شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

ضوء ...

النقد السينمائي العربي وعصر المعلومات

عدنان مدانات

 

 

 

 

 

 

 

من المشاكل التي تعاني منها البحوث والمقالات المتعلقة بالسينما العربية والتي  يعاني منها بشكل خاص النقد السينمائي في العالم العربي بالعلاقة مع السينما العربية تحديداً، ماضياً وحاضراً، أفلاماً ومواضيع وقضايا تتضمنها وتطرحها الأفلام، عدم وجود قاعدة عربية للمعلومات على شبكة الانترنت حول السينما والأفلام العربية، شاملة ووافية، تسعف الناقد والباحث والمهتم وقت الحاجة.

تحتوي شبكة الانترنت، ومن خلال عدد لا يحصى بسهولة من المواقع المتخصصة، على كم هائل من المعلومات الموسوعية حول السينما نصا وصورة، معلومات لا تكتفي بالأفلام بل تشمل كافة المجالات النظرية والتقنية والصناعية المرتبطة بالسينما. تقدم هذه المعلومات  دعماً كبيراً للنقاد والباحثين السينمائيين، خاصة منهم الذين لا يكتفون بالتحليل المجرد  الذي يعبر عن مفاهيمهم الخاصة وآرائهم بل يهتمون بالدقة والمصداقية المعلوماتية. وإذ صارت قواعد المعلومات السينمائية هذه ترتبط الآن بوسيلة الانترنت، فإن أساسها كان قائما منذ زمن ما قبل الانترنت، وهي كانت، من ناحية، نتاج عقل منظم وجهد توثيقي كان يمارسه منتجو الأفلام والنقاد والباحثون السينمائيون في العالم ويعممونه من خلال وسائل الإعلام والدوريات والمطبوعات السينمائية المتخصصة على اختلاف أنواعها والتي بدورها يسرت إمكانية تجميع ونقل كل هذه المعلومات إلى مواقع شبكة الانترنت، ومن ناحية ثانية، نتاج مستوى حضاري متطور علميا وتقنيا  تشكل فيه الدقة المعلوماتية ركيزة أساسية من ركائزه.

الغالبية العظمى من هذه المعلومات الموسوعية الموثقة المنشورة عبر الانترنت والخاصة بمجال السينما عموماً والأفلام السينمائية خصوصا متاحة للمهتمين بلغات ليس للعربية منها نصيب إلا النزر اليسير.  ولا يقتصر الأمر فقط على اللغة العربية وحدها، بل يتعدى ذلك أساسا إلى نقص المعلومات باللغات الأساسية المستخدمة في شبكة الانترنت حول السينما العربية بحد ذاتها وكذلك حول الأفلام العربية سواء منها المنتجة حديثا أو التي تنتمي إلى مراحل تاريخ السينما العربية، والتي نادرا، أو قليلا،  ما نعثر على معلومات وافية عنها على شبكة الانترنت تشفي غليل الباحثين.

وإذا كان هذا الأمر مبرراً أو مفهوماً  فيما يخص المواقع غير العربية، فإنه يصعب فهمه وتبريره فيما يخص المواقع العربية عامة أو، تحديداً المواقع التي تعلن عن نفسها كمواقع متخصصة في السينما. وإذا كان هذا الأمر أيضا يبدو طبيعيا في السابق، أي في عصور ما قبل الانترنت، فإنه في العصر الحديث، والذي بات يوصف بأنه عصر المعلومات، لا يمكن فهمه والتعامل معه إلا باعتباره دليل تخلف.

قبل عصر الانترنت، كانت المقالات المنشورة في الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية والدوريات العربية سواء منها الثقافية العامة أو المتخصصة بالفن السابع المصدر الوحيد للمعلومات حول السينما والأفلام العربية، يضاف إليها الكتب القليلة التي كانت تصدر بين الحين والآخر في أنحاء العالم العربي والتي تكون في معظمها نتاج تجميع مقالات سبق لها وان نشرت في الصحف والمجلات. ومن السهل لأي متابع أن يلاحظ أن معظم ما كان يكتب وينشر في السابق من مقالات بأفلام كتاب ونقاد عرب، كان يركز على عرض آراء الكتاب والنقاد وانطباعاتهم حول الأفلام التي يشاهدونها ويتجاهل توثيق المعلومات المتعلقة بالأفلام مهما كانت بسيطة، مثل المعلومات عن سنة الإنتاج وجهته، والتي يمكن أن تبدو للبعض ثانوية، لكنها مع ذلك ذات قيمة تاريخية، خاصة عندما يكون هدف الباحث متابعة الإنتاج السينمائي في دولة عربية ما، أو في مرحلة تاريخية محددة، أو مناقشة قضية سينمائية عربية محددة، أو البحث في كيف تعامل السينمائيون العرب مع موضوع معين، أو دراسة تجربة مبدع سينمائي عربي من خلال مجموعة أفلامه.

