شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

استرجاع 2004

العام المنُصرف يراوح في أحداثه الثقافية وروتينه الإنتاجي (3)

السينما اللبنانية احتفلت بمرور 75 سنة على ولادتها وسط نقاش حول موقعها ورواجها والإنتاجات الوثائقية متواضعة والروائية بلا جمهور وفورة تصوير اختتمت السنة

ريما المسمار

 

 

 

 

 

 

مهرجانات عربية وعالمية 

·     انعقدت الدورة السابعة والخمسون لمهرجان كان السينمائي الدولي في ايار/مايو وذهبت السعفة الذهب الى الفيلم الاميركي الوثائقي "فهرنهايت 9/11" لمايكل مور بما اثار انتقادات شديدة اللهجة حول منح فيلم سياسي توثيقي الجائزة بعيداً من الاعتبارات الفنية. جائزة الاخراج ذهبت الى توني غاتليف عن Exils.

·     الدورة الحادية والستون لمهرجان البندقية منحت اسدها الذهب للبريطاني Vera Drake لمايك لاي وجائزة التمثيل لبطلته ايميلدا ستونتون، بينما ذهب الاسد الفضة الى الفيلم الاسباني The sea within وجائزة التمثيل الى بطله خافيير بارديم. وحاز الكوري كيم كي دوك جائزة افضل مخرج.

·     انعقدت الدورة الاولى لمهرجان دبي السينمائي اوائل شهر كانون الاول/ديسمبر بعروض عربية وعالمية روائية ووثائقية خارج الاطار التنافسي. المهرجان هو الاول من نوعه في المنطقة ويحمل صفة العالمي.

·     العام 2004 كان موعد انعقاد الدورة السابعة لبينالي السينما العربية في باريس الملتئم كل عامين والتي قامت على برنامج قوي من الافلام العربية الروائية والوثائقية. في المحصلة توزعت الجوائز الاساسية على اربعة افلام هي الاولى لمخرجيها: "معارك حب" لداننيل عربيد افضل فيلم، "عطش" لتوفيق ابو وائل جائزة لجنة التحكيم، "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" لمحمد عسلي جائزة الفيلم الاول، "سهر الليالي" لهاني خليفة جائزتي التمثيل النسائي والرجالي مناصفة بين ممثليه. اما الجوائز الوثائقية فذهبت الى: "اغترابات" لمالك بن اسماعيل، "اجتياح" لنزار حسن، "الطوفان" لعمر اميرالاي و"ريس البحار" لهشام بن عمار.

·     منحت جوائز الاوسكار في آذار 2004 "سيد الخواتم: عودة الملك" 11 اوسكاراً من اصل بأحد عشر ترشيحاً نالها وهي لافضل: فيلم، اخراج، سيناريو مقتبس، مونتاج، تصميم فني وديكور، ازياء، مؤثرات بصرية، ماكياج، صوت، موسيقى واغنية. بهذا سجل الجزء الثالث من ثلاثية المخرج النيوزلندي بيتر جاكسن رقماً قياسياً بفوزه بأحد عشر اوسكاراً الى جانب TITANIC وBEN-HUR. كما سجل سابقة كأول فيلم فانتازيا وخيال علمي يحوز اوسكار افضل فيلم. شون بن حاز اوسكار افضل ممثل عن دوره في فيلم "نهر ميستيك" لكلينت ايستوود وتيم روبنز بأوسكار افضل ممثل في دور ثانٍ عن الفيلم نفسه. اما اوسكار افضل ممثلة فذهب الى تشارليز ثيرون عن دورها في Monster. صوفيا كوبولا التي سجلت سابقة بترشيحها لاوسكار افضل مخرجة كأول إمرأة اميركية تُرشح للجائزة، لم تسجل سابقة بفوزها فاكتفت بجائزة افضل سيناريو اصلي عن فيلمها LOST IN TRANSLATION.

·     في الحفل الحادي والستين، منحت جمعية الصحافة الاجنبية في هوليوود جوائزها السينمائية "الكرة الذهب" GOLDEN GLOBE AWARDS من دون اختلافات تُذكر مع اختيارات الأكاديمية، باستثناء جوائزها الاضافية في فئات الكوميديا التي ذهبت الى فيلم Lost in translation، الممثل بيل موراي عن دوره فيه، الممثلة ديان كيتن عن Something's gotta Give، بينما ذهبت جوائز الدراما الى "سيد الخواتم: عودة الملك"، شون بن وتشارليز ثيرون عن التمثيل.

