شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

كيف يختار نجوم السينما أدوارهم!

يوخنا دانيال

 

 

 

 

 

يقول الناقد الأدبي والثقافي الامريكي "بول فوسل" عن الممثلين والممثلات في هوليود بصراحة جارحة: "إنهم كسالى، جهلة، أو أُميّون في الغالب". وبالتأكيد هناك العديد من النجوم وممتهني حرفة التمثيل لا تنطبق عليهم مثل هذه الأقوال. إلاّ ان الكثير من الكتّاب والنقاد السينمائيين في أمريكا، يجدون راحة كبيرة وعزاء في عبارة فوسل شبه العمومية، عندما يتابعون بعض النتاجات السينمائية لبعض من أفضل الممثلين والممثلات. فكل من شاهد أفلام الممثل الكبير (كيفن سبيسي)  الأخيرة : " إدفع مقدماً" أو " أخبار السفن " أو " K-Pax  " يُصدم تماماً، كما لو ان سبيسي - بأدواره التي لا تُنسى في أفلام مثل : "الجمال الأمريكي" ، "المشبوهون المعتادون"، و"الخطايا السبعة Seven " -  قد تخلى تماماً عن جمهوره او بالأحرى تخلّى عن صورته  السينمائية image  لدى جمهوره. لقد تعرّضت الأفلام المشار إليها في بداية المقال، إلى حملات  نقدية شرسة وسوء فهم متزايد، بسبب حبكتها الأخلاقية الساذجة والميلودرامية أحياناً، بالرغم من امتلائها بالنجوم من أمثال: (هالي جويل أوسمنت)، (هيلين هنت، (جودي دينش)، ( جوليان مُور)، ( جيف بريدجز). نفس الشيء ينطبق على واحد من أبرز الممثلين في عصرنا، ونقصد النجم الكبير (روبيرت دي نيرو) في أفلامه الأخيرة ذات الطابع الكوميدي : "مقابلة الأهل"، "وقت الاستعراض"، "حلِّل هذا"، "حلِّل ذاك" - وربما قريباً: حلِّل هؤلاء!

ان معظم النقاد يسامحون الفنانين الآخرين الذين يعملون في هذه الأفلام الى جوار (دي نيرو)، فبقدر ما كانت أدوار (دي  نيرو) مخيّبة، بتنميطها المتطرف والكاريكاتيري لنموذج تسلّطي او عصّابي أحياناً، كانت أدوار (بين ستيللر)، (إيدي مورفي)، و(بيلي كريستال) ممتازة في هذه الأفلام، وتستفيد كثيراً من حضور دي نيرو المركزي "السيء". لكن النقّاد يلقون باللائمة على دي نيرو، الذي ربما أغراه وكيله الفني Agent للعمل في هذه المشاريع، وكذلك الحال بالنسبة لسبيسي، اوغيره من الممثلين الكبار.

لكن نظرة متأنية للموضوع، تكشف بأن أحاسيس الغدر او الخيانة التي شعر بها محبو وعشاق كل من (سبيسي) او (دي نيرو) ليس مصدرها الوحيد فشل هؤلاء النجوم  في أداء أدوارهم في هذه الأفلام او فشل هذه الأفلام … بل الإسقاطات الشخصية لهؤلاء المعجبين، نتيجة نشاط عقلي مختل مبني على مظاهر خدّاعة : إذ يترسّخ في الذهن اعتقاد جازم بأن الممثل الرائع  يجب ان يكون - على الدوام -  رائعاً وذكياً وحكيماً في قراراته، وذلك : " … لأنه كان رائعاً في ذلك الدور، او في ذلك الفلم…". وعادةً ما يقع المشاهدون فريسة لاعتقادات وأوهام من هذا النوع نتيجة لمشاعر الإعجاب والتماهي مع نجوم السينما في أدوارهم المختلفة على الشاشة، لكن العديد من النقاد أيضاً ليسوا بعيدين عن مثل هذه التأثيرات؛ ونعني اختلاط وتشوّش الصور الذهنية والانطباعات، مما قد يبعد هؤلاء النقاد عن الموضوعية في أحكامهم وتحليلاتهم.

