شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

ماجدة خيرالله تكتب عن ذكراها

التليفزيون المصري لايعرف ممثلة اسمها مديحة كامل

 

 

 

 

 

رحيل ليلي فوزي:

الشيخوخة لا تعرف الجميلات

أكد رحيل ليلي فوزي أن الجمال لا يعرف الشيخوخة، ورغم أن صاحبته تموت، حسب قانون الحياة، فإنها سحبت جمالها معها في كل أماكنها وأزمنتها، حاولت التجاعيد وعلامات السن أن تزحف علي صاحبتها التي رحلت عن عمر تجاوزالسابعة والسبعين، لكن المرأة ظلت جميلة بجميع المقاييس.

هذا الجمال المبهر، غير العادي، الأقرب إلي الشكل الأسطوري، كان سببا في أن تدخل صاحبته إلي عالم السينما، وأيضا كان سببا في أن تظل أسيرة له، يقدمها المخرجون في أدوار بعينها، فكان بمثابة حاجز دون انطلاقها التي كانت تستحقه، خاصة أن بعض المخرجين الذين يجيدون إدارة الفنانين، قد أخرجوا منها أجمل ما في قدرتها علي التعبير، فتضاعف الجمال مرات عديدة، ونحن نشاهدها في أفلام كمال الشيخ ويوسف شاهين، لكن الغريب أن ليلي فوزي برعت في أدوار الحسناء الشريرة أكثر من أدوار الرومانسية التي كانت تصلح لها بقوة. ليلي فوزي 1 / 1 / 1928 ـ 12 / 1 / 2005 ذات الأصول التركية التي دخلت السينما عام 1942 وهي في الرابعة عشرة من العمر صارت الوجه الجميل في زمن الرومانسية وقد بدأت مع مديحة يسري في الوقت نفسه ومع البدايات نفسها، لكن هناك فاصلا ملحوظا بين رحلتي المرأتين، الفنية والحياتية.

فقد كانت واحدة من الجميلات التي يستعين بهن محمد كريم في أفلامه، لنري في مشاهد، ولقطات خاطفة أجمل وجوه الحسان، وكانت بدايتها الحقيقية في فيلم «مصنع الزوجات» لنيازي مصطفي ثم في «ممنوع الحب» لكريم،وجاءتها البطولة في «علي بابا والأربعين حرامي» لتوجو مزراحي عام 1943، وبدأت قائمة أعمالها في الازدياد.. وتعددت نوعيات الأفلام التي ظهرت فيها، واستطاعت السينما أن تجعل منها «ست الحسن» لنيازي مصطفي عام 1950. وبدت ليلي فوزي أقرب إلي الممثلة «المطربة» بمعني أنها لم ترفض الأدوار التي تعرض عليها، أو أن تبدي رأيا.. والغريب أنها سواء كانت بطلة مطلقة في بعض الأفلام أو ممثلة ثانية، فإن جمالها الفاتن كان يتواري أمام موهبة الممثل الذي يمثل أمامها أو أمام الممثلة الأولي في أي فيلم. فهي في «جمال ودلال» لاستيفان روستي عام 1945، كانت الثانية بعد ببا عزالدين، وفي «ست الحسن» لنيازي مصطفي عام 1950. فإن موهبة كمال الشناوي هي التي تبقي في الذاكرة وقد أدت ليلي فوزي دوما دور البنت المغلوبة علي أمرها، البكاءة، قليلة الحيلة، وقد ساعد هذا علي تهميشها أكثر، وكانت في أفلام مثل «ابن للإيجار» لحلمي رفلة 1953، و«ابن الحارة» في العام نفسه و«الشيخ حسن» لحسين صدقي 1954، مجرد العاشقة الجميلة المغلوبة علي أمرها.

أدوار الشر

والغريب أن ليلي لم تلمع إلا في أدوار الشر، وما إن بدأت تدخل هذه الدائرة، حتي تجلت موهبتها في أحسن صورها، وأعطت ما لم يسبق لها أن قدمته في أدوار الفتاة المغلوبة علي أمرها، وكأنها أمام واحدة من حوريات الأوديسا الساحرات، حتي إذا وقع الرجل بين براثنهن تحولن إلي وحشات كاسرات لا يعرفن الرحمة.

