شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

في «سن سيتي» روبرت رودريغيز يفرض رؤيته على هوليوود:

حينما تصل لا أحد يستطيع أن يفرض عليك العودة الى الوراء

هوليوود - محمد رضا

 

 

 

 

 

من العام 1978، عندما تم نقل «سوبرمان» من مجلات «الكوميكس» الى الشاشة (فأدى نجاحه الى إطلاق العنان لكل «السوبرهيروز» من صفحات تلك المجلات الى الشاشات الكبيرة)، الى العام الحالي الذي لا يزال في مطلعه، هناك أكثر من عشر شخصيات بطولية خارقة تم نقلها في أكثر من 25 فيلماً. لكن هناك فيلمين فقط لم يتم نقلهما عن «الكوميكس» (وهي المجلات الشعبية التي تسرد القصص مرسومة) بل كانا تجسيداً لذلك الفن والثقافة الموازية له. الأول هو «دِك ترايسي» الذي أخرجه وورن بيتي سنة ١٩٩١ والثاني هو «سِن سيتي» الفيلم الجديد للمخرج روبرت رودريغيز الذي بوشر بعرضه في مطلع هذا الشهر وينتقل خلال أسابيع قليلة الى الصالات العربية تباعاً.

إذاً في كلتا المرتين لم تنقل السينما عن «الكوميكس» بل نقلت «الكوميكس». لم تقدم اقتباساً بل تقمّصت. كلاهما عن شخصيات خيالية وكلاهما عن مدينتين خياليتين. كلاهما «بوليسي» لجهة الحكاية والشخصيات الحية على جانبي القانون، وكلاهما يلعبان على الألوان لعباً جميلاً. وورن بايتي استخدم الألوان الأساسية فقط (أحمر، أزرق، أصفر، أخضر) وروبرت رودريغيز لعب على الألوان بطريقته، إذ أن الفيلم - عملياً - بالأبيض والأسود (صوّره ملوّناً ثم محا اللون في الاستوديو باستثناء أجزاء معينة في منتصف الصورة السوداء / البيضاء مثل نقاط دم أو مصباحين خلفيين لسيارة أو أحمر شفاه). لكن هذا وحده لا يؤسس فيلماً جيداً. هناك كل ذلك الإمعان في تقديم العالم الذي لا يختلف عن الأصل. لذلك استعان رودريغيز بخبرة فرانك ميلر، رسّام قصص «سن سيتي»، ليكون ساعده الأيمن في الإخراج، ثم سريعاً ما منحه شراكة في المنصب. على الشاشة، ليس من الصعب معرفة كم اتكل رودريغيز على ميلر. الفيلم كله ميلر.

في أفضل حالاته السابقة، روبرت رودريغيز مخرج «فذلك» نجاحاته السابقة. قدّمها كمبتكر أكثر منه كفنان وشكّل نجاحاتها عبر استعارات من سيرجيو ليوني الى سام بكنباه ولم يكن بعيداً من كوينتين تارانتينو (الذي أخرج واحداً من المشاهد في هذا الفيلم). وعندما قوي رودريغيز في هوليوود أخذ يقدّم أفلاماً تجارية (سلسلة «سباي كيدز») معززاً موقعه الخاص. ليس انه كان يسعى سابقاً لأفلام غير تجارية، لكنه الآن أصبح يتغذى من النظام ويعيد تغذيته.

«سِن سيتي» (ولا يمكن ترجمة العنوان الى «مدينة الخطيئة» على رغم أن المعنى مجبول بالكلمة وموحى به) تعبير عن نجاح رودريغيز في الوصول الى فرض رؤيته على هوليوود التي تخاف أكثر مما تقدم. يكفي أنه فرض عليها الفيلم بالأبيض والأسود وتبعاً لرؤيته هو. أكثر من ذلك يكفي انه استعان ببضعة ممثلين ليس منهم أي نجم لامع. بروس ويليس حصد فشلاً متتابعاً خلال السنوات الأربع. الممثل الرائع ميكي رورك منسي منذ عشر سنوات، جسيكا ألبا وبريتني مورفي، روزاريو دوسون جديدات لم تحمل أي منهن فيلماً من قبل. باورز بوث من الأسماء الخلفية عادة، الايجا وود لم يكن السبب في نجاح «سيد الخاتم» على رغم بطولته له وروتغر هاور لمع في الثمانينات قليلاً ثم توارى. هؤلاء لبنة الفيلم، إضافة الى أفضل شغل على تصميم المناظر شوهد منذ زمن بعيد صاحباه هما ديفيد هاك وفرانك ميلر نفسه.