 

عام 2004 كان عام الالتباس، وكذلك التفاوت في وتائر النتاجات الأدبية والفكرية والفنية. وإذا تجاوزنا بعض الأحداث الثقافية الفردية والمتباعدة، فإن العام المنصرم كأنه مرّ بلا أحداث، وبلا قضايا يمكن أن تثير سجالات ومعارك. فالكتاب حافظ على وتيرته، وإن تقدمت معارض الكتب وكأنها الملاذ المنتظر للكتاب، والمساحة التي يلتقي فيها القارئ بمجمل النتاج. والفنون المسرحية والتلفزيونية، بمعانيها الدرامية وحتى الترفيهية تكاد تكون غائبة، منحصرة في مناسبات مهمة كشهر رمضان الكريم. أما السينما فكان للشباب الحضور الأبهى، لبنانياً وعربياً، خارج لعبة شباك التذاكر والكليشيات الموصوفة. أما في ما يتعلق بالقضايا الفكرية والسياسية فإن أميركا ما زالت محور الدراسات والمقاربات، إضافة الى الإسلام سواء في العالم العربي أم العالم، على أن كتب النقد سجلت تراجعاً كبيراً، وكذلك العلوم... على اختلاف فروعها ومشتقاتها.

هنا الحلقة الثالثة من جولة على ما ميّز (ولم يميّز) عام 2004.

ريما المسمار 

درجنا منذ سنوات على التوقف في نهاية كل عام عند مراجعة عامة للنشاط السينمائي الذي ساد خلال عام يتجه نحو الافول. وغالباً ما كان ينطلق ذلك من الملامح السينمائية الابرز للعام السينمائي والتي بدورها غالباً ما اتسمت بملمحين اساسيين: المهرجانات والعروض السينمائية كأبرز وجهين للمشهد السينمائي المحلي. لا يختلف هذا العام عن سابقيه من حيث تصدر المهرجانات والعروض بل ربما يفتقر اكثر من الاعوام السابقة الى حركة الانتاجات السينمائية. ولكن برغم ذلك، آثرت هذه المرة الانطلاق من الحديث على السينما اللبنانية. اولاً لأن اية مراجعة او مقاربة تقويمية للنشاط السينمائي لابد من ان تقوم اولاً على قياس نبضه الابداعي، اي الانتاجي وليس الاستهلاكي. وثانياً لأن أحد ابرز الاحداث السينمائية خلال العام 2004 تسجيلها مرور خمس وسبعين سنة على انطلاق اول فيلم سينمائي في لبنان. بقدر ما تبدو تلك السنوات فضفاضة على فن مازال كثيرون يشككون بمقوماته المحلية ويحارون في تسميته بين "سينما لبنانية" او "سينما في لبنان"، بقدر ما كشف العقد الأخير، عن طريق الصدفة ربما، عن حقائق تتعلق بالسينما المحلية تتعدى الخطاب التقليدي حول ضرورة قيام صناعة سينمائية بمبادرة رسمية وما الى هنالك. واقول عن طريق الصدفة لأن تلك "الحقائق" انما هي استنتاجات متفرقة يمكن المتابع استقاءها من أحداث صغرى او عامة وتجميعها للخروج بصورة ما عن وضع الانتاج السينمائي المحلي كندوة في مهرجان او مؤتمر رسمي او حتى من حوارات لسينمائيين لبنانيين. فالواقع السينمائي الحالي هو واقع وهمي (virtual) الى حد بعيد كما هي عوالم "مايتريكس" المكتنزة خصوصية لا تخطئها العين من دون ان تتمكن من لمسها. لعل تلك سمة الانتاج السينمائي اللبناني منذ منتصف التسعينات المنصرمة التي بدا انها تؤسس لمرحلة سينمائية جديدة مستقلة. ولكنها بخلاف المراحل السابقة التي أرّخت للسينما في لبنان، لا تخضع لشروط وملامح واضحة في ما يعتقده البعض سمة في حد ذاتها، اي ذلك التفلت من الملامح المشتركة والتشرذم في الافكار والفردية والتفاوت في الانتاج خلال السنوات العشر الاخيرة.

