إيناس الدغيدي قادرة علي تشويه أي جمال
علا الشافعي |
تبحث عن حريتها الذاتية في "الباحثات عن الحرية"... ثناء موزيان: لم أقدم أنموذجاً سلبياً للفتاة المغربية لكنه موجود القاهرة - أحمد فرغلي رضوان من بين الممثلات الشابات الثلاث اللواتي قدمن الأدوار الرئيسة في فيلم المصرية إيناس الدغيدي الأخير "الباحثات عن الحرية" (راجع حول الفيلم في الصفحة الأولى من الملحق), برزت المغربية ثناء موزيان, لافتة الأنظار بجديتها على عالم السينما وجرأتها في الدور الذي قدمته, كرفيقة ثالثة لنيكول بردويل وداليا البحيري. "الحياة" التقت ثناء وطرحت عليها أسئلة. · كيف كانت بدايتك مع الفن؟ - توجهـت إلى لنـدن وأنا في الثانية عشرة من عمري حيث يعمل والـدي وأثــنـاء دراسـتـي اكتـشفـت حبي للموسيقـى والرقـص الذي تـفـوقت فيه خـلال الحـفلات المدرسية ثم دخلت الجامعة حيث درست السياحة في البداية, ولكنني بعد أول عام وجدت نفسي غـيـر منسجمة مع تلك الدراسة ورحت أبحث عن مكان أدرس فيه الموسيقى الشرقية فلم أجد في لندن سوى مكان لتعليم الرقص والموسيـقى معـاً وهـو يمزج بين الشرقي والجاز المعاصر. فظللت متعطشة الى دراسة الموسيقى الشرقية الى أن وجـدت معهداً هندياً بدا لي الأقرب الى الى الموسيقى الشرقية لأن الموسيقى الهندية فيها ربع الصوت مثلنا. فزت بالمرتبة الأولى وذهبت الى الهند حيث تعرفت الى ملحن يدعى تشي سنغ وهو مكتشف (الدبكة) الهندية وقررت عمل أغنية هي مزيج عربي - هـنـدي معـه وكانـت أغنية "انت الحب" التي نزلت في ألبوم جماعي مع عدد من المطربين اللبنانيين ونجحت. · كل ذلـك قـبـل أن تـفـكـري في التمثيل؟ - فعلاً كان همي الاول ولا يزال الغناء, وأنا بحُكم تربيتي ونشأتي في لندن اعتمد على نفسي في كل شيء وأتحمل قـراراتـي. أردت في العـام 2002 أن آتي للقاهرة مركز الإشعاع الفني والثقافي, وحصلت على أرقام هواتف لملحنين ومؤلفين وبدأت الاتصال بهم من لندن ثم حضرت لكي أعد البومي الأول وسجلت كليب "قلي فينك" من تأليف محمد رفاعي وألحـان منيـر حمود بلكنـة مغربـيـة وكنت أتعمد ذلك حتى يعرفني الجمهور أكثـر لأنهم كانوا يسألونني دائماً "أنت من أين؟". · وكيف جاء التمثيل؟ - كنت مع الشاعر محمد رفاعي استمع لبعض الاغاني وفجأة اتصلت به المخرجة إيناس الدغيدي وحدثته عن حيرتها من عدم وجود فتاة مغربية تصلح للدور في فيلمها الجديد وطلبت منه اذا كان يعرف أحداً من المغرب وبخاصة ان الدور لمطربة. وفعلاً أجابها بأنه يجلس مع مطربة مغربية ودعتنا الى الحضور وفوجئت بأنها أول ما رأتني "فرحت" كأنها كانت تبحث عن شيء مفقود لديها! وعلى الفور طلبت عمل اختبار كاميرا لي, وكان هذا أول لقاء مع ايناس الدغيدي التي أزالت ارتباكي. · ألم تخشي خوض التجربة خصوصاً أنك جئت من أجل الغناء؟ - بسرعـة زال القـلق الذي كـان عندي وأصبحـت متحمسة بعد أن عـلمت أن الدور لمطربـة وقـلت هي فرصة كي اقدم نفسي أكثر للجمهور بخاصة انني سأقدم ثلاث اغان ما بين القديم والحديـث, ولكن في الوقـت نفسه خفت من العمل مع إيناس الدغيدي لأنها مخرجة كبيرة وأفلامها تهتم بقضايا المرأة وأراها مخرجة شجاعة. · ولكنك قدمت نموذجاً سلبياً للفتاة المغربية؟ - أولاً سعاد (شخصيتي في الفيلم) لا تمثل جميع الفتيات المغربـيات بل فئة محددة, وهذا النموذج غير قاصر على المغرب بل موجود في كل البلدان العربية, وقد أخبرتني هدى الزين مؤلفة الرواية ان هنـاك قصـصـاً حقيقية مشابهة لقصة سعاد. لذلك أحسست بأن الفيلم سيوصل رسالة الى المجتمع وبخاصة الى الذين يرون ان الفتيات اللواتي يذهبن الى الخارج وحدهن من أجل العمل يفعلن ذلك من أجل حرية جسدية! هناك حرية ذاتية يجب أن نبحث عنها اولاً في أي مكان نكون فيه. · ألم يكن لديك اعتراضات على بعض مشاهد الفيلم؟ - إطلاقاً كل المشاهد كانت ضرورية حتى يرى المشاهد كيف ان العلاقة غير مكتملة مع رجل عاجز جنسياً! وهو مجرد رجل يحميها وينفق عليها ولكنها في الوقت نفسه كانت تتعذب من داخلها كأيّ امرأة. · الآن بعد التمـثيـل ونجـاح التـجـربـة ألا تـشـعـريـن بتـخــبط ما بين الغناء والتمثيل؟ - النجومية واحدة في الاثنين ولكن الضجة كانت أكبر بعد الفيلم من الصحافيين الذين يريدون معرفة مَنْ هي الممثلة المغربية التي أحضرتها ايناس الدغيدي, ولا اعتقد ان التمثيل سيؤثر في مشروعي الغنائي بل سيساعدني. فأنا قدمت أغاني عدة في الفيلم وتعرّف الجمهور أكثر الى صوتي, ولكن الاولوية للغناء وأعترف بأنني أحببت التمثيل واستمتعت بالتجربة. · فكرتك عن السينما المصرية قبل العمل كيف كانت؟ - أنا عاشقة لها منذ الصغر وتعلمت اللهجة المصرية منها ومن نجومها الذين اعشقهم مثـل فاتن حمامة وشـاديـة وليـلى عـلوي وغيـرهن. وكذلك تعلمنا الشياكة والانوثة من الافلام المصرية لكن الآن أصبحت السينما المصرية تفتقد هذه الاشياء. الحياة اللبنانية في 17 ديسمبر 2004 |
إيناس الدغيدي هي حالة خاصة بين مخرجات السينما العربية منذ فيلمها الأول المتميز عفوا أيها القانون أكدت أنها امرأة لا تقبل الحلول الوسط, ورفعت شعار الجرأة وكثيرا ما أثارت أزمات داخل الوسط السينمائي, وارتبط اسمها دوما بـالمخرجة المثيرة للأزمات, وصاحبة المشاهد الجريئة وغيرها من الألقاب. بداية أحيي إيناس الدغيدي لأنها تقف بمفردها ضد تيار شديد المحافظة أصبح يجتاح السينما المصرية, وأرفع القبعة لجرأتها في مواجهة معارك ساخنة, ونقد لاذع, ولكن هناك فرقا كبيرا بين الصوت العالي الذي يثير الصخب والضوضاء في المكان, ونقيضه الهاديء الرصين المؤثر علي المدي البعيد وسينما إيناس الدغيدي تنتمي إلي النوعية الأولي ـ مع الأسف ـ تثير الضجة في المكان لتلفت الأنظار ولكنها دوما ضجيج بلا طحن. علي الرغم من فوزها بجائزة أحسن فيلم عربي مقدارها55 ألف جنيه من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ28 للمرة الثانية بعد فيلمها مذكرات مراهقة, وهي الجائزة التي توقعها المتابعون للمهرجان بمنطق أن هناك ترضية ما يجب أن تتم للدولة المضيفة ـ مصر ـ كما خدمها الحظ في أن الأفلام العربية المشاركة من تونس الأمير من المغرب ذاكرة معتقلة والفيلم المصري أنت عمري لم تكن علي مستوي التنافس الدولي كما علق أحد أعضاء لجنة التحكيم والذين أشادوا في نفس الوقت بفكرة فيلم إيناس لكنهم انتقدوا المستوي الفني وشكل المعالجة. تملك إيناس عينا خاصة ورادارا يلتقط كل ما يخدم توجهها لذلك جاء