شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

رغم الاستقبال العالمي الحافل

الاسكندر: يدفع السينمائيين إلى إعادة النظر في الأفلام الملحمية

ترجمة : حاتم حسين

 

 

 

 

 

لم يكن كولن فاريل، بطل فيلم «الاسكندر»، بالسوء الذي كان عليه ممثل مثل توني كيرتس في أعمال دراما المغامرات التي انتشرت لفترة من الفترات مثل «الأمير الذي كان لصاً» و«ابن علي بابا» و«الفايكنغ». ولكن قراراً كارثياً اتخذه المخرج والكاتب اوليفر ستون بتحويل الممثل الايرلندي الى شخص أشقر في لباس عسكري ادى الى ادراج اسم فاريل في قائمة الممثلين الذين فشلوا في اداء الاعمال التاريخية مثل توني كيرتس.

كان فاريل مقنعاً لحد ما في ادائه عندما كان يمتطي صهوة جواده العملاق بوسيفاليس. غير ان ستون افسد ما حاول فاريل ان يؤديه ببراعة بتصميمه على ان يتحول الفتى الايرلندي الى اللون الاشقر، وليس هناك ما هو أوضح من المحاولات الفاشلة لطاقم المكياج الخاص بفاريل لتحويل بشرته السمراء الايرلندية ولحيته الكثة وحاجبيه، شديدي السواد الى اللون الذهبي ليس هناك دليل اوضح، من تلك المحاولات العبثية، على خطأ القرار وما ادى اليه من نتائج سلبية، اثرت على قبول الجماهير للفيلم.

وهنا ينبغي الاشارة الى ان مخاطر ذلك النوع من الافلام الملحمية وحساسيته اعتماده على السيف والدروع والاسهم، يمكن ان تكون فوق قدرات مخرج بامكانات اوليفر ستون وروعته.

فعلى الرغم من ان عدداً كبيراً من تلك الافلام قد حصل على جائزة الاوسكار مثل «سبارتاكوس» و«القلب الشجاع» و«المصارع»، فإن هناك عشرات من الامثلة الفاشلة مثل «صراع الجبابرة» و«الهمجي كونان» و«سيل الوحوش» و»الملك داوود» و«ريد سونجا». فالثابت هنا هو ان هذه النوعية من الافلام، اذا تناولها غير أهلها، فإنها تتحول الى افلام سخيفة عبثية، ولذا لا عجب ان يجد المشاهد العديد من الافلام قد فشلت فشلاً ذريعاً، ولم تحقق طموحات القائمين عليها.

وفي ضوء ما توفره التقنيات الحديثة في مجالي التصوير والانتاج السينمائي من وسائل حديثة، فإنه لم يعد الامر مكلفاً بشكل مرهق ان يقحم المخرج في الفيلم الواحد طاقماً تمثيلياً، يصل عدده الى آلاف الاشخاص. فمخرجون من امثال وولفغانغ بيترسون في فيلمه «تروي»، وانطوان فوكوا في عمله «الملك آرثر»، ارتكبوا اخطاء من هذه الزاوية وأساءوا استغلال التقنيات الحديثة في المجال السينمائي، الامر الذي اتى بنتائج متباينة ومشوشة وغير واضحة.

يقول الناقد جو مورجينستيرن من «وول ستريت جورنال» إن فيلم «تروي» وما شابهه من انتاجات مبالغ فيها ولم تحقق شيئاً، يتحول التصوير الرقمي بشكل سريع إلى ما هو بمثابة حصان طروادة وحتى ممثل كبير مثل بيتر أوتول قد تبرأ من الفيلم، وقال: «على الأقل أنا قمت بمشهد واحد جيد».

وليس المخرجون جميعهم بارعين في التعامل مع جنود المعارك السينمائية على ساحة القتال، كما فعل ريدلي سكوت في «المصارع» أو بيتر جاكسون في «ملك الخواتم»، فعلى سبيل المثال، اضطر ستون إلى تأجيل عرض فيلم «الاسكندر» لمدة ثلاثة أسابيع عندما حاول اتقان الاسلوب الذي يتم به شن الحروب الرقمية الالكترونية.

إلا أن المعارك العظيمة لم تفلح في انقاذ فيلمه. ففي الوقت الذي ألمح عدد كبير من النقاد إلى أن ستون فشل في توضيح الاسباب الاساسية التي دفعت الاسكندر إلى القتال من البداية، جاء تناول ستون لمشكلات البطل الجنسية ليتسبب في الجانب الأكبر من الجدل الذي أحاط بالفيلم.

قد يكون من المخاطرة الابتعاد عن النصوص الاسطورية الخاصة بمثل تلك الأفلام. وقد تبنى المنتج جيري سبروكهايمر رؤية متحفظة بشكل متعمد تجاه فيلم «الملك آرثر» وقال: «نحن رجعنا إلى أرثر الاصلي في التاريخ ووجدنا انه لا يمت بصلة إلى الشخصيات الخيالية المرسومة لأرثر ملك كاميلوت أو سيدة البحيرة أو الكأس المقدسة.

