المعارك الحربية تنقذ الإسكندر من السقوط
هوليوود- محمد رضا |
تاريخه السينمائي يكشف عن هفوات آخرها أكبرها حجماً من قتل من.. أوليفر ستون أم الاسكندر العظيم؟ لا يجد المخرج أوليفر ستون سبباً منطقياً للاخفاق الشديد الذي تعرّض اليه فيلمه الكبير “ألكسندر”. وهو بالطبع لا يرى ما رآه العديد من النقاد الأمريكيين من سلبيات جعلت الفيلم يبدو، حسب قول أحدهم، يخوض في كل اتجاه من دون أن يصل الى أي منها. والوقع لابد شديد على صاحبه. بعد 8 سنوات من الحلم وعامين من العمل والتصوير، انطلق الفيلم على الشاشات الأمريكية وبعد شهر واحد أصبح من الصعب جداً أن تجده معروضاً في صالة رئيسية. ولا حتى غير رئيسية من تلك التي تعرض الأفلام عرضاً ثانياً بنصف سعر التذكرة. 150 مليون دولار هي كلفة الفيلم المعلنة رسمياً والبعض يرفع الرقم الى 170 مليوناً وصولاً الى 200 مليون. لكن الى جانب الخسارة التي يتعرّض اليها الفيلم نتيجة قلة الاقبال عليه، فإن دور النقاد في هذا الاخفاق متنازع عليه. هناك أفلام كثيرة يرفضها النقاد وتنجح جماهيرياً وأفلام أخرى كثيرة يحبها النقاد وتفتقر الى المشاهدين. لكن القضية مع أوليفر ستون هي أنه شخصية سينمائية من الشهرة وأهمية التاريخ بحيث لا تقليل من دور النقد في بعثرة اهتمام الجمهور اذ سجل الفيلم اعجاباً محدوداً بين بعض أكثر النقاد تأثيراً. دفاع في أول مقابلة له بعد عرض الفيلم، أعرب أوليفر ستون عن استغرابه من فداحة الهجوم على فيلمه هذا. يقول: “انا حزين جداً على ما حدث. فعلاً حزين. لأني أرى نفسي سينمائياً يجيد التواصل مع الآخرين، واذا ما كان النقاد على حق فإن هذا يعني أني أخفقت في هذا الدور الذي أعتبر نفسي فيه ناجحاً”. ويلاحظ ستون أن النقاد الأمريكيين كانوا غير مصيبين أساساً في نظرتهم الى الاسكندر: “أحد النقاد وصف الاسكندر بأنه وحش. لألفي سنة وصفه العالم ب “الاسكندر العظيم” وهذا الناقد يلغي كل ذلك ويصفه بأن كان وحشاً”. لكن الحقيقة المرة تبقى كما هي. “الاسكندر العظيم” لم يحقق نجاحاً عظيماً في امريكا، لا نقديا ولا جماهيرياً. الحقيقة الثانية هي أن ستون دائماً ما اختلف النقاد حوله. كل فيلم أخرجه له -على صعيد عام- مؤيدون ومعارضون. كتابة يمينية ولد أوليفر ستون في مدينة نيويورك في الخامس عشر من ايلول/ سبتمبر سنة 1946. والده كان مضارب بورصة ميسور الحال وهذا مكّنه من تحصيل علومه الجامعية الى أن وقع في حب السينما وتملكته الرغبة في التحوّل الى الإخراج. لكنه في العام 1968 وجد نفسه متوجهاً الى الحرب الفيتنامية. التجارب التي خاضها خلال تلك الحرب دفعته لكتابة رواية عنها يعصر فيها تجاربه، لكن أحداً لم يرد نشرها. في العام 1974 حقق أول فيلم له وهو “نوبة”: وكان فيلم رعب صغير حول كاتب يستقبل بضعة ضيوف في “ويك اند” عندما تخرج من بين رواياته ثلاثة وحوش صغيرة تروّع المدعوين. ليس الفيلم الذي يترك علامة سوى كونه أول