على الرغم من اختلافها حول رسم خط بياني لتاريخ السينما اللبنانية ، تُجمع معظم الدراسات والكتابات النقدية التي طاولت الانتاج السينمائي في لبنان على تقسيم مرحلي عام له يبدأ مع التأسيس وحكايته المسلم بها­لتعذر اثبات غيرها بأدلة قاطعة­ على يد الايطالي جوردانو بيدوتي العام 1929 بفيلم "مغامرات الياس مبروك"، ويكمل مع ظهور اول مخرج لبناني، علي العريس، اوائل الاربعينات بفيلم "بائعة الورد" في ما اعتُبر الولادة الحقيقية للسينما اللبنانية، مروراً بمرحلة الخمسينيات التي شهدت تأسيس استديوات سينمائية ومحاولات سينمائية جادة مثل "الى اين؟" لجورج نصر العام 1957 وصولاً الى الستينات التي اتسمت بهجرة السينمائيين المصريين الى لبنان على اثر تأميم القطاع السينمائي المصري وتسببت بحركة انتاج فيلمية مشتركة بين مصر ولبنان لم ترتقِ الى مستوى فني يُذكر. ثم السبعينات التي عرفت الغليان الفكري والثقافي في بدايتها واندلاع الحرب في نصفها الثاني فتمخضت عن تجارب سينمائية التزمت معالجة القضايا الكبرى الوطنية والاجتماعية والانسانية لاسيما مع سينمائيين لبنانيين شباب من امثال مارون بغدادي وبرهان علوية وسواهما.. والثمانينات التي شهدت بروز سينما تجارية الى جانب افلام بغدادي وعلوية وجوسلين صعب. حتى ذلك التاريخ، اي نهاية الثمانينات وحتى مطلع التسعينات، بدا ان اية محاولة تقويم للسينما اللبنانية لا بد من ان تستند الى حقائق وتحليلات مرتبطة بالاوضاع السياسية والاقتصادية او بكلام آخر بالتحولات المحيطة. الا ان ما تلى ذلك من انتاجات منذ النصف الثاني من التسعينات المنصرمة، بدا وكأنه ولادة جديدة تماماً غير مرتبطة بتاريخ سابق. مذاك، غدت الحركة السينمائية المحلية ضرباً من الاستثمار الموسمي، يربح حيناً ويكسد حيناً آخر وفي كلتا الحالتين يحتفظ بشروط نجاحه او فشله الخاصة المحصورة به. تشكل الافلام اللبنانية المنجزة منذ النصف الثاني من التسعينات، وتحديداً منذ "ويست بيروت" (1997، اخراج زياد دويري)، مرحلة جديدة يمكن ان تُضاف الى المراحل المذكورة اعلاه عندما يأتي الحديث على تاريخ الانتاج السينمائي المحلي. على الرغم من ان بداية التسعينات شهدت انتاج افلام لبنانية مثل "الإعصار" لسمير حبشي و"آن الاوان" لجان كلود قدسي و"خارج الحياة" لمارون بغدادي، الا ان "ويست بيروت" كان العلامة الواضحة، سينمائياً على الاقل، على الخروج من الحرب والتعاطي معها كذكرى بخلاف افلام الهزيع الاول من التسعينات التي بدت امتداداً للحرب كواقع يومي. خلا ان المحاولات لربط النصف الثاني من التسعينات بسابقاته من المراحل تكاد تكون معدومة بخلاف ما هي الحال عليه مع المقاربات التي تناولت تاريخ السينما اللبنانية حتى مطلع التسعينات. فالأخيرة انطلقت من محاولة ربط وتحليل للخروج برسم بياني ما لـ"سينما لبنانية" على مدى نيف وستين عاماً. اما المرحلة الممتدة منذ منتصف التسعينات فتبدو كأنها قائمة في حد ذاتها وتبدو المقاربات التحليلية لها كأنها تتعاطى معها ككيان مستقل. بل ان الجهود التحليلية تصب في محاولات العثور على ملامح مشتركة لانتاجات السنوات العشر الاخيرة. لا يأتي ذلك من فراغ او من تجاهل للمراحل التاريخية السابقة. بل ان مرده مجموعة اسباب ومقومات أسهمت في تشكيل أرضية مشتركة بملامح جديدة للانتاج السينمائي على مدى السنوات العشر الأخيرة. فهناك اولاً الانقطاع الذي تسببت به سنوات الحرب بين المشاهد والفيلم اللبناني، خلا افلام الثمانينات التجارية التي عززت وطأة الانقطاع وتغريب المشاهد عبر تعميم نموذج سينمائي واحد. بهذا المعنى، كان لا بد من ان تُسجل مرحلة جديدة في التسعينات تزامنت مع اعلان رسمي بانتهاء الحرب وان يلعب الامل بقيام سينما لبنانية كانت دائماً متعثرة الولادة والخطى دوره في اصطفاء التسعينات مرحلة تختلف عن سابقاتها، لاسيما انها شهدت عودة عدد من المخرجين اللبنانيين الذين كانوا مقيمين في الخارج. ولكن التسعينات هي ايضاً عقد تأسيس المعاهد السمعية­البصرية في لبنان التي على الرغم من مشكلاتها الكثيرة نظّمت بشكل ما القطاع السينمائي كما هو عقد انتشار التقنية الرقمية وتعزيز الفيديو اللذين اتاحا فرصاً سينمائية لم تكن منظورة من قبل ومازالت تخبىء الكثير. الى ذلك، شهدت التسعينيات بشقها الثاني انطلاق المهرجانات وعودة بعض النوادي السينمائية والتظاهرات وانشاء شركات لخدمات الانتاج السينمائي. كل تلك الاسباب وغيرها ربطت السنوات العشر الاخيرة بملامح خاصة، يبدو طبيعياً البحث عن انعكاساتها في الافلام.