واستطاعت ليلي فوزي أن تخرج في الشخصيات التي تجسدها بين النقيضين: الجمال المبهر، والشر المتأصل، وسوف نلاحظ أنه منذ بدايتها عام 1941 في «مصنع الزوجات»، وحتي عام 1954 فإنها شاركت في أربعين فيلما، وما إن بدأت تتجه إلي أدوار الشر، حتي تقلصت أدوارها تماما، وبشكل ملحوظ حتي لم تظهر بين 1954 و1959 سوي في ثمانية أفلام كان أغلبها ينتمي إلي الشر الجميل.

نعم، الشر الجميل، فلم تكن الشخصية التي تجسدها المرأة الفاتنة، والخارجة عن القانون بشكل جنائي، بل هي أقرب إلي صانعة المكائد، لتحقيق مآرب شخصية، وهي تجيد استخدام ما متعها الله به ،من حسن كي تحقق أهدافها.

صحيح كانت في هذه الفترة من الخمسينيات وما بعدها هناك أدوار العاشقة الفاتنة تنتظرها مثل «من أجل حبي» لكمال الشيخ 1959، و«جسر الخالدين» لمحمود إسماعيل 1960، و«حكاية العمر كله» لحلمي حليم 1965، إلا أن أدوارها الشريرة كانت هي «كاشف» موهبتها.

ولأن الأشرار في السينما المصرية هم في أغلب الأحيان الشخصية الثانية فإن هذا جعل هناك بطلات رئيسيات في أفلام مثل «خطف مراتي» لحسن الصيفي 1954، و«بورسعيد» لعزالدين ذوالفقار 1957، و«عش الغرام» لحلمي رفلة 1959، ثم «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين 1963، وغيرها من الأفلام القادمة.

كان أول من أعطاها فرصة التحول الملحوظ هو حسن الصيفي، في أول أفلامه «خطف مراتي» فهي ليلي التي تستغل وجود جفوة بين زوجين، كي ترمي بشباكها علي الزوج، وتؤجج النيران المندلعة بينه وبين عروسه التي يكرهها «ظاهريا» وتنفخ في النيران، مستخدمة جمالها كسلاح فتاك إلي أن تكتشف النوايا الحقيقية ويتم طردها من المنزل.

إلا أن دور البريطانية الجاسوسة في «بورسعيد» كان نموذجا للشر الذي يجمع بين النقيضين حلاوة الشكل وعمق الشر فهي ليزا الممرضة التي ترمي بشباكها علي أبناء المدينة كي تعرف أسرار البحرية تارة وأسرار المقاومة الشعبية تارة أخري فتغوي طلبة.. والضابط فتحي وتساعد الجواسيس وتنقل الأخبار وتمثل الطابور الخامس في مدينة مناضلة.

ويمكن القول إنه لولا تجربة ليلي فوزي مع كمال الشيخ في «من أجل امرأة» عام 1959، لبقيت صورة الممثلة الجميلة هي كل ما نعرفه عن ليلي فوزي، فبالمقارنة بين أداء ليلي فوزي في الفيلم، والدور نفسه الذي جسدته الموهوبة بربارا ستانويك عام 1946 في فيلم «تأمين مزدوج» فسوف نجد أن الجمال والموهبة اجتمعا في الممثلة المصرية بدرجات أعلي ما عرفناه في الفيلم الأمريكي، فهي زوجة شابة وفاتنة الحسن لرجل عجوز تسعي إلي التأمين علي حياته من أجل الاستفادة من وثيقة التأمين المزدوجة وتوقع موظف التأمين في حبائلها فلا يستطيع الفكاك منها، وهي تستخدم جميع أسلحتها كأنثي من أجل أن تدفع بموظف لقتل زوجها، وتدبير خطة متقنة لقتله وفي المشاهد التي ألقت بشباكها حول فريستها أثبتت ليلي فوزي أن جميع المخرجين السابقين الذين عملوا معها لم يستخرجوا من موهبتها سوي القليل، وأنها مدينة بشكل ملحوظ لكمال الشيخ، الذي عملت معه عام 1967 في «المخربون» وفي عام 1962 مثلت ليلي فوزي دورها الحقيقي في الحياة في «طريق الدموع» لحلمي حليم المأخوذ عن حياة أنور وجدي، وذلك باعتبار أنه كانت هناك قصة حب متبادلة في بداية حياة كل منهما، ثم عادا إلي اللقاء مرة أخري في «خطف مراتي» وكانت قصة حب قوية، تركت أثرها في حياتها، بموت الفنان.