والحقيقة، إن إسباغ الثقة المطلقة على ممثل ما – او ممثلة – أمر غير مجدي او مخيب للآمال في معظم الاحيان. فكل من شاهد الممثل الرائع (جين هاكمان) في فلم " البدلاء " يُفاجأ برداءة الفلم، وكذلك بالأداء السيئ لهاكمان في الفلم. المشكلة ان هناك العديد من النقاد - بالإضافة الى ملايين من المشاهدين - ممن هم أسرى حقيقيين او واقعين بالكامل تحت تأثير هاكمان - او غيره من النجوم، وهم جميعاً مستعدون للدفاع عن أي عمل يقوم به هاكمان - او غيره -  بطريقة دوغمائية تنبئ عن جهل ومحدودية في الثقافة. بالتأكيد ان هاكمان ممتاز في العديد من الافلام الرائعة، مثل فلم "غير المغفور له" ، و"الاتصال الفرنسي" وغيرها من الأفلام، لكن العديد من أدواره الأخرى تستحق المساءلة. هناك نجم آخر يثير الحيرة والتساؤلات، ونقصد النجم الشاب (شون بين)، فهو ابن لواحد من اهم مخرجي هوليود (آرثر بين)، كما انه يعمل في السينما منذ مراهقته وفي العديد من الافلام المتميزة تحت إدارة كبار مخرجي هوليود، ومع هذا نراه في عمل ضعيف هو فلم "فوق في الفيلا". وربما اشترك في الفلم، لأن النص يبدو جيداً على الورق او لأن الفلم يتم تصويره في إيطاليا، بعيداً عن الأجواء الأمريكية المعتادة – لحسن الحظ فان أدواره الأخيرة كانت رائعة جدا، أهّلته لنيل الأوسكار عن جدارة.

وبالتأكيد فان الفنان المعني وحده، وفي لحظة صدق، يستطيع ان يكشف للناس ما الذي يجذبه للعمل في فلم قد يسيء لمكانته الفنية او يثير التساؤلات حول ذكائه او حكمته في اختيار الأدوار او اختيار الافلام. لقد فوجئتُ – والكثيرين – بمشاهدة الفنان الرائع "روبرت دوفال" في فلم "اليوم السادس"، وهذا الفلم من أسوأ أفلام آرنولد شوارزنيغر، وقد خذله الجمهور وشباك التذاكر في آن واحد، حتى تساءل بعض النقاد في امريكا: "هل يحاول دوفال إنقاذ الفلم، ام إعطائه جدية او مصداقية ما؟" … لكن من ينسى (دوفال) في "الأب الروحي"، "الرؤيا الآن"، "السقوط" وغيرها.

شخصياً، فان نجمي المفضّل  الذي يخذلني دائماً - وكذلك الملايين من المشاهدين - هو (كيفن كوستنر)، الممثل الرائع في أفلام مثل "الرقص مع الذئاب"، "حقل الأحلام"، "ثلاثة عشر يوماً"، و" جَيْ. إفْ. كَيْ"… ولا أريد ان أذكر هنا مجموعة أفلامه الأخرى المخيبة للآمال من أمثال : "عالم المياه"،"ساعي البريد"، و" ثلاثة آلاف ميل الى غريس لاند" وغيرها.  وقبل دي نيرو وسبيسي و كوستنر وهاكمان، حمل الخيبة للمشاهدين والنقّاد أعظم ممثل سينمائي عرفه القرن العشرين، ونقصد الملك (مارلون براندو). فالى جانب العديد من الأدوار التي لا تُنسى أبداً، هناك العديد من الأعمال التي لا تليق ابدا بالملك. في مقاله الرائع "العاطفي" في ملحق النهار عن براندو الملك، ينتحب الناقد "محمد سويد" بسبب العديد من أدوار براندو في أفلام غير لائقة، بل يحاول استبعاد هذه الأفلام والأدوار من تاريخ براندو السينمائي. وللحق، وللتأريخ، فان رجلاً صادقاً مع نفسه، صعب المراس، مثل براندو، لم يكن مضطراً او مدفوعا من وكيله الفني او طالباً للمزيد من الأموال من خلال عمله في تلك الأفلام .... لكنه كان يحتقر هوليوود ووجاهاتها وقيمها "الفنية" والجمالية الخاضعة لرؤوس الأموال ولمزاجات بعض الأفراد، الذين حوّلوا السينما من فن رفيع الى "صناعة" او "تجارة" !      