"زنار النار" واشكالية الجمهور

اذاً، منذ العام 1997، عادت عجلة الانتاج السينمائي المحلي الى الدوران. من "ويست بيروت" الى "البيت الزهر" لخليل جريج وجوانا حاجي الى "اشباح بيروت" لغسان سلهب و"طيف المدينة" لجان شمعون و"متحضرات" لرنده الشهال و"لما حكيت مريم" لأسد فولادكار. بل ان الحظ حالف كثيرين في اعادة الكرة خلال فترة زمنية قياسية لم تكن لتتوفر لهم من قبل. هكذا قدم سلهب بعد اربع سنوات على تجربته الاولى فيلمه الروائي الثاني "ارض مجهولة" مع الاشارة الى انه سيبدأ تصوير مشروعه الثالث "الايام الاخيرة" مطلع السنة المقبلة 2005. كما قدمت رنده الشهال تجربة روائية جديدة عام 2003 في عنوان "طيارة من ورق". تفاوتت تلك الافلام من حيث جماهيريتها ويمكن القول ان اياً منها لم يصل الى ما حققه "ويست بيروت" (64 الف مشاهد خلال 12 اسبوعاً) يليه "لما حكيت مريم" الذي عُرض في الصالات اللبنانية على مدى اكثر من اربعة اشهر وحقق محلياً نيف وسبعة وعشرين الف مشاهد. بقيت مداخيل "طيف المدينة" و"البيت الزهر" متواضعة في حين لم يصمد "اشباح بيروت" لأكثر من اسبوع واحد ولم يجد "أرض مجهولة" موزعاً لبنانياً فبقي منقطعاً عن الجمهور المحلي. اما الشهال فاختلفت الحال بين تجربتيها حيث مُنعت الاولى من العرض التجاري بقرار رقابي بينما حصدت الثانية جمهوراً معقولاً وتكريماً من الدولة اللبنانية على اثر فوزها بالاسد الفضة لمهرجان البندقية السينمائي. اما العام 2004 فسجل ظهور ثلاثة افلام روائية لبنانية: "زنار النار" لبهيج حجيج و"معارك حب" لدانييل عربيد في تجربتيهما الروائية الطويلة الاولى و"هكذا قالت ليلا" لزياد دويري. في حين لم يكن الاخيران قد خرجا حتى لحظة كتابة هذه السطور في الصالات اللبنانية، عُرض الاول خلال شهر كانون الثاني/يناير من العام 2004 وسط خيبة جماهيرية، أطلقت العنان لنقاش حول علاقة المشاهد بالفيلم اللبناني على صفحات "المستقبل"، بدأ بحديث للمخرج حجيج عبر فيه عن دهشته وغضبه من اعراض الجمهور عن فيلم لبناني ومن اهمال الموزعين وهيمنة اصحاب الصالات. من هنا برزت مجموعة أسئلة طرحناها على عدد من السينمائيين الذين قدموا افلاماً في السنوات الاخيرة: هل من مشكلة في علاقة المشاهد بالفيلم اللبناني؟ هل هو فاقد الثقة به؟ هل لموضوع الحرب الذي طوي على معظم افلام المرحلة الاخيرة اثر في ابتعاد المشاهد واعراضه عنها؟ لعل أهمية ذلك النقاش تنبع من ان الاجابات التي تمخضت عنه رسمت في شكل او بآخر صورة لحال السينما في لبنان. فقد اعتبر المخرجان خليل جريج وجوانا حاجي توما (في حوار نُشر بتاريخ 9 نيسان 2004) ان مشكلة السينما جزء من مشكلة الثقافة عموماً في البلد وان الفيلم اللبناني هو شكل من الاشكال الفنية غير السائدة بما يحتم ان يكون جمهوره صغيراً وهامشياً وليس عريضاً على غرار افلام هوليوود مع الاشارة الى ان هناك افلاماً برزت تنضوي تحت لواء الافلام التجارية والترفيهية مثل "أس.أل.