محمد زطيف: السينما المغربية تشهد موجة أفلام سياسية |
عن ظاهرة أفلام الاعتقال السياسي التي يشهدها المغرب العربي تحدث إلينا النجم المغربي محمد زطيف بطل فيلم الغرفة السوداء والذي تدور أحداثه حول كمال ونجاة اللذين يجمعهما حب قوي, ويشتغلان معا في المطار, ويعملان علي بناء مشاريع كبيرة لمستقبلهما لكن مع الأسف ماضي كمال كطالب ماركسي لينيني سابق يلاحقه, فيتم اختطافه وتعذيبه ويرفض كمال أن يشهد ضد رفاقه مقابل تساهل القضاة معه فيأتي الحكم عليه قاسيا, مما يضيع سنوات شبابه. قصة الفيلم مأخوذة عن وقائع حقيقية ومقتبسة من كتاب الغرفة السوداء للمناضل المغربي جواد مديدش والذي ظهر بشخصه في نهاية أحداث الفيلم. · شهد العامان الماضيان إنتاجات سينمائية تتناول فترات من الظلم السياسي لكن ألا تتفق معي أنها جاءت متأخرة قياسا إلي ما شهدته السينما العربية؟ قد تكون المسألة جاءت متأخرة كما تطرحين ولكن المهم أنها جاءت, فسياسيا اختارت القيادة السياسية أن تفتح بابا للحريات وأنا شخصيا لدي إحساس بأننا مقبلون علي فترة زمنية مهمة في تاريخ المغرب تعكس نوعا من الحرية والمفارقة أن آداب السجون عندنا كثيرة فهناك حوالي15 رواية وكتابا, تناولت الاعتقالات التعسفية والنضال بشكل عام في السعبينيات والثمانينيات. · في حين اعتمد المخرج سعد الشرابي في فيلمه جوهرة علي مزيج من الكتابات والقصص المتداولة عن تلك الفترة التاريخية, لجأ حسن بن جلون إلي نص أدبي كيف تعاملت مع شخصية كمال وهي شخصية حقيقية لاتزال تعيش؟ عادة من حق كل مخرج أن يختار الطريقة التي يقدم بها مشروعه فبعد أن شاهدني حسن بن جلون في فيلم جارات أبي موسي للمخرج عبد الرحمن التازي رشحني لتجسيد دور كمال المناضل السياسي والذي اعتزل السياسة وأصبح يعيش حياة عادية مثل أي شاب ولكن سرعان ما وجد نفسه معتقلا سياسيا ذهب إلي الغرفة السوداء غرفة التعذيب نظرا لماضيه الماركسي القديم. عن نفسي كان الدور يهمني جدا فالسيناريو جاء مختلفا, والفترة الزمنية السوداء هذه تشغلني بشكل إنساني وعندما بدأت العمل علي الدور قرأت روايات أخري وجمعت أشعارا وسمعت أغاني من تلك التي كانت تتردد في تلك الفترة, وفي الآخر قرأت النص الأدبي الذي أخذ منه الفيلم, كما التقيت بالمناضل جواد ووضعت مجموعة من الأسئلة طرحتها عليه وكان يتراءي لي أحيانا أنها أسئلة تافهة ولكن كان لابد من طرحها حتي ألم بكل التفاصيل الخاصة بالشخصية, وبتلك الفترة الزمنية. · في مشهد شديد العذوبة عند قيام عائلة كمال بزيارته بعد فترة طويلة من اعتقاله كان عليك أن تقنع عائلتك بأنك بصحة جيدة ولا تعاني علي الرغم من آلام التعذيب. صحيح لذلك حاولت أن أتغذي بكل التفاصيل كما سبق وأن شرحت لك أثناء جلساتي مع بطل الرواية الحقيقي وعائلته وعمليا ساعدتني والدته كثيرا والتي قالت لي جملة مهمة جدا:كنت أتمني في أول زيارة أن يكون ابني رجلا.. ولا يتخلي عن أصدقائه أو يوشي بهم. · ألا تتفق معي أن موضة الأفلام السياسية التي تقدم حاليا في المغرب تصنع بهدف تبييض وجه السلطة؟ الذي أعرفه أن النظام فتح الباب إلي الحديث والنقاش وشكل لجانا للتعويضات ونشطت المؤسسات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والجو أصبح أكثر انفتاحا وحتي لو بفرض أن هذه الأعمال قدمت بإذن السلطة فهذا ليس عيبا. فالسلطة أصبحت علي وعي بأهمية المصالحة بين التيارات السياسية في الوطن وهو شيء لصالح تقدم الوطن, ويكفي أن اللجنة التي دعمت الفيلم كان علي رأسها أحد الشعراء المغاربة المهمين والذي تعرض للاعتقال. · ألم يتعرض الفيلم لأي تدخلات رقابية؟ الرقابة عندنا في المغرب تبدأ بعد تصوير الفيلم وليس علي السيناريو كما تجري الأمور عندكم في مصر ولم يحدث بعد خروج الفيلم إلي صالات العرض أن تحفظت الرقابة علي شيء, ولكن الموقف الوحيد الذي أذكره هو أن المخرج كان قد طلب من جهاز الأمن أن يعطونا ملابس شرطة من المخازن لتناسب المرحلة الزمنية, وكذلك القيود والسلاسل إلا أنهم طلبوا حذف بعض المشاهد التي رأوا أنها تسيء إليهم من وجهة نظرهم إلا أن المخرج رفض ودبر نفسه, بعيدا عن أية تدخلات. · ألا تتفق معي في أن جريمة التعذيب في الفيلم كانت شديدة وزائدة علي الحد؟ ناقشت هذه المسألة مع المخرج إلا أنني اقتنعت بوجهة نظره حيث طرح علي أن الجيل الجديد لا يعرف هذه الفترة التاريخية المهمة, لذلك وجب علينا تقــديم كــل ما كــان يحــدث بــدقة لتتــعلم الأجيــال. · ولكن هذه القسوة قد تأتي بنتيجة عكسية وتبعدهم عن العمل السياسي؟ علي العكس عليهم أن يعرفوا أن هناك أجيالا قد عانت كثيرا لأجل الحرية والديمقراطية فالقسوة تكون مفيدة أحيانا. · في مشهد النهاية وعلي الرغم من أن البطل أصبح متورطا معهم إلا أنه لم يقم بالغناء مع باقي زملائه المعتقلين احتجاجا علي حكم المحكمة الذي جاء مجحفا. عندك حق كانت عندي مشكلة مع الشخصية فهو لو كان مازال يعمل في السياسة فإن المسألة ستكون سهلة, والعكس لو كان البطل قد خان أصدقاءه, ولكن بطلنا يقف في منطقة وسط فهو دافيء الإحساس يتعاطف مع زملائه ولكنه في نفس الوقت كان يشعر بداخله بعدم جدوي العمل السياسي في تلك الظروف, لذلك اكتفي بأن ينقل نظراته بين زملائه ويهمس في أحيان أخري بشفاهه. · ما تعليق البطل الرئيسي للرواية جواد مديدش علي أدائك؟ سعد كثيرا بالفيلم كله أما بالنسبة لي فهنأني علي أدائي العذب وأشار إلي أنني أمسكت بكثير من التفاصيل التي ذكرته بكل تلك الفترة التي عاشها بحلوها ومرها وعن نفسي أعد هذا الدور مهما جدا في مشواري الفني* الأهرام العربي في 4 ديسمبر 2004 |