شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

محمد دمق:

دار الناس فيلم إنساني

القاهرة-جميل حسن

 

 

 

 

 

 

 

يقع المخرج العربي الذي يعتمد على الممول الأجنبي في حيرة عندما يتصدى لعمل جديد فهو إما أن يطرح قضايا قريبة من فكر البلد الذي يموله، أو يستفيد من التمويل في طرح قضايا تهم بلده، وفي الحالة الأولى يتهم المخرج بالتغريب وفي الثانية يتهم بالتحيز وربما يفقد جهة التمويل، لذلك قلما نجد مخرجا ينسج في عمله خيوطا من الفكر الغربي والشرقي ويحقق نجاحا· المخرج التونسي محمد دمق واحد من هؤلاء الذين تعلموا الإخراج في فرنسا وعاد الى وطنه يحمل في عقله الفكر الفرانكفوني مستعينا به في تجاربه السينمائية حتى لا يفقد جهات تمويله· والتمويل الغربي وخاصة الفرنسي لمخرجي دول المغرب العربي بمثابة الهواء الذي اذا حجب عن سينما المغرب العربي فسوف تختنق· محمد دمق يعيش حالة من السعادة المشوبة بالحذر بعد نجاح فيلمه ''دار الناس'' الذي مزج فيه بين الفكر الشرقي والفكر الفرانكفوني·

·         الى أي مدى تصل حيرة المخرج العربي الذي يعتمد على التمويل الأجنبي؟

- أرجو ألا نجعل من التمويل الغربي أزمة يعيشها المخرجون العرب المعتمدون على هذا التمويل فالأزمة الحقيقية تكمن في إدارة الحكومات العربية ظهورها لصناعة السينما، ونحن كمخرجين عرب نعاني عدم تدخل الحكومات في هذه الصناعة المهمة لذلك نلجأ الى الممول الفرنسي الذي يتحمس لتجاربنا·

·         أليس من المحتمل أن يفرض أشياء ضد التقاليد والمبادئ العربية؟

- غير صحيح فإذا كنت أقدم عملا جيداً حتى لو كان يناقش قضايا محلية فلا مانع من أن أجد شركة أجنبية تمولني، لأن الشركة يهمها الربح قبل كل شيء ولا يعنيها اذا كان الفيلم يحمل الرؤى الفرنسية أو العربية المهم جودة العمل·

·         ألا ترى أن في أفلام المخرجين الذين يعتمدون على الممول الأجنبي نوعاً من التغريب؟

هناك مخرجون يعتمدون على الممول العربي وفي أفلامهم تغريب، وأنا واحد من المخرجين الذين يعتمدون على الممول الفرنسي ولن تجد في أفلامي تغريبا، لأنني مخرج عربي أولا وتهمني مشاكل وطني ولم أجد اعتراضا من الممول·

·         ألا يحمل فيلمك ''دار الناس'' بعض الملامح الفرانكفونية؟

فيلمي واضح وهو منتج سينمائي صالح للعرض في أي مكان لأنه يتناول مشاكل إنسانية بحتة، رجل أحيل الى المعاش وكل ما يؤرقه هو رسوب ابنه ثلاث مرات متتالية في امتحانات الثانوية ولم يكن يعرف السبب أما مشكلة الابن فهو حبه لفتاة ثرية لكنه لم يهنأ بهذا الحب لأن شقيقه الأكبر أخذ حبيبته منه·

·         لكن هذا الشقيق يحمل فكر البلد الأوروبي الذي عاش فيه··!

 نعم هو تعامل مع حبيبة أخيه الأصغر على أنها صديقة ورقص معها اكثر من مرة واعتقد الأخ الأصغر انه فقد حبيبته وهنا يبرز صراع بين من تشبع بالفكر الغربي ومن تمسك بفكره الشرقي؛ فالأخ الأكبر يتصرف بتلقائية المجتمع الذي نشأ فيه حتى انه لم يكن يعلم بمعاناة شقيقه لذلك نصحه بالعمل معه في التجارة وتهريب بعض السلع من وإلى فرنسا حتى يخرجه من أزمته·

صراع

·         لماذا جعلت الصراع بين الأخ الأصغر وشقيقه على الفتاة هو الأبرز؟

هناك صراع بدأت به أحداث الفيلم طرفاه الأب الذي أحيل الى المعاش وابنه طالب الثانوي فالأب استجاب لرغبة رئيسه في أن يكون حارسا على منزله أثناء سفره، أما الطرف الثاني فهو قسوة الحياة التي يعيشها هذا الرجل الذي ينفق على أبنائه واضطر للعمل في الحراسة حتى يوفر لهم حياة سعيدة·

·         هل كنت تمهد بهذا لصراع الشقيقين؟

نعم فالابن الأصغر لهذا الحارس أحب فتاة أثناء زيارته لوالده وعاد شقيقه من فرنسا ليأخذها منه، وبذلك يبدأ صراع جديد بين فكر وآخر وأسلوب حياة وآخر وقد آثرت أن أركز على الجوانب النفسية·

·         بعض المخرجين يميلون الى السينما السياسية التي تبرز صراعات دولية مثل الصراع العربي الإسرائيلي·· ألا يجذبك هذا الصراع؟

أركز أكثر على الصراعات الإنسانية داخل المجتمع الواحد وأنا أعلم أن صراعا مثل العربي الإسرائيلي يستهوي العديد من المخرجين ويفتح شهيتهم للعمل لكني أؤمن بأن السينما ليس بوسعها أن تؤدي الى ثورة لكنها اذا نجحت في تحريك شعور إنسان فهذا إنجاز كبير يستحق الثناء·