فرجينيا

إذن، كان علي الممثلة أن تعيد تجسيد ما سبق أن عاشته في الواقع علي الشاشة مرة أخري قبل أن تقوم بدورها الشهير في «الناصر صلاح الدين» وهو دور أميرة أوروبية تدعي فرجينيا تحرض الملوك والأمراء أن يتآلفوا لغزو الشرق العربي من أجل اعتلاء عرش القدس. والتي تفقد جمالها، ويتشوه وجهها بعد أن خسر الصليبيون المعركة أمام العرب.

ابتداء من هذه المرحلة، لم يظهر لنا في أغلب أفلام الممثلة الراحلة سوي وجهها الشرير فهي الفاتنة التي توقع بأحد أبطال الملاكمة في حبائلها في «رجل في الظلام» لحسن رضا 1963، وهي التي تحاول العثور علي كنز أثري ضمن مجموعة من المهربين في «الجبل» لخليل شوقي 1965، وهي الأميرة العربية في «فارس بني حمدان» لنيازي مصطفي التي تدبر الدسائس في البلاط. وهي المرأة التي تسعي إلي شراء الأراضي، وذمم الرجال في «الدخيل» لنور الدمرداش 1967، ثم هي ابنة الأكابر في «دلال المصرية» لحسن الإمام 1970.

بدأت ليلي فوزي في الاختفاء عن الشاشة طوال ستة أعوام، وهي الممثلة التي لم نسمعها تمثل في الإذاعة ولم تعتل خشبة المسرح، وإن كانت قد لمعت في التليفزيون فيما بعد، لكن، حسب رأيي فإن عودتها عام 1976 في «أمواج بلا شاطئ» لأشرف فهمي تمثل محاولة لتأصيل موهبتها التي لم يستفد منها سوي قليلون وكان أشرف فهمي هو المخرج الثالث، بعد الشيخ وذوالفقار الذي وضعها في أحسن حالاتها، فهي هنا تقوم بدور أم «جميلة» يصدم ابنها عندما يراها في الفراش مع المسئول الأول عن المصانع التي تمتلكها الأسرة، ويعرف الابن أن الرجل الذي يحبه كأبيه، قد تزوج من أمه سرا، فيخرج إلي الشارع كي يحضر أول عاهرة يلتقي بها علي الكورنيش ويتزوجها ويدعها تعيش مع أمه، الهانم، الأم هنا عاشقة، ومن حقها أن تحب، لكنها ملتاعة فيما كشفه ابنها، هي عاجزة عن الاعتذار وهي أيضا رافضة لوجود عاهرة في فراش ابنها تشاركها الحياة والبيت وقد عبرت ليلي فوزي عن هذا الاضطراب النفسي والقلق الخاص بأداء يجعل السؤال يفرض نفسه: لماذا لم يتم الاستفادة من موهبة تعمقت مع الزمن مثل ليلي فوزي؟!

التجارب الأخيرة للفنانة، كانت في «المتوحشة» لسمير سيف و «سلطانة الطرب» لحسن الإمام ثم «إسكندرية ليه» ليوسف شاهين وكلها في عام 1979، وهي هنا الهانم التي تنتمي إلي سنوات الأربعينيات، ويبدو أن القصص السينمائية لم تعد تهتم بهؤلاء الهوانم، فتوقفت عن وضع ليلي فوزي في هذا القالب، وكان آخر ظهور لها علي الشاشة، دور المرأة الغامضة في فيلم «ضربة شمس» لمحمد خان عام 1980. هي زعيمة العصابة التي تقوم بتهريب قطع الآثار النادرة للخارج والتي تطارد خصومها، وتطلق عليهم الرصاص. دون أن تتكلم كلمة واحدة طوال الفيلم، إلي أن تموت في المترو عقب مطاردة. ليلي فوزي إحدي نجمات السينما اللاتي عندما توقفت بهن سبل التعامل مع الأفلام، كان علي الشاشة الصغيرة أن تفتح لهن أذرعتها بقوة وبدا المخرجون الذين عملوا لها كل هذا الكم من المسلسلات والأدوار المتميزة كأنهم يخرجون ألسنتهم للسينما، ويقدمون لليلي فوزي اعتذارا رسميا عن التأخر في كشف موهبتها، وقد كان ذلك في كل المسلسلات التي اشتركت فيها تقريبا.

