مخرجون عدة لفيلم واحد في المؤسسة العامة للسينما في دمشق... رقاقات عاطفية وروائية عن الحب والحياة دمشق - فجر يعقوب |
تقبل المؤسسة العامة للسينما في سورية على تجربة جديدة من شأنها أن تسهم في تنعيم «قيظ» الطقس السينمائي الذي يحوم حول دمشق موسمياً مع عقد مهرجانها الدولي كل عامين مرة. وهذه التجربة قد تخفف من ضيق المساحة المفتوحة أمام الانتاج السينمائي السوري (على فقر ما أنتج في القطاع العام وأهميته). وسورية لم تشهد في العقد الأخير ضخ دماء شابة في سينماها التي غادرت سنوات الصبا والشباب مع ترداد أسماء (شيوخها) طويلاً في أروقة المؤسسة، فهؤلاء (الشيوخ) لم يعودوا شباناً بأعراف العمر، والسينما تتجدد من حولهم عبر حلول الثورة الرقمية والمفارقة لكل ما قالوه من قبل. وباستثناء تلك التجربة التي أقدم عليها المخرج محمد قارصلي قبل أربع سنوات بعمله مع مجموعة مغامرة، تكونت من خمسة عشر متدرباً شاباً، رأى فيهم البعض موجة جديدة في سورية، لم يعد هناك ملمح على السطح، فقد انفرط العقد من قبل اكتمال المراهنة عليه، وقارصلي نفسه انصرف خلف الأفلام البيئوية القصيرة، وقد تورط معه من تورط. لكن الموضوع هنا مختلف، فالإقبال على هذه التجربة، قد يؤسس لتوجه جديد في هذا المجال، إذ لا تزال المؤسسة العامة للسينما هي الملاذ الوحيد للسينمائيين السوريين، وستكون الحاضن للوافدين الجدد من معاهد ومدارس مختلفة. دور الحب يقول الناقد محمد الأحمد، المدير العام للسينما، ان فكرة التجربة هينت عليه، في محاولة لسد الشح في الدماء الجديدة وذلك بعد أن توقف الانتاج السينمائي في قطاع التلفزيون، وفي مؤسسات أخرى كالإدارة السياسية، وتراجع هذا الانتاج في القطاع الخاص الذي أحجم عنه لأسباب تتعلق به، وأسباب خارجة عن إرادته، على رغم انه لم ينتج أفلاماً قيمة من أي نوع. لهذا يبدو أن احتضان (هذه المجموعة المغامرة) وهي تتقدم بسيناريوات منفصلة، بمثابة فتح الأبواب المشرعة، أمام الأعمار الشابة، لأنها تحمل «تيمة» معينة، تخص الحب، وهذه «تيمة» ترفع من حرارة هذه الأعراف، ذلك أنها تعيد الى الذاكرة سيرة الأفلام التي تحققت في ايطاليا حينما كان يُشرك ثلاثة أو أربعة مخرجين في عمل واحد، بحيث نتابع قصة قصيرة تتنافر في أسلوبيتها، ولكنها تلتحم في وحدة عضوية واحدة، وفي هذه مصدر متعة فيلمية لأنه يكشف عن جسارة يبديها (فرسان) الفيلم الواحد في الكشف عن تصوراتهم (الجمعية) لعالم لم يعد متماسكاً. وتعود الذاكرة بالقائمين على التجربة، التي أطلقها الأحمد في أروقة المؤسسة الى «حكايات نيويورك»، وهي ثلاثية سردية عن أحوال نيويورك (الحجروية) من وجهة نظر ثلاثة مخرجين كبار (سكورسيزي - كوبولا - وودي آلن). لذلك فإن «حكايا دمشق» ستكون سابقة في حجرات المؤسسة التي عرفت أفلام توفيق صالح وقيس الزبيدي وبرهان علوية ونبيل المالح وسمير ذكرى وأسامة محمد وعبداللطيف عبدالحميد ورياض شيّا... وآخرين توافدوا اليها، وتركوا ذكريات أفلامهم، معلقة على الحيطان العتيقة قبل أن يغادروا الى شيخوخة لا يحسدون عليها. فهنا، سيتم اكتشاف الوافدين الجدد، وسنرى من خلال مناظيرهم العاطفية المقرِّبة تقويم مسار السينما السورية (الجديدة) وهي تقرر الآن من بعد طول تأمل أن تستفيد من انفجار الثورة الرقمية في كامل أركان المعمورة. مهمة مستحيلة؟ على ان استعادة الطقس السينمائي (بحذافيره الأولى) قد تبدو مهمة مستحيلة، مع الانتشار الهائل للفضائيات التلفزيونية، وتحلل عظام الطبقة الوسطى في أكثر من مكان من العالم، لكن عشق السينما الذي يخلق أيضاً قصصه على طريقته يخفف من وطأة هذه الأحكام، فالسينما إطلالة حداثة لا تموت، وهي تتطـور وتلون نسيج طقوسيتها بيديها، حتى ولو أصبحت فناً في البيت، فهـذا شأن تطوري خالص ينعكس على العالم من حولنا ويصبح مرآة للقائمين فيه وعليه. وهنا يبدو أن اطلاق علب الأفلام التي صورت أخيراً («صندوق الدنيا»، «ما يطلبه المستمعون» و«رؤى حالمة») في دور العرض السورية بمثابة محاولة للتخفيف من وطأة هذه الأحكام، فالتأخير قد يحدث أحياناً في برمجة الأفلام للمهرجانات، إذ لا يمكن كما هو متعارف عليه أن تعرض فيلماً في مسابقة رسمية، إذا مرّ قبلاً على صالات العرض الجماهيرية. ولا بأس فإن رفع وتيرة إطلاق هذه الأفلام يخفف من (تهمة) انتاج أفلام للمهرجانات فقط، لكن ندرة الانتاج السينمائي السوري تفرض هيمنتها القاسية على محاولات (تنعيم) هذا الطقس، فالمشكلة تواجه اللحمة مع القطاع الخاص، الذي انتفخ تلفزيونياً الى درجة الخطر، والتي انخلقت جراء الانتفاخ الدرامي الذي يعشى الأبصار، فدورة رأسمال هذا القطاع في التلفزيون مجدية بالنسبة إليه وتجارية ونافذة، فيما الفيلم السينمائي قد يحتاج الى سنوات وسنوات حتى يحظى بقليل من احترام رأس المال له. والتجربة المتميزة التي ربطت أخيراً القطاعين (الخاص والعام) كانت فيلم «قمران وزيتونة» لمخرجه عبداللطيف عبدالحميد، ومع هذا فإن القطاع الخاص كان يشكو من عثرات تعوق إقدامه على المغامرة مرة أخرى. لكن ذلك لا يعني ان (تردد) هذا القطاع سيظل معوقاً في تعويض الخسارة بالجسارة كما يقال، فهناك مشاريع أخرى تبحث بين المؤسسة العامة للسينما، وشركة انتاج تلفزيونية خاصة قدمت (مشاريع تلفزيونية محترمة)، وهي ستتبلور في غضون الأسابيع المقبلة. تعاون ما... ويقول محمد الأحمد في حوارنا معه - إن تعاوناً يدور الآن بين المؤسسة التي يديرها، وبين الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون - وهو قطاع حكومي - حول انتاج مشترك لفيلم تقدم به المخرج السوري ثائر موسى، وهناك رغبة حقيقية من الطرفين بتنفيذه. على أي حال فإن هذه العثرات الانتاجية عاشتها دول عريــقــة سينمائياً مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وهي لجأت الى التلفزيون في (تعاون خلاّق). فقد حققت محطة (راي) الإيطالية عشرات الأفلام لأنطونيوني وبيرتولوتشي، وقدمت المحطة الثالثة في التلفزيون الفرنسي