كلام جديد عن ظاهرة مستفزة وبرنامج عجيب
|
· قناة «اقرأ» تهلل للفنانات المحجبات وكأنهن رابعة العدوية أو مريم المجدلية... وكأنهن تبن عن الفسوق والعصيان · الفن مثله مثل أي مهنة فيه العفيفات المحترمات وفيه المبتذلات المنحرفات... وقد يوجد في بعض المهن من هن أكثر انحرافا وفجورا · تعيد «القاهرة» نشر هذا المقال للكاتب الإسلامي محمد شبل، بعد الخطأ غير المقصود الذي حدث في العدد الماضي، وأدي إلي الخلط بين هذا المقال ومقال آخر مختلف للكاتب نفسه، نتج عنه تشويش في السياق والفكرة، وإذ نعتذر عن هذا الخطأ نعيد نشر المقال الذي يقدم رؤية جديدة لظاهرة الفنانات المعتزلات. إنه برنامج «مواجهات» علي قناة «اقرأ» الفضائية.. وهي قناة للإعلام الديني الهادف. كما تعلن علي شاشتها ومقدم البرنامج اسمه الأستاذ محمد بركات. الحلقات التي شاهدتها منه كان يستضيف فيها فنانات معتزلات... وطبعا محجبات بعد اعتزالهن. تجلس الواحدة أمامه.. وهو يهش لها ويبش.... وينظر إليها بإعجاب واستغراب وكأنه ينظر إلي واحدة من أهل الجنة. آخر من استضافها كانت الفنانة «صابرين». يسألها: لماذا تحجبت؟ وكيف فعلت ذلك وأنت في قمة الشهرة والشباب والجمال؟موحيا إليها وإلي المشاهد وهو يهنئها علي تحولها إلي طريق الله وكأنها كانت في طريق الشيطان وجهنم وأنقذت نفسها فسارت في طريق الله والفردوس. وتحكي الفنانة عن خلجات نفسها وعن بذرة الإيمان في أعماقها وعن الأحلام التي رأتها أم كلثوم وكانت مريضة وماتت علي صدرها لكنها أهدتها قبل أن تموت شريط كاسيت مكتوباً عليه «القرآن الكريم» كما حلمت برسول الله صلي الله عليه وسلم وهناك من يمسك بكشف يقرأ فيه بعض الأسماء. والأستاذ محمد مقدم البرنامج يرنو مبتسما ويهز رأسه متدلها ويردد: الله. الله. الله!! ويتحدث إليها وكأنها صارت «رابعة العدوية» أو «مريم المجدلية» وقد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب!! وتتوالي الاتصالات التليفونية فالبرنامج علي الهواء ـ من زميلاتها المعتزلات سحر حمدي وهناء ثروت وزعيمتهن ياسمين الخيام، أو الحاجة ياسمين وكلهن بالطبع يسبق أسماءهن لقب «الحاجة». وفي الحديث التليفوني يبارك بعضهن بعضا.. ويتردد علي ألسنتهن الكلمات التي تشبه الماركة المسجلة... والتي يتصورن أنهن بترديدها ملكن «علوم الدين» من أطرافها وأصبحن فقيهات عابدات قانتات مثل: رب العزة.. جزاك الله كل خير.. السلام عليكم.. بارك الله فيك. والموضوع من أساسه لا يحتاج لهذا كله.... وليس مؤهلاً لأن يحتل كل هذه المساحة ويصاحبه كل هذا الضجيج. فالفن مثله مثل أوجه النشاط الأخري.... لا يختلف كثيرا عن وظيفة في وزارة الشئون الاجتماعية أو في وزارة الصحة، فيه العفيفات المحترمات وفيه المبتذلات المنحرفات وقد يوجد من صاحبات هذه الوظائف من هو أبعد عن طريق الله من بعض الفنانات. فأم كلثوم كانت فنانة، وفردوس محمد وأمينة رزق.. وفاتن حمامة وماجدة.. كلهن فنانات قضين أعمارهن يعملن حتي بلغن الشيخوخة ولا أحسب والله أعلم إلا أنه سبحانه راض عنهن بالرغم من أنهن لم يختمن حياتهن بالاعتزال والحجاب. قد تحدث بعض السيئات من أهل الفن... وكلها من الصغائر إذا اجتنبن الفاحشة. وعدم ارتداء الحجاب الذي صيرته الصحوة الإسلامية المغلوطة جريمة لا تغتفر وبابا للدخول إلي النار هو نفسه من الصغائر التي يغفرها الله إن اجتنبت الكبائر والفواحش. وليس الحجاب فريضة إسلامية كما يتردد علي الألسنة... فإن كتاب الله لم يقسم أعمال الناس إلي فرائض وغير فرائض.. وإنما قسمها إلي كبائر وصغائر. والآن إلي السؤال المهم الذي يهم أهل الفن وغيرهم: ما هو المطلوب من المسلم حتي يطمئن أنه قام بما يؤهله للفوز في الدنيا والآخرة؟ حتي لا نتوه في الدهاليز التي صنعها بعض الدعاة المتنطعين الذين هجروا القرآن ولجأوا إلي مصادر أخري لا تفيد اليقين... فحرموا المباح.... وأصدروا أحكاما ما أنزل الله بها من سلطان، نحسب أن ما يطلبه الله من المسلم والمسلمة هو ما يلي: أولا: إقامة العبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج... إقامتها أي أداؤها والوصول عن طريقها إلي حسن الخلق... لأن أداءها فقط... وكذلك قراءة القرآن والتسبيح وغيرها من الطقوس التي تشملها العلاقة بين العبد وربه، لا تحصد الحسنات.. واقرأ قول الله تعالي: «إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر».. فمن لم تنهه صلاته ذهبت هباءً منثورا.. وتأمل عبارة: «ولذكر الله أكبر»... ذكر الله هنا هو تذكره وعدم نسيانه، لا ينساه الإنسان في حالة العمل فإذا اشتري تذكر الله بقوله: «ولا تبخسوا الناس أشياءهم» «الأعراف ـ 85» وإذا باع تذكر قول الله: «ولا تنقصوا المكيال والميزان» «هود ـ 84» وهكذا في بقية أوجه التعامل وهذا هو الذي نقول عنه: «الإنسان ذو الضمير الحي». ثانيا: اجتناب الكبائر:وقد حددها القرآن في الآيات من 151 -153 من سورة «الأنعام» والتي تبدأ بقول الله تعالي للرسول الكريم: «قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم»... وهذه الكبائر هي: الشرك بالله.. عقوق الوالدين... قتل الأولاد من الفقر... الفواحش... قتل النفس البريئة... أكل ما اليتيم.. الغش في الكيل والميزان.. الكذب عدم الوفاء بالعهد. قتل الأولاد بسبب الفقر يعني الإجهاض بسبب الفقر، والفواحش هنا هي الزنا، أما أي علاقة بين ذكر وأنثي لا تنتهي بالجماع الجنسي فهي ليست من الفواحش، وعدم الوفاء بالعهد يدخل فيه مخالفة ميثاق شرف المهنة» وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام قول مختصر هو: «أكبر الكبائر: الشرك بالله والإضرار بالناس» أما السيئات الصغيرة التي ليس فيها إضرار بأحد فيغفرها الله قال تعالي: «إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما» «النساء ـ31». ثالثا: حسن معاملة الناس:وأقصد جميع الناس مسلمين ونصاري ويهوداً وبوذيين وهندوس إلي آخر العقائد غير السماوية الطائع، منهم والعاصي... وليس لنا حيالهم إلا النصحية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «وليس تغيير المنكر باليد» والدعوة بالحكمة، والموعظة الحسنة. وأراني مضطرا لتصحيح هذا الخطأ الجسيم عند بعض الناس حين يقبلون أهل دينهم ولو كانوا أشرارا، ويرفضون الآخرين ولو كانوا أخيارا.. فإن مقياس القبول عند الله هو «التقوي» والمتقون موجودون في كل دين وفي كل شريعة.. وليكن المبدأ هو قول الله : «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفي بربك وكيلا» «الإسراء ـ65». رابعا: صفاء النفس ونقا ء القلب :ذلك لأن الله تعالي يحاسب علي دخائل الأنفس فقال تعالي: «وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله» «البقرة ـ 284» كما قال تعالي: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم» «الشعراء ـ 88» والقلب السليم هو الخالي من الآفات الخلقية كالأنانية والغرور والحسد والبغضاء..ولقد أعجبني قول الشيخ محمد الغزالي: معاصي القلوب أخطر من معاصي الجوارح فهذه المعاصي سرطان يأتي علي الإيمان من القواعد. هذا هدي قرآننا...و«لا يكلف الله نفسا إلا وسعها». جريدة القاهرة في 30 نوفمبر 2004 |