جهد لستون في السينما. فيلمه الثاني، “اليد” إنتاج سنة 1981 وكان أيضا من أفلام الرعب. لكن ما بين الفيلمين كتب ستون بضعة سيناريوهات أشهرها “مدنايت أكسبرس” الذي تحدّث عن تجربة أمريكي ألقي القبض عليه في تركيا وفي حوزته مخدرات. ألان باركر أخرج ذلك الفيلم الذي نظر دونياً الى الأتراك وثقافاتهم والى الدين الاسلامي ككل. بعد “مدنايت أكسبرس” نجد توقيع ستون على عدد آخر من الأفلام التي أخرجها سواه مثل “كونان البربري” (إخراج جون ميليوس- 1982) و”سكارفايس” (إخراج برايان دي بالما- 1983) و”سنة التنين” (مايكل شيمينو-1985). سنة 1968 انطلق للإخراج من جديد، هذه المرّة تاركاً وراءه المحاولتين الفقيرتين السابقتين. لكن من قبل التوغل فيما أنجزه في هذا المجال، لابد من ملاحظة أن “مدنايت أكسبرس” و”سنة التنين” من بين الأعمال التي تُصنّف يمينية. كذلك الحال مع “كونان البربري” اذ هو احتفاء بالبطولة الفردية الخالية من مراجع اجتماعية أو ثقافية أو حتى أخلاقية بمعناها الاجتماعي العميق. هذه الملاحظة هي ما تدفع بالمرء للتساؤل حول ما يمكن أن يكون قد حدث في عالم ستون الخاص وما جعله ينتقل من اليمين الى الليبرالية في أفلامه التالية مخرجاً؟ “سلفادور” يكشف التورط الأمريكي في السلفادور من خلال ما يكتشفه المصوّر الصحافي (جيمس وودز) من أخطاء ادارية وسياسية أوقعت الجمهورية اللاتينية في حرب أهلية طاحنة. “بلاتون” كان من بين أوائل الأفلام التي دارت حول فييتنام على نحو منتقد. عوض تقديم البطولة التي كان يتوق اليها بعض المشاهدين، او حتى عوض الهجوم على السياسة الأمريكية بالمطلق، قام ستون بتقديم نماذج من الأمريكيين الذين حاربوا هناك وكيف كانت حروبهم هي أكثر فتكاً فيما بينهم مما كانت فاتكة بينهم وبين الفيتناميين. “وول ستريت” (1987) احتوى على نقد للجشع الأمريكي، اذا لم يكن نسبة لموضوعه الذي يدور حول انجذاب شاب في عالم البورصة، فيكفي حين يقف مايكل دوجلاس ويلقي خطبته الشهيرة “الجشع جيد”. أحداث “وول ستريت” تقع في عهد الرئيس رونالد ريغان التي احتوت، فيما احتوت، على الدفعة اليمينية القصوى الأولى صوب التطرف في السياستين الخارجية والداخلية. وتوجه ستون الى اليسار تتوّج بفيلمه “حديث الراديو” (1988) اذ اقتبسه عن أحداث حقيقية عندما قامت جماعة يمينية متطرّفة بقتل المعلق الاذاعي ألان بيرغ، أولاً -وحسبما يقول الفيلم- لأنه يهودي وثانياً لأنه يساري. أفلامه الأخيرة بعد ذلك بدأت أفلام ستون الكبيرة القائمة على المزيد من البحث في الحياة السياسية الأمريكية: “ولد في الرابع من يوليو” كان فيلماً عن محاربي فيتنام الذين عادوا من الحرب بعاهات وكيف حاولت أمريكا نسيانهم. من خلال ذلك يقدّم الفيلم (الذي قاد بطولته توم كروز) الماماً بجذور العنف في المجتمع الأمريكي من خلال ملاحقة حياة بطله وهو صغير وكيف كان مطلوبا منه دائما البرهنة على نفسه بالضرب والعنف. “جون