جريدة القاهرة في 17 يناير 2005

علي استحياء شديد أعلنت القناة الثانية بالتليفزيون المصري عن إحياء ذكري الفنانة الراحلة مديحة كامل بعرض فيلم عشرة علي عشرة للمخرج محمد عبدالعزيز ولا أدري سببا لتجاهل أجهزة الإعلام لفنانة في حجم مديحة كامل كانت في يوم من الأيام من أهم نجمات السينما المصرية في الفترة ما بين الستينيات والثمانينات، وشاركت في بطولة أكثر من ستين فيلما مع أهم نجوم السينما ومخرجيها، ومع ذلك لم يكلف التليفزيون نفسه ويقدم برنامجا يليق بذكري مديحة كامل يستعرض من خلاله أهم أعمالها الفنية في السينما والمسرح والتليفزيون فقد كانت رحمها الله نجمة متألقة في جميع المجالات ورغم أنها انسحبت من الحياة الفنية مع بداية التسعينات وهي في قمة تألقها وارتدت الحجاب إلا أنها لم تسلك سلوك من سبقنها ولم تتاجر في وضعها الجديد وتصدر فتاوي تحرم الفن أو تعلن توبتها عن نشاطها السينمائي ولم تظهر علي أغلفة المجلات أو في البرامج الدينية التي انتشرت علي الفضائيات العربية وأصبحت مصدر رزق لمعظم الفنانات المعتزلات، لقد احتفظت مديحة كامل بروحها المرحة واهتمامها بمتابعة أخبار السينما المحلية والعالمية حتي آخر يوم في حياتها التي انتهت فجأة في ليلة من ليالي شهر رمضان 1997.

الأفعي موعدها مع النجاح

بدأت مديحة كامل حياتها الفنية مع الأدوار الثانوية في نهاية الستينيات اختارها المخرج الراحل عباس كامل لتشارك النجم الضاحك إسماعيل ياسين فيلم «العقل والمال» هذا الفيلم الذي لعبت بطولته المطربة اللبنانية «طروب» ورغم أن الفيلم لم يحقق نجاحا عند عرضه الجماهيري إلا أنه لفت أنظار المخرجين لتلك الفتاة المراهقة التي تمتاز بجمال صارخ وكاريزما ملحوظة ولكنها للأسف لم تلتق في هذا الوقت بالمنتج الشجاع الذي يطرحها في أدوار البطولة المطلقة فاضطرت أن تقنع بالأدوار الثانية، فشاركت في فيلم العيب المأخوذ عن قصة د. يوسف إدريس وبطولة لبني عبد العزيز ورشدي أباظة وإخراج جلال الشرقاوي.

ثم أصبحت من أهم نجمات الأدوار المساعدة عندما كان لهذه الأدوار تواجدا إيجابيا في سيناريوهات أفلام السبعينيات وربما يكون دورها في أفلام «حب وكبرياء» و«الكذاب» و«أختي» و«بعيدا عن الأرض» لها تأثير يعلو في قيمته عن تأثير الأدوار الأولي لنجمات هذه الأفلام «نجلاء فتحي» و«ميرفت أمين» و«نجوي إبراهيم» وكاد وجود مديحة كامل السينمائي ينحصر في أدوار المرأة اللعوب التي تخطف زوج أو حبيب نجمة الفيلم البريئة دائما، إلا أن ضربة الحظ الأولي قد جاءتها مع المسلسل التليفزيوني «الأفعي» الذي أخرجه حسن حافظ وشارك في بطولته «يوسف شعبان» وعفاف شعيب، وأدت من خلاله مديحة كامل دور امرأة معقدة نفسيا تهوي تدمير الرجال، وقد أدي نجاح المسلسل إلي نقل مديحة كامل إلي منطقة البطولات السينمائية المطلقة بعد أن قضت أكثر من عشر سنوات تؤدي الأدوار المساعدة.

الصعود للهاوية

عندما كان المخرج الراحل كمال الشيخ يفكر في اختيار نجمة تؤدي شخصية الجاسوسة «عبلة كامل» لم يجد أمامه بعد اعتذار سعاد حسني غير تلك الممثلة الجميلة الموهوبة التي كان قد شاهدها في المسلسل التليفزيوني الأفعي، وقد شعرت مديحة كامل بأن الحظ قد ابتسم لها أخيرا ومنحها الفرصة التي تستحقها وكان فيلم الصعود للهاوية بداية صعود نجم مديحة كامل للصفوف الأولي، في الوقت الذي بدأت تهبط فيه اسهم مجموعة من النجمات كانت مديحة كامل تقف خلفهن في طابور النجاح والشهرة، هي دي مصر يا عبلة أشهر جملة سينمائية اختتم بها المخرج كمال الشيخ أحداث فيلم الصعود للهاوية وكانت مشاعر الندم والخجل والخوف من العقاب آخر ما رسمته علي وجهها مديحة كامل وهي تنتهي من تجسيد شخصية الجاسوسة المصرية التي استغلت فتنتها وذكاءها للتآمر علي وطنها وبيع أسراره للعدو الإسرائيلي.

