حوار تاريخي علي بعد 2500 كيلو متر من القاهرة يوسف شاهين يتكلم: أمريكا تعيش الآن « أحط» عصورها روما - أيمن الحكيم |
· عشقت أمريكا في الستينات .. كانت ممتعة وجميلة ورقيقة .. وكرهتها بسبب سياسة بوش الغبية وأفلام العنف البشعة · الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي لن تفرضهما أمريكا.. من يريد الديمقراطية ياخدها من «بق» السبع. · لست مع عودة مؤسسة السينما ورجوع الدولة للإنتاج .. نجيب محفوظ وموظفو المؤسسة «طلعوا ديني»! · لو التليفزيون عايزني أخرج مسلسلا يعطيني 7 ملايين جنيه وسنتين تحضير · النجاح الساحق لأفلام اللمبي وعوكل إدانة للمجتمع المصري كله ودليل خلل فادح · مشروع الشرق الأوسط الكبير يتلخص عندي في جملة واحدة: أمريكا عايزة خدامين! رب صدفة خير من مليون ميعاد فخلال العام المنقضي كنت أرتب لحوار مطول مع مخرجنا الكبير يوسف شاهين بمناسبة فيلمه الجديد الرائع «إسكندرية نيويورك»، وما طرحه من قضايا وما أثاره من خلافات .. هذا بالإضافة إلي أن يوسف شاهين بالذات لا يحتاج إلي مناسبة لتحاوره فدائما تجد عنده الجديد والمفيد. باظت كل الترتيبات لإجراء هذا الحوار لإنشغاله بتصوير الفيلم ومونتاجه وعرضه ومتابعة رد الفعل حوله بالإضافة إلي أن أحواله الصحية كما قال لي مساعدوه - ليست علي ما يرام ولا تسمح بالمراد. ثم يشاء ربك أن يحدث لي كرما مفاجئا شبيها بما حدث لعبد السلام النابلسي في فيلم «شارع الحب» عندما دعا الله أنيرزقه بطبق طعام دسم بدلا من العيش الحاف الذي عافته نفسه من طول انفراده بمعدته، فإذا بحلة ملوخية ساخنة تهطل عليه من السماء «بلكونة جارته زينات صدقي» مما جعله يرفع يديه إلي المولي بطريقته التي تستعصي علي التقليد ويخاطب السماء بجملته التي صارت أشهر من الفيلم كفاية .. ماتبسطهاش أكتر من كده! بعد أن باظت كل الترتيبات لإجراء الحوار مع يوسف شاهين في القاهرة، وتعذر الوصول إليه إذ به بشحمه ولحمه يقضي معنا أربعة أيام بلياليهن وتتاح لي فرصة نادرة لأكون إلي جواره كل هذا الوقت. لم تكن الفرصة «مجانية» إذ كان علي أن أقطع 2500 كيلو متر بطائرة إيرباص تحلق علي ارتفاع 26 ألف قدم من سطح البحر وتطير بسرعة 774 كيلومترا في الساعة لتقطع المسافة بين القاهرة وروما في نحو ثلاث ساعات. جاء يوسف شاهين إلي روما لتكريمه في الدورة العاشرة لمهرجان Med Film لأفلام البحر المتوسط الذي أختار السينما المصرية لتكون ضيف شرف هذا العام، ولعب الكاتب والأديب المصري محمد سلماوي «رئيس لجنة التحكيم» دوراً كبيراً في الترتيب لهذا الحدث وخروجه بشكل يليق بتاريخ السينما المصرية وعراقتها. جاء يوسف شاهين إلي روما حاملا شغبه وجنونه وتمرده ليملأ ليالي المهرجان بهجة وحضورا وألقا.. وحكايات صاخبة. كنوع من التقدير والاحتفاء به انزلته إدارة المهرجان ضيفا علي قصر ميدتشي مقر الأكاديمية الفرنسية وهو أحد أشهر قصور روما الأثرية، وكان ملكا لعائلة ارستقراطية في عصور النهضة