شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

كاترين دونوف:

أنا امرأة ذكورية!

ترجمة: كوليت مرشليان

 

 

 

 

 

 

الممثلة الفرنسية كاترين دونوف التي ألهمت العديد من مخرجي جيلها من بونويل الى تروفو وديمي وكورنو، تلهم اليوم جيل المخرجين الشباب وأبرزهم وقّع أعمالاً سينمائية لها: ليوس كاراكس، اوليفيه داهان، فرنسوا اوزون، توني مارشال، آرنو دبليشن... لكن المفضل لديها اليوم المخرج اندريه فيشيني الذي أخرج لها خمسة أفلام آخرها "الأزمنة المتغيرة" الذي يبدأ في الصالات الفرنسية بعد نحو الأسبوع. يشاركها البطولة في هذا الفيلم جيرار دوبارديو وكان شريكها تمثيلاً أيضاً في "المترو الأخير" وفي "أحبك" و"مكان هزلي للقاء". في "الأزمنة المتغيرة"، يجسدان ثنائياً افترق بعد حب قوي لكن اللقاء يتم بعد ثلاثين عاماً؟. هو يجد نفسه مجنوناً ومولعاً بها، أما هي فتتردد وتحاول إبعاده على الرغم من حبها الكبير له. مجلة "باري ماتش" التقت دونوف وأجرت معها حديثاً حول الفيلم وحول شؤون أخرى، نقتطف منه: 

***

·         ما الذي أغراك في فيلم "الأزمنة المتغيرة"؟

ـ أمر وحيد جعلني أقرر البدء بالعمل وهو أنني رغبت في العمل مجدداً مع تشينيه. هكذا أجد نفسي دائماً على موعد معه بشكل منتظم وهذا يستمر منذ عشرين عاماً. والأمر يشبه حبلاً مشدوداً، نرخيه ونبتعد ثم نعود ونلتقي.

·         وتم اللقاء في طنجه...

ـ اللذان كانا أساساً في طنجه والتقيا من جديد هما الرجل والمرأة المتحابان، أو بالأحرى هو ذاك الرجل الذي عاد ليلتقي من جديد المرأة التي أحبها منذ ثلاثين عاماً، وكانت حبه الأول.

·         ومن ذاك الحب الأول لم يبقَ إلا صورة فوتوغرافية...

ـ نعم، إنها صورة لي ولجيرار وهي على ما اعتقد تعود الى الفترة التي صورنا فيها معاً فيلم "احبك" مع كلود بيري.

·         بماذا تشعرين حين تنظرين اليها؟

ـ الصورة هي دائماً ملجأ الكآبة. لكن، أنا شخصياً لست متخاصمة مع أمور الماضي. لدي أحزاني وأسفي لكنني أعيش كلياً في الحاضر. أنا إنسانة كئيبة من دون أن أكون ميالة الى الحنين.

·         وما الذي يميز الكآبة عن الحنين؟

ـ لأن تذكر الأمور الجميلة يعطيني احساساً بالحزن لكنني لا أتأسف لأن الماضي قد مضى! "هذا يعطيني حناناً" كما يقول الايطاليون.

·         في نهاية الفيلم، أنت أو المرأة في القصة، تحرقين الصورة. لماذا؟

ـ أحب كثيراً هذه الصورة. أن نحرق صورة لا يشبه أن نمزقها. مع النار، لا يعود لدينا أمل في إعادة جمعها. أن نمز ق لا يعني أن نلغي نهائياً. وبالطبع، كانت المرأة بحاجة الى إلغاء هذه الصورة من حياتها. من شبابها.

·         هل تحرقين أحياناً صوراً لك؟

ـ أجل، أعبد النار. أنا أحرق أموراً كثيرة. ليس فقط الصور الفوتوغرافية. أجد هذا جميلاً. إنه يشبه القتل.

·         هل يمكن لحب أول أن يصبح حباً أخيراً؟

ـ في الحب، لا شيء يفاجئني، بل ينبهني...

