حوار مع مخرج "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" محمد العسلي الدار البيضاء ماخور كبير حاوره أحمد نجيم |
الفرنسي لوميير مخترع السينما يؤرخ لفجر الفن السابع سعد القرش القاهرة (رويترز) - يلقي ناقد سينمائي مصري أضواء على فجر اختراع فن السينما في نهاية القرن التاسع عشر كاشفا أمورا تبدو الان طريفة منها أن مخترع الفن السابع الفرنسي لوميير ظل يرفض استخدام كلمة (سينما) وينفي عن نفسه صفة المخرج كما كان شاهدا على اختراع التلفزيون. وضم كتاب (النقد السينمائي في بريطانيا) الذي ترجمه أمير العمري فصلا عن "المقابلة التلفزيونية الوحيدة التي لم تبث مع مخترع السينما" وأجراها المخرج الفرنسي البارز جورج سادول عام 1948 مع لوميير الذي كان "مصورا فوتوغرافيا عظيما استغل مهارته في التوصل الى اختراع التصوير السينمائي الذي أحدث ثورة حقيقية في فنون الصورة." وأشار الكتاب الى أنه بعد أشهر من العرض السينمائي الاول يوم 28 ديسمبر كانون الاول عام 1895 في العاصمة الفرنسية باريس أرسل لوميير الات العرض الى أقاصي العالم "حيث قام عملاؤه بعرض الافلام الاولى عن فرنسا لتدبير نفقات قيامهم بتصوير الافلام والعودة بها الى فرنسا ومن وقتها انتشرت اللعبة الجديدة بصورة هائلة في العالم." وذكر الكتاب أن نص المقابلة طبع في كتاب صدر في فرنسا في ستينيات القرن العشرين "أما النسخة التلفزيونية أو الصوت فلم يحدث أن تم بثهما تلفزيونيا أو اذاعيا على الاطلاق." والكتاب الذي أصدره مركز الفنون بمكتبة الاسكندرية هو مختارات نقدية وتاريخية من كتب ومجلات متخصصة وصحف بريطانية تقع في 232 صفحة. وأشار الكتاب الى أنه عندما ولدت فكرة اقامة مهرجان كان السينمائي في فرنسا عام 1939 طرحت بجدية فكرة اسناد رئاسته الى لوميير ولكن مشروع المهرجان تأجل بسبب الحرب العالمية الثانية الى عام 1946 ورغم تقدم لوميير في العمر فانه شارك في المهرجان والتقى به سادول الذي أجرى معه المقابلة في منزله على الساحل بين مارسيليا وكان. وكان سادول مكلفا باجراء تجارب على "اختراع جديد اسمه التلفزيون" في هيئة الاذاعة الفرنسية التي أسسها الرئيس الفرنسي الاسبق الجنرال شارل ديجول على غرار هيئة الاذاعة البريطانية (البي بي سي). ورجح الكتاب أنه حين اقترح سادول الحديث التلفزيوني على لوميير الذي ظل يرفض المقابلات الصحفية أن "تكون المفارقة قد راقت له فها هو مؤسس السينما وهو على عتبات الموت موجود كشاهد على مولد الوسيط الجماهيري الجديد." وقال الكتاب ان لوميير قام بنفسه بتصوير أول 50 فيلما من أفلامه وأسند تصوير الافلام الاخرى الى مصورين قام هو بتدريبهم ولكنه في المقابلة نفى عن نفسه صفة المخرج السينمائي وقال "كنت دائما تقنيا وباحثا ولم أكن قط ما يطلقون عليه مخرجا." وأضاف أنه قام عام 1894 مع أخيه أوجست ببحوث الى أن تمكن من دفع الفيلم عبر الكاميرا بعد أن طرأت له وهو مريض يلازم الفراش فكرة "تتلخص في استخدام قطعة شبيهة بدواسة القدم في الة الحياكة من أجل جعل الفيلم يتحرك عبر ثقوب كما يتحرك القماش تحت الابرة." وأشار الى أن الاختراع الذي سجل يوم 13 فبراير شباط عام 1895 لم يحمل اسما محددا وقال "أطلقنا عليه (الالة التي صممت لكي تقبل وتعرض طبعات كرونوفوتوجرافية) وجاءت كلمة (سينماتوجراف) بعد عدة أسابيع. "لم يكن والدي أنطوان لوميير يطيق كلمة (سينماتوجراف) وأقنعه صديقه ليشير الذي كان مندوب مبيعات لشركة للشمبانيا بأن يطلق على ذلك الشيء كلمة المسيطر أو المهيمن. أعتقد أن ليشير كان يقصد الاشارة الى شيء له صفة السيطرة على المشاعر أو الهيمنة على النظر. ولكن لا أنا ولا أخي (أوجست) قبلنا هذه الكلمة ولم نستخدمها