الأوروبية اشتهرت برعاية الفنون والأدب. والقصر في ذاته تحفة معمارية ودخوله في حد ذاته يحتاج إلي «واسطة» لأن عليك أن تمر بإجراءات أمن صعبة .. ولكن «جو» الذي اعتاد أن يتدفأ بالناس رأي في القصر الأثري الفاخر بمثابة منفي .. وسجنا .. وعذابا، فطلب نقله إلي الأوتيل الذي ينزل به الوفد المصري. ولم تمر هذه الحادثة علي چو مرور الكرام إذ صنع منها حادثة كانت حديث كل المهرجان .. راح يحكي لنا عن الأشباح التي رأها في الليلة التي قضاها في ميدتشي، وظهرت له في غرفته ذات السقف المرتفع جدا والإضاءة الخافتة، والهدوء المزعج، طار النوم من عينه وكان عليه أن يقضي الليل في متابعة ومحاورة الأشباح التي تتراقص أمام عينه.. بطريقته الفذة في الحكي استحوذ يوسف شاهين علي آذان واهتمام الجميع، خاصة عندما كان يقص جانبا من ذكرياته القديمة كحديثه عن فترة التحضير لفيلمه الشهير «الناصر صلاح الدين» ورفضه لترشيح عز الدين ذو الفقار - المخرج الأول للفيلم والذي مات قبل أن يبدأ تصويره - لشقيقه ممدوح ليقوم بدور صلاح الدين .. قال جو: كانت تبقي كارثة لو ممدوح عمل الفيلم، لأنه لم يكن يليق للدور .. أيامها ذهبت إلي هيكل «وكان في عز مجده وسطوته» وسألني بحكم الصداقة عن عملي القادم، ولما أخبرته أنه فيلم عن صلاح الدين شعر باستغراب ثم تحمس وطلب مني أن أبذل كل جهدي ليخرج في شكل لائق، فقلت له: خلاص خللي صاحبك «يقصد عبد الناصر» يدينا 20 ألف عسكري من الجيش علشان المعارك الحربية في الفيلم، وعلشان تخرج بالشكل اللي يرضيني .. فقد رفضت أن استعين بمخرج اجنبي لتنفيذ هذه المعارك وصممت علي أن أقدمها برؤيتي الخاصة. تكلف الفيلم كثيرا .. حتي ان آسيا منتجة الفيلم قالت أنت خربت بيتي .. فقد باعت كل ما تملك لتمويل الفيلم.. وفلست بالفعل .. لكنه صنع مجدها كمنتجة تفتقدها الآن بشدة». حوار تاريخي وعندما جلست إليه لأحاوره داعبته قائلا: إنه حوار تاريخي .. ولما كشفت ابتسامته عن دهشته أوضحت «لأنه يتم في مدينة تاريخية وفي أوتيل قديم يعود إلي القرن الثامن عشر». وسألته: يعرض المهرجان فيما يعرض لك من أفلام تمثل مراحل مشوارك الفني فيلم «باب الحديد». وكأنه فهم مغزي السؤال قبل أن أتمه فقال: لما اتعرض الفيلم لأول مرة سنة 1958 الجمهور «تف في وشي».. هذا حدث بالفعل وليس مبالغة .. كان الفيلم بالنسبة للجمهور يومها بمثابة صدمة لم يتحملوها .. وعبر أحدهم عمليا عن تلك الصدمة بهذه البصقة .. حتي أسرتي غضبوا مني جدا بسبب هذا الفيلم، وشافوا أنه كارثة ما كان لي أن ارتكبها.. أنا نفسـي قعدت بعده نحو أربع سنين من غير شغل وكان علي أن اتجاوز هذه المحنة .. لكن كان عندي يقين إني صح. بعد 40 سنة اكتشفوا أني كنت عبقريا وأنه فيلم تحفة بل اعتبروه من أهم عشرين فيلما في تاريخ السينما العالمية. · عندك مشكلة مع الجمهور في مسألة التلقي؟ - أفلامي تخاطب عقل الجمهور ولا تزغزغة .. لازم تركز وأنت بتشوف أفلامي .. ما ينفعش تدخل تتفرج وأنت قاعد تقزقز لب ومشغول بالبصبصة للستات.. وبعدين تطلع تقول إنه فيلم صعب! · بمناسبة «باب الحديد».. هناك أصوات ترتفع الآن تترحم علي أيام مؤسسة السينما، وأن السينما المصرية ضاعت بعد عصر المؤسسة ويطالبون الآن بعودة الدولة لتتولي مسئولية الإنتاج ما تعليقك؟ - لا..أنا شخصيا مش عايز مؤسسة السينما ترجع لأني عايز أبقي متحرر .. أنا كنت دائما في حالة خناق مع المؤسسة وموظفيها لأنهم تعبوني جدا بعقلياتهم المتخلفة.. صعب أنك كمبدع تتعامل مع موظفين وروتين حتي ولو كان الموظف في قامة نجيب محفوظ. نجيب - أيام توليه مسئولية مؤسسة السينما - كان يصحو من النجمة ويقعد يشتغل لغاية سبعة الصبح، وبعدين يروح القهوة بتاعته ثم يطلع علي مكتبه في المؤسسة .. فجأة يتحول من مبدع عبقري إلي موظف بتعريفة.. حتي المبدعين اللي مسكوا المؤسسة «طلعوا دين أمي»! ولا تنس الصراعات الصغيرة والغيرة والحاجات الهايفة اللي كانت ممكن تعطلك وتستنزف مجهودك. · ولكن المؤسسة - رغم كل هذه العيوب- هي التي قدمت وأنتجت الأفلام الخالدة في تاريخنا السينمائي؟ - عملوا حاجات مش بطالة زي «الأرض».. لكن هات لي واحد فاهم دلوقتي ممكن تضعه علي رأس مؤسسة للسينما .. فيه صعوبة شديدة إن الدولة ترجع تنتج وتتولي عجلة الإنتاج في السينما .. ولو جابوا واحد مش فاهم ممكن يلخبط الدنيا وتسوء الحكاية عن الحاصل الآن. · من بين الاقتراحات المقدمة أن تتبني الدولة النموذج الفرنسي في دعم السينما؟ - أيوه .. تدعم ولا تنتج .. أنا موافق .. ولعلمك النظام الفرنسي الذي تتحدث عنه أنقذ السينما الفرنسية والسينما العالمية كمان .. لأنهم عملوا إنتاجا مشتركا مع سينمات عالمية لها قيمتها وبينها السينما المصرية. ممكن لو طبقنا النموذج الفرنسي - بشروط فنية - حال السينما عندنا ينعدل. · ألا تشعر بانزعاج من هذا الرواج الهائل للأفلام الكوميدية التافهة في السنين الأخيرة؟ - تقصد إيه؟ · أفلام مثل اللمبي وعوكل وميدو .. وشركائهم؟ - ممكن فيلم زي «الليمبي» ـ يجيب 24 مليونا وأنا أجيب ثلاثة فقط .. لكن لا أريد أن ألوم الجمهور وأحمله المسئولية واهاجم ذوقه الفاسد .. نجاح أفلام الهلس إدانة للمجتمع كله، لأنه دليل علي وجود خلل شديد في المجتمع .. سياسيا واجتماعيا وتعليميا واقتصاديا .. لازم نعالج الخلل ده قبل أن نهاجم الذين يتزاحمون علي مشاهدة عوكل واللمبي. لكن أنا عايز أقول حاجة .. أي فيلم مصري مهما كان يجيب فلوس حلال عليه لأنه أحسن من فيلم أمريكي ييجي يكسر الدنيا وياخد فلوسنا ويبوظ دماغنا بمشاهد العنف والجرافيك والألباندا..!! · استغربت هجومك العنيف علي أمريكا في فيلمك الجديد «إسكندرية نيويورك» مع أنك عاشق قديم لأمريكا؟ - أنا شايف إن فيه حالة تدهور مرعبة في المجتمع الأمريكي.. مش هي دي أمريكا اللي عرفتها زمان .. فيه حالة انهيار مفزعة في كل حاجة .. ؤؤكد لك أن نسبة الأمية بين الأمريكان تزيد علي 80% .. فيه أمريكان دلوقتي لا يعرفون ولا يتقنون الحديث بالإنجليزية. خذ مثلا الممثل اللي اختاروه حاكما لولاية كاليفورنيا «يقصد أرنولد شوار زينجر» ده واحد ما بيعرفش يتكلم انجليزي، وعنده» لكنة «غريبة جدا في كلامه.. أجيب بغل زي ده وأعمله حاكم إزاي؟! هذا التدهور الرهيب في المجتمع الأمريكي ضايقني جدا .. وبخاصة في سياستهم الخارجية.. السياسة الأمريكية تعيش الآن أحط عصورها في عهد بوش .. لما اكتشفت أنه جاهل وكذاب وغشاش بطلت اتفرج علي الـ C.N.N وحتي محطة الـ B.B.C الإنجليزية التي كانت في يوم من الأيام أجدع وأجرأ محطة بطلت أصدقها خاصة لما بيتكلموا عن الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي. · وهل أنت ضد الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي؟ - شوف... الديمقراطية عمرها ما تيجي من بره وكإنك بتستورد موتوسكل .. لو الشعب المصري عاوز ديمقراطية لازم هو اللي يخترعها.. لازم تاخدها من بق السبع زي ما قالت هند رستم في باب الحديد من 50 سنة. يا أخي أنا أشعر بالكسوف لأن ثلاثة أرباع دول إفريقيا المتخلفة بقت أكثر ديمقراطية من الدول العربية .. وبقوا متحررين أكثر منا. · علي هامش تكريم جورباتشوف في مهرجان روما .. تتصور أن انهيار الاتحاد السوفيتي هو سبب الكوارث التي نعيشها الآن؟ - أولا أنا ضد الذين يقولون أن جورباتشوف كان متآمرا وعميلا وأنه سبب انهيار الامبراطورية السوفيتية وانفراد أمريكا بالعالم .. الإمبراطورية كانت بايظة أصلا من جوه، ولما حاول هو الإصلاح انهارت قبل أن تنجح محاولاته .. جورباتشوف أراد أن يعود للخط الاشتراكي الأصلي ويضفي جوا من الديمقراطية علي بلد ديكتاتوري ولكنه فشل. أما كوارثنا فنحن سببها ولا أريد أن أحمل أحدا خطايانا وأسباب هزيمتنا وضعفنا. · من القوة العالمية الصاعدة التي ترشحها لتكون القطب الثاني في مواجة أمريكا؟ - ياعم وأنا مالي .. مابحبش حكاية الفرضيات دي .. لازم نتعايش مع الواقع ولا نسبح في الخيال .. خلينا في مسألة حوار الطرشان بيننا وبين الغرب. · أراك متشائما جدا؟ - طبعا .. في ظل المسيحية الصهيونية التي تحكم العالم وسيطرة اليمين المتطرف علي البيت الأبيض لا تتوقع خيرا.. فيه واحد غبي فاكر نفسه المسيح اللي هيخلص العالم من الشرور، ونازل قتل وبلطجة بحجة حماية العالم من الإرهاب .. يعني الـ150 ألف عراقي اللي قتلهم كانوا إرهابيين؟! ومن اعطاه الحق في تصنيف البشر إلي ارهابيين وأمريكيين؟! · في إسكندرية نيويورك ظهر بوضوح؟ - «مقاطعا» أيوه .. قلتإأحنا وأمريكا في الظروف دي مش ممكن نتفق أبدا .. وإن الحوار مش هيحصل.. الأب المصري والابن الأمريكاني مش عايزين يتفاهموا رغم الحب والإعجاب.. الولد راح شاف أفلام أبوه فتأثر وتأكد أنه موهوب .. والأب لما اتفرج علي موهبة ابنه شاف أنه عبقري .. لكن لم يحصل اتفاق بينهما .. كان واضحا أن المصالح متضاربة .. بالمناسبة محمود حميدة عمل الدور هايل. · طيب بالمناسبة النقاد قالوا إنه - أي حميدة- أفضل من جسد شخصية يوسف شاهين في سلسلة سيرته الذاتية.. وأنه كان أكثر براعة من نور الشريف في إسكندرية ليه؟ - نور الشريف كمان كان ممتعا بس النقاد علشان أغبياء لما أحبوا يدلعوا الفيلم بوظوا الدنيا.. أنا مش عاوز دلع ولا مجاملة، عايز نقد حقيقي .. علشان تكتب نقدا لازم تكون ملما بكل ما كتب من ارسطو حتي الآن. للأسف عندنا مشكلة كبيرة في النقد .. والنقاد مش فاهمين حاجة .. صعب جدا تلاقي ناقد فاهم وواعي لن أقول في مستوي چورج سادول .. بس علي الأقل يكون بيفهم. علي العموم فإن المغزي الأساسي للفيلم كان واضحا وهو أن المجتمع الأمريكي تغير للأسوأ .. وأياكم أن تصدقوا دعواتهم للإصلاح والديمقراطية .. إنهم يهدفون من وراء تلك الدعوات الخبيثة إلي قيام الشرق الأوسط الكبير الذي تسيطر فيه أمريكا وإسرائيل علي العالم كله. · وهذه هي رؤيتك لمشروع الشرق الأوسط الكبير؟ - أيوه .. أمريكا عايزة خدامين مش أصدقاء.. في المشروع الجديد فإن علي الجميع أن يخدم أمريكا وإسرائيل وإلا سيدخل في خانة الإرهاب. وأكثر ما يضايقني في هذا المخطط أنه يصر ويركز علي إيجاد علاقة بين الإسلام والعرب وبين الإرهاب.. فكل عربي أو مسلم ارهابي إلي أن تثبت براءته.. نزعة التطرف ضد العرب والمسلمين في الغرب أنا حاسسها من 15 أو 20 سنة وكلمت شيراك فيها وقلت من الخطأ أن تربطوا الإرهاب بالإسلام. هذا أسلوب دعائي رخيص يذكرك بأسلوب اليهود في ابتزاز العالم بالمحرقة النازية .. وعلي حس هذه المحرقة بقي كل يهودي في العالم مليونيرا بسبب فلوس التعويضات التي حصلوا عليها من العالم أجمع. · هل اسكندرية نيويورك هي نهاية الحلم الأمريكي عند شاهين؟ - يمكن .. أمريكا كانت ممتعة من 50 سنة لما كنت هناك .. حتي السينما الأمريكية كانت جميلة .. نجومها وموضوعاتها .. دلوقتي أفلامهم أصبحت خالية من الجمال .. كلها عضلات ومسدسات وعنف ودم وحاجة تقرف. السياسة الأمريكية أصبحت أسوأ من أفلامهم .. كان عندي اشارات من 15 سنة عن توحش السياسة الأمريكية، ولكن لم أتصور أن تصل إلي هذا الحد من الغباء .. لما سمعت بوش يصف الحرب علي العراق بأنها صليبية شعرت بالفزع .. وكرهته .. وقلت إزاي «...» ده عاوز يحارب دين، واتباعه يزيدون علي مليار و300 مليون مسلم. علشان كده اعترف أن إسكندرية نيويورك هو فيلمي الوحيد ـ أو يكاد ـ الخالي من التفاؤل .. كل أفلامي متفائلة ما عداه.. حتي الأرض كان المشهد الأخير لفلاح يحرث الأرض بيديه في معان لا تخلو من التفاؤل. عرفات · حزنت علي عرفات؟ - أكيد. · لو عملت فيلما عن عرفات أي جانب في حياته سيجذبك؟ - مش هعمل فيلم عن عرفات .. يبقي ما عملتش فيلم عن عبد الناصر هعمله عن عرفات حتي لو كانت حياته كلها دراما.. أي بني آدم حتي سيادتك ممكن تبقي في حياته قصة تنفع فيلم .. إنما الأمور عندي مش كده. · قرأت أخبارا عن مشروع فيلم سيجمعك بعمر الشريف؟ - لا .. أنا لا أعمل أفلام تفصيل لأحد .. أكتب السيناريو أولا ثم اختار الكاست المناسب. · بالمناسبة .. مارأيك في فيلم عمر الشريف الأخير «السيد إبراهيم وزهور القرآن»؟! - أنا اللي أديته الجايزة في مهرجان فينسيا وكنت رئيسا للجنة التحكيم .. الفيلم عاجبني جدا، لأنه يحمل رؤية إنسانية جميلة عن علاقة رجل مسلم من المهاجرين الجزائرين في فرنسا بابنه والحوار والخلاف الدائم بينهما طول الوقت. فيلم هايل .. وخاصة أنهم بيتكلموا عن الإسلام بأدب شديد واحترام وتسامح لأول مرة. · عرض الفيلم في أسبوع الفيلم الأوروبي الذي نظمته ماريان خوري في القاهرة منذ أسابيع .. ولاقي الأسبوع نجاحا ملفتا، وشاهد الجمهور المصري سينما أوروبية بعد غياب .. في رأيك .. لماذا تراجعت السينما الأوروبية في السنين الأخيرة؟ - لأن الجيل الجديد من السينمائيين الأوربيين «شلفطوا» السينما الحلوة اللي كانت موجودة في الستينات.. الشباب لم يكونوا ملمين باللغة المرئية ولا بكتابة الدراما، ومش فاهمين هم عايزين إيه .. بوظوا السينما الأوروبية .. علشان كده لم نتفاعل مع أفلامها الجديدة .. فيها حاجة غلط .. حتي لما بيعملوا مشاهد الجنس بيعملوها بقرف! السينما الإيطالية والفرنسية التي رأيناها في شبابنا كانت أكثر روعة وسحرا .. الموجات الجديدة ليست علي نفس المستوي . · هل رأيك كذلك في شباب السينما المصرية؟ - لا .. احنا عندنا أولاد كويسين قوي .. وأنا في كل فيلم حريص علي تقديم اسماء جديدة .. أمام الكاميرا أو خلفها .. عندنا مواهب حقيقية بس لازم تربيها وتعلمها وتمنحها فرصا حقيقية. عندنا مثل شعبي يقول «اللي خلف مامتش» وأنا أقول لك «اللي علم ماماتش» وأنا خلفت وعلمت أولاد كويسين قوي .. يعني لو «فطست» هتلاقي ورايا ناس أحسن مني .. عايز أقول لك إن الجيل الجديد مظلوم، لأنه لا يجد نصوصا حلوة تبرز مواهبة.. الورق وحش والسيناريوهات متنيلة علي عينها. في رمضان اللي فات اتفرجت علي 7 مسلسلات الناس فيها قاعدة تتكلم ولا تعرف عايزين يقولوا ايه. حتي مستوي التمثيل تدهور.. قارن بين مستوي الشبان ومستوي أحمد يحيي بطل «إسكندرية نيويورك» أحمد كان ممتعا، مع أنه أول مرة يمثل .. شوف احساسه وحضوره وحركته .. ده لأني قعدت أعمل له 6 شهور بروفات وأشرح له خلفية الدور وأتكلم معاه في كل صغيرة وكبيرة .. هو ده الفرق. · ما شروطك لإخراج مسلسل للتليفزيون؟ - يدوني 7 ملايين جنيه.. ويمنحوني وقتا .. يعني يستنوا علي سنتين ثلاثة .. علشان كده لن يطلبوني في التليفزيون. روما · هذه زيارتك الأولي لروما؟ - لا .. أنا زرتها من 20 سنة.. وجاءتني دعوات كثيرة لزيارتها كنت أرفضها وأهرب منها. · والسبب ؟ - كان عندي أصدقاء فيها ماتوا.. وكان صعبا علي أن أزورها بدونهم. أما إيطاليا فقد جئتها لأول مرة عام 1955 عندما عرض فيلمي «ابن النيل» في مهرجان فينسيا .. واظنها كانت الدورة الثانية في عمر المهرجان، ثم زرتها مؤخرا كرئيس للجنة التحكيم في دورة المهرجان الأخيرة. · عجبتك روما؟ - أكيد .. كل حاجة هنا حلوة ماعدا الأشباح اللي شفتها في قصر ميدتشي! جريدة القاهرة في 30 نوفمبر 2004 |