كتاب «ملفات السينما المصرية» لمدكور ثابت .. جدل الرؤية بين النقد والابداع ناجح حسن |
ماذا جري للسينما المصرية ؟! أفلام المقاولات تزحف مرة أخري..لصالح الفضائيات النهضة السينمائية.. تحتاج دعم كتبت - سحر صلاح الدين: هل يعقل أن يطوف نجومنا علي المهرجانات العربية من القاهرة إلي دبي ومراكش وأفلامهم غائبة.. حضورهم فقط يقتصر علي الاحتفالات والولائم؟ هل يجوز أن تبحث لجنة المهرجانات عن فيلم محترم يمثلنا هنا أو هناك ولا تجد لأن معظم أفلامنا للاستهلاك المحلي ولا ترقي إلي حد المنافسة العربية والدولية ماذا جري للسينما المصرية العملاقة؟ * يقول فاروق صبري الكاتب والمنتج: الظاهرة ملفتة للنظر.. لأن الطبيعي أن أي مهرجان هو فيلم ونجم والفيلم هو الأهم حتي يتم تقديم الأفكار من خلاله ونثبت أن لنا تواجدنا علي الساحة الفنية.. ولذلك يجب أن نسعي جميعاً لصناعة أفلام تشرفنا.. ونشارك بها في المهرجانات.. لكن للأسف أنا غير راض عن هذا الوضع خاصة وأن هناك موجة جديدة سوف تقتحم السينما في القريب العاجل وهي أفلام مقاولات التي ستعود مرة أخري بل وأردأ منها كثيراً.. ولا أعتقد أن هناك دور عرض سوف تقبل عرضها لأنها لا تصلح بأي حال.. بل تسيء إلي الصناعة كلها وهي الأفلام التي تجهز كي تذاع بالقنوات الفضائية الحديثة.
الفيلم يتكلف 500 أو 600 ألف جنيه والمنتج يرضي بأقل مكسب حتي ولو 50 ألف
جنيه فقط وفي النهاية نرفض الإساءة للفن المصري. حتي المهرجانات
* أما المؤلف مدحت العدل فيقول: للأسف لا توجد أفلام تستحق العرض في
المهرجانات.. بل إن المهرجانات نفسها فقدت قيمتها.. ولذلك من يمتلك فيلماً
لا يسعي لعرضه في أي مهرجان.. ورغم أن أي بلد يعكس اهتمامها بالسينما من
أهم أسباب تدهور المهرجانات عدم وجود اهتمام أو دعم مادي. مش عيب * يقول ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما: ليس عيباً أن تحضر النجوم بلا أفلام وهو ما يحدث في كل دول العالم.. وما جري في دبي طبيعي لأنه لم يكن هناك مسابقة ومع ذلك كانت لنا أفلام.. ثم لماذا ننسي أن دبي قدمت المهرجان وهي تنتج سينما ولكنها ظاهرة جيدة تبشر بالخير.. لكن الشيء الأساسي هو أننا لابد أن نتكاتف في جميع الجهات لتقديم أعمال جيدة تليق بالمشاركة في المهرجانات. تعجب
* يتعجب الفنان عزت العلايلي من الذين ينتقدون وجود الفنانين المصريين في
المهرجانات حتي ولو لم يكن لهم أفلام لأن وجود المصريين شيء مشرف للفن
المصري وللعرب.. وتصلهم الدعوات لأنهم يعلمون جيداً قيمة الفنان المصري.
الجمهورية المصرية 25 ديسمبر 2004 |
شهدت السنوات الاخيرة من القرن الماضي حالة من الحراك على صعيد الثقافة السينمائية في مصر تحديداً عبر سلسلة اصدارات المركز القومي للسينما الذي كان يرأسه آنذاك المخرج والباحث السينمائي د. مدكور ثابت، فقد عمل طوال رئاسته على مشروع ضخم مكرس لتأريخ السينما المصرية والعربية وضعه تحت عنوان «ملفات السينما» مما شكل حالة نهوض من كبوة النقد والنقاد وافرز ابداعات ثمينة لجهود نخبة مختارة من دارسين وباحثين في ميدان النقد السينمائي وصناع السينما المصرية في بعض الحالات. وكل ذلك كان يتم وفق منهجية نقدية تتناول اشكالية العلاقة بين النظرية والابداع. وحديثاً يعود د. مدكور ثابت في احدث اصداراته الجديدة «ملفات السينما المصرية 1896 - 1996: المقدمات والمحتويات» في السينما المصرية في اطار من التساؤلات الملحة عن ظروف السينما المصرية وعلاقاتها مع محيطها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في محيطها العام في ظل الامكانيات المحدودة التي نشأت عليها او عبر حالة من النكوص النقدي في الالمام بمسيرتها الطويلة. فالكتاب يسير وفق فصوله العديدة: خمسة عشر فصلاً من خلال منظور علمي ومعرفي في جميع زوايا ومجالات المشهد السينمائي المصري والعربي تقنياً وفكرياً وفنياً ونقدياً ويهدف كما يشير المؤلف الى اكثر من محطة الى توفير المادة العلمية اللازمة للباحثين و النقاد ولصانعي السينما انفسهم للاستزادة المعرفية ولاجراء التقييمات بأسلوبية منهجية تستطيع تجاوز تلك المصادر الانطباعية والعشوائية ازاء الافلام