شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

سينما....

جائزة محلك سر!

محمد رضا

 

 

 

 

 

 

مخرج سينمائي جزائري الأصل حقق حضوراً متميزاً في فرنسا

عبدالكريم بهلول: “الشمس المغتالة” دعوة إلى الانفتاح على العالم  

بيروت - هوفيك حبشيان:

ربما لا يحمل المخرج الجزائري الأصل، الفرنسي الجنسية، عبدالكريم بهلول شهرة عربية مماثلة لاسمه في فرنسا، وله فيها أعمال تلفزيونية وسينمائية متعددة، لكنه بالتأكيد، ومن خلال أعمال عرض بعضها في بيروت وبعض العواصم العربية مثل “الشاي بالنعناع”، “الأخوات هاملت”، “ليلة القدر” بات له حصة الكبرى في المهرجانات السينمائية المحلية والدولية، وقد يكون فيلمه الأخير “الشمس المغتالة” العمل المناسب ليطرح اسمه على الساحة السينمائية العربية كواحد من المجددين ولو من خلال نتاجات فرنسية، خصوصاً ان الفيلم عرض أخيراً في بيروت بحضور المخرج الذي تحدث ل “الخليج” عن أفكار وسينما عالمية تعالج وضع العرب والمسلمين في الظروف الراهنة.

بداية تحدث بهلول عن انطلاقته، فأشار الى دراسته الأدب في الجزائر ومتابعته دراسة السينما في فرنسا وعودته الى وطنه الأم، حيث لم يتمكن من طرح أفكاره الجريئة والمنفتحة، فعاد الى باريس ليعمل في التلفزيون، ومن بعد ليدخل مجاله المحبب أي السينما من خلال سلسلة أفلام حققت نجاحات لافتة لدى الجمهور كما في المهرجانات.

يضيف بهلول: “أنا عربي الهوية، فرنسي الجنسية. لا أريد تحديد هوية محددة، فالعالم مفتوح وهوية الفرد أصبحت مركبة، وعلى الناس أن يتخطّوا الانغلاق، وعليهم الانفتاح على الآخر. تتناول أفلامي هذا التصادم الاجتماعي. مثلاً في “شاي بالنعناع” ثمة صراع بين طبقة جزائرية عاملة ومجتمع عربي لا يفهم هذه الثقافة، ما يحتم على الجزائريين التفكير قبل أخذ خيار الهجرة وهو ليس سهلاً على كل المواطنين، فبعضهم ليس جاهزاً لهذا النوع من التجارب، مثل شخصيتي في الفيلم، فهو يدين الهجرة بكل وسيلة، ليس لأسباب اجتماعية بل لأنه يريد أن يعبر عن نفسه ويعيش حريته الكاملة. خاصة ان القمع الثقافي هو أكثر فظاعة من القمع الاقتصادي والاجتماعي. وما طرحته في فيلمي في السبعينات من قمع سياسي ثقافي واجتماعي، ليس مطروحاً في الجزائر اليوم، بالطريقة نفسها؛ النظام يحاول أن يكون أكثر ديمقراطية وحرية، وهناك أحزاب عدة، والكل يعبر عن آرائه، ولكن المشكلة تغيرت وأصبحت اقتصادية. “الحرية لا توجد.. ما يوجد هو الصراع اليومي لهذه الحرية”، وهذه العبارة تلخص مبدأ الديمقراطية، وهذا الصراع هو ما يخلق الحرية لدى الناس”.

يكمل المخرج عن تناوله في فيلمه لحقبة السبعينات: “أردت أن أكتب وأصور موضوعاً معاصراً، ولكني لم أكن في الجزائر في الأحداث الأخيرة، لذلك كان مهماً جداً بالنسبة لي أن أصور موضوعاً مستوحى من الجزائر ولو كان عن حقبة ماضية، نتج منها ما يحدث اليوم، فهجرة الأدمغة مثلاً هي نتيجة للنظام القمعي الذي كان موجوداً في وقت من الأوقات”.

أما شخصية جان سيناك الرئيسية في الفيلم فقد اخترتها لأتناول من خلالها موضوع الحرية. فعلينا كجزائريين في بلد مسلم عربي، أن نتقبل الآخر الذي يختلف عنّا، مثل سيناك الذي لا يتكلم اللغة العربية. ولديه الجنسية الفرنسية، فإذا قبلناه كجزائري مثلنا، فنحن، والحال هذه، بلد ديمقراطي. علماً بأن كثيرين من الفرنسيين دافعوا عن الاستقلال وقتلوا جنوداً من الجيش الفرنسي.

يضيف: “اليوم، اصبح الأمر بالنسبة للهوية الجزائرية أكثر تعقيداً”.

وحول اختياره للشعر الذي شكل عنصراً أساسياً للبناء الدرامي في الفيلم، رأى بهلول انه اعتمد ذلك، لأن الشعر حديث فردي يعبر عن حرية صاحبه. وبهذا التوجه أيضاً “اخترت ممثلين مبتدئين في اكثريتهم الى جانب بعض الأسماء المعروفة، فشخصية الشاب الذي يكتب الشعر ادّاها ممثل كان هذا دوره الأول، أما الممثل الذي يلعب دور جان سيناك شارل برلينغ وهو من أفضل الممثلين، ومشاركته في الفيلم ساهمت بإيجاد إنتاج لتصويره. ولكن كان لديه خوف واحد، هو أن يظهر الفيلم وكأنه عنصري ضد الجزائريين، وهذا ما لم أتخوف منه لأن معالجة الفيلم كانت ذكية لا تترك مجالاً للشك”.