ثلاث قصص من ثلاث روايات لميلر خطط لها رودريغيز لكي تتداخل بسلاسة ولم يتدخل في رؤية فنانها للعالم الذي تحتويه مدينته ولا للشخصيات الأمامية المحبطة او لشخصياتها الشريرة التي تشبه قاع المدينة ذاتها: سادية، وحشية، ممعنة في الأذى ولا تموت.

المقابلة التالية مع روبرت رودريغيز أجريت بعد العرض الصحافي مباشرة الذي عادة ما يسبق العرض التجاري بأسبوعين على الأقل. في الأيام الثلاثة الأولى من العروض سجل الفيلم قرابة 30 مليون دولار.

·         بسبب هذا الفيلم آثرت الانسحاب من جمعية المخرجين الأميركيين. أليس كذلك؟ الجمعية التي تضم كل المخرجين الأميركيين؟

- نعم.

·         لماذا؟

- سبق لي أن دخلت وخرجت من الجمعية. أحياناً لأنها لم تكن حاضرة لاستقبال مخرجين مستقلين ومعاملتهم بالمثل. لم تكن لديهم عقود عمل لمخرجين يحققون أفلامهم بكلفة قليلة. أنا أكثر ما يعنيني في حياتي هو الحرية. والذي حدث هو أنني أخبرت فرانك ميلر، مبتكر «سن سيتي» اإنني أريده مخرجاً معي في الفيلم. أردت أن أحقق «سن سيتي» تبعاً لميلر وليس تبعاً لرودريغيز. الجمعية احتجّت وطلبت مني حذف إسم ميلر كونه ليس مخرجاً وأنه ضد قوانين الجمعية وجود مخرجين لفيلم واحد. لم أستطع قبول هذه الحجة وانسحبت.

·     تقول ان الفيلم يتبع فرانك ميلر وهذا سهل قبوله فهو يحمل كل رؤيته وأسلوبه. الفيلم كله «بالب فيكشن» وفيلم «نوار» منتقل من الصفحات الى الفيلم. لكن ما هو دورك؟

- دوري هو تحقيق الفيلم الصحيح. وبصراحة لن أكون مخوّلاً إنجاز هذا الطموح من دون تغيير الأصل وحينها هو فيلم لي أكثر مما هو فيلم لمبدعه. أعني انني أستطيع إخراج «سن سيتي» لكنه لن يكون «سن سيتي» كما الأصل. منذ سنوات بعيدة وأنا معجب بفرانك (ميلر) وقدراته القصصية منذ أن خرجت تلك الروايات الى الشاشة. كنت رسّاما كرتونياً بدوري وكنت معجباً بالطريقة التي يرسم بها فرانك شخصياته وعالمه. وشكراً لذكرك فيلم «نوار». الكثيرون في هوليوود يعتقدون أن فيلم «نوار» هو تعتيم الصورة. لكن الحقيقة هي أن الصورة المعتمة تتبع الشخصيات المعتّمة، لكن الكثير من الأفلام الحديثة التي أحلّت اطلاق فيلم «نوار» على نفسها هي في الواقع أفلام داكنة الصورة ليس أكثر.

ممثلون انتقاء اليد

·     الفيلم عنيف على رغم أن عنفه ليس واقعياً. مشاهد كثيرة فيه فيها وحشية الشخصيات التي في الروايات والكثير من الدم وقطع الأطراف. لكن لماذا لا تشعر بأن هذه المشاهد مقززة على عنفها؟

- حينما ظهر «الفيلم نوار» أساساً، كانت الوحشية جزءاً من ذلك العالم القاسي الذي غلّفته تلك الأفلام. والعنف هنا أيضاً تابع للعالم نفسه. لو صوّرت الفيلم بالألوان لدخل نوعية مختلفة تماماً من الأفلام. لكان فيلم رعب مثلاً او لكان أكشن ورعباً وأنا لم أرد أن يكون فيلم رعب. هذا نوع لا أكترث له اليوم. لا أكترث له في هذا الفيلم بالتحديد.