فيلم" و"مشوار" وسواهما وان لتلك جمهورها العريض الخاص. واشارا الى ان البحث عن حلول للسينما اللبنانية يجب ان ينطلق من مواصفات البلد اي انها سينما صغيرة هامشية وما السعي الى الجمهور العريض الا قبول برقابة كبرى لأن اتساع السوق سيعني مجاراة دول عربية اخرى بتقاليد وافكار مختلفة. في اطار مشابه، تحدث سلهب (الحوار المذكور) عن مشكلة أكيدة بين المتفرج والفيلم اللبناني سببها ندرة الاخيرة ونظرتها الى الصورة كشيء أحادي موحد ورسمي مشيراً الى ضرورة "القرار السياسي" لإحياء هذه العلاقة على غرار ما فعلت فرنسا بإنشاء مركز قومي للسينما ومحطة "آرتي" الثقافية وسواها من الخطوات التعزيزية. ولا ينسى الدور المهم للدعاية وللصالات المتخصصة في منح الفيلم اللبناني فرصة الوصول الى الجمهور. اتفق المخرجان محمد سويد وبرهان علوية (في حوار نُشر بتاريخ 19 نيسان 2004) على ان فرص الفيلم اللبناني اليوم هي افضل بكثير مما كانت عليه من قبل وان جمهوره موجود وحقيقي بخلاف الجمهور السينمائي في الماضي الذي كان "وهميا" بوصف علوية "يشاهد الفيلم بدافع نضالي ووطني". يقول سويد "في السبعينات والثمانينات، كان العثور على موزع للفيلم اللبناني بمثابة حلم. لم يأتِ مارون بغدادي بعزت العلايلي في فيلمه "بيروت يا بيروت" انطلاقاً من رغبته الشخصية بل نزولاً عند شروط السوق وقتذاك حيث كان اسم النجم مرادفاً لتوزيع الفيلم. وكان شبه مستحيل ايجاد صالة. كان الوضع أسوأ ولم تكن البدائل، من مهرجانات وتظاهرات، متوفرة للسينما وانما للمسرح. لم يكن لدى اللبنانيين ثقة بالفيلم اللبناني او بأن ما سيشاهدونه فيلماً. كانت الافلام اللبنانية تُعامَل بدونية من قبل جمهورها. المفارقة انه خلال الحرب، أُنجزت افلام أسوأ من تلك المقدَّمَة قبلها، ولكنها أسست لعلاقة جديدة. ربما لأن الحرب ولدت شعوراً وطنياً لم يكن موجوداً من قبل." ويخلص الى فحوى مشابهة للتي وصل اليها جريج وحاجي توما من ان "بقاء الانتاج السينمائي مبعثراً افضل خوفاً من ان يقود التراكم الى التدجين ويصبح المباح اقل بكثير. نحن عرب وعلاقتنا مع حكومات ووزارات. لسنا قادرين على وضع بنية ديمقراطية لتوزيع المساعدات الانتاجية بشفافية وبدون اعتبارات او قيود. وفي حال أُنشِئ الصندوق فإن الشكوى الاولى ستكون المحاصصة. باختصار انا فرحان بهذا التناغم بين فيلم يضرب وآخر لا يحقق جماهيرية. ذلك افضل من تحول الافلام مؤسسة." من جهته، اعتبر علوية ان الحديث على السينما اللبنانية اليوم مختلف عما كان عليه في السابق "في الماضي، كان الحديث على السينما سهلاً لأنها كانت نقطة الصفر. كان الحلم بأننا نحاول عمل شيء مختلف، سيظهر مع الوقت. الجمهور كان قليلاً، جمهور نوادي سينما او جمهور قضايا. النقاد كانوا بين حصانين، متحمسين للسينما الجديدة ولكنهم يشعرون بأنها هجينة. اليوم اصبحنا نتحدث عن سينما بواقع مختلف، سينما بمخرج وكاتب ومنتج وممثل وجمهور وتقني، سينما متنوعة باتجاهات مخرجيها وافكارهم وهو تنوع لم بالمناسبة يسم جيلنا... باختصار الكل موجود باستثناء الفيلم نفسه هو الناقص. اعتقد اننا نشهد اليوم مطالبة بهذا الفيلم واسئلة ليست من فراغ. الافلام التي أُنجزت في الآونة الاخيرة تركت اثراً بالرغم من ان الجمهور نفسه متعدد، يشاهد كل شيء. الفيلم اللبناني يحتاج الى وقت لينال سمعة ولتنتقل الكلمة عنه وعندها سيجد جمهوره". اما فولادكار فاعتبر في الحوار عينه الدعاية العنصر الاهم في التعريف بالفيلم اللبناني مشيراً الى حالات عُرض فيها فيلم وسُحب من الصالات من دون ان يسمع به احد. وتحدث عن الافكار المسبقة لدى الجمهور الذي يعتبر الفيلم حاصد الجوائز لا يُفهم والفيلم العادي متخلفاً، معتبراً ان للفيلم اللبناني سمعة سيئة منذ الستينيات لا بد من تخطيها عبر منح الافلام الجديدة الوقت ليكتشفها الجمهور.