وما يتناول رؤيته لمستقبل السينما العربية، قال: “السينما العربية يختزلها أناس كزياد دويري والراحل مارون بغدادي الذي درس في فرنسا وصور أفلاماً رائعة. فهذا ايضاً من رصيد السينما العربية وليس الكلام عن ثقافتنا العربية بطريقة منغلقة، فحتى إذا صور فيلم عربي في الصين، فهو فيلم يقيّم حسب قيمته الفنية، وهو ينتمي أيضاً إلى ما نسميه السينما العربية”.

الخليج الإماراتية في 19 ديسمبر 2004

 

في عالم مثالي تؤكد الأحداث أننا بعيدون عنه، كان يجب أن تكون هناك جائزة عربية للسينما والمبدعين السينمائيين على طريقة “جولدن جلوب” و”الأوسكار”. دعونا نتصوّر أن لدينا انتاجاً كافياً لانتخاب عشرة أفلام كل عام جديرة بالتنافس، هي ومن فيها ومن وراءها، على جائزة باسم “صلاح الدين” او “رؤيا” او “النجمة” او سمّها ما شئت. سنسميها هنا، ببساطة، “الجائزة”.

حتى نتصوّر ذلك ممكناً يجب أن نتذكر أن هناك ثلاثة أنواع من الدول العربية سينمائياً:

دول منتجة للأفلام الروائية كل عام: وهي مصر، لبنان، تونس، المغرب و(الى حد ما) فلسطين وسوريا والجزائر.

دول تنتج كلما كان ذلك متاحاً وهي: الكويت، الإمارات العربية المتحدة، البحرين.

دول لا تنتج مطلقاً وهي المملكة العربية السعودية، قطر، عُمان (رغم إعلان عن تصوير الفيلم الروائي الطويل الأول فيها)، الأردن، السودان وليبيا.

في المقابل نحن محاطون بدولتين غزيرتي الإنتاج (إيران و”إسرائيل”) وبوضع غريب نشأ عنه انهيار الأرضية الشعبية للفيلم السينمائي تماماً كما حذر بعض النقاد منه منذ الأزل. هذا الوضع هو أخطر من أي منافسة قد تشكلها السينما “الإسرائيلية” إعلامياً وأخطر من أي صورة مشوّهة نتهم الغرب دوماً بزرعها في أفلامه (بعض أفلامه في الواقع). فلو أن السينمات العربية عرفت فضيلة التعامل على نطاق عادل ومنصف ومبتكر فيما بينها، يعني لو أن السينما في مصر وتونس ولبنان او تلك التي في مصر وسوريا والمغرب او في مصر والكويت والجزائر عملت معاً لكنا أسسنا خلال 30 سنة جمهوراً نيّراً وإنتاجاً لا يتوقف. انظر الى الاثني عشرة لغة التي تتألف منها السينما الهندية... هل منعها ذلك من اختلاط الولايات الهندية بعضها ببعض؟ الفارق الوحيد هو أن الهنود عرفوا كيفية استغلال ملايين المشاهدين ونحن عرفنا سر “فرقعة” ملايين المشاهدين المحتملين.

تلاحظ أعلاه أنني وضعت اسم مصر في الأمثلة الثلاثة المذكورة، وذلك مقصود به القول أن السينما المصرية كان يمكن لها أن تلعب في الخمسينات والستينات وما بعد دوراً مهماً في انتشار السينما العربية الجامعة. وهذا كان عليه أن يتم في البحث عن مواضيع عربية تستقطب فنانين من كل أنحاء العالم العربي، ليس فقط أمام الكاميرا (كما حدث في بعض الأحيان) بل إنتاجاً وتمويلاً ووراء الكاميرا. 

******

الآن نعود الى الحلم... لو كان لدينا جائزة، سمّها ما شئت، للاحتفاء بالسينما والسينمائيين العرب... ما الذي كان يعنيه ذلك؟

سينما محلياً ناجحة.

سينما عالمياً ملحوظة ومطلوبة.

سينما تقدّمنا كفنانين مبدعين وليس فقط كمستهلكين.

سينما متطوّرة مفيدة للمجتمعات التي تنطلق منها.

بكلمة سينما نفتخر بها ونرد عبرها على قصورنا قبل قصور غيرنا.

حلم؟ نعم، ولكن إذا لم تحلم كيف تنجز؟

وبصرف النظر عما إذا كانت الجائزة هي حلماً مشروعاً او إيذاناً بوجود أفلام عربية تستحق الجوائز، فإن الوضع السينمائي العربي من الركاكة بحيث أن الجائزة الوحيدة التي تستحقها تنبع من وضعها المستمر منذ عشر سنوات على الأقل: مكانك سر. لا يهم أن معظم ما تنتجه شركات السينما في مصر او في المغرب او تونس تجاري... هذا لا يستدعي المعارضة بحد ذاته، بل ما يهم ان عدد هذه الأفلام بات محدوداً، بالتالي فإن عدد الأفلام الهادفة الجيدة القائمة على فهم لدور واستيعاب لأسلوب بات ضحلاً. فالسينما الفنية تنتعش حين تكون هناك سينما تجارية سائدة ولأسباب عدة ليس أقلها جرأة المنتجين على توفير أكثر من نوع وتشغيل أكثر من مخرج وتجربة بعض الجديد من حين لآخر.

هذا العدد الضئيل من الأفلام الجيدة العربية (الذي لا يتناسب لا مع عدد الدول المنتجة ولا مع حجم السكان في هذه الأمة) ليس كله عربياً. في الحقيقة نسبة تزيد عن 60 بالمئة منها من إنتاج فرنسي كاملاً او غالباً... وهذه مشكلة أخرى عويصة تؤكد أن أمل المخرج العربي الجيّد الوحيد لإنتاج فيلمه مرتبط بالأم الحنون فرنسا.

الخليج الإماراتية في 19 ديسمبر 2004