·     بين كل الممثلين الذين يظهرون في الفيلم يلفت ميكي رورك النظر. إنه ممثل جيد غبط حقّه طويلاً ثم تم نسيانه كثيراً. وها أنت تخرج به من العتمة. لماذا اخترته تحديداً؟

- كما تقول هو ممثل جيد مغبوط القيمة. إذا ما نظرت الى الأفلام التي مثّلها سابقاً مثل «بوابة الجنة» و«عام التنين» و»تسعة أسابيع ونصف» وسواها تجده يحمل تلك القيمة. إنه غالباً الرجل الأرعن غير اللطيف. الرجل الخشن وهي الصفات التي كنت أبحث عنها في شخصية ميرف التي لعبها. ايضاً، لاحظت غيابه وكان في بالي منذ زمن بعيد.

·         لكنك استعنت به قبل أربع سنوات عندما قدّمت «حدث ذات مرة في المكسيك»...

- نعم. أنا معجب به.

·         وكل الممثلين يبدون انتقاء اليد.

- نعم. اذا ما كان هناك أمر واحد أنا سعيد به هو أنني فكّرت في هذا الفيلم من إثني عشر عاماً. في العام 1993 تقدمت الى فرانك ميلر بفكرة نقل عدد من قصصه الى الشاشة. وخلال فترة التحضير وانتظار الوقت المناسب كوّنت فكرة جيدة عن الممثلين الذين أريدهم. ليس أن من فكّرت بهم من قبل هم الذين في الفيلم الآن لكن نوعية الممثلين هي ذاتها.

·         ما هو الفصل الذي أخرجه كوينتين تارانتينو في الفيلم؟ لا يمكن معرفته بالمشاهدة وحدها...

- كوينتين أخرج مشاهد عدة من فصول عدة، لكن الفصل الذي اعتقدت انه سينفّذه جيداً، وأعتقد انه فعل، هو المشهد الذي يتحدّث فيه كلايف أووين الى (بينيثيو) دل تورو حينما كان كلايف يقود السيارة والى جانبه دل تورو ميّتاً وماسورة المسدس دخلت رأسه. الأنوار تنعكس على وجهيهما. دل تورو مفترض به أنه ميّت لكنه يتكلم.

·         هذا هوس كلايف لأن دل تورو ميّت فعلاً...

- صحيح.

·         هل تنوي تحقيق أفلام أخرى من روايات «سن سيتي»؟

- اخترت الروايات التي اعتقدت اها ستأخذ المشاهد في رحلة الى رحاب عالم فرانك ميلر. تشاهد الفيلم وتحس انك دخلت ذلك العالم فعلاً. لكنني لا أعلم إذا كنت سأعود الى تحقيق أفلام أخرى. ربما أنتجها... لننتظر ونرَ.

·     قلت ان الأمر الأهم لديك هو الحرية. لكنك تتعامل الآن مع الاستوديوات الكبيرة. كيف تجد موقعك فيها؟ هل تستطيع أن تحافظ على حريتك؟ وما هي المسؤوليات المترتبة عليك تجاهها؟

- دائماً ما كنت اتمتع بالحرية. حينما عملت مع شركة «ميراماكس» كانت الشركة لا تزال جديدة. وساعدني ذلك على أن أحافظ على استقلاليتي الفنية. هذا واحد من الأشياء التي توافرت لي هناك. قالوا لي: أنت الفنان. أنت الذي لديه حق النسخة الأخيرة.

·         إنها مسؤولية لكنها ضرورية لمخرج مبدع.

- مئة في المئة. والأحلى انه إذا ما أتيحت لك وجدت نفسك تحافظ عليها ولا يمكنك أن تتخلى عنها. ما إن تصل لا أحد سيستطيع أن يفرض عليك العودة الى الوراء. تعطيك القوّة والحرية. لا تعد تحارب من أجل أفكارك لأنهم يعلمون أين أنت وما هي أعمالك وما الذي تريد أن تقوم به. وهم يقبلونك او يرفضونك على هذا الأساس وحده.

