شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

فيلم يعري فترة عصيبة في المغرب

جيلالي فرحاتي:

"ذاكرة معتقلة"جزء من مرحلة أليمة

القاهرة- انتصار محمود

 

 

 

 

 

نساء تايوان يحدثن ثورة سينمائية

إعداد: حاتم حسين  

أقيم أخيرا في تايوان مهرجان سينمائي فريد من نوعه يركز بشكل كلي على أعمال سينمائية أنجزتها مخرجات عالميات ويلقي الضوء بالتفصيل على مجموعة من القضايا ذات الصلة بالمرأة ومشكلاتها الخاصة.وقد أقيم المهرجان تحت شعار «نساء يحدثن ثورة» وعرض خلاله عدد من الافلام السينمائية والتجريبية كانت أبرزها سلسلة من الافلام الالمانية اختارتها للمهرجان المخرجة البرلينية ديبورافيليبس.وكان موضوع «الزهور» من أبرز الموضوعات التي ظهرت بقوة على امتداد الافلام التجريبية التسعة التي عرضت في ذلك المهرجان. وقد وصفت المخرجة فيليبس ذلك الموضوع بأنه يمثل العودة الى الطبيعة بالنسبة لأي شخص، بصرف النظر عن ثقافته، يعيش في بيئة وحياة المدن بعيداً عن هدوء وسكينة الطبيعة الأم.

وتقول فيليبس: «نحن جميعاً نعيش في المدن الكبرى، ونحتاج الى العودة الى رحاب الطبيعة من أجل ان نريح أعصابنا ولا نتعرض الى انهيار عصبي. وتوضح المخرجة البارزة ان الافلام التجريبية تكون في الغالب «أكثر تركيزاً على الهزات النفسية من الافلام الروائية أو الوثائقية، وذلك لان المخرجين القائمين على تلك الافلام يستخدمون صوراً لتوصيل مشاعر وعواطف انسانية مباشرة وصريحة من دون أي جماليات أو ملطفات درامية».

وقد قوبلت تلك الافلام التجريبية من قبل ببرود وردود أفعال غلب عليها عدم الترحيب لدى عرضها في هونغ كونغ في وقت سابق من العام الحالي، حيث نظر اليها على انها «مملة» وتفتقر الى الأدوات التشويقية التي يحتاجها المشاهد.

ومن نافلة القول ان هذا الاستقبال الفاتر قد جعل القائمين على تلك الافلام يفكرون أكثر من مرة قبل عرضها في تايوان المجاورة في ضوء تشابه عقلية الشعبين بحكم التجاور الجغرافي والثقافة الصينية الواحدة. غير انه لحسن الحظ لم يقع ما كان يخشاه هؤلاء وتم استقبال تلك الاعمال بشكل جيد في دور العرض التايوانية.

وبشكل طبيعي نال فيلم «العالم المدهش للنشوة الحسية» أكبر قسط من اهتمام الجمهور التايواني، وذلك في ضوء المعالجة المباشرة وغير التقليدية التي تبناها الفيلم لطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة مع تركيز بؤرة الأحداث على شعور المرأة وتأثر حياتها الاجتماعية بالعلاقة التي تدخلها مع شريك حياتها.

ويأتي فيلم آخر بعنوان «الهوية القومية» ليلقي الضوء على ناحية اخرى تحتل أهمية كبرى في المجتمع التايواني بالنسبة للمرأة والرجل على حد السواء، وهي قضية الهوية.

والفيلم من نوعية الاعمال الوثائقية التي يتم خلالها استطلاع اراء الشباب التايواني لاسيما الفتيات عن الدور الذي يرين انهن يلعبنه في بلادهن وكيف يمكنهن افادة وطنهن وشعورهن بالانتماء اليه. ويتطرق الفيلم كذلك الى قضايا اخرى متعلقة بالهوية، مثل الطبيعة العرقية والسياسية لتايوان وطبيعة عمل مؤسسات الاعلام ودورها في تشكيل هوية الوطن وسط اجواء العولمة التي تسيطر على العالم في الاونة الحالية.