ولم تخرج الأدوار التي لعبتها مديحة كامل في السينما عن هذا القالب الذي فرض عليها ولم يكن في استطاعتها أن تتمرد عليه ولكنها كانت تطمح أن يراها المخرجون في شخصيات متنوعة، وكانت تهفو لأداء الأفلام الإنسانية أو الرومانسية حتي جاءتها الفرصة لتحقيق حلمها في أفلام «بريق عينيك» للمخرج محمد عبد العزيز «الأخرس» للمخرج أحمد السبعاوي «الاحتياط واجب» للمخرج أحمد فؤاد و«ملف في الآداب» للمخرج عاطف الطيب.

أنا ومديحة وسامي السلاموني

أول مرة التقيت معها كنت في بداية عملي الصحفي وكنت في نفس الوقت أدرس في معهد السينما وذهبت مع بعض زملاء المعهد لمتابعة تصوير فيلم للمخرج الراحل «أحمد ياسين» أستاذ مادة الإخراج في المعهد كان اسم الفيلم «أشياء ضد القانون» وقصته مأخوذة عن رواية «البعث» لتولستوي، جلست أراقب الاستعداد لتصوير أحد المشاهد التي تجمع بين مديحة كامل وسعيد صالح ومحمود ياسين، وكان المطرب الراحل «فايد محمد فايد» يؤدي مقطعا من أغنية أحبها اسمها لاموني الناس علي حبه، وكانت مديحة تردد معه كلمات الأغنية بشيء من الشجن وبعد انتهاء تصوير المشهد، قال أحدهم مستحسنا لحن الأغنية إنها من أحلي ما قدمه سيد درويش رغم أنها لم تحقق شهرة فرفعت صوتي وقلت أنها ليست من ألحان سيد درويش، وأنا علي ثقة من هذا رغم أني لا أدعي معرفة ملحنها ودار جدل ومناقشة حول صاحب الأغنية ولم أتراجع عن رأيي ولم يكن أحد يهتم بما أقول إلا هي التي أصغت إلي حديثي وأبدت اهتماما برأيي دون سابق معرفة، وفوجئت بها بعد الانتهاء من أداء كل مشهد تحرص علي معرفة رأيي، وكنت أعتقد وما زلت أن لديها قدرة علي أداء لحظات المرارة والانكسار بأسلوب عبقري غير أن تكرار أدائها لأدوار المرأة اللعوب يظلمها كثيرا، ولم تعلق علي ما قلته ولكني لاحظت سحابة حزن كست ملامحها، ولم أشاهدها إلا بعد هذا اليوم بعامين من خلال مهرجان الإسكندرية كانت تجلس مع سامي السلاموني الذي كان يوجه لها نقدا لاذعا علي رأي أعلنته من خلال برنامج إذاعي أجرته معها إيناس جوهر، وقد كان السؤال متي تفكر مديحة كامل في الاعتزال؟ وأجابت في بساطة عندما التقي برجل يتزوجني ويصرف عليا وكان سبب غضب سامي السلاموني .. اعتراضه علي أن يصدر هذا الرأي من امرأة مثقفة ونجمة متألقة في حجم مديحة كامل، ورغم ثورته وغضبه إلا أنها كانت منفجرة في الضحك بعد أن شبهها بالولية أم محمد بتاعة الجرجير التي تجلس علي ناصية شارع معروف.

ورغم أنها أخذت الموضوع ببساطة إلا أني شعرت أنه تجاوز بعض الشيء وقلت له ليس من حقك أن تناقشها في رأيها الشخصي في موضوع لا علاقة له بالسينما، فقال لي في تهكم شديد هذا الموضوع له علاقة شديدة بالسينما لكن الجهلاء لن يدركوا هذا إلا بعد فوات الأوان، وقد كان علي صواب إذ شهدت السينما المصرية حالات انسحاب جماعي من نجمات كن ملء الأسماع والأبصار لأسباب دينية أو اجتماعية وكان هذا الانسحاب بداية لاختفاء لقب نجمة سينمائية بعد أن تحولت معظم فتيات السينما الجدد إلي سنيدة في أفلام النجوم الشباب أصحاب منهج السينما النظيفة.