لكن ماذا بالنسبة للسينما العربية؟ بالتأكيد هناك العشرات من حالات المظاهر الخدّاعة وخيبات الأمل التي نصادفها مع نجومنا ونجماتنا المحبوبين، ومع هذا فان خيباتنا مع صنّاع السينما الكبار في العالم العربي أقسى بكثير مما مع الممثلين. كم سبّب لنا يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وتوفيق صالح وأحمد بدرخان وسعيد مرزوق وغيرهم من مخرجي تلك الأوقات "الذهبية"… كم سببوا لنا من صدمات وخيبات في تنفيذهم لأعمالهم باستعجال وارتجالية، وبما كان يسودها من فوضى وتشوّش في الرؤيا، وغياب لأبسط المقومات الحرفية والتنفيذية أحياناً. ومهما كان يحاول الإعلام والإعلاميون تغطية هذه الثغرات او العيوب، فانهم لم ولن يغطوا أبداً الجرح او الخدش في قلوب محبي وعشاق السينما.

وعند التأمل والتمعن في كل هذه الحقائق والملاحظات السابقة، ربما سنجد ان ملاحظة الناقد فوسل : "الممثلين والممثلات،  كسالى وجهلة الى حد كبير" … تبدو صحيحة او معقولة لحد ما، ليس في هوليود، لكن في معظم العواصم السينمائية في العالم. ان المرء يحب الممثلين - والممثلات - عندما يكونون جيدين فعلاً، في أدوار رائعة، وفي أفلام ممتازة او متفوقة، لكن لا يجب ان يصل الأمر الى حد الإيمان بأي ممثل او ممثلة مهما كانوا عظماء، او بناءً على تاريخهم الفني او انجازاتهم السابقة. 

انّ هذا مهم وأساسي جداً، ليس فقط للناقد السينمائي او المختص، لكن لكل مشاهد ناضج او مثقف.

موقع "إيلاف" في 21 يناير 2005

3.7 ملايين دولار لبراندو نظير 10 دقائق 

«سوبرمان»..

فيلم يحقق مكانة بارزة في تاريخ هوليوود

إعداد: ضرار عمير  

الزمان مارس 1977، والمخرج ريتشارد دونر ينتابه القلق. كيف لا، وهذا هو اليوم الأول في تصوير أكبر فيلم في مسيرته السينمائية، وكان مارلون براندو قد دخل لتوه يتهادى على المسرح بينما تبدو عليه آثار الاصابة بالزكام. كان أمام دونر 12 يوما فقط لانهاء المشاهد التي يقوم بها براندو. وبعد انتهاء هذه المدة، سيكون الحائز على جائزة الأوسكار مرتين قد وضع الشيك الضخم المتفق عليه في جيبه متوجها الى المطار.

يحشر براندو نفسه داخل بدلته الكربتونية العاكسة ويشق طريقه نحو المسرح البلوري الضخم. ويتمكن دونر من ان يحرف تمتمة براندو حول لعب دور جورايل، ولكنه مع ذلك لا يعرف ما الذي سيجود به معبود الشاشة المشهور بمشاكسته. وحتى أنه لم يكن واثقا مما اذا كان الرجل يحفظ العبارات التي ينبغي ان يقولها.

ثم يقترح براندو ان يقوموا بتصوير التمرين «البروفة». ويغمغم قائلا: «من يعرف ربما يحالفنا الحظ» يهز دونر كتفيه ويبدأ بالتصوير، في الوقت المناسب لالتقاط صور براندو عندما ينطلق في مونولوج عاطفي يشرح فيه السبب الذي يجعل الكوكب كريبتون محكوما عليه بالفناء، ويحدد خططه لارسال ابنه الى الأرض. وعندما ينتهي من التصوير، يسود صمت مطبق على المسرح.

وفي اللحظة التي يصيح «اقطع» على المشهد الذي استخدموه في الفيلم النهائي، يهز دونر رأسه غيرمصدق. ربما، وربما فقط، سيظهر هذا الفيلم الجنوني الذي يتحدث عن البطل الخارق بصورة جيدة في نهاية المطاف.

في هذه الأيام، يعتبر فيلم «سوبرمان» أسطورة لهوليوود. ومن اليوم الذي شهد دفع المستحقات المالية الكبيرة لبراندو إلى اليوم الذي شهد قفزة كريستوفر ريف من نقطة الصفر إلى البطل الخارق، ومن النجاح الهائل في شباك التذاكر إلى التتمات اللاحقة وشجاعة ريف الكبيرة بعد إصابته بالشلل جراء حادثة سقوطه عن الحصان، نجح فيلم سوبرمان في تعزيز مكانته في أسطورة السينما الأميركية.

من الصعب تقريباً التسليم الآن بأنه مرّ زمن لم يكن يصدق فيه الناس أن الإنسان يمكنه الطيران.