ف. كندي” (1991) كان فيلمه الكبير الثاني. انه عن مقتل جون ف. كندي ومن هو المسؤول. حسب فيلم ستون المتهمون كثيرون (من السياسيين المعادين للشيوعية الى نائب الرئيس جونسون ومن المافيا الايطالية الى المافيا الكوبية وسواهم. هذا الفيلم جذب اليه سمعة مخرج “نظرية المؤامرة” التي تكررت في فيلمه اللاحق “نيكسون” (1995). ما بين “كندي” و”نيكسون” أخرج ستون “ذ دورز”، عن الفريق الغنائي الذي قاده جيم موريسون مندفعاً نحو المخدرات وقتل الذات، ثم “الأرض والسماء” (عن تلاقي الثقافات الأمريكية والصينية) و”وُلدوا قتلة طبيعيون” أكثر أفلامه عنفاً ومن أقلها اجادة. بعد “نيكسون” أخرج “استدارة” الذي كان تراجعاً فنياً وانتاجيا ثم “أي أحد” الذي لم يترك أثراً كأفلام ستون السابقة. ربما حال ستون هي مثل حال الكثير من المخرجين الأمريكيين من جيله: انه يتحسس الحاجة الى نقد السياسة الأمريكية والبحث عن أوجه العدالة الممكنة. لكنه في الوقت ذاته لا يصل الى مصاف التحليل السياسي او الى مرحلة بلورة نظرة ثابتة وحاسمة. فنياً، ستون من الذين ينجحون في خلق الصورة المؤثرة. لكن القيمة النهائية لتلك الصورة هي التي تثير التساؤل اذ تبدو كما لو كانت مُسارة لأجل تلك الغاية بحد ذاتها. هذا يحدث خصوصاً حينما تكون القضية غائبة كما الحال مع أفلامه الثلاثة الأخيرة “ولدوا قتلة طبيعيون” و”استدارة” و”أي أحد”. “الاسكندر” فيلم كبير الحجم. بل هو أكبر أفلامه حجماً. لكن الذي أجمع عليه أكثر من ناقد هو أن ستون لم يعالج شخصية الاسكندر في اطارها الزمني بل في اطار العصر الحالي ما خلق فجوة كبيرة بين الحقيقة والخيال. الى ذلك، هناك نقد من أن ستون عالج الفيلم فنياً على هذا النحو المتأرجح من أسلوب السرد ما جعل الفيلم الطويل عملية متابعة منهكة. السوق العالمي يبدو أكثر رأفة من السوق الأمريكية ولا يزال الأمر مبكراً على النظر الى تلك النتيجة تقييمياً. الخليج الإماراتية في 2 فبراير 2005 |
تصور أنك مخرج كبير, آل إليك مشروع أكبر حجما من كل أفلامك السابقة, تصور أنك انصرفت إليه بكل جهد, حاربت من أجله نافست مشروعا مماثلا وانتصرت, أنجزت الفيلم بميزانية تتراوح بين150 مليون و200مليون دولار. تحملت ثقل دم المنتجين وبارانويا الممولين, ثم نرجسية الممثلين, ثم تصور إنك عرضته ولم يأت أحد لمشاهدته تصور, بكلمات أخري, إنك أوليفر ستون في واحدة من أعتي فترات حياته. حسب بعض المصادر فإن الإسكندر, فيلم أوليفر ستون الجديد, عن القائد المقدوني الشهير, تكلف150 مليون دولار, عوض كلفة الإعلانات لدي مصادر أخري فإن فاتورة الفيلم وصلت إلي200 مليون دولار, قبل إضافة كلفة الإعلانات, وهذه أي الإعلانات عادة ما تبلغ رقما يتراوح بين30 مليون و50 مليون دولار, لكن سواء150 مليون أو200 مليون, فإن فيلم الإسكندر, خسر رهانه علي السوق الأمريكية بعد ستة أيام من افتتاحه, سجل خلالها21 مليون و630 ألف دولار