لقد أردت أن أرى القوات الخاصة في «سقوط الصقر الأسود» وهي شخصيات حقيقية في القرن الخامس» وقد لخص اصدار «ترفي جايد» الاجماع النقدي في شأن الفيلم بالقول إن فيلم «الملك أرثر» هو قصة عن الملك أرثر لا تحتوي على أي شيء يعرفه الانسان العادي عن أرثر وجنوده الفرسان».

وأحد اعمال الدراما التاريخية التي التزمت بالنص التاريخي هو فيلم «آلام المسيح» الذي موله وقام بإخراجه ميل جيبسون. وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي وجهت إلى الفيلم، تقريباً في جميع الدوائر، إلاّ أنه حقق أعلى الايرادات في دور العرض بأميركا الشمالية ـ 370 مليون دولار ـ وجمع حوالي 609 ملايين دولار من عرضه في مختلف دول العالم.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت الى افلام «آلام المسيح» و«تروي» و«الملك أرثر» و«الاسكندر» في سوق أميركا الشمالية، إلاّ أن أسواق السينما العالمية كان استقبالها حافلاً لتلك الاعمال التاريخية. فقد حقق فيلم «تروي» 133 مليون دولار في السوق المحلية في حين حقق ثلاثة اضعاف هذا الرقم عند عرضه بالخارج، متفوقا بذلك على فيلم كبير مثل «المصارع».

كما حقق «الملك أرثر» في أميركا 9 ,51 مليون دولار، في حين بلغت ايراداته الخارجية 9,188 مليون دولار، غير ان فيلم «الاسكندر» كان كارثيا في ايراداته، حيث لم يحقق سوى 9 ,33 مليون دولار في أميركا و41 الف دولار فقط عند عرضه من خلال 232 دار عرض من اجازة نهاية اسبوع اعياد الميلاد، أي بمعدل 177 دولارا فقط لدار العرض الواحدة.

وحتى الآن، حقق «الاسكندر» ايرادات افضل بشكل ما في بلدان مثل روسيا وتايوان واليونان والبرتغال والمكسيك وسنغافورة، ولكن من المستبعد ان تعوض تلك الايرادات ما انفق على الفيلم.

وكان ستون الذي ظل طوال عقد من الزمن يعمل على سيناريو «الاسكندر» المأخوذ عن كتاب «الاسكندر الاكبر» لروبين لين فوكس 1973 قد حصل على تمويل قدره 155 مليون دولار لصالح هذه الملحمة من مؤسسة انترميديا، وقد اخذ ستون يواسي نفسه بالاعتماد على الدعم الذي يأتيه من خارج بلده.

ولايزال هناك عدد من افلام الملاحم في طريقها إلى دور العرض، ففي مايو 2005، يعود ريدلي سكوت إلى جنس العمل نفسه الذي احياه هو وذلك في فيلم «مملكة السماء» الذي يكلف 130 مليون دولار ويقوم ببطولته اورلاندو بلوم، الذي يلعب دور محارب مسيحي من القرن الثامن عشر. ويحاول سكوت اثناء الفيلم مراعاة الابعاد السياسية للموضوع الذي يركز على الحروب الصليبية بين المسلمين والمسيحيين. ويعود الممثل عمر الشريف ليقوم بدور بطولة فيلم «ليلة مع الملك» مع الممثل بيتر اوتول.

ويدور الفيلم حول شخصية استر، ملكة فارس اليهودية.

وفي المرحلة الحالية يبدو ان هذا الجيش الدرامي قد بدأ يعود الى اصله الذي اعطى له ما احتاجه من زخم في البداية وهو التلفزيون فبناء، على ما حققه عمل «انا وكلوديوس» من نجاح في السبعينات، تعاقدت محطة «بي. بي. سي» وقناتان اجنبيتان اخريان على 12 حلقة من الانتاج التلفزيوني المشترك الكبير «روما» الذي بلغت تكاليفه 100 مليون دولار.

ولكن الحقيقة تشير الى انه في اعقاب الاداء الباهت، على مستوى الايرادات لاعمال الدراما التاريخية، فإن هوليوود قد بدأت بالفعل بالتراجع، عن انتاج تلك الاعمال المكلفة ذات الميزانيات المبالغ فيها.

فمن غير المنطقي وغير المربح مادياً ان يقدم اي طرف على انتاج مثل تلك الافلام الملحمية في الوقت الذي يكون فيه الجمهور قد شعر بالتشبع تجاه تلك الافلام ذات الميزانيات الهائلة. وليس هناك مثل اكثر دلالة في هذا الصدد من شركة توينتينث سنتشري فوكس التي اشهرت افلاسها بعد انتاجها «كليوباترا» اضخم عمل سينمائي عرفته السينما العالمية في 1963.

فقد تسبب هذا الفيلم من توقف مثل تلك الاعمال التاريخية حتى عام 2000، عندما جاء فيلم «المصارع» ليحييها مرة اخرى، على الاقل لبعض الوقت.

البيان الإماراتية في 2 فبراير 2005