العفاريت أول أفلامنا

كان أول سيناريو أكتبه بعد تخرجي من معهد السينما يحمل اسم غابة من الرجال وقد تم إسناد الفيلم للمخرج يحيي العلمي الذي وافق علي أن تكون البطولة لمديحة كامل وعزت العلايلي، وفي لقاء في منزلها سألتني عن طبيعة الدور، فقلت لها إنها امرأة تجد نفسها مسئوله عن إدارة شركة والدها بعد مقتله دون أن تكون لها سابق تجربة في تحمل المسئولية ولكنها تصر علي النجاح رغم المعوقات التي يضعها في طريقها أبناء عمومتها لدفعها لبيع الشركة، وقبل تصوير الفيلم بأسبوع واحد فوجئت بها تعتذر عن بطولة الفيلم نتيجة لخلافها مع المنتج وتم استبدالها بالفنانة نيللي، وبعد انتهاء الفيلم دبت خلافات مادية بين المنتج والمخرج أدت إلي الحجز علي نسخة الفيلم فبقي في العلب لمدة سبع سنوات إلي أن آلت ملكيته لقناة A.R.T واكتشفت أن مديحة كامل كان عندها بعد نظر عندما اعتذرت عن بطولة الفيلم ويبدو أنه كان لديها سابق تجربة مع المنتج وكانت علي يقين أن الأمور لن تسير علي مايرام وبعد أن كتبت فيلم «العفاريت» واختارت الشركة المنتجة حسام الدين مصطفي لإخراجه جلسنا معا لاختيار طاقم الفيلم ووجدنا صعوبة في البحث عن نجمة شباك توافق أن تلعب دورا صغيرا في فيلم يعتمد علي مجموعة من الأطفال ومطرب شاب يقدم تجربته الأولي في عام السينما هو «عمرو دياب» واقترحت أن نعرض الدور علي مديحة كامل إلا أن المخرج حسام الدين مصطفي تحرج أن يعرض عليها الأمر وقال لي مازحا مش بعيد تقفل السكة في وشي ده أنا لسه مخلص فيلم «عندما يبكي الرجال» وكانت فيه البطلة المطلقة أمام نور الشريف والملك «فريد شوقي» إزاي دلوقت أعرض عليها فيلم من بطولة شوية عيال ومطرب بيظهر في السينما لأول مرة؟ وأمام اصراره علي رفض عرض السيناريو عليها اقترحت أن أتصل بها وأحكي لها الموضوع في التليفون ولو وجدت لديها الاستعداد أبقي أرسل لها السيناريو، وعندما حكيت ما قاله حسام الدين مصطفي ضحكت وقالت لي أحكي لي الخطوط العريضة للشخصية فقلت لها هي مذيعة شهيرة لبرامج الأطفال تختطف إحدي العصابات طفلتها الوحيدة أمام عينيها وتظل ست سنوات تبحث عنها، وعندما تعثر علي أفراد العصابة تجد في حوزتهم طفلتين لا تعرف أيهما ابنتها الحقيقية، وقبل أن أكمل أية تفاصيل قالت لي ابعتلي السيناريو. وقبل أن نبدأ تصوير فيلم «العفاريت» قررت الشركة المنتجة تصوير فيلم العجوز والبلطجي وكانت مديحة هي بطلة هذا الفيلم أيضا أمام كل من كمال الشناوي وهشام عبد الحميد وقد حقق الفيلم نجاحا تجاريا كبيرا.

النهاية

خلال أربع سنوات قدمت للسينما أربعة أفلام من بطولة مديحة كامل «العفاريت» و«العجوز والبلطجي» و«شوادر» و«المزاج» وقبل أن يبدأ تصوير فيلمنا الخامس «القاتلة» كانت قد قررت الانسحاب من الحياة الفنية وارتدت الحجاب اثناء تصوير فيلم للمخرج عادل الأعصر باسم «بوابة إبليس» واضطر المخرج لافتعال حادث موتها ضمن أحداث الفيلم لإنقاذ الموقف. ورغم اعتزالها الحياة الفنية إلا أنها ظلت حريصة علي الاتصال بأصدقائها بين الحين والآخر. ولم أشاهدها بعد ذلك إلا مرتين الأولي في حفل تأبين صديقنا المشترك «سامي السلاموني» أما المرة الثانية والأخيرة فكانت في شقتها ولم تستطع في هذا اليوم أن ترحب بي كعادتها لأنها كانت جثة مسجاة علي فراشها في إحدي ليالي رمضان عام 1997 .

جريدة القاهرة في 17 يناير 2005