امداداتها التي لا تنسى لمعظم مخرجي سينما المؤلف في فرنسا. بالخروج من حجرات المؤسسة الى الهواء الطلق، يبدو إنهاء مرسوم حصر الاستيراد بالقطاع العام وإزالة الضرائب والرسوم والإعفاءات الجمركية بمثابة انعطافة في مسيرة هذا الانتاج قد تخفف من ندرته وقلته في السنوات المقبلة. لكن هناك مشكلة تهيمن من بعد كل هذا إذا تركت أروقة الوزارات المعنية بالتمويل ودراسة جدوى هذه المشاريع الثقافية (المالية والاقتصادية) وهي قضية المتلقي الذي انصرف عن السينما (خلف رزقه). وهي مسألة تمت عبر عقود ضربت في الصميم تلك الروحية التي ميزت اشتياق هذا المتلقي للصالة المعتمة، أي الطقس الذي يستوي ما بين الشاشة وبينه. وإن أطلَّت التظاهرات السينمائية التي تدعو اليها المؤسسة العامة للسينما على شاكلة أطياف تذكّر بهذا الاشتياق، فأسابيع السينما الإيرانية، والهنغارية والهندية وألفريد هيتشكوك، وكبار مخرجي السينما العالمية، والعيد العالمي للسينما، وسينما ألوان الطيف تظل شاهدة على حجم هذا الانعتاق والوله أمام فن سابع، وإن تغيرت الأرقام من حوله، فهو سيظل جامعاً للفنون والأرواح في حجرة واحدة، وما تم إغفاله - كما يقول الأحمد في نهاية حوارنا معه - «خلال عشرين سنة، لا يمكن استعادته بكبسة زر... حتى لو كان رقمياً في عصر رقمي مزود برقاقات عاطفية ونفسية... يتقدم منها المغامرون الجدد في الفيلم الواحد كما هو مقترح في القصص المكتوبة له...». الحياة اللبنانية في 14 يناير 2005 |
البعض يعول على القناة الجديدة لانعاش السينما في مصر روتانا سينما: مش هتقدر تغمض عنيك! القاهرة - من إيهاب سلطان القناة السينمائية الجديدة تنجح في فرض نفسها على أجندات المشاهد العربي عبر افلام نادرة واسابيع سينمائية مميزة. نجحت قناة روتانا سينما الفضائية في جذب المشاهد العربي، وإشعال روح المنافسة بينها وبين القنوات السينمائية الأخرى من خلال بث الأفلام السينمائية طوال اليوم بدون تشفير وبدون اشتراك، حيث قدمت القناة الوليدة مجموعة من الأفلام النادرة والقديمة كان المشاهد العربي في حاجة لمشاهدتها مثل فيلم اللص والكلاب، والزوجة الثانية، وحبيبتي شقيه جدا، والحرام وغيرها من الأفلام القديمة، كما قدمت أفلام حديثة، وعروض حصرية أولى في سهرة الخميس والجمعة مثل فيلم جاءنا البيان التالي، وفيلم الباشا تلميذ، وفيلم سكوت هنصور، وفيلم جواز بقرار جمهوري، وفيلم الحب الأول وغيرها من الأفلام الحديثة. وخصصت القناة اسابيع لأفلام أبرز الشخصيات السينمائية المميزة مثل أسبوع لأفلام الروائي العالمي نجيب محفوظ ومن بينها الثلاثية (فيلم بين القصرين ـ فيلم قصر الشوق ـ فيلم السكرية)، واللص والكلاب. كما قدمت أيضا أسبوع للأفلام يوسف شاهين مثل فيلم سكوت هنصور، وفيلم المهاجر، وفيلم المصير، وفيلم الآخر، وفيلم إسكندرية كمان وكمان، وفيلم إسكندرية ليه، وفيلم القاهرة 30، وفيلم الكرنك، وفيلم ميرامار. كما حظيت افلام الراحلة سعاد حسني باسبوع