الحياة اللبنانية في 22 أبريل 2005

«نساء بلا ظل»:

عمل فني بحث عن شهرة... أم رسالة معينة؟

الرياض - إبراهيم بادي

في واحد من أفلامها - الأربعة - الأكثر غرابة وجمالاً وإثارة للجدل في الوقت نفسه، تقول لنا المخرجة السعودية هيفاء المنصور إن علينا أن ننظر إلى قصة المرأة السعودية وعلاقتها بالرجل. ليس هناك إطار رمزي في «نساء بلا ظل»، كما في فيلمها «أنا والآخر»، ولا قاتل يتنكر بزي امرأة مثل تجربتها الأولى «من»، ولا معاناة شاب كبطلها في «الرحيل المر». الفيلم الجديد وثائقي ومدته 50 دقيقة. 

المكان: منزل القنصل الفرنسي في جدة جان فنيت. الزمان: يوم الثاني عشر من نيسان (ابريل) 2005. الحضور: لا يتجاوز 40 شخصاًَ من صحافيين ومثقفين سعوديين وعرب وفرنسيين، يقيمون في السعوديـــة. ربما كــان من الضروري تسجيل، هذه المعلومات. ليس لأنها تتعلق بأول فيلم للمنصور يعرض في السعودية، على رغم أنه أكثرها جرأة، بل لأنه الفيلم «النسوي» السعودي الأول.

هل نتكلم هنا عن ولادة سينما نسوية سعودية فقط؟ العرض غير التجاري، برعاية القنصلية الفرنسية ونادي «أصدقاء الثقافة» الفرنسي، كان يحمل توقيع امرأة سعودية عرفت على مستوى السينما في المنطقة العربية أخيراً - بعيداً مما تقدم فنياً. إذاً فهذه المرأة جزء من قصة الفيلم نفسه.

سيرة ذاتية

تظهر هيفاء في بداية الفيلم، في مشهد صحراوي. تمشي مرتدية عباءتها السعودية. تحدث نفسها، عن أي امرأة تبحث في فيلمها؟ تظهر صور بعض أشهر السعوديات في الخليج والدول العربية، سيدات أعمال وسائقة رالي (مروى) ومثقفات... هيفاء تقول أسماءهن، لكنها تنسى نفسها، تنسى أن تضع صورتها. ربما هذا ما بدا للمشاهدين. الحقيقة غير ذلك. هي موجودة تسرد وتقود الفيلم، لتتجه به إلى مسقط رأسها، الأحساء، زاعمة أن أولئك النسوة التي ذكرتهن، لسن هدفها. هي تبحث عن نساء «بسيطات» لم يظهرن في الشاشات والصحف، لا يعرف قصصهن كثيرون؟

لكن، أليست كل النساء المعروفات اللواتي تحدثت عنهن هيفاء، وهي واحدة منهن، مررن بحياة مشابهة؟ حياة بسيطة، تشبه تلك التي تبحث عنها في مسقط رأسها. على الأقل إذا لم يعشنها أنفسهن، فأخواتهن وعماتهن وأمهاتهن...

لم تتردد هيفاء في استضافة أمها التي تشرف على ترميم منزل للعائلة. ولم تتردد أيضاً في إشراك بنات أخيها الصغيرات في الفيلم. واحدة منهن تدخل في جدل مع أخيها. هو رفض فكرة تنكّرها بزي ولد وخروجها إلى الشارع كي تشتري من «البقالة». كلاهما من الأطفال. فكرة التنكر بزي رجل ليست جديدة. هناك فيلم «أسامة» الأفغاني. لكن الجميل نقاش الأخ والأخت، الطفلين السعوديين، في شأن خروج الفتاة وتنكرها! الطفلة تتحدث عن ضربها أكثر من ولد في الشارع حينما تنكرت. الطفل يصر على إقناعها بأنها بنت ولا يجوز خروجها إلى الشارع.

فتيات كثيرات سيظهرن. معظمهن محجبات، لا يبدو من ملامحهن أي شيء. أفكار متناقضة. هيفاء عاشت هذه الحياة بتفاصيلها، حينما كانت صغيرة ربما. تعرف كثيراً من أولئك الفتيات الرافضات لأفكارها، وتعرف من يؤيــدها. هل تعرض المنصور سيرة ذاتــية في فـــيلمها المسلط الضوء على علاقة المرأة بالرجـــل في السعوديـــة؟ هل تـسرد أفكار صديقاتها اللواتي لم يظهرن في الفيلم، بل من يشبههن؟ واحدة تعارض حرية المرأة وأخرى توافق. واحدة ترفض سيطرة الرجل، وأخرى تؤكد ضرورتها، لأن المرأة تحتاج إلى من «يشكمها».