كان ريتشارد دونر، المحقق لتوه نجاحاً في فيلم «النذير»، قد سمع للمرة الأولى بوجود خطط لتصوير فيلم «سوبرمان» قبل أشهر قليلة فقط من بداية التصوير في 1977. ويقول دونر بهذا الخصوص: «كنت في الحمام في أحد أيام الآحاد. رنّ جرس الهاتف، فسمعت صوتاً بولندياً غريباً يقول: هذا ألكسندر سالكند. إنني أصنع فيلماً عن «سوبرمان»®®. وأود منك أن تخرجه. وسأدفع لك مليون دولار.

لم يسع دونر إلاّ أن يتساءل متعجباً عن الغنيمة. ثم أخبره سالكندر أن الخطة هي صنع فيلمين دفعة واحدة لا فيلم واحد فقط. ويتذكر دونر قائلاً: «أخذت أقول له: هكذا إذن». ومع ذلك، فقد كان ذلك مبلغاً كبيراً من المال. وهكذا تولى دونر المهمة.

كان ألكسندر وإيليا سالكند، الأب والابن، هما فريقا الإنتاج المسؤول عن فيلم «الجنود الثلاثة». وقد احتفظا بالحقوق الخاصة بصنع فيلم «سوبرمان» منذ عام 1974، ولكنهما لم يجدا شخصاً مهتماً بالموضوع إلا عندما أقنعا كاتب سيناريو فيلم «العرّاب» ماريو بوزو بكتابة السيناريو ومارلون براندو بلعب دور والد سوبرمان.

تعتبر الصفقة الأسطورية التي استطاع أن يفاوض عليها وكيل براندو مقياساً لمدى تلهف عائلة سالكند على التعاقد مع نجم كبير ليمثل في الفيلم، ونصت الصفقة على أن يحصل براندو على 7,3 ملايين دولار مسبقاً، بالإضافة إلى حصوله على نسبة كبيرة من الأرباح، وكل ذلك مقابل ظهوره لمدة 10 دقائق فقط. وكان تعليق دونر على ذلك بالقول: «لم يشتروا مارلون براندو الممثل، وإنما اشتروا مارلون براندو الاسم».

وقد يبدو هذا القول عابقاً بالمفارقة، ولكنه نجح بالفعل، فسرعان ما انضمت إلى الركب الممثلة جيني هاكمان قائلة: «أردت دائماً أن أشترك في فيلم مع مارلون براندو» تماما كما فعل مخرج فيلم جيمس بوند غاي هاميلتون، بعدما رفض ريتشارد ليستر إخراج الفيلم.

كان يفترض أن يبدأ التصوير في استوديو إيطالي عندما حدث انقلاب في الأسواق المالية، فقد ارتفعت قيمة الليرة الايطالية وانخفضت قيمة الجنيه الاسترليني ورأى سالكند وابنه أن بمقدورهما أن يوفرا بعض المال بنقل الانتاج إلى انجلترا، ولكن هذا القرار كان يعني أن عليهما البحث عن مخرج جديد لأن هاميلتون المتهرب من الضرائب البريطانية لا يمكنه أن يشرف على التصوير في المملكة المتحدة، ومن هنا جاء الاتصال الهاتفي بالمخرج ريتشارد دونر.

وأخيراً، أصبح للفيلم مخرج ونص عملي ونجمان كبيران، ولكنه ما يزال بحاجة إلى شخص يلعب دور «سوبرمان». تداول سالكند ودونر أسماء عديدة منها الملاكم الشهير محمد علي كلاي، ولكن الاختيار وقع في النهاية على ممثل مغمور هو كريستوفر ريف. وكان لابد من اختيار ممثلة لتشاركه البطولة، فكان ذلك الاختيار من نصيب مارغوت كيدر.

مرت عملية اخراج الفيلم بصعوبات جمة تمثلت في إيجاد طريقة تظهر «سوبرمان» وهو يطير بشكل طبيعي أمام أعين المشاهدين، وتمكنوا من التغلب على هذه المشكلة من خلال تعليقه بأسلاك واستخدام كاميرا خاصة لتصوير اللقطات الطائرة بصورة متزامنة مع حركة الممثل.

وأخيراً، تم تصوير فيلم «سوبرمان». ولكن العملية استغرقت حتى عام 1978. وفي أواخر 1979، عرض الفيلم في الولايات المتحدة فحقق على الفور نجاحاً هائلاً وتربع على قائمة الأفلام الأكثر مبيعاً على شباك التذاكر هناك لمدة 11 أسبوعاً محققاً 132 مليون دولار، ولا يزال إلى يومنا هذا يمثل جانباً مهماً من أسطورة هوليوود.

البيان الإماراتية في 21 يناير 2005