سينمائي فقدمت روتانا لها أفلام إشاعة حب، وفيلم الزوجة الثانية، وفيلم الثلاثة يحبونها، وفيلم السفيرة عزيزة. و تحدت روتانا سينما نفسها في جذب المشاهد العربي بعبارة "مش هتقدر تغمض عنيك". وتبارت القناة الجديدة في منح الألقاب الرنانة للسينمائيين بسخاء مستوحية تلك الألقاب من روح الشخصية التي يقدمها الفنانين، حيث منحت الفنانة مي عز الدين لقب العصفورة، والفنانة ريهام عبد الغفور لقب البريئة، والفنانة حنان ترك لقب الفراشة، والفنانة إلهام شاهين لقب امرأة لكل العصور، والفنانة ليلى علوي لقب تفاحة، والفنانة يسرا لقب الوردة الحمراء، والفنانة هند صبري لقب قطعة السكر، والفنانة داليا البحيري لقب أسمر ملك روحي، والفنانة حلا شيحة لقب اللؤلؤة. بينما منحت الفنان هاني سلامة لقب زينة شباب السينما، والفنان أحمد السقا لقب صانع البهجة، والفنان أحمد رزق لقب البلدوزر، ، والفنان أحمد عز لقب فتى الأحلام، والفنان أحمد حلمي لقب حلم الكوميديا، والفنان محمد رجب لقب الجريء، والفنان خالد النبوي لقب المغامر. ويقول فوزي عبد الغني أستاذ الإعلام والمستشار الإعلامي لجامعة جنوب الوادي "أعتقد أن وجود روتانا سينما يشكل إضافة كبيرة للمشاهد العربي، حيث أن القناة غير مشفرة، وبالتالي ستكون قاعدة عريضة من المشاهدين العرب في وقت قياسي جدا، وهي تستطيع بذلك أن تنقل دور العرض لمختلف الأفلام إلى منازل المشاهدين". وأضاف فوزي في تصريحاته الخاصة لميدل إيست اونلاين "أن هذه النوعية من القنوات تساعد فن السينما على البقاء في ظل المنافسة مع التلفزيونات الأرضية والفضائيات والإنترنت، وبالتالي فهي تؤثر تأثيرا كبيرا على نسبة الحضور في دور العرض السينمائي، وجاءت روتانا سينما لتنقل هذه الصناعة للمشاهد في المنازل، وربما تساعد هذه القناة الجديدة في إنعاش صناعة السينما. وقال د. فوزي "أتمنى أن تظل قناة روتانا بدون تشفير، وهذا لن يتحقق إلا بزيادة نسبة الإعلانات في هذه القناة لدفع عجلة الإنتاج السينمائي العربي". وعن توزيع الألقاب على الفنانين بسخاء قال د. فوزي "لماذا نعيب عليهم ذلك فهذه عادتنا كعرب، منح الألقاب على مستوانا الشخصي مثل سعادة الباشا، ونجمة الجماهير وغيرها، والمفروض أن يكون منح الألقاب بموضوعية لكل من يشارك في الفيلم المعروض، وان يتم توظيف هذه الألقاب مع الشخصية السينمائية". وناشد د. فوزي روتانا سينما أن تتحمل المسئولية الاجتماعية والأخلاقية فيما تقدمه، خاصة وأن هذه الأفلام توجه لقطاع عريض من المشاهدين منهم الأمي وغير المستنير، حيث ينبغي عليها أن تشكل هيئة حكماء تضم في عضويتها رجل الدين والتاريخ وعلم النفس وغيرهم من الحكماء لاختيار الأفلام التي يتم عرضها، ويستطيعوا التفرقة بين الفيلم الهابط والهادف دون أن يكونوا رقباء على حرية الإبداع حتى يتدفق للمشاهد العربي الفن السينمائي الذي يحافظ على عاداتنا وتقاليدنا ومورثنا الثقافي. موقع "ميدل إيست أنلاين" في 12 يناير 2005 |