المخرجة الإيرانية بوران درخشندة: استغلال المرأة يحد من نموها المجتمعي منتظر الفيلي |
تعيش السينما الايرانية التي يطلق عليها حالة من الراحة المفعمة بالنجاح الباهر الذي حققته على المستويين الداخلي والخارجي وحصدها للعديد من الجوائز في المهرجانات والمسابقات الدولية خلال السنوات القليلة الماضية. ونالت هذه السينما التي شقت طريقها بسرعة للوصول الى الشهرة العالمية اعجاب الكثير من المشاهدين والنقاد السينمائيين العالميين لانها استطاعت بخصوصيتها الفريدة تحقيق النجاح المرجو بعيدا عن مشاهد الاثارة والاغراء والاهتمام بقضايا المجتمع والاسرة. وما يميز هذه السينما عن سواها هو تبنيها للكثير من المواضيع الحساسة كنقد الحكومة وقوانينها او بعض القيود المتشددة المفروضة على المجتمع الايراني والتطرق لقصص الغرام والحب بلغة هادئة الى جانب الالتزام بالضوابط والمقررات الموضوعة من قبل لجان المراقبة والاشراف على الافلام السينمائية. وللمرأة الايرانية مساهمة فاعلة فيما حققته هذه السينما كممثلة او مخرجة او كاتبة حيث لمعت اسماء العديد من الايرانيات في عالم السينما ومنافستهن للرجال على الرغم من كل المضايقات والمحظورات التي تواجهها المرأة في هذا المجال. وترفض المرأة الايرانية المعروفة بمثابرتها الدؤوبة لتحقيق اهدافها وطموحاتها ان تكون وسيلة وأداة للآخرين للوصول الى غاياتهم واهدافهم حيث تكافح لانجاز المساواة بينها وبين الرجل في كل شئون الحياة ودون اي تمييز. وفي هذا الصدد تقول المخرجة والكاتبة السينمائية السيدة بوران درخشندة في حديث خاص مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) انها تعمل الى جانب زميلاتها الثلاث اللواتي يعملن كمخرجات سينمائيات بطرح قضايا المرأة وهمومها منها مشاكل الادمان على المخدرات والطلاق والزواج واظهار حقوق المرأة وواجباتها في المجتمع. واضافت درخشندة وهي اول امرأة عملت كمخرجة سينمائية في ايران منذ اكثر من ٨١ عاما ان السينما الايرانية تسعى الى جانب تسلية مشاهديها واقامة علاقة وثيقة معهم من اجل ايصال رسالتها الى الجميع بطريقة بسيطة ومفهومة. وتابعت المخرجة التي نال اول افلامها السينمائية (العلاقة) عام ٨٨٩١ بإحدى جوائز مهرجان اقيم سنة ٩٨٩١ بايطاليا ان السينما التي لا تحمل رسالة محددة فلا يمكن لها الاستمرار والبقاء لانه ليس من المهم من ينتج الفيلم امرأة كانت ام رجلاً بل المهم هو مضمون الفيلم ومحتواه المعنوي. ورأت درخشندة التي تعمل اضافة الى عملها كمخرجة سينمائية في كتابة السيناريوهات واعداد الافلام ان سر نجاح العديد من الافلام الايرانية ووصولها الى الشهرة العالمية يعود الى تناولها للقضايا الاجتماعية والانسانية دون استخدام الاغراءات الانوثية. وحول ما اذا كان الحجاب الذي ترتديه المرأة الايرانية خلال تمثيلها يؤثر سلبا على نجاح الاعمال السينمائية قالت درخشندة ان نوعية الحجاب والثياب التي ترتديها المرأة ليس له تأثير على نجاح العمل او قد يقلل من حظوظ نجاحه مشيرة الى ان الكثير من الافلام الايرانية التي حصلت على الجوائز العالمية في مختلف المهرجانات الدولية كانت المرأة فيها محجبة. وتعارض هذه المخرجة الايرانية بشدة استغلال المرأة كوسيلة للتسويق التجاري والاعلاني لنجاح الافلام السينمائية موضحة ان مثل هذا الاستغلال السيئ والبشع يحد من نموها بشكل صحيح ويكبح طموحاتها للوصول الى حقوقها الطبيعية كفرد من افراد المجتمع. واشارت الى ان السينما كانت في العهد الملكي السابق حكرا على الطبقة المترفة والغنية حيث كانت اغلب شرائح المجتمع الايراني المحافظ ترفض الذهاب الى صالات السينما لعرضها مشاهد غير اخلاقية تسيء الى عقائد وتقاليد المواطنين الا انها وبعد الثورة الايرانية عام ٩٧٩١ تحولت هذه السينما الى مكان يرتاده الجميع من رجال ونساء واطفال لهذا الامر يطلق عليها (سينما الاسرة). ومن ابرز اعمال هذه المخرجة هو فيلم (حب بلا حدود) الذي اخرجته بالتعاون مع فنانين من الولايات المتحدة الامريكية عام ٠٠٠٢ وبمشاركة فنانين اجانب من بينهم (داني كوين) ابن الممثل العالمي القدير (انطوني كوين) الذي لعب دور الطبيب الايراني في هذا الفيلم. وتصف درخشندة السينما بانها لغة عالمية تتخطى الجنسيات واللغات والاديان حيث تجمع بين الشعوب بمختلف انتماءاتها في عالم واحد صغير. يذكر ان تاريخ السينما الايرانية يعود الى ما قبل مائة عام أي سنة ٠٠٩١ عندما كان الملك الايراني مظفر الدين شاه في رحلة الى عدد من البلدان الاوروبية حيث اشترى في وقتها اول آلة تصوير ونقلها الى البلاد الا ان الحقبة الذهبية لهذه السينما بدأت متأخرة أي اوائل عقد التسعينات بوصول اول افلامها الى المهرجانات الدولية. كما يشار الى ان هذه السينما تنتج سنويا نحو ٠٨ فيلما سينمائيا حازت الكثير منها خلال الاعوام الماضية على العديد من الجوائز العالمية كفيلم (طعم الكرز) للمخرج المعروف عباس كيارستمي و(اللوحة السوداء) للمخرجة الشابة سميرا مخملباف وفيلم (رحلة الى قندهار) من اخراج والدها المخرج محسن مخملباف وفيلم (السلاحف تسطيع الطيران) للمخرج بهمن قبادي المعروف هو الآخر في عالم السينما والذي يعرض فيلمه حاليا في اليابان. وفتحت اولى صالات العرض السينمائي في ايران عام ٤٠٩١ بطهران فيما يبلغ عدد الصالات حاليا الى اكثر من ٠٦ صالة في العاصمة الايرانية طهران. الأيام البحرينية في 30 نوفمبر 2004 |