قط." وذكر لوميير أن الافلام التي عرضت في مقهى الجراند كافيه ابتداء من 28 ديسمبر كانون الاول عام 1895 "لم تكن من تصويري فقط بل كنت أنا الذي قمت بتحميضها في أوعية الحقن الشرجية الخاصة بالمستشفيات بعد أن وضعت فيها مواد التحميض والماء والمثبت وكنت أنا الذي قمت بطباعة الصور باستخدام حائط أبيض يعكس أشعة الشمس كمصدر للضوء." وقال الكتاب ان كثيرين "ادعوا أنهم الاحق من لوميير بلقب (مخترع السينما) مثل توماس اديسون في أمريكا وماكس سكلادانوفسكي في ألمانيا لكن لوميير في الحقيقة هو الاحق باللقب لانه صمم وقام بصنع وتسويق أول جهاز سينمائي في العالم وكان هذا الجهاز عبارة عن كاميرا والة عرض وطابعة لنسخ الافلام في وقت واحد." موقع "إيلاف" في 3 ديسمبر 2004 |
شبه المخرج المغربي محمد العسلي مدينة الدار البيضاء ب"ماخور كبير" يأوي مومسات كثيرات، وانتقد بشدة "البورجوازية المغربية المتعفنة" محملا إياها ما آلت إليه العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية. وتحدث مخرج فيلم "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" في حوار مع "إيلاف" عن الفيلم واختياراته الفنية وحمولاته الدلالية، مؤكدا أنه كان ينتظر بعد الانتهاء من كتابة السيناريو، النجاح الكبير للفيلم في المهرجانات السينمائية العربية والدولية. وأثار المخرج المغربي علاقته بالشعر واختياره لعنوان يغطى عليه المعجم الديني. وستبدأ القاعات السينمائية المغربية يومه الأربعاء فاتح دجنبر كانون الأول عرض الفيلم بعد أن حضي بتقدير دولي كبير في مهرجانات عربية ودولية وإعجاب نقدي في الصحف والمجلات العربية والدولية. · يبدو العنوان مستمدا من المعجم الديني من خلال توظيف كلمة "الملائكة"، كيف وقع اختيارك على عنوان الفيلم "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق"؟ - إن اللغة في حد ذاتها مستمدة من الحقل الديني، والمخيال الإنساني هو اللغة. إنني لم أفكر في البعد الديني للعنوان، ف"الملائكة" بالنسبة لي رمز عذرية الشخصيات الثلاث للفيلم سعيد وعثمان وإسماعيل. ربما ما ذهبت إليه من ربط للعنوان بالحقل الديني نابع من اللا شعور. بالنسبة لي العنوان إمضاء مني على العمل الفني، إذ أن الفيلم انتهى بالعنوان ولم يبدأ به. وأعود وأؤكد أننا لسنا من يكتب اللغة بل هي التي تكتبنا. وبالانتهاء من كتابة السيناريو اخترت ذلك العنوان ولم أغيره، لأنه عنوان فرض نفسه. · يبدأ الفيلم بمشاهد تقحم المتفرج في الأفلام الوثائقية، هل كان هذا اختيار من المخرج للإعطاء تجاوب بين الفيلم والمتلقي؟ - إن تكويني السينمائي بدأ بالأفلام التوثيقية لا الوثائقية، لقد أردت أن أوثق لشخصيات ومساراتها وأحداثها. ولا أعتقد أن الفيلم كله يوثق، بل هناك انزلاقات معينة لتوثيق الإجرام في حق مدينة الدار البيضاء، وفي حق مدينة تحولت إلى غول وفضاء غريب. إن الفيلم ليس محصورا داخل أربعة جدران بل خارجي يدون الأشكال واللباس والمعمار، وهذه هي السمة التوثيقية للفيلم. · نعود إلى فضاء الفيلم، كيف وقع الاختيار على "القرية الجبلية" بعذريتها ونقاء أهلها؟ - أشير إلى أن فضاء القرية مكون أساسي في الفضاء المغربي، بل إنه أقدم وأغرق فضاء، أما المدينة ففضاء دخيل، إن لي علاقة حميمية بتلك العينة من الفضاءات العذرية. لقد اخترت منطقة "تامحضيت" لسبب بسيط هو أن الفضاء الذي عاينته في الأول ووقع عليه الاختيار الأولي لم يعرف تساقط الثلوج، وكانت تامحضيت" شبيهة له. · مقابل الفضاء الجبلي العذري رسمت صورة قاتمة عن المدينة، فالدار البيضاء أضاعت البطل سعيد وقتلت حبيبته وزوجته عائشة وأغرت إسماعيل بمتاعها ونمط حياتها وحولت عثمان البدوي من فارس إلى عامل بسيط خاضع كما ربطتها بالمال والاسمنت من خلال شخصية الفاسي؟ - أريد أن أؤكد على مسألة أساسية، إنني لا أتحدث عن المدينة بصيغة مطلقة بل أخص مدينة الدار البيضاء. فهذه المدينة تشبه أميركا، إذ تغريك بالعدالة والحرية وتبهرك ببناياتها لكنها في الواقع غول كبير. حتى أقرب رؤيتي، فبتصويري لهذه المدينة كانت عجرفة أميركا حاضرة في ذهني. إنني صورت عجرفة الدار البيضاء اتجاه باقي أرجاء المغرب، إذ تملي عليها نوعية التعامل ونمط العيش بل تتدخل في اللهجات من خلال التلفزيون ووسائل النقل. إنها مدينة غازية لكل المناطق والمدن المغربية، لذا يجب أن نكون حذرين من هذه "المومس العمياء" أو هذا الماخور الذي يحوي مومسات على وجوههن صباغة زائلة مشوهة. هذه العجرفة البيضاوية تفتقد إلى الإنسانية في معمارها في جانبها الحضري. الفيلم إثارة انتباه ودق ناقوس خطر لكل الفاعلين. · يبدو موقفك من الدار البيضاء أشبه بموقف الشعراء العرب فكان للسياب مومسه وهي مدينة بغداد وعبد الله راجع مجد في الدار البيضاء الباغية والطفل المنسل داخل الحافلات، هل تأثر المخرج بهؤلاء الشعراء؟
- تصويري للدار البيضاء جاء من حبي لها كحضارة وثقافة وانتماء ومنظور
فلسفي. هذا الإطار الذي نجلس فيه ليس من صنع ما بعد الاستقلال. · تقنيا كيف تغلبت على الصعوبات أثناء تصوير المشاهد الخارجية في الدار البيضاء؟ - المدينة بناء بشري يتحرك داخل إطار، صورت مشاهد إسماعيل، الذي جسده عبد الصمد مفتاح الخير، بنفسي وبكاميرا على الكتف. وتحايلت على المسؤولين خلال تصوير مشهد "هروب الفرس" من المدينة، أما باقي المشاهد فكانت عادية. · كيف تحايليت على المسؤولين؟ - صورت المشهد بشارع محمد السادس بالدار البيضاء وهو شارع مهم، لذا تحايلت عليهم وصور المشهد بكاميرا على الكتف دون علمهم لأنهم ما كانوا ليرخصوا لي بالتصوير في ذلك الشارع. · في بداية الفيلم وظفت سعيدة لغة أقرب إلى الشعر للحديث عن شوقها إلى زوجها سعيد، هل محمد العسلي بدأ شاعرا قبل أن يغدو مخرجا؟ - إنني جئت إلى السينما من الشعر. فلي علاقة وطيدة بالشعر، بل إن تكويني الفكري وحسي صقل من خلال الشعر، ووعى الإيطاليون ذلك فبدأت تجربتي السينمائية. · هل اللغة التي وظفتها عائشة قصيدة شعرية؟
- ما تتحدث عنه كتبته باللغة الإيطالية قبل أن يترجم إلى الأمازيغية،
وأعيدت ترجمته بإشراف مني. ربما ما منح ذلك الحوار شحنة شاعرية هو اللغة
الأمازيغية. · اخترت الحديث عن مسار ثلاث شخصيات، وكان من الممكن أن تركز على مسار سعيد وتوظف الشخصيتان الأخريتان لخدمة القصة الأساس لسعيد؟ - الشخصيات الثلاث فسيفساء إثنية في المغرب، عثمان الفارس العروبي وإسماعيل الصحراوي وسعيد الأمازيغي وصاحب المعطم فاسي همه جمع الأموال. اخترت هذا التوجه لأنني لا أصنع الفيلم البطل وأسعى إلى أن يكون الفيلم هو البطل الحقيقي. · كم استغرقت كتابة الفيلم؟ - قرابة أربعة أشهر من البحث عن الشخصيات والأحداث. · ماذا عن مشروعك الثاني؟ - إن "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" فيلمي الثاني في الحقيقة، لأنني كنت بصدد مشروع أول لم يصور بعد، ولم أحدد حتى الآن تاريخا لتصويره. · هل يخيفك نجاحه في المهرجانات السينمائية؟ - أشير إلى أنني كنت على ثقة من أن الفيلم سيلقى النجاح الذي حضي به، وكنت أعلم أنه سيكون فيلما جميلا حتى قبل تصويره وأخبرت عبد الصمد مفتاح الخير بذلك وبكونه سيسيل مدادا كثيرا. · وهل تتوقع نجاحه الجماهيري في المغرب خلال عرضه هذا الأسبوع في القاعات السينمائية؟ - إنني متأكد أن المغربي سيشاهد الفيلم بشكل مختلف عن الأفلام الأخرى وأنه سيتفاعل معه سلبا أو إيجابا. موقع "إيلاف" في 3 ديسمبر 2004 |