هل يؤثر نقاد السينما علي حظوظ الافلام؟ لوس انجيلوس ـ من دافيد جيرمين |
لنراجع وننتقد معا ما يكتبه النقاد السينمائيون عن الافلام. ملايين الاشخاص يقرأون ما يكتبونه والممثلون يتمنون ويبحثون عن كل شيء ايجابي يكتب عنهم. والاستوديوهات بدورها تغربل مقالات النقاد بحثا عن الاقوال الايجابية لكي ينشروها في الثرثرات الدعائية. ولكن الي مدي تؤثر هذه المراجعات والكتابات علي مصير فيلم ما؟ نقاد النقاد يقولون ان النقاد المحترفين لهم اذواق وآراء ساخرة، وانهم يطبقون نفس المقياس في نقد فيلم هزلي لادي مورفي او فان ديزل مثلما يطبقونه في نقد فيلم لفيلليني او كوروسوا. ولقد وفرت مواقع الانترنت لعشاق السينما منبرا واسعا يهاجمون من خلاله النقاد وينشرون آراءهم الخاصة التي تعكس عادة اذواقا شعبوية اكثر من آراء النقاد المحترفين. تقول كلوديا بويغ الناقدة السينمائية في صيحفة USA Today قد تتساءل كم هي محدودة القوة التي نملكها. الا اننا نمارس النقد لأنه وظيفة عظيمة. لا استطيع ان احصي الاشخاص الذين يقولون انني امارس افضل عمل في العالم. عندما يكون لديك شيء تحبه تريد ان تبلغ الناس، وعندما تذكر شيئا تريد ان تقوله للناس، افهمت ماذا اعني؟ ينبع النفوذ الذي يتمتع به النقاد السينمائيون من عشقهم للافلام، ومن مقدرتهم علي اكتشاف الاعمال السينمائية الصغيرة، وفي مثل هذا الوقت من السنة تعتمد احتمالات فوز الافلام الصغيرة بالجوائز وتحقيقها النجاح التجاري علي النقاد الذين قد يساعدهم ثناؤهم ومديحهم علي الفوز بموطيء قدم في صفوف جبابرة شبابيك التذاكر. وعلي سبيل المثال سجلت افلام مثل Vera Dark الدرامي عن الاجهاض الذي صنعه مايك لاي، وفيلم Sideways لالكساندر باين الروائي عن السفر برا، وفيلم دافيد راسل الكوميدي (heart) Hackabees حضورا قويا في المعرض الاول في عدد محدود من الصالات بفضل الاطراء المسبق من النقاد. وسيتوقف احتمال توزيع هذه الافلام علي نطاق واسع وترشيحها للجوائز كثيرا علي استمرار الكتابات الايجابية عنها من النقاد. بخلاف ما كان يجري في هوليوود سابقا، عندما كانت الافلام تنتشر ببطء بسماندة اراء النقاد في الافلام الحديثة، فان افلام البوبكورن الصيفية والافلام الكبيرة تنزل اليوم هادرة الي اكبر عدد ممكن من صالات العرض محمولة علي اجنحة الحملات الدعائية الهائلة للاستئثار بجمهور السينما في حفلات العرض الاول في الويك اند. ويقول الممثل ويل سميث، الذي سبق له وان اكتسح الصيف باعمال هشمها النقاد مثل Independence Day وWild West وغيرها ان كتابات النقاد لا تقدم ولا تؤخر افلام الصيف الكاسحة. ويضيف سميث الذي احرز نجاحا آخر من حيث الفيلم وكتابات النقاد في الصيف بفيلم I. Robot ان الناس يأتون لمشاهدة اي فيلم ينفق اصحابه 60 مليون دولار علي الدعاية في شهر تموز (يوليو) وان افلام الصيف تتمتع بالمناعة ضد النقاد. وفي الخريف الحالي اصاب سميث الهدف مرة اخري بالفيلم الكرتوني Shark Tale الذي حقره النقاد، ولكنه نجح في ملء الفراغ لافلام العائلات في الصالات، اذ تهافت الاطفال والاباء علي مشاهدته. وهذا ما فعله عشاق افلام الرعب ايضا في العام 2003 عندما جاءوا زرافات زرافات لمشاهدة فيلمي Freddy v. Jason وThe Texas وChainsaw Maacre الذي احتقره النقاد. وفي الصيف الماضي جري العرض الاول لـ ALien VS. Predator وExorcist: The Beginning كأكبر افلام الويك اند مع انهما كانا سيئين الي درجة ان الاستوديوهات لم تعرضهما علي النقاد مسبقا. وكانت المراجعات مختلطة لفيلم الام الآم السيد المسيح الذي نفر منها بعض كبار النقاد. ولكن لم يستطع اي ناقد علي الكرة الارضية ان يمنع المؤمنين