وقد لجأ الفيلم الى أسلوب غير تقليدي في سرد الاحداث، شمل تقديم بعض اللقطات من خلال الرسوم المتحركة من اجل اضفاء جو من المرح والفكاهة على الطبيعة القائمة للأحداث.

ومن أبرز الافلام التي عرضت في المهرجان من الناحية التقنية فيلم المخرجة هسية باي وين الذي حمل عنوان «المشهد العقلي»، والذي اعتمد أسلوباً نادراً ما يتم اللجوء اليه من المخرجين السينمائيين، وهو الرسم الزيتي على الزجاج مباشرة تحت عيون الكاميرا. وتكمن الصعوبة في هذا الصدد في ضرورة الحفاظ على تناسق الألوان واستقامتها مع الرسم الزيتي تحت ضوء الكاميرا وتحركها الدائم، الأمر الذي يتطلب عناية فائقة في التعامل مع الألوان.

ويأتي الفيلم القصير «مشاهد داخل العقل الانساني» ليتناول قضية اخرى من قضايا المجتمع التايواني، وهي الرعاية المتوفرة لكبار السن، ويدور الفيلم حول قصة رجل مسن في الثمانين من عمره يعاني مرض الزهايمر الذي لا شفاء منه.

وسر عرض الفيلم في المهرجان هو ذلك العبء الذي تتحمله النساء وحدهن في المجتمع التايواني والمتمثل في خدمة المسنين والمرضى. فالاناث سواء كن زوجات أم فتيات في سن المراهقة أو شرخ الشباب هن وحدهن اللواتي يتحملن عبء رعاية أي عضو من العائلة يكبر في السن ويستبد به المرض. ويلقي الفيلم الضوء على معاناة المرأة في هذا الصدد، وكيف انه من الضروري ان يقدم الرجال يد المساعدة ويتحملوا المسئولية جنباً الى جنب مع المرأة.

ومن الأفلام المتميزة ايضاً التي عرضت خلال المهرجان فيلم «الزهرة الحمراء» والذي تقدم مخرجته بطلة الفيلم في صورة دجاجة من الكرتون تعمل كمرشدة سياحية تجوب بالمشاهد مناطق متعددة من تايوان القديمة. ويعتمد الفيلم على تقنيات الكمبيوتر في تكوين صور متحركة عن المزارع والسكك الحديدية والاحتفالات المفتوحة التي لم تعد موجودة على جزيرة تايوان. ومن أبرز المشاهد التي يعرضها الفيلم المشهد الذي تشكل فيه أوبرا تايوانية على مياه المحيط الذي تطل عليه الجزيرة.

ومن الافلام المهمة الاخرى فيلم «الهاجس» الذي تدور أحداثه حول قصة ثلاث فتيات يفقدن انتماءهن على جميع المستويات، ويركز الفيلم على الكوابيس التي تمر بها هؤلاء الفتيات اثناء نومهن وما تعنيه تلك الكوابيس من انفصالهن عن الواقع وعن المجتمع الذي يعشن به. وقد قامت باخراج وعمل المونتاج اللازم لهذا الفيلم التايوانية جين هوانغ، وهي طالبة في جامعة تايوان للفنون، حيث تقدمت بعمل الفيلم كجزء من مشروع التخرج الخاص بها.

ويؤكد المراقبون للمهرجان ان الاعمال التي قدمت من خلاله مكنت المرأة التايوانية من استيعاب قدر كبير من الخبرات لم تكن لتكتسبها من دون رؤية تلك الافلام التي ساعدتهن على رؤية حياة نساء اخريات من مجتمعات مختلفة وزوايا متباينة أمدتهن بمزيج من الخبرات والتجارب الثرية.

البيان الإماراتية في 17 ديسمبر 2004

 

همومه دوماً إنسانية اجتماعية، ودائما ما يفتش المخرج المغربي جيلالي فرحاتي عن مساحات الألم و”الشروخ” في مجتمعه، يعريها ويحللها بروح شاعر ومشرط جراح، درس الأدب الفرنسي ثم الاجتماع قبل أن يتحول للإخراج السينمائي ليصبح أحد أبرز مخرجينا العرب.