الثورة والحب

·         هل تقصد تحريك مشاعر إنسان نحو الثورة؟

نحو الثورة أو نحو الحب او إقامة علاقة عاطفية نقية فهذه مهمة من الجيد أن ننجزها من خلال أفلامنا؛ فما يهمنا هو الإنسان وأرجو أن نضع السينما في القالب الذي تستحقه ونطالبها بدور تستطيع إنجازه·

·         لماذا اتجهت إلى الممول الفرنسي؟

تؤرقني مثلما تؤرق العديد من المخرجين العرب مشكلة التمويل، وعدم وجود دعم حكومي، ولذلك لجأت إلى فرنسا مثل غيري، ومع الممول الفرنسي لا أجد الرقيب المتعنت الذي يفرض قيودا على حرية الإبداع أو يفرض قضايا بعينها لمناقشتها·

·         لماذا تسير ببطء في الساحة السينمائية؟

لا أسير ببطء، و''دار الناس'' هو فيلمي الثاني بعد فيلم ''الكأس'' ومستعد لتقديم فيلم جيد كل خمس سنوات في ظل هذا التقاعس الحكومي عن تمويل السينما، كما قدمت فيلمين قصيرين كانا بوابتي لدخول مجال السينما الروائية الطويلة وأتمنى ان أنجز مشروعي السينمائي الجديد في فترة وجيزة·

·         ما ملامح مشروعك الجديد؟

فيلمي الجديد الذي بدأت كتابته يتناول قصة حب أيضا وصراعات كثيرة ومن خلاله أقدم المجتمع التونسي في الوقت الحالي؛ كيف يفكر، وكيف يحب، وما علاقته بالفكر الغربي وخاصة الفرنسي لأن ثقافة فرنسا هي الثقافة الأقرب إلى تونس·

·         كيف تختار أبطال أفلامك؟

أتفرغ فترة طويلة بعد اكتمال السيناريو لعملية الاختيار لأنها شاقة فالممثل الجيد يضفي على دوره توهجا ويكون مقنعا للناس، وعندما اخترت لطفي مبدلي ومحمد بالي ودرة زروق لبطولة ''دار الناس'' كنت على يقين من أنهم الأنسب لهذه الأدوار، فهم يمتلكون إبداعا في الأداء يضيف إلى السيناريو·

حلم

·         ما طموحك السينمائي؟

أتمنى أن تنتقل أفلامي إلى كل العواصم العربية حتى يراها الجمهور، فما معنى ان أنجز فيلما يحمل حلما من أحلامي ويقتصر على المهرجانات فقط؟ كلنا يعرف ان جمهور المهرجانات من النقاد والصحفيين وهذا لا يرضي طموح مخرج عانى كثيرا حتى يخرج فيلمه إلى النور·

·         ألم يعرض فيلمك في فرنسا؟

سوف يعرض في الأيام المقبلة في أكثر من عاصمة أوروبية ولكن العواصم العربية تهمني أكثر، وهذا الحلم واحد من أحلام كل العاملين في السينما التونسية حيث يسعى كل منهم للعثور على الممول الذي يعبر من خلاله عن حلمه السينمائي دون تشويه، وعندما يجده وينجز فيلمه لا يجد له جمهورا عربيا·

·         ربما كانت اللهجة التونسية هي العائق؟

أرجو ألا نعلق أخطاءنا على شماعة اللهجة التونسية، لأنها ليست العائق الذي يجعلنا غرباء على العواصم العربية، إنها القنوات الرسمية التي لم تقم بواجبها في هذا النطاق، فالجماهير العربية تشاهد السينما الأوروبية والأميركية وتفهمها جيدا، فهل اللهجة التونسية أصعب من اللغات الأجنبية؟!

ان الجمهور العادي هو المعني بالعملية الابداعية في السينما، فكيف أحجب عنه عملا أنجز له؟ كما ان القنوات الفضائية ساهمت في الترويج لكل اللهجات الفضائية ولم تعد الدول العربية في جزر منعزلة، ونستطيع ان نتعرف على عادات وتقاليد شقيقك العربي في تونس إذا شاهدت فيلما أو برنامجا·

·         أغلب المخرجين العرب يراهنون في الوقت الحالي على الكوميديا؟

هذا جيد لأن الفن لابد أن يقدم الابتسامة لكن الكوميديا لابد أن تحمل أيضا موضوعا إنسانيا عندما نقدمها في السينما حتى لا يكون الضحك لمجرد الضحك فالعمل السينمائي إنساني في المقام الأول·

·         هل تتابع ما يجري في الساحة السينمائية العربية؟

عندما تقول السينما العربية فنحن نقصد مصر لأنك لن تجد دولة عربية بها صناعة سينما تستحق الثناء سوى مصر، وفي السنوات الأخيرة أتابع من السينما المصرية ما يعرض في المهرجانات، وأعلم ان هناك تجارب ناجحة لمخرجين شباب أرجو أن تستمر وأرجو أن تهتم الحكومات العربية بصناعة السينما لأنها سلاح مهم نتصدى به للغزو الثقافي القادم والذي لن يردعه إلا رافد ثقافي مثله والسينما قادرة على ذلك·

الإتحاد الإماراتية في 5 ديسمبر 2004