من‏70‏ فيلما أو أكثر‏,‏ إلي‏15‏ فيلما‏!..‏ وحتي عندما قررت إحدي الحكومات اقامة مهرجان القاهرة السينمائي لتتباهي به في عالم الدول المتحضرة صاحبة المهرجانات الكبري‏,‏ ما هي إلا سنوات قليلة‏,‏ وقام أحد رؤساء مجلس الوزراء بوقف دعم الحكومة للمهرجان‏,‏ وطلب من رئيس المهرجان كتابة تعهد بأنه إذا أصر علي إقامة المهرجان‏,‏ فإنه لن يطلب مليما واحدا من الحكومة‏,‏ وحدثت هذه الواقعة منذ أكثر من‏15‏ سنة‏..‏ هكذا‏!..‏ هكذا كانت العلاقة بين الحكومات المختلفة والسينما‏!.‏

من هنا‏..‏ فإن قرار د‏.‏ أحمد نظيف رئيس الوزراء بدعم السينما‏,‏ هو قرار تاريخي فعلا‏!..‏ وجاء في الوقت الصحيح‏,‏ لأن حركة الانتاج أصبحت متعثرة‏,‏ ولأن شركات خليجية تملك محطات فضائية بدأت تفرض سيطرتها علي الصناعة‏(‏ بعد أن اشترت كل ما نملك من أفلام‏!)..‏ وقد يكون مبلغ‏20‏ مليون جنيه ليس مبلغا كبيرا لإنعاش الصناعة‏,‏ ولكني أراه مبلغا كافيا جدا في هذا التوقيت‏,‏ وسوف يؤثر بشكل ايجابي في انتاج الأفلام‏..‏ والأهم من ذلك أنه إثبات أن الحكومة الحالية تعرف قيمة السينما‏,‏ وانها صناعة سوف تستفيد منها خزانة الدولة كثيرا‏,‏ واعتقد أن وزير المالية د‏.‏ يوسف بطرس غالي يمكنه أن يرصد ذلك بالأرقام‏.‏

وسبق أن كتبت كيف استطاعت المغرب أن تضع أسس صناعة سينما خلال خمس سنوات فقط بدعم الحكومة‏..‏ وهناك تجربة أخري تحدث في تونس‏..‏ ودبي قررت أن تقيم صناعةسينما عندها‏!..‏ لقد اكتشفوا أنها صناعة مربحة للغاية‏.‏

لكن‏..‏ يظل لنا التميز ــ ولا أقول هذا بدوافع وطنية ــ فنحن نملك كل أصول الصناعة‏,‏ وقام القطاع الخاص بتجديدها وتطويرها‏(‏ رغم كل التعنت الذي عان منه من شركة مصر للاستوديوهات والتوزيع ودور العرض‏..‏ ومازال يعاني‏!)..‏ ونملك الفني والفنان‏,‏ ونملك الفكر والابداع‏..‏ وبالتالي فإن قرار مجلس الوزراء سوف ينعش الصناعة بشكل سريع وقوي‏.‏

تبقي نقطة واحدة‏,‏ كيف نستثمر الــ‏20‏مليون جنيه‏,‏ ونستفيد من هذا التغير التاريخي في نظرة الحكومة للسينما؟‏..‏ الكرة هنا في ملعب وزارة الثقافة والوزير الفنان فاروق حسني‏,‏ وأظن أنه يفكر الآن في أفضل وسيلة لدعم الصناعة بهذا المبلغ‏..‏ وهناك آراء ظهرت تدعو إلي توزيع الملايين العشرين بزيادة جوائز المهرجان القومي‏,‏ واقامة دور عرض بالأقاليم و‏..‏ و‏..‏ إلخ‏..‏ والاتجاه للتفكير بهذه الطريقة سوف يجعل الدعم كأنه لم يكن‏!‏

فقد نشر أن الدعم من أجل الأفلام المصرية‏,‏ ويجب ألا نتفرع به إلي أي شئ آخر‏,‏ ويجب أن يذهب المبلغ بالكامل إلي انتاج الأفلام ـ كل الأفلام ـ التي تضمن انتعاش الصناعة مهما يكن تصنيفها‏:‏ كوميدي‏,‏ واقعي‏,‏ ميلودرامي‏,‏ استعراضي‏..‏ ودعونا من شعارات الأفلام الجادة‏,‏ والأفلام التي تطرح كذا وكذا‏..‏ لأن مجرد زيادة الانتاج من‏20‏ فيلما إلي‏35‏ فيلما سوف يعطي ما نرجو من انتعاش‏,‏ وسوف يجعل صناعة السينما من أهم الصناعات التي تعتمد عليها مصر‏..‏ والخزانة العامة‏.‏ 