السينمائية سواء بالرفض او الهتاف لها انطلاقاً من هذه التجربة ووفقاً لخلاصة اللجهود البحثية مجتمعة، دارت فصول الكتاب حول: نشاط العملية النقدية ومفاهيمه ودراسة تأثيره على مسار الفيلم، و صناعة السينما، وتشكيلها للوعي الثقافي والذائقة للمتلقي من خلال التعرف على اصدارات الدوريات التي تعني بشؤون السينما ونشراتها المتخصصة، ومقارنة التوجهات والتجارب النقدية لجيل الرواد ، بتجارب الاجيال التالية. ويتابع ثابت في موضع رؤيته للدراسة لايقاع ومونتاج الفيلم في مصر: المؤثر النظري الاجنبي لعادل منير ضرورة التنبه الى دراسات تهتم بالنظريات السينمائية التي سار عليها مبدعون مثل الروسي سيرجي اليزنشتاين ومواطنه يودفكين، ومثلهما الكثير في الابداع السينمائي العالمي ودعوة زملائه من صناع السينما المصرية لاستلهام تجاربهم واستحضارها باعمالها رغم ما يكتنف الواقع من عثرات اجتماعية وسياسية واقتصادية. وفي اطلالة اخرى عن افلام الحركة في السينما المصرية يرى د. مدكور ثابت بالتوجه الى الربط بين الفيلم/ الفن واللعبة دون ان يعني الاعلاء من شأن اتجاه فني على حساب آخر ، او المصالحة والتصادم لهذا او ذاك بل العكس فإنه يحدد فقط منظاراً منهجياً لفهم الفن/ الفيلم على نحو يمكن معه تقييم الافلام السينمائية في مرحلة ما بعد امتلاك المفهوم، مما سيوفر على النقاد والمتابعين والباحثين المادة اللازمة لاجراء التقييمات المتوقعة باسلوب منهجي يدعم امانة الخلق الابداعي. وفي ملف من اجندة السينما المصرية : الراحلون في مائة عام (الاخراج) يؤكد د. ثابت على اهمية الدعوة الى المشروع ذاته جامعا ودارسا لابرز المقدمات والمحطات التي احتوى عليها مشروع سلسلة ملفات السينما واصدارها بين دفتي كتاب ضخم الحجم (570) صفحة من القطع الكبير اصدرته سلسلة مهرجان القراءة للجميع ضمن الاعمال الخاصة في مكتبة الاسرة وفيه نلمس الجهد المبذول من المؤلف رغم مشاغله العملية الادارية التي لا زال يضطلع فيها في وزارة الثقافة المصرية وترؤسه لاكاديمية الفنون فيها حيث يعيد من جديد استكشاف تجربة السينما واعادة التأريخ لها انطلاقا من قناعة تامة بان البحث والكشف الرصين ارقى وسائل الاحتفاء بالتراث السينمائي من ناحية، كما انه الاداة المعرفية في التصدي والنهوض في بناء المشهد السينمائي بكل مفرداته وفسيفساءه. دارت محاور هذه الدراسة الشاملة والتي غطت جهد قرن من الزمان للاكتشاف من اجل اجندة للسينما في مصر بمعنى انها تضم اوراقا للمستقبل المنظور اما ما فات حول الراحلين عن السينما فلا بد ان يكون بالنسبة للجيل الحالي خطوة تأسيسية في مواجهة تاريخ متشعب الانجازات والوقائع يحتاج الي اكتشاف واعادة قراءة لبلوغ التكامل المنشود. مثل هذه الدعوة لاعادة الاكتشاف تبدو هنا اعادة اخرى للتقييم النقدي للعديد من الحالات السينمائية التي جاء زمن نفض الغبار عنها، وهذا ليس بغريب على ممارسة المؤلف لفعل التأريخ السينمائي المعاصر في شتى اشكاله ومستوياته. وعليه تسير بقية فصول الكتاب المتعاقبة تاريخ التصوير، صورة الاديان، تراث النقاد في مصر السينما العربية خارج الحدود، الكوميديا والغنا في الفيلم المصري، وثائق السينمائيين المصريين بالخارج والعناصر النمطية في السينما المصرية، وتحقيقا للفائدة في الملفات حرص د. مدكور ثابت على الاستعانة بالعديد من كتابات النقاد الاخرين سواء في مجال التقديم او التعقيب او الاستشهاد بافكار وحالات تقييمية لمفاصل الكتاب مثلما بالقراءة الناضجة التي قدمتها د. وفاء كمالو للملفات، او في تعقيب الناقدة ماجدة موريس وسواهما من المشاركين والمساهمين في مواضيع الدراسة. «ملفات السينما المصرية» يأتي في وقته تماما لتغطية نقص فاضح في هذه النوعية من القراءات في موروث السينما المصرية تحديدا والسينما العربية عموما، وتكمن قيمتها بالثراء المعلوماتي والمعرفي لدقائق ما غطته الظاهرة النجومية في المشهد السينمائي العربي وصار من اللازم اليوم الارتقاء الى جهود وطاقات اولئك المنسيين في صناعة الفيلم العربي، وهو ما حققه المبدع والمنظر السينمائي د. مدكور ثابت. الرأي الأردنية في 29 ديسمبر 2004 |