في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة شاهدنا فيلمه “ذاكرة معتقلة”، عن الآثار التي تركتها سنوات إرهاب الدولة والاعتقالات والاختفاءات في سبعينات القرن الماضي، التي عرفت مغربياً ب “سنوات الحديد والجمر”، من خلال شخصية مناضل معتقل يفقد الذاكرة ويساعده ابن أحد زملائه القدامى الذي توفي إثر التعذيب في رحلة استعادتها. تزامن العرض الأول للفيلم مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أظهره كاعتذار لآلاف الضحايا.

لفرحاتي عدة أفلام شرّحت المجتمع المغربي، منتصرة لقضايا النساء والأطفال والحريات بدأها ب”صخرة في الجدار” (1978)، ثم “عرائس من قصب” (1981)، الذي نال عنه جائزة الإخراج من المهرجان الوطني في المغرب ونالت جائزة أحسن ممثلة فيه اخته سعاد فرحاتي من مهرجان البحر المتوسط في فالنسيا، وفيلمه الأشهر “شاطئ الأطفال الضائعين”(1991)، نال جوائز أحسن فيلم من مهرجاني الوطني المغربي ومعهد العالم العربي في باريس ومهرجان السينما الإفريقية في ميلانو والبرونزية من مهرجان دمشق وجائزة خاصة لأحسن عمل فني من مهرجان “نامينا” في بلجيكا وأحسن ممثلة لسعاد فرحاتي في قرطاج، يليه “خيول الحظ” (1995) ثم “ضفائر” (2001)، الفائز بجائزة لجنة تحكيم مهرجان تطوان.

وهنا حوار دار معه في القاهرة حول عمله “ذاكرة معتقلة”:

·         هل ينشغل المغرب الآن بمراجعة هذه الفترة العصيبة خاصة مع مشاركة عدة أفلام في المهرجان تتناول الموضوع نفسه؟

- عشنا مرحلة صعبة، لم ينج بيت مغربي من آثارها الأليمة ولا تزال انعكاساتها باقية، حتى على الأجيال الشابة الذين فقدوا آباءهم وهم صغار، لذا كانت لهفة السينمائيين المغاربة في الحكي عنها وتعريتها طبيعية، خاصة مع مناخ الانفتاح السائد في المغرب تحت شعار المراجعة والمصالحة الوطنية. بالنسبة لي أؤدي واجباً وطنياً، أُقدم عملاً عن أُناس ناضلوا لأجل الحرية.. تنشيطاً لذاكرة المجتمع، ولأنني لم أتماس معها بشكل مباشر، إذ كنت أدرس وقتها في باريس، كان أمامي رهان.. أن أتكلم عنها بطريقة غير مباشرة، من دون إظهار مشاهد العنف مركزا على اثره على البشر.

·         لم تعش التجربة ولم تسيطر عليك ذاكرة العنف، ألهذا بدوت متأملاً؟

- لا.. هذا أسلوبي السينمائي واختياري في التعبير عن نفسي، أن أتكلم عن الواقع بأسلوب شاعري ومن دون مواجهة مباشرة مع الواقع، للوصول إلى آثاره الأعمق، ركزت على الجانب الإنساني لأنني أكره الخطاب السياسي والشعارات في الأفلام. في الفيلم أتكلم عن قصة معاصرة، لكن لها امتدادات بالماضي، أمر على الذاكرة بمعلومات عن الماضي، لم أكن أسعى لتحليل سياسي، فالفيلم إنساني أكثر منه سياسي، مستفيداً من شخصية “مختار” بوصفها ما تبقى من إنسان عاش هذه الفترة.

·     بدا التقابل بين مختار “المناضل” و”الزبير” ابن صديقه المقتول، كأنه بين جيلين، لكل موروثه وطريقته في النظر للأشياء، هل هي محاولة لرصد الخلافات بينهما؟

- بالعكس، كلاهما ضحية يساند احدهما الآخر، فالشاب يحاول إعطاء العجوز معطيات بطريقة مسرحية لتنشيط ذاكرته بأخذه للأماكن التي عاش فيها، الشاب بدوره يبحث عن الذاكرة التي حُرم منها بفقد الأب، وهو يمثل جيلا، هو أيضا ضحية لسنوات الاعتقال وما تلاها من سنوات الجمر ثم مرحلة الصمت. فهذه الفترة لم يكتشفوا حقيقة ما حدث، لم يعيشوها بعمق ويحتاجون اليوم للكشف والمعرفة.