الأهرام اليومي في 19 يناير 2005

أخيرا‏..‏ الدولة تدعــم السينما

كل دول العال تدع الأفلا حتي أمريكا وبوركينافاسـو 

كتب ـ أحمد عاطف 

أعلن الفنان فاروق حسني وزير الثقافة عن موافقة مجلس الوزراء علي تخصيص مبلغ‏20‏ مليون جنيه لدعم السينما‏,‏ وانه سوف يتم تشكيل لجنة من وزارتي الثقافة والمالية لوضع الضوابط‏..‏ ولكن طرحت تساؤلات مثل لماذا تدعم الدولة السينما؟‏..‏ وهل الهدف هو زيادة الافلام المنتجة أم تحسين نوعيتها؟
أن كل دول العالم تدعم السينما سواء التي تملك صناعة قوية أو ضعيفة‏..‏ ومصر تأخرت كثيرا في هذه الخطوة‏,‏ وحققت حلما قديما‏..‏ لأن الاصل في دعم الدولة للثقافة والفنون هو الحفاظ علي الهوية القومية وتطوير الثقافة المحلية التي قد لايهتم بها العاملون في أسواق الفن‏,‏ حيث تكون المأساة عندما ينصب اهتمام كل المنتجين علي الربح وليس علي اعتبارات فنية‏..‏ لهذا تتدخل الدول لكي تناصر الفن الجيد والثقافة الحقيقية‏.‏

ولا تتخلف الدول في العالم عن دعم السينما‏..‏ ففي أوروبا وحدها‏169‏ صندوق دعم في‏31‏ دولة‏,‏ مقدار ما تمنحه‏1.2‏ مليار يورو‏..‏ فرنسا وحدها يصل دعم السينما فيها إلي‏490‏ مليون يورو‏,‏ وألمانيا‏(185),‏ وإسبانيا‏(70),‏ وبريطانيا‏(62),‏ وإيطاليا‏(56)..‏ وأكثر من‏70%‏ من أموال الدعم مخصصة للإنتاج وبالأخص انتاج الافلام الروائية الطويلة‏..‏ وكثير من تلك الدول تدعم التوزيع بقوة لكي تصنع توازنا بالسوق بين الافلام الفنية والافلام التجارية‏.‏

وتمثل أموال الدعم في أوروبا‏55%‏ من ميزانيات الافلام أما قنوات التليفزيون فتساهم بـ‏26%‏ والبنوك بـ‏9%‏ من مجمل الاستثمارات‏..‏ أما أموال الدعم فتستقطعها الدول من الضرائب المفروضة علي تذاكر السينما وبيع شرائط الفيديو ومصاريف بث القنوات التليفزيونية العادية والمشفرة‏..‏ولأن أغلب المبالغ الممنوحة للدعم هي مبالغ لاترد‏(‏ باستثناء حالات نادرة في ألمانيا‏)‏ ولهذا تضخ الدول كل عام مبلغا جديدا في صناديق دعمها‏.‏

وحتي الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتج ما بين‏500‏ و‏600‏ فيلم سنويا فنصف هذه الأفلام هي أفلام مستقلة لاتنتج إلا من خلال الدعم‏..‏ والمساعدات تأتي من جهات كثيرة منها ما هو فيدرالي‏(‏ حكومي‏)‏ أو أهلي‏(‏ منظمات المجتمع المدني‏)‏ أو خاص‏(‏ المؤسسات التطوعية‏)‏ وفي الصين واليابان وروسيا أيضا يعتمد الانتاج في كل منها علي دعم الدولة‏..‏ ومن بين الدول العربية نجد دعم المغرب وتونس للسينما هي الأكثر وضوحا‏..‏ فالمغرب منحت عام‏2002‏ مايوازي‏25‏ مليون جنيه مصري‏..‏ وتونس تمنح مبلغا يصل إلي‏35%‏ من تكلفة الفيلم بمتوسط‏300‏ ألف دولار‏(‏ نحو‏1.8‏ مليون جنيه لكل فيلم‏).‏

لكن الغريب حقا هو أن ثلاث دول إفريقية محدودة الموارد تمنح دعما ملحوظا للسينما هي السنغال وساحل العاج وبوركينافاسو‏..‏ والدولة الأخيرة من أفقر دول العالم حسب تصنيف الأمم المتحدة وبرغم ذلك تفعل ما بوسعها للحفاظ علي ثقافتها القومية لهذا نجد افلامها حاضرة باستمرار في المهرجانات العالمية‏.‏

ولأن في كل مراحل تاريخ السينما المصرية‏..‏ كان المنتجون يسمحون بجزء من الدعم للأفلام الجادة‏..‏ لكن الآن الصورة اختلفت‏,‏ فالسوق تسيطر عليها الأفلام التجارية بنوعيها الكوميدي والغنائي فقط باستثناء فيلم أو اثنين‏..‏ لكن تجربة أساليب أو أنواع سينمائية جديدة لايرغب أغلب المنتجين والموزعين في المغامرة بإنتاجها‏..‏وهذا هو دور الدولة في مساعدة أفلام تعبر عن الواقع الحقيقي للمجتمع‏..‏ وتساعد علي ترسيخ هويته وتفتح افاقا جديدة للتعبير السينمائي بعيدا عن رأس المال السينمائي الحالي الخائف دوما من المغامرة‏.‏

الأهرام اليومي في 19 يناير 2005