لمناسبة زيارته وتكريمه في الكويت سعيد شيمي: جيل الواقعية الجديدة اختفى بشكل مؤلم.. والمستقبل للديجيتال القاهرة ـ علاء طه |
لا تذكر اللحظة الذهبية الفريدة في السينما المصرية مع ظهور افلام جيل الواقعية الجديدة (عاطف الطيب، وخيري بشارة، ومحمد خان، وداوود عبدالسيد..) التي نقلت هذه الصناعة بفنها العريق من حالة الكلاسيكية واجواء البلاتوهات والافكار الساذجة الى فن صادق يتجول في الشوارع والمقاهي - لا يذكر ذلك الا ويقفز اسم سعيد شيمي الذي كسرت رؤيته للتصوير رتابة الافكار القديمة وانماطها ورافق هؤلاء في احداث قفزة فنية تاريخية.. ربما السينما المصرية في ازمة وهذا الجيل الكبير بتاريخه المضيء يقبع في الظل بدون عمل بسبب السينما الشبابية وتغير اذواق الجمهور، لكن سعيد شيمي له حضور مدهش عبر الافلام التي يدير تصويرها، وانجازه المهم في التصوير تحت الماء، وعبر مؤلفاته المهمة في التصوير، وخلال الفترة المقبلة يصل الى الكويت لإلقاء سلسلة من المحاضرات في التصوير وليتم تكريمه وقد التقت به «القبس» في القاهرة واجرت معه الحوار التالي: · ماذا عن زيارتك المرتقبة للكويت خلال هذه الأيام؟ - هذه الزيارة تأتي للتدريس والقاء محاضرات لمجموعة من الدارسين في التصوير السينمائي والتصوير الديجيتال - وهناك برنامج مجهز لهذا على مدى عشرة ايام من اجل تقديم دراسة مكثفة يستطيع بها الدارس ان يحصل على معلومات تفيده في ان يصور بجودة في المجالين الفوتوغرافي والسينمائي او في الديجيتال الذي نسميه بالنظام الرقمي، الى جانب ذلك سألقي داخل فعاليات مهرجان القرين محاضرة عن ثقافة الصورة والسينما. كما سيتم تكريمي خلال فترة وجودي في الكويت. · إلى أي مدى تصل متابعتك للحياة الثقافية والفنية بالكويت؟ - منذ الستينات عندما استقل فكري بدأت اتابع مجلة العربي الكويتية التي احرص عليها للآن، وهي من المجلات التي لها اثر جيد في ثقافتي الشخصية، ايضا الدوريات التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون كسلسلة «عالم المعرفة» وجريدة الفنون، والحقيقة هذه الدوريات والاصدارات الكويتية تدفعنا كعرب للاهتمام بها والتزود منها لأنها تقدم ثقافة عربية جادة، وبالتأكيد اثرها كبير على كل المثقفين العرب. · وكيف جاء اتجاهك للتصوير السينمائي الذي أحدث طفرة هائلة وانقلابا حسب رأي النقاد؟ - أنا جئت السينما بالهواية، وتتلمذت على أيادي ناس كثيرين لكن من خلال حبي للسينما، والذي جعلني أختار التصوير هو تأثري بفيلمين شاهدتهما الأول لعبدالعزيز فهمي «جسر الخالدين» والذي أحسست من خلال صوره بقيمة التصوير، والثاني ليوسف شاهين «الناصر صلاح الدين» والذي شعرت معه بجماليات هذا المجال ومتعته، وكنت وقتها في الثانوية العامة وسمعت عن معهد السينما، فقلت لازم أدخل هذا المعهد، ولأنني مشاهد جيد وأحب السينما من باب الثقافة وكنت عضوا مبكرا بجميعة الفيلم وتربينا بأجواء سينمائية فخرجت بعين الناقد، وبدأت عملي غير مقيد بشيء وضربت بالسينما الكلاسيكية عرض الحائط حيث كنت أحبها، وعندما عملت بدأت في السينما التسجيلية وهي سينما فقيرة فأخذت أنفذ ما أنا مؤمن به ووظفت الفقر لصالح الصورة، وكنت أعمل بإحساسي وامكاناتي وهذا صنع نقلة في السينما التسجيلية، وانتشر اسمي بين الجيل السينمائي الموجود على انني أقدم فنا جيدا بدون امكانات وطاردتني الجوائز ثم بدأت أدخل السينما الروائية مع داوود عبدالسيد وخيري بشارة وغيرهما من ابناء التيار الواقعي، وأيضا كسرت بها كل القواعد منها الاعتماد على البلاتوه الذي كان أساس السينما التي نصفها الآن بالكلاسيكية وذلك ضمن الجيل الذي انتقل معي من السينما التسجيلية الى الروائية، وأحدثنا طفرة جديدة بها مصداقية أطلق عليها النقاد الواقعية الجديدة التي على رأسها عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وغيرهم وهذه النقلة النوعية غيرت شكل السينما تماما، وأنا لم اخترع وسائل التصوير الجديدة التي أحدثت بها الطفرة التي يتحدث عنها النقاد لكنها كانت موجودة في أوروبا وعلى وجه الخصوص الموجة الجديدة الفرنسية التي تأثرت بأسلوبها في التصوير. · وبرأيك لماذا الجيل الذي رافقت نجاحه وهو الجيل الكبير رواد الواقعية الجديدة صارت أعماله قليلة؟ - هو جيل غير موجود وتفسيري مؤلم! ولي وجهة نظر في ذلك فالسينما صناعة وفن ومن أجل نجاحها يجب ان أعمل فيلما وأعرضه فيشاهده الجمهور، وعندما أعمل فيلما ولا يشاهده أحد فهذا انهيار للصناعة، وعلينا ان نسأل أنفسنا عن هوية جمهور السينما، فعندما يتم تسطيح هذا الجمهور وتفريغه من أي مضمون ثقافي فبالتالي لا يستطيع هذا الجيل الواعي ان يقدم أفلاما، والأزمة الحقيقية في السينما المصرية ان الجمهور السينمائي بسيط ثقافيا وفكريا، ويريد أفلاما بشكل معين خالية من القيم والمعاني حتى من تلك التي كانت موجودة أيام السينما الكلاسيكية، الجمهور تغير جدا ولم يعد يستقبل الأفلام الجيدة التي تحمل أفكارا وقيما، وهذه سوق يريد فيها الجمهور ان يرى محمد سعد بطريقته الغريبة والشاذة في التمثيل والرقص والغناء، وهذا يعود لشيء سأقدمه بمحاضرة في الكويت أثناء زيارتي لها عن ثقافتنا كشرقيين، فثقافتنا سمعية ومقروءة لكن ليس لنا ثقافة بصرية كعرب: لماذا؟ فاللغة العربية غنية بالمعاني والتشبيهات وبها خيال وبالتالي الكلمة هي البطلة، اما في الخارج فالكلمة موجودة كأدب وكلغة لكن الصورة تتفوق عليها، فلديهم ثقافة صورة ولديهم نصوص لا تطغى على الصورة، الصورة لدينا تراجعت وعدم وجود ثقافة صورة مسؤولة عن موقفنا في رفض وقبول الأشيناء. القبس الكويتية في 5 ديسمبر 2004 |