اختيارها لرواية غابة من الشوك للكاتبة الزميلة هدي الزين موفقا فالرواية تحكي عن ثلاثة نماذج من النساء العربيات اللائي يمثلن ظرفا إنسانيا مختلفا.. المصرية ـ داليا البحيري ـ مصرية وفنانة تشكيلية هاربة من قهر الزوج الفنان التشكيلي الذي يغار منها, والمغربية ـ سناء موزيان ـ الهاربة من ظروف الفقر والقهر الذكوري من الأشقاء, ونيكول بردويل الصحفية اللبنانية التي خرجت بنفسية مدمرة من مأساة الحرب الأهلية والثلاثة احتضنتهن باريس والذي قام بقراءة النص سيتأكد تماما من أن إيناس الدغيدي ومعها د. رفيق الصبان الذي صاغ السيناريو والحوار ؟ تعمدا القضاء علي روح وعمق النص من أجل شباك التذاكر؟ وكأن التسطيح لقضايا المرأة أصبح هو الشغل الشاغل لإيناس الدغيدي وأتساءل لماذا لا تكون هي الأخري علي مستوي الحرية التي تنادي بها ولكن دعونا نتفق علي أن العمل السينمائي أو الأدبي والفني بشكل عام يحمل جزءا من روح الكاتب والمخرج. في الباحثات عن الحرية تفوقت إيناس ومعها كاتب السيناريو والحوار من حيث جرعة الجنس فعندنا هذه المرة الجنس السوي, وغير السوي, المازوخي والسادي. وقد أتفهم دراميا ونفسيا دوافع شخصية مثل نيكول بردويل تعاني من عقدة الخوف وعدم الشعور بالأمان طوال الوقت خاصة بعد معايشتها للحرب الأهلية واختطاف خطيبها من قبل المليشيات, بأنها تعاني اضطرابا شديدا في الصباح تراها شخصية جادة محافظة في مظهرها وليلا تجوب البارات وتصطاد الرجال وتدخل في علاقات مع رجال لا تتذكر حتي ملامحهم في الصباح وتدخل في نوبات بكاء هيستيرية نتيجة الشعور بالذنب هذا طبقا للنص الأدبي ولكن فجأة نجد أن ممارساتها لابد أن تكون غير سوية فهل أفاد هذا التطور الدرامي في شيء؟ لا أعتقد ولكن منطق الاختيار يؤكد الرهان علي أن يري المتفرج شيئا مختلفا ناهيك عن شخصية الزعيم اللبناني أحد المسئولين عن الحرب الأهلية وأحد الممولين للجريدة التي تعمل فيها نيكول ويطاردها وتتمنع عنه فهو يذكرها بالحرب ثم يرسل لها من يغتصبها, ومن يطلق عليها الرصاص في قدمها سلسلة من المبالغات الدرامية حيث نجد بطلتنا قد قامت بقتله بحجة أن باريس ليست دولة قانون؟! وهذا ضد منطق دراما الفيلم لأن البطلة أصبحت مدانة في جريمة قتل سياسية, الخط الدرامي لداليا البحيري العقلانية الوحيدة فيهن, هو الآخر مبستر لذلك جاءت شخصيتها ذات ملامح نفسية محددة, وكذلك المغربية سناء موزيان فالسقوط في الفيلم هو خير وسيلة للبقاء؟ وفنيا انعكس هذا الترهل الدرامي علي إيقاع الفيلم, كما أن ارتباك المونتاج في بعض المناطق تحديدا مشهد سناء موزيان في منزل الثري العربي أوقع المشاهد في فخ الالتباس ولم يكف إيناس كل ذلك بل بالغت في رسم صورة كاريكاتورية ـ أصبحت فجة للثري العربي ـ صاحب القصر الفخم في باريس ولا أعرف هل لا يوجد شيء سوي في الأثرياء العرب ؟ فالشخصية العربية كان يمكن أن نراها كشخصية سوية تبحث عن الاستمتاع بعيدا عن الفجاجة, ولا أفهم جمل الحوار السطحية من نوعية إحنا في بلد كل حاجة فيها وسخة والتي جاءت علي لسان داليا البحيري, بالمناسبة هي تقصد باريس, في النهاية أجد أن إيناس قادرة علي تشويه أي جمال* الأهرام العربي في 18 ديسمبر 2004 |