لا غير. ورد الإسكندر في سلم الإيرادات سادسا, ليس لأن الويك إند الماضي كان ضعيفا, لكن الفيلم نفسه هو الضعيف, في المركز الأول فيلم الأكشن كنز قومي جذب33 مليونا. في الثاني الخارقون حصد24 مليونا. في الثالث الكريسماس مع آل كرانكس جمع32 مليونا. فيلم توم هانكس جاء في المركز الرابع ملتقطا20 مليون دولار. والأنيماشن سبونج بوب حل خامسا ساحبا17 مليون و800 ألف دولار. أما الإسكندر فاكتفي بـ13 مليونا و445 ألف دولار. ما يجعل مجمل إيراده في ستة أيام21 مليون و630 الف دولار. أولاد غلادياتور في المقابل, كان غلادياتور وطروادة, اللذان يشتركان مع الإسكندر في النوعية الإنتاجية والقصصية, حققا نجاحات أهم من البداية في الولايات المتحدة, كان غلادياتور(2000 سجل34 مليونا في الويك إند الأول ثم جلب187 مليون و800 ألف دولار, وطروادة أفتتح بـ49 مليون دولار, ثم حقق من السوق الأمريكية133 مليونا و400 ألف دولار. الإيراد العالمي لـ غلادياتور وصل إلي457 مليون و600 ألف دولار, والإيراد العالمي لـ طروادة تجاوز ذلك إلي496 مليون و700 ألف دولار. هذه الأرقام تشكل أرقا الآن في هوليوود, أن يستطيع الإسكندر تجاوز إيرادات هذين الفيلمين في السوق الأمريكي, فإن هذا أمرا غير متوقع علي الإطلاق, عليك أن تحقق ويك إند أول قويا( بحدود30 مليون دولار علي الأقل لكي تستطيع أن تصمد) أقل من ذلك تنحدر سريعا بـ21 مليون دولار في ستة أيام, فإن وجودك في التوب تن مع كلفة من هذا الوزن أقرب إلي ديكور, السوق العالمية وحدها هي التي قد تنقذ الإسكندر, لكن هل ستفعل؟ مغامرة الأفلام التاريخية علي طراز تلك الملاحم الحربية الكبيرة كانت معدومة منذ الستينيات, حينما قام ريدلي سكوت بإخراج غلادياتور راسل كراو, في دور رئيس الجيش الروماني الذي فجع بموت طفله وزوجته, وإلقاء القبض عليه, وبيعه في سوق الرقيق كعبد, قبل أن يعود إلي حلبة روما ليتحول إلي محارب في الحلبة, ومنها ليشكل تهديدا ضد عدوه وصولا إلي حيث ينتقم منه ومما فعله به. بناء علي الإقبال الكبير( وحفنة الجوائز التي حصدها الفيلم تشجع وولفجانج بيترسون وقبل مهمة تحقيق فيلم طروادة) الإقبال هنا كان كبيرا أيضا, لكن ليس علي الصعيد الأمريكي, السوق العالمية هي التي أنقذته من خضة دامية. الإسكندر أيضا إنطلق من جو الإثارة الذي تسبب به غلادياتور ذكره كمشروع بدأ بينما كان غلادياتور, لا يزال معروضا. الحديث جديا عنه بدأ بينما كان طروادة يقترب من موعد البدء بالتصوير في مطلع العام2003, تم تسجيل ثلاث سيناريوهات لثلاث مشاريع مختلفة, كل منها يدور حول ذات البطل المقدوني الإسكندر, أوليفر ستون كان واحدا منها. الآخر كان مشروعا سعي إليه باز لورمان( مخرج مولان روج) والثالث كان مشروعا لوح به منتج بريطاني( بيتر سيسكيند علي أساس حلقات تلفزيونية). المنافسة كانت حامية بين مشروعي ستون ولورمان والثاني بدا آنذاك الأقرب بلوغا إلي خط البداية