·         هل حصل معك أن قلت ذات مرة: "هذا الرجل سيكون حبي الأخير؟"

ـ كلا، أبداً. أجد أن الأمر في غاية الغرابة أن أسمع أحدهم يقول: "أريد أن أشيخ معك". يا لها من حالة كآبة! فكرة أن نشيخ ضمن دائرة اثنين. فكرة جميلة في حد ذاتها، لكن ليس بالنسبة لي. أنها تخيفني. ربما أفضل "نحن لن نشيخ معاً!" أنا، عليّ دائماً أن احتفظ بالاحساس بأن كل شيء هو "لليوم وربما ليس للغد"! وبالمقابل، حصل معي أنني عدت وأحببت من جديد إنساناً كنت قد أحببته في الماضي. أعتقد أن الأمور لا تنطفئ نهائياً ثمة ما يبقى ويستمر دائماً من الحب الحقيقي، يبقى أثر أو جمرة هنا تنتظر.

·         إذاً أنت لست من النوع الذي يلغي الماضي بشكل نهائي؟

ـ بالنسبة لي، هناك زمن الماضي وليس هناك الماضي. أنا أرى باستمرار الأشخاص الذين أحببتهم. أخيراً، ليس جميعهم، بالتأكيد. في النهاية، لا أجد أنني صرت مختلفة عن التي كنت عليها قبل ثلاثين عاماً (...) أجد نفسي دائماً مشدودة الى كل ما يجعلني أترنح.

·         مثل ماذا؟

ـ لا أدري... الليل. الليالي البيضاء من دون نوم. ليس الليالي التي نجبر فيها على عدم النوم لمسؤولية معينة، بل أتحدث عن الليالي الأخرى.

أنا خرجت الى الحياة وكنت شابة صغيرة، مع أختي، التي كانت تكبرني قليلاً. الأهل يصبحون أكثر ارتياحاً حين تخرج الاختان معاً. لطالما أحببت الليل، لأنه ليس ملك أحد. ونجد أنفسنا في الليل أكثر انفتاحاً، وأكثر استعداداً.

إذاً ما الذي يجعلني اترنح؟ كل ما يضعني في حالة مختلفة قلة النوم. الانفعال. اللذة. الرقص.

·         والبعض يجد أنك باردة، هل تفهمين ذلك؟

ـ نعم، لأنني إنسانة متحفظة، وقد أكون باردة لأحمي نفسي. ولكن ربما هي "ذكوريتي" التي تقدمني على أنني باردة.

·         "ذكوريتك"؟

ـ نعم. هذه الكلمة تعني لي الكثير. أعرف أنني امرأة "مسترجلة" وأحب هذا بشكل عام، في النساء الأخريات أيضاً بالنسبة لي، الرجولة فيها شيء من الشجاعة. كنت شديدة الخوف والقلق حين كنت صغيرة، لكن اليوم تحسن وضعي. أنا لا أتحدث عن الشجاعة الجسدية بالطبع. أتحدث عن شجاعة أو جرأة أن نكون أنفسنا. مثلاً أن نقول ما نفكر به أمام أشخاص قد لا يحبون ذلك. في العمق، أجد أن هذا عكس الإغراء. أجل، وجدتها. أعتقد أن الجرأة أن نخاطر في عدم اعجاب الآخرين. قد لا امتلك هذه الجرأة كل الوقت. فالممثلة مجبرة أحياناً على الإغراء ولو قليلاً(...).

·         ثمة مشهد رائع في الفيلم حين يتمشى العاشقان على طول الشاطئ الصخري وهما يتحدثان عن المستقبل...

ـ أجل، تقول له إنه لا يوجد شيء أمامهما، لا شيء إلا فراغ الشاطئ. ويجيبها عكس ذلك فأمامهما البحر، ثم بعده اسبانيا، وبعدها أوروبا كلها...

·         وأنتِ، أمام الشاطئ الصخري هل ترين الفراغ أم الأفق؟

ـ وأنا على طرف شاطئ صخري، أرغب دائماً بالاقتراب وبالمخاطرة الى حدّ الوقوع والى حدّ أن تخيفني ا لفكرة. قد يجذبني الفراغ أكثر. هذا ما نسميه الدوار، أليس كذلك؟

·         وما الذي يجذبكِ ويلتقطكِ في هذه الأيام؟

ـ أنا أرغب في هذا الدوار من جديد. وهذا يعني التعلق الكبير بالحياة.

المستقبل اللبنانية في 19 ديسمبر 2004