THE AVIATOR ثلاثون عاما من حياة الملياردير الاسطورة جوزفين حبشي |
بعدما اوصلته سفينة "التايتانيك" الى الشهرة العالمية، هل تسافر به طائرة THE AVIATOR الى قمة الاوسكار؟ ليوناردو دي كاريو مجددا بعد GANGS OF NEW YORK بين يدي واحد من المخرجين الكبار في عالم السينما الاميركية، مارتن سكورسيزي الذي يبدو انه يؤمن بموهبة دي كاريو وقدراته الفنية تماما كما آمن سابقا في بداية السبعينات بموهبة روبرت دونيرو فأطلقه مع مجموعة افلام كبيرة مثل MEAN STREETS و TAXI DRIVER و RAGING BULL وغيرها. واذا كان دي كاريو قد قدم في THE AVIATOR واحدا من اجمل ادواره واكثرها تركيبا وصعوبة، مما يؤهله، وعن جدارة، للفوز بالاوسكار بعدما فاز قبل ايام بالـ"غولدن غلوب"، فهل يتمكن المخرج سكورسيزي اخيرا من الحصول على الاوسكار الذي طالما تأخر في الوصول وخصوصا بعدما نال فيلمه جائزة الـ"غولدن غلوب" كأفضل فيلم درامي؟ الجواب: نعم حتما! فرغم ان THE AVIATOR ليس افضل فيلم قدمه سكورسيزي (سنأتي لاحقا على ذكر ثغره) الا انه واحد من اجمل الافلام المنفذة بشكل مبهر بصريا ومشهديا وتقنيا مما يمهد الجو واسعا امام تحليق سكورسيزي وفريق عمله التقني والتمثيلي (وخصوصا دي كاريو) الى قمة الاوسكار هذه السنة. THE AVIATOR سيرة ذاتية "ملحمية" بضخامتها وبريقها وأناقتها تروي قصة هوارد هيوز ذلك اليتيم الملياردير والصناعي المحترف و"الطيار" المهووس بصناعة الطائرات والسينمائي المبهور بصناعة الافلام واخراجها وانتاجها، و"اللاي بوي" الشهير الذي وقع في غرام اجمل الفاتنات من ضمنهن نجمتا العصر الذهبي كاثرين هيبورن وآا غاردنر. وهذا تحديدا ما يشكل نقطة الدخول لضعف الفيلم، فمقابل المشهدية الرائعة والتقنية المدهشة والاداء الساحر، يجيء المضمون والمحطات التي اختارها كل من سكورسيزي وكاتب سيناريو GLADIATOR و THE LAST SAMURAI جون لوغان، مهزوزة وقافزة من محطة الى محطة من دون ربط ولا تطور نفسي وعاطفي وشخصي وانفعالي للشخصيات. بشكل مفاجىء يبدأ الفيلم ثم يقفز من محطة الى اخرى من دون رابط، ثم ينتهي بشكل مفاجىء. صحيح ان تغطية نحو ثلاثين عاما من حياة ذلك الاسطورة في ساعتين و45 دقيقة تقريبا ستجبر سكورسيزي ولوغان على اختصار الكثير من الحوادث والغاء الكثير من الشخصيات وشقلبة سير الحوادث زمنيا، وصحيح ان المطلوب هو تصوير ذلك الرجل على حقيقته اي الرجل الغريب الاطوار والغارق في وحدته واضطراباته النفسية ومخاوفه رغم كل النجاح والشهرة اللذين عرفهما في حياته، اكثر من التركيز على كل تفاصيل حياته ومحطاتها، لكن هذا التقديم جعلنا نشعر بأننا غير معنيين انفعاليا مع تلك الشخصية. اما من ناحية التقنية الفنية فالفيلم من اجمل ما شاهدنا وخصوصا من ناحية الاخراج والتصوير والديكورات والازياء والاكسسوارات. الشخصيات امثال الساحرة كايت بلانشيت التي اجادت وخصوصا بالصوت في تجسيد شخصية النجمة كاثرين هيبورن، ومثلها كايت باكينسايل التي تألقت في تقديم دور آا غاردنر وجاد لو في دور الممثل ايرول فلين. العصر الذهبي الهوليوودي اخذ بعضا من حقه في فيلم سكورسيزي الذي ركز اكثر على شق الطيران في حياة هيوز مع العلم ان السينما بدورها شكلت شغف حياته وهذا ما نراه من خلال مشاهد اعداده لفيلمه الشهير HELL'S ANGELS عن الحرب العالمية الاولى الذي ادت دور بطولته النجمة الشقراء جين هارلو (لعبت دورها مغنية الو غوين ستيفاني) والذي بلغت تكلفته ملايين الدولارات وصمم هيوز على تأجيله حتى يجيء كاملا عام 1930. اما ليوناردو دي كاريو فنجح فعلا في تقمص روح ذلك الشاب الساحر والذكي والثري المليء بالحياة الذي سيتحول رجلا مسكونا بمخاوفه وعقده وغرابته وجنونه. رجل عرف الشهرة