مقابل هذه الكتابات التي تكتفي بالآراء وتتجاهل المعلومات التوثيقية، كان يوجد عدد قليل جدا من البحوث والكتب العربية التي سعت للتوثيق للسينما العربية، لكنها كانت محدودة الانتشار، وبالتالي قليلة النفع، والأهم من ذلك أنها غير مضمونة تماما من حيث الدقة المعلوماتية.

وهذه الكتابات على اختلاف أنواعها وعلى اختلاف مستواها التحليلي وعمق أو صحة الآراء والاستنتاجات الموجودة فيها كانت تفتقر إلى المنهجية العلمية، وكانت تعتمد على الجهود الفردية للنقاد  الذين لا يجدون أمامهم مصادر ميسرة للمعلومات من قبل الجهات المسؤولة عن إنتاج الأفلام،  فإن وجدوا بعضا منها تعاملوا معه وإن لم يجدوا تجاهلوا الأمر وتعاملوا مع المعلومات على قاعدة أنها غير ضرورية وغير مهمة وأن ما يهم هو فقط وجهة نظرهم الذاتية وتحليلهم الخاص.

وهذا الجهد الفردي الذي كان، على علاته، يعتبر من طبيعة الأمور ومنسجما مع واقع الحال في عصر ما قبل الانترنت،  لم يعد كافياً وحتى مقبولا  في العصر الحالي الذي بات يتطلب أن تكون عملية تجهيز ونشر المعلومات على شبكة الانترنت - هذه الشبكة التي أصبحت الآن المصدر الرئيسي للمعلومات في كافة أرجاء  العالم - قائمة على جهود جماعية وعلى عمل منهجي مؤسسي  يضمن لهذه العملية الاستمرارية وحسن المتابعة ومواصلة التطوير. وللأسف،  فهذا العمل المؤسسي معدوم حتى الآن ولا توجد شركات خاصة  أو إدارات عامة مهتمة بإيجاده.

باستثناء موقع أو اثنين على الانترنت يقدم معلومات عن السينما المصرية، ويحتاجان إلى الكثير من التطوير، تفتقد السينمات العربية الأخرى مواقع خاصة بها. لا يوجد موقع على الانترنت يعرف بالسينما التونسية أو المغربية أو الجزائرية أو اللبنانية أو السورية وبقية السينمات العربية. ومن المفارقة، على سبيل المثال، أن تعثر على موقع خاص بمهرجان دمشق السينمائي أنشئ حديثا، في حين أن المسؤولين عن السينما السورية، وهم ينتمون إلى وزارة الثقافة عبر المؤسسة العامة للسينما، لم يبذلوا الجهد الضروري المطلوب لإنشاء موقع خاص بالسينما السورية وبالأنشطة المهمة الموازية التي تقوم بها مؤسسة السينما في مجال الثقافة السينمائية المتمثلة بإصدار سنوي لعدد كبير من الكتب السينمائية المؤلفة والمترجمة التي تغطي كافة نواحي السينما النظرية والعملية ويعرف عدد منها بتجارب كبار السينمائيين في العالم، إضافة إلى المجلة الدورية “الحياة السينمائية” التي تصدرها المؤسسة منذ أكثر من ربع قرن.

ومن المفارقة أيضا أن الباحث يمكن أن يعثر على معلومات، غير مفصلة، عن الأفلام العربية الجديدة فقط عبر محركات البحث العالمية مثل  “غوغل” التي يجد الباحث فيها مقالات متفرقة من تلك التي نشرتها بعض الصحف العربية. كما يمكن للباحث أن يعثر في بعض المواقع العالمية على مقالات بالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، عن أفلام عربية جرى عرضها في مهرجانات سينمائية عالمية وحالفها الحظ في أن يكتب عنها بعض النقاد الأجانب مقالات متفاوتة الأهمية  والمستوى والمصداقية.

الخليج الإماراتية في 29 نوفمبر 2004