·         من أكثر الاختيارات ذكاء وشاعرية، اختيار الذاكرة الجسدية للبطل لتكون مفتاح استعادة ذاكرته، فلماذا ركزت عليها؟

- لأن العقل قد لا يتحمل ما يدور خلف أسوار المعتقلات، لكن الجسد يحتفظ بذاكرة الأشياء.. اللمس والرائحة وبحركات لا إرادية يختزنها، كحركة الأصابع التي اعتادها مختار للتخلص من باقي الطباشير عندما كان مدرساً قبل اعتقاله. هذا الاختيار أتاح لي أسلوب سرد ملائماً، من خلال اكتشاف تفاصيل الشخصية تدريجياً، عبر مدلولات حركاته وتفاعلها الجسدي مع الأماكن التي ألفها سابقاً.. كالمدرسة والمعتقل القديم.

·         هذا الأسلوب مكنك من الهرب بذكاء من فخ “الفلاش باك” رغم أن الفيلم كله يدور في الماضي، كيف نفذت ذلك؟

- بطبيعة الحال كان لابد من “الفلاش باك”، لكن بأسلوب غير تقليدي كالذي تظهر فيه لقطة كبيرة على الوجه والسماء وموسيقا قوية، تؤكد لك انه “فلاش باك”.. هذا لا أحبه، حاولت التعامل مع “الفلاش باك” باعتباره الحاضر وليس الماضي، بالانطلاق من المكان ذاته الذي يحمل الذكرى، وباستخدام الأبيض والأسود للماضي والتركيز على مدلولات الأصوات واللون الأسود كرمز للتعتيم على هذه الأحداث.

·         هل كانت دراستك للأدب الفرنسي وعلم الاجتماع وراء تبنيك للقضايا الإنسانية والاجتماعية؟

- لدرجة ما، فدراسة علم الاجتماع ساعدتني كثيراً في تحليل المواقف الاجتماعية، أيضاً استفدت من علم النفس في تكوين الشخصيات، أما الرؤية الفنية الشاعرية فتنطلق من تكويني الأدبي، كلها روافد متكاملة، أكتب مقطوعات شعرية لنفسي وأُمارس الرسم، وهي مكونات مهمة جداً لأنني أشتغل على الجماليات، فالسينما بالنسبة لي صورة قبل كل شيء، لابد أن تحترمها وتعطيها اهتمامك، ففي أحيان كثيرة يخاطبك الديكور قبل الحوار.

·         عملت بالمسرح في بداياتك مخرجاً وممثلاً فما الذي أضافه لتجربتك السينمائية؟

- أخرجت مسرحيات لتشيكوف وجوجول بالفرنسية لأنني عشت عشر سنوات في باريس بعد الدراسة، المسرح أضاف لي الكثير خاصة في الفضاءات، التي هي في أفلامي فضاءات مسرحية، وكذا إدارة الممثلين جاءت خبرتها من تجربة المسرح.

·         وكونك ممثلا هل عكس هذا أسلوبا خاصا في إدارة الممثلين؟

- ساعدني في فهم نفسية واحتياجات الممثل، وهو عندي أهم عناصر الفيلم، لأنه حامل القصة ورسالة العمل، أحاول كثيراً ألا يحس الممثل بدوري في إدارته تاركاً مساحة كبيرة لحريته، وأحيانا أكتب عن الممثل في السيناريو، وقبل التصوير أُعطيه تدريجياً صيغ تطور الشخصيات في حوارات طويلة، وعندما يأتي إلى البلاتوه يكون جاهزاً بكل تفاصيل الشخصية.

·         أنت تحرص على التمثيل في أفلامك ألا يشتت هذا جهدك؟

- ربما بسبب رغبتي الداخلية في التمثيل، لكن في “ذاكرة معتقلة” مثلاً الإنسان الوحيد الذي كان يعرف مختار جيداً هو أنا، لذا شعرت بأنني يمكن أن أُغني الشخصية أثناء التصوير، وكان اختيارا صعبا وتحديا كبيرا._

الخليج الإماراتية في 17 ديسمبر 2004