والنجاح والمال والنساء والسلطة والاضواء لكنه ظل في داخله طفلا وحيدا مكبلا ومسكونا بعقده. ولعل اقوى مشاهد الفيلم هي مشاهد وحدته حيث يغرق في اعماقه المضطربة الى حافة الهلوسة والجنون. ليوناردو دي كاريو نجح في تقديم شخصية غنية ومعقدة وسكورسيزي تألق في تقديم فيلم ساحر في تنفيذه المتقن. شريط يستحق الفوز في معركة الاوسكار القريبة بتقنيته وديكوراته وضخامته ومؤثراته وممثليه دون استثناء رغم هذا "الشيء ما" الذي ينقصه ليحلق عاليا ويحقق الاعجاب العام. THE AVIATOR ابتداء من الخميس 20 كانون الثاني الجاري في صالات امير وكسليك. دليل النهار اللبنانية في 28 يناير 2005 |
CLOSER حب خارج كل القيود ج. حبشي لاري (كلاي اوين) طبيب مغرم بزوجته آنا (جوليا روبرتس) المصورة الفوتوغرافية التي ستخونه مع دان. أليس (ناتالي ورتمان) راقصة تعرية مغرمة بحبيبها دان (جاد لو) الكاتب. ورغم ذلك ستخونه مع لاري. لا تطلقوا الأحكام. لا تقولوا هذا خطأ او صواب او صح أو غلط. تابعوا ببساطة حوادث فيلم Closer الذي لا يطلق بدوره الأحكام، فالخير والشر والخطأ والصواب لا مكان لها في عالم الحب المتفلت من كل الضوابط والمنطق والواجب. في Closer عرض لقصة ثنائيين: رجلان وامرأتان سيلعبون أمامنا وأمام أنفسهم لعبة الحب والاغراء والرغبة المجنونة والتي ستتقاطع مع الغيرة والخيانة والتلاعب بالمصائر وسط مناخ من عبثية الحب الذي متى تحوّل شغفاً، من الصعب ان يخرج أحد من معركته سالماً. الفيلم من اخراج مايك نيكولز البارع في تقديم الميلودراما الذكية والذي سبق وقدم أفلاماً مثل Who's Afraid of Virginia Woolf وthe Graduate وPrimary Colors وقد اقتبس فيلمه من مسرحية انكليزية للمؤلف اتريك ماربر قدمها عام 1997 ولعب يومها الممثل كلاي أوين دور دان بدلا من لاري الذي يقدمه اليوم في الفيلم. ولأن نيكولز يؤمن بأن قوة الفيلم تكمن في السيناريو الذي يفجر كل دينامية لعبة الحب وتقاطع المصائر العاطفية، أصرّ على أن يهتم بكتابة سيناريو الفيلم مؤلف المسرحية ماربر. وهكذا قدما معاً فيلماً مغلقاً الى أربع شخصيات لن تشعرنا ثانية واحدة بالملل. نظرات تنقلها الحرارة، مواقف رومانسية، صدمات عاطفية، قلوب تخفق وأخرى تتحطم من خلال فيلم اباحي وساخن بحواراته ولغته الفجة والمثيرة والمباشرة أكثر من مشاهده. واللافت ان مايك نيكولز ظل وفياً لاسم فيلمه Closer فهو لم يخشَ تقليص الشخصيات الى أربع فقط لأنه أدرك ان الشخصيات الثانوية لن تقدم بل ستؤخر في سير حوادث هذه القصة الملتصقة تماماً بمشاعر تلك الشخصيات الأربع. شخصيات أربع ستلتقي وستنفصل وهذا ما منح الفيلم توتراً عالياً سيزداد وقعه كلما شاهدنا هؤلاء الممثلين الاربعة يتألقون في اداءات مدهشة ستمنحنا لذة ذهنية والكثير من الاغراء المحيّر والمربك. جوليا روبرتس في دور مختلف تماماً عن أدوارها السابقة فيه عمق وجرأة ونضج انساني، وهو دور آل اليها بعدما اعتذرت عن عدم أدائه كايت بلانشيت بسبب حملها الثاني. بدوره جاد لو جيد جداً في دور ذلك الكاتب الغريزي المعتاد التلاعب بالمصائر والقلوب. لكن المدهشين فعلا في الشريط هما "الملك آرثر" كلاي اوين وأميرة "Starwars" ناتالي ورتمان اللذان فاز كل منهما بجائزة "غولدن غلوب" عن دوريهما في الفيلم. ناتالي ورتمان التي تركت بصمتها كممثلة كبيرة رغم صغر سنها منذ فيلم Leon، شعت بابهار كبير في هذا الدور المركب. بدوره كلاي أوين متمكّن من أدائه الملوّن حيناً بالغيرة المجنونة والعاطفة، وأحياناً بالذكاء الناتج من فهمه لطبيعة العلاقات العاطفية المحكومة بمفاتيح يملكها. Closer ابتداء من الخميس 27 كانون الثاني الجاري في صالات امير. دليل النهار اللبنانية في 28 يناير 2005 |