لكن السباق انتهي عندما استعجل ستون تدبير عمليات الإنتاج المعقدة, تمويل فرنسي بريطاني هولندي, مع سلفة توزيع إضافية من وورنر الأمريكية, هنا تراجع المشروعان الآخران وانفرد ستون في الساحة يصول ويجول فيها وحده. استلهام كوبريك قبيل عروضه التجارية وجد الفيلم نفسه محط جدل, كان يمكن أن يستثمر لصالحه. الفيلم يتضمن إيحاءات واضحة بأن بعض علاقات البطل المقدوني كانت شاذة, لا أحد يعلم من أين استوحي الفيلم معلوماته( ثلاثة كتب صدرت في السنوات الثلاث الأخيرة عن حياة الإسكندر ليس منها ما ذهب إلي حد اقتراح من هذا النوع) لكن من يرقب منحي هذه الفورة الثلاثية من أفلام المعارك التاريخية يجد أن سيناريوهاتها تقصدت الحديث عن علاقة شاذة في حياة الشخصيات الرئيسية. في غلادياتور واكين فينكس, في دور ابن الإمبراطور الذي قتل والده, يعشق شقيقته( كوني نيلسون هناك مشاهد دالة علي إنها تمتعض من الإستمرار في علاقة سابقة) لأحداث الفيلم معه في طراودة لم تكن هناك علاقة شاذة بين أي طرفين, لكن السيناريو الأول الذي كتب له احتوي علي مشاهد تكشف حبا بين أخيليس( براد بت ومساعده وباتروكوليس) غاريت هتلاند لكن بيترسون قرر حذفها. الإسكندر قرر الإبقاء علي هذه العلاقة ما أصاب شخصيته الرئيسية بعطل كبير طبعا اليونان أحتجوا وقدموا عرائض تؤكد أن بطلهم القومي كان سويا وطبيعيا في علاقاته. رغم ذلك, ما لابد من ملاحظته هنا هو أن الأفلام الثلاثة في مسعاها لتقديم صورة مهزوزة حول شخصياتها الرئيسية, إنما تستلهم أمرا أقدم عليه المخرج ستانلي كوبريك في سبارتاكوس حينما أوحي بعلاقة شاذة بين بطله ماركوس لسينيوس (لورنس أوليفييه) ومساعديه أنطونيوس ( توني كيرتس) المشهد يقع في الحمام بينما ماركوس في المغطس ومساعده يقف علي مقربة وهما يتحاوران, بعض النظرات وبعض العبارات تؤكد أن الأول يريد إغواء الثاني, لكن الرقابة في هوليوود آنذاك عارضت وانتهي المشهد إلي الحذف ليعاد إلي الفيلم في النسخة المرممة سنة.1991
ليس هناك من ريب عند هذا الناقد من أنه بناء علي ذلك
المنحي( الذي عالجه كوبريك بكل حذر وذوق) غطست الأفلام الثلاثة في أتون
هذه
العلاقات, كما لو أنه لابد لها من ذلك لكن ما تناساه الإسكندر( وتذكره
طرواده) فانسحب بينما لم يكن في غلادياتور من نصيب بطل الفيلم بل من نصيب
شريره, هو أن سبارتاكوس سنة1960 تكلف12 مليون دولار فقط( ولو أنه
استخدم
أكثر من7000 آلاف كومبارس لمشاهد المعارك). الإسكندر من إخراج أمريكي وبطولة لفيف كبير من الممثلين, ليس من بينهم فرنسي واحد في الأدوار الرئيسية كولين فاريل أيرلندي, أنطوني هوبكنز وجوناثان رايز مايرز بريطانيان, أنجلينا جولي وفال كيلمر, ويارد ليتو وكريستوفر بلامر, أميركيون فوق ذلك يتحدث الإنكليزية( بلكنات مختلفة وتصويره تم ما بين المغرب ومالطا والهند لكنه فرنسي!) فترة خطوبة طويلة جدا فرنسي اللغة, فرنسي الموضوع, تم تصويره في