المخرج العماني طالب الشحري لـ الأهرام العربي:
أجري الحديث ـ عادل أبوطالب |
أربع سنوات فقط هي عمر التجربة الناضجة للمسرح التجريبي العماني تبعها العديد من المشاركات في المهرجانات العربية والمحلية, و استطاعت هذه المشاركة أن تبلور رؤية واضحة لملامح حركة تجريبية عمانية بدأت بوادرها تلوح في الأفق. وفيما يحتاج هذا الفن الوليد الذي لايزال يحبو علي يديه في عمان إلي الدعم والمساندة من التجريبيين العرب كي ينضج ويصير يافعا, يبدو ضروريا تشخيص الحالة المسرحية العمانية لإزالة المعوقات التي قد تحول دون تأسيس التيار التجريبي العماني الخاص. الأهرام العربي التقت المخرج العماني طالب الشحري خلال مشاركته في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وأجرت هذا الحوار: · بعد المشاركات المتتالية في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي لما يقرب من أربعة أعوام هل يمكن القول إن ثمة حركة تجريبية عمانية بدأت تتبلور حاليا؟ أتصور أننا وضعنا قدمنا في بداية طريق تأسيس حركة تجريبية عمانية ذات ملامح وسمات خاصة, لاسيما بعد تزايد عدد الدارسين لفن الإخراج في المعاهد المختلفة, فأنا علي سبيل المثال حاصل علي بكالوريوس المسرح من الكويت, وقدمت إسهامات لا بأس بها سواء في التمثيل أو الإخراج, مشاركا بهذه الإسهامات في العديد من المهرجانات في دول الخليج. وأعود للقول إن المسرح العماني بدأ ينضج مع بداية التسعينيات من خلال مسرح الجمعيات الأهلية ومسرح الشباب, وقد أصبح فاعلا ومؤثرا من خلال إقامة مهرجان الجمعيات الأهلية أو المشاركة بفرق عمانية في مهرجان الخليج المسرحي, ويكفي أننا حققنا عدة جوائز في المهرجان الأخير الذي استضافته أبوظبي من خلال عرض حمران العيون لفرقة صلالة الأهلية, ومنها جائزة الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة. · لكن ألا تري أن التجريب في عمان لايزال يحبو بخطي بطيئة قياسا بدول خليجية أخري قطعت شوطا كبيرا نحو إرساء تيار تجريبي خاص مثل البحرين؟ لو تكلمنا عن التجريب في عمان نجد أن المشكلة الأساسية هي أن المخرجين الشباب لدينا تنقصهم الثقافة المسرحية ومواكبة ما يحدث من تطور مسرحي, ذ لك أنهم ليس لديهم الفكرة الكافية عن التجريب وسماته وأسسه, لكن المسرح العماني التقليدي يشهد نهضة وتقدم كبيرين. ونحن كمسرحيين عمانيين قليلا ما تجد مخرجا مسرحيا بيننا لديه الشجاعة في تقديم فكرة غريبة ليست تقليدية, وهذا يعود إلي عدم التعود علي مشاهدة المسرح التجريبي في الغرب, وعدم وجود حضور عماني مكثف إلي مهرجانات المسرح في الدول العربية, ويكفي أننا لم نشارك في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي إلا في السنوات الأربع الأخيرة. · هل تتفق معنا في أن عرضكم الفرقة الخالدة الذي شاركتم به غلب فيه الرمز علي الفكرة بشكل أحدث لبسا علي المتفرج؟ لا أعتقد ذلك فهذه فكرة حقيقية أقدمها للمسرح أول مرة كتجريب واعتمدت فيها علي مجموعة من النصوص أركز فيها من خلال استغلال قدرات الممثلين بتشكيلات بسيطة عن فكرة الشهيد والصراعات التي يمر بها الإنسان واستشهاده من أجل بقاء أفكاره. · وماذا عن الصعوبات التي واجهتكم علي صعيد تقديم العرض المسرحي؟ أعتقد أن العرض كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك, لكن لم أستطع تنفيذ كل تفاصيل الفكرة بسبب نقص الإمكانات المادية, فالمسرح العماني خاصة الفرق بحاجة إلي دعم أكبر من المسئولين لتحقيق نهضة مسرحية توازي النهضة المسرحية الموجودة في دول مثل الكويت أو السعودية أو اليمن خاصة في مجال المسرح التجريبي. أما عن الصعوبات التي واجهتنا خلال المشاركة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي فتنحصر في سؤال يؤرقني دوما هو ما المعايير الخاصة لاختيار عرض مسرحي للمشاركة في المسابقة الرسمية, ولماذا لا يتم اختيار عروض خليجية بصورة أكبر؟ وهذا النقص الخليجي في تصوري يعود إلي افتقار لجنة الاختيارات نقادا ومحكمين من دول الخليج لأنهم أكثر دراسة بالمسرح هناك. · من وجهة نظرك كيف يمكن تحقيق نقلة نوعية في المسرح العماني؟ هذا السؤال إجابته بسيطة وهو أنه علي المخرج العماني السعي والبحث عن كل ما هو جديد, وحتي نصل كمخرجين عمانيين إلي مرحلة الارتقاء يجب الاستفادة من مشاركتنا في المهرجانات المسرحية مثل مهرجان القاهرة. وما ينقص المخرج العماني هو البحث عن المعلومة وعن الجديد, وهذا لا يعني عدم وجود مخرجون في عمان, فالبعكس نحن لدينا مخرجين كبار درسو ا وتعلموا بالخارج, لكن%1 فقط منهم هم المهتمون بالثقافة المسرحية والبقية يحملون شهادات التخرج ويبحثون عن الشهرة ليس إلا. · لماذا لا تسعي سلطنة عمان لإقامة مهرجان مسرحي مشابه لمهرجان القاهرة التجريبي؟ في الواقع أننا لدينا معوقات تدفع في هذا الاتجاه, فرغم أن المسارح موجودة والإمكانات المادية متوافرة, لكن الإشكالية تكمن في من يستطيع أن يتحمل مسئولية إقامة هذا المهرجان, ذلك أننا في حاجة إلي آلية عمل ضخمة, لذلك وإن كنا نتمني أن يكون في السلطنة مهرجان كبير, وإن كان هذا يتطلب التنسيق مع الفرق المسرحية العربية. · من وجهة نظرك كمخرج عماني مثقف هل تري أن التجريب يشكل خطرا علي الثقافة العربية باعتبار أن التجريب وافد من الغرب؟ هذا ليس صحيحا, لأن الانفتاح علي الثقافات الأخري بات ضرورة ملحة, ولتشاهد كل العروض العربية ستجدها تحمل الروح العربية, وتناقش مشكلات واقعنا, وتحمل خصوصيتنا وسماتنا, فنحن كعرب مشغولون بقضايانا الرئيسية مثل القضية الفلسطينية واحتلال العراق, ومسرحنا يتسم بالزخم الإبداعي بالعكس المسرح الغربي يغلب عليه الترفيه لعدم وجود قضايا مصيرية لديهم* الأهرام العربي في 25 ديسمبر 2004 |