«عمل فني»؟

الفيلم أثار جدلاً واسعاً في المملكة وبعض الدول المجاورة، قبل أن يعرض. ربما كانت المرأة السعودية هي من تثير الجدل دائماً لا الأفلام عنها. الصحافة المحلية كتبت. السعوديون الرافضون للفيلم ولهيفاء نفسها، والمؤيدون لها، كتبوا أيضاً آراءهم في المنتديات ومواقع الصحف. موقع قناة «العربية» في الإنترنت، نقل بعض ما كتب عن الفيلم، وبالتالي كانت النتيجة أن عدد الردود فاق كل ما كتب، وربما ما سيكتب من نقداً أو تحليل للفيلم.

أسئلة كثيرة تطرح في شأن إن كانت هيفاء تبحث عن شهرة في «نساء بلا ظل»، أم تقدم عملاً فنياً؟ ولعل السؤال الأهم: هل يحمل الفيلم في طياته أي رسالة دينية؟ فظهور الشيخ عايض القرني فيه، كان له دور كبير في إثارة كل هذا الجدل.

من وجهة نظر هيفاء دور القرني ضروري، لما كان علماء الدين يشكلون جزءاً من الحياة الاجتماعية السعودية، ولهم دور كبير في صوغ أطر للمجتمع.

امرأة رفضت أن تظهر حتى وهي محجبة - بما في ذلك وجهها وكفاها، معللة «أن ذلك عيب»، ومضيفة: «إن تغطية الوجه والكفين واجب لا محالة». الفيلم لا يتحدث عن الحجاب وشرعيته، لكن مرور مشهد ما، قد يشير إلى البعض برسالة!

هيفاء وحدها قادت القرني، إلى الحديث عن الحجاب. ولعل الإثارة ليست في تسجيل صوتي للقرني قبل عقد تقريباً، تختلف فيه آراؤه كثيراً عما سيقوله في الفيلم الآن. الإثارة في رأي القرني نفسه، في شأن الحجاب. ذلك كفيل بأن يثير جدلاً واسعاً، ما يمكن أن يحول الفيلم إلى حامل لرسالة، لم تخطط لها المنصور. واللافت ان القرني ارسل بياناً قبل ايام تراجع فيه عن فتواه الخاصة بالحجاب في الفيلم.

ولادة سينما

تكلمت هيفاء لـ«الحياة» عن مقاطع حذفت، «ليس لرقابة طبعاً، بل لأن الفيلم سيكون طويلاً». تقول: «إحدى الفتيات، هددها ابن أخيها! بعدما أخذها بسيارته إلى الصحراء. هو يريد من عمته أن تترك عملها في المستشفى، الذي يتطلب العمل فيه أن تختلط النساء بالرجال».

لعل إنتاج فيلم وثائقي عن علاقة الرجل بالمرأة في السعودية، يستدعي حذف مشاهد كثيرة. يستدعي أيضاً التركيز على نقطة بعينها، فالموضوع متشعب. لماذا لا تعملين؟ هل من حق المرأة أن تعمل؟ ما هامش الحرية المتاح أمام الرجل؟ هل توافقين على خروج المرأة من المنزل وحدها؟ هل تزوجت عن حب؟... كل سؤال من هذه الأسئلة يمكن أن يكون فيلماً بحد ذاته. فالمجتمع السعودي غني وغريب بالنسبة إلى الآخرين – الدول العربية والأوروبية.

ذكاء هيفاء قادها إلى فكرة فيلمها الأخير. الفكرة وحدها والمجهود ربما يساعدان على نجاح الفيلم، ويخفيان عيوبه التقنية والفنية. فهل يقود ذلك مخرجين شباناً آخرين، إلى اختيار أفكار يجدونها في كل شارع في السعودية، كي يعلنوا بعد سنوات قليلة ولادة سينما سعودية؟

الحياة اللبنانية

22 أبريل 2005