فرنسا مع ممثلين كلهم( باستثناء جودي فوستر في دور صغير) فرنسيون, لكن حسب قوانين بوشر بتطبيقها قبل عامين, لا يعتبر فرنسيا. السبب هو أن الشركة التي دفعت فيه معظم تمويله ليست كذلك( وورنر أيضا) بينما استحوذ الإسكندر علي تمويل يزيد عن35 بالمئة من الشركة الفرنسية إنترميديا, وعلي نحو30 بالمئة من الفرع الفرنسي لشركة وورنر الأمريكية بذلك أصبح فرنسيا مما أثار عددا كبيرا من السينمائيين الفرنسيين( بينهم بالطبع جان بيير جينو مخرج فترة خطوبة) الذي يصفون مثل هذا القانون بكلمات أكثرها تهذيبا كلمة أخرق!, علي الرغم من مشاهد معارك مدهشة التصميم والتنفيذ, وبضع أفكار مطروحة في الظروف التاريخية التي أدت إلي نشوء, وحروب البطل اليوناني الذي عاش قبل2300 سنة ومات شابا في الثانية والثلاثين, وعلي الرغم من تمثيل منصهر ومندفع من قبل معظم المتصدين للأدوار الأولي, إلا أن الإسكندر يبقي- دراميا وفنيا. أقل قيمة مما كان يجب أن يكون السيناريو الأساسي, ملك المخرج أوليفر ستون والمرء كان يتمني لو أن شريكيه في كتابة النسخة التي تم علي أساسها تنفيذ هذا الفيلم( وهما كريستفور كايل ولاييتا كالوغريديس) استطاعا إيجاد حل لمشكلة أن السنوات القليلة من حياة القائد المقدوني لم تحفل بالكثير مما يستطيع أن يشكل فيلما بهذا الحجم, إضافة إلي ذلك, فإن اعتماد أسلوب الفلاشباك( يلقيه آنطوني هوبكنز علي نحو مسرحي جاف) خلق تفاوتا في السرد وبطئا في الإيقاع بعد تأسيس تاريخي لنشأة ألكسندر صغيرا في قصر تحيا فيه المؤامرات( أمه أنجلينا جولي ضد أبيه فال كيلمر) بعد مقتل أبيه ينجح الإسكندر شابا في الحد من محاولات أمه السيطرة عليه, وينطلق علي رأس جيشه الكبير ليغزو الشرق والجنوب العراق وايران والهند وتلك البلاد الممتدة التي كانت تشكل جزءا كبيرا من عالم لم يصل إليه مقدوني من قبل, التأسيس المذكور يأخذ نحو الساعة, ثم هناك ساعتان من حياة الغزو مع فترات طويلة بين المعركة والأخري, خلال محطات التوقف هذه يطرح المخرج علاقات الإسكندر الشاذة مع بعض أعوانه خصوصا مع صديقه من أيام الطفولة هيفاستيون( يارد ليتو) لكن كل شيء في هذه الفترات يبدو مقحما لأن لا شيء ذي قيمة درامية فيها ينبت علي جوانبها, لولا المعارك ذات الحجم المذهل والعنف الجلي, لكان الفيلم سطحا من الماء البارد الساكن جدا لأنه ليس هناك ما يكفي من قصص وهذا الافتقار إلي القصص, أساسية أو جانبية, يعود إلي فقر خيال الكتابة ونتيجته السقوط في تنميط هوليوودي للحبكة والمعالجة يعتقد ستون, في بعض أحاديثه, أن الإسكندر كان أول من فكر في توحيد العالم, عن طريق غزوه وقهر القوي الأخري( فكر هتلر), بوش الخال فيلم يذكر أيضا أن قواعد سلوك الإسكندر العسكري متعلق بتربيته العنصرية ضد الأقوام الأخري رغم ذلك, فإن القليل من التعليق السياسي المناويء أو المحاكي للوضع الراهن يكمن في هذا المنحي* الأهرام العربي في 25 ديسمبر 2004 |