المسيحيين والجمهور بصورة عامة من التوجه الي الصالات لمشاهدة العاصفة النارية التي اثارها الفيلم. وبلغ مدخول الفيلم 370.3 مليون دولار واحتل المرتبة الثالثة في قائمة اكثر الافلام مدخولا. وتضج لائحة اكثر الافلام نجاحا هذه السنة بأفلام لم تحظ برضي النقاد ومنها The Day After Tomorrow وVan Helsing وTroy وThe Village. ومعظم هذه الافلام الكبيرة موجهة نحو جمهور المراهقين والشباب في عشرينات العمر، الذين حلوا مكان الراشدين الاكبر سنا ـ وهم اكثر من يقرأ مراجعات الافلام ـ كالشريحة الديموغرافية التي تهتم هوليوود اكثر من غيرهم. وعن ذلك يقول الدعائي الهوليوودي طوني انجيللوتي: كم صبيا في الرابعة عشرة يقرأ مراجعة الافلام في مجلة تايم؟ . واكتشف باحثون من احد معاهد الاعمال في دراسة شملت 2000 شخص ان الاعلانات التلفزيونية والتوصيات من اشخاص اخرين تشكل اكبر العوامل تأثيرا علي عادات الذهاب الي السينما والتوصيات من اشخاص اخرين تشكل اكبر العوامل تأثيرا علي عادات الذهاب الي السينما، وقد ذكر لهم ذلك 70 في المئة من الذين اجابوا علي الاسئلة. وحلت كتابات النقاد كعامل مؤثر في المرتبة الثالثة بنسبة 33 في المئة، وتصنيفات الخط المفتوح مثل مواقع ياهو والقاعدة المعلوماتية عن الافلام علي الانترنت 28 في المئة. ويقول كريس ديلاروكاس، احد الباحثين الذين اجروا دراسة حول تأثير مراجعات الخط المفتوح علي اداء الافلام علي شبابيك التذاكر ان المواقع مثل Roentomatoes.com الذي يؤرشف كتابات النقاد، وكذلك المواقع التي انشئت حديثا علي الانترنت، اصبحت لدي العديد من المستهلكين اكثر اهمية من آراء النقاد الفرديين. ويضيف ديلاروكاس، الاستاذ المساعد في تكنولوجيا المعلوماتية في جامعة ماريلند: اعتقد ان هناك تحولا عن الثقة بالخبراء نحو الثقة باراء مجموعة من الافراد . واذا كان جمهور السينما المعاصر يبحث عن القوة في العدد وليس في اراء النقاد الفرديين فان شبكة الانترنت لا تزال لها حسنات بالنسبة لهؤلاء النقاد. فقد اطل عدد من النقاد الاذكياء من الخط المفتوح الذي لولاه لما بقي لهم منبر يطلون منه. واكتشف النقاد الذين يكتبون عن الافلام في الصحف والذين كانوا يكتبون سابقا لقرائهم المحليين، ان الويب يوصلهم الي جمهور السينما في جميع انحاء البلاد. كما بوسع المواقع مثل Roentomatoes.com ومنافسه Megacritic ان توفر لمدمني المسار الالكتروني من عشاق السينما مجالا لاشباع رغبتهم في قراءة ما لدي النقاد عامة من الافكار والاراء. ويقول بول لي، مدير تسويق موقع روتنتوماتوز ان الانترنت يتيح للنقاد ان يقفوا معا ويكون لهم صوت جماعي اقوي. كانت الاستوديوهات في السابق تفرد افلامها ببطء علي امل ان تحشد لها الاهتمام عن طريق التواتر الشفهي وثناء النقاد. وفي العام 1975 وضع فيلم Jaws هوليوود علي درب الاكتساح الفوري الذي يسيطر حاليا. وتنظم الاستوديوهات لافلامها الكبري حملات دعائية وتقيم عروضها الاولي في حوالي اربعة الاف صالة عرض ـ اي ثلثي مجموع صالات السينما في البلاد ـ دفعة واحدة توخيا لتحقيق اكبر المداخيل الممكنة في ويك اند الافتتاح. ويقول كينيث توران، الناقد السينمائي لصحيفة لوس انجليوس تايمز ان اي فيلم يستطيع ان ينفق عشرات الملايين من الدولارات علي الاعلانات يستطيع ان يقضي تماما علي اي تعليقات مناهضة. يقول راسل شوارتز، رئيس قسم التسوق المحلي لشركة نيولاين سينما: لقد اصبحت مقولة الاعلانات الصحافية مهجنة جدا في السنوات الاخيرة. فكل فيلم هو واحد من افضل افلام السنة، وواحد من افضل الكوميديات في السنة ولا اظن ان ذلك يساعد علي بيع تذكرة دخول واحدة . القدس العربي في 29 نوفمبر 2004 |