لعل اهمية استعادة هذه الآراء جنباً الى جنب تكمن في انها تتخطى النقاش التقليدي حول السينما اللبنانية وتكتسب بعداً اضافياً بتزامنها مع مرور خمسة وسبعين عاماً على انطلاق اول فيلم سينمائي في لبنان. صحيح ان احداً لن يمانع قيام صندوق لدعم الانتاجات السينمائية، الا ان الاعتبارات المرافقة له تبدو اقل أهمية اليوم. إذ ينم كلام السينمائيين عن فهم اعمق لطبيعة الانتاج السينمائي في منطقتنا بعيداً من اوهام الصناعة والسوق العالمية وسواها من الشروط التي تمارس ضغطاً على سينما إحدى اولى خصائصها انها هامشية.

السينما كصناعة..مجدداً

بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين ايضاً لولادة السينما في لبنان، صدف ان نظمت وزارة الثقافة، في مبادرة غير مسبوقة، مؤتمراً في عنوان "نحو سياسة عامة لتحفيز الصناعة السينمائية" منتصف ايلول/ سبتمبر الماضي. في شكل ما، بدا المؤتمر كأنه يكمل رسم صورة الوضع السينمائي مع بقائه كالعادة في الاطار التنظيري. فالهدف منه كان مناقشة الجانبين الصناعي والاقتصادي للسينما في لبنان وعرض لخطة عمل تقوم على زيادة المساعدات لتطوير السيناريوات، الاهتمام بالافلام اللبنانية التي تحظى باهتمام على الساحة العالمية، اقامة ورشات العمل والتدريبات، تعزيز التوزيع والنشر من خلال تفعيل دور السينماتيك ودعم المهرجانات المحلية، ايجاد طرق تمويل للمشاريع السينمائية عبر برنامج ضمانات للمصارف وحوافز ضريبية والافادة من القطاع الاعلاني واشراك شبكات التلفزة. قام المؤتمر على جلسات نقاش للتعريف ببرامج انتاجية اجنبية وخطط عمل معمول بها في اوروبا والمغرب العربي في محاولة للافادة منها بحضور خبراء اخصائيين. اللافت ان الاسئلة والافكار المقترحة كانت اشبه بـ"فشة خلق" في غياب شخص او جهة قادرة على تقديم اجابة واضحة. فوزارة الثقافة القائمة بالمبادرة هي نفسها خاضعة لقوانين وزارة المالية اذا قررت صرف مبلغ ما لمساعدة مشروع سينمائي. وحين تضع دو فريج من بين الشروط لوضع خطة مستقبلية لتحفيز الصناعة السينمائية "تدعيم قدرات وزارة الثقافة" فإن السؤال يغدو: من سيدعمها وكيف؟ من هنا كان طلب الوزير السابق باسل فليحان مدير الجلسة الاولى "عدم تكبير الحجر ليبقى في حدود التنفيذ" واقعياً وغريباً في الوقت عينه. فهذا مؤتمر يقترح كل شيء من كيفية العمل على توزيع الافلام والترويج لها الى الحوافز الضريبية الى مساهمة البنوك كجزء من القطاع الخاص... من دون خطة واضحة لدور القطاع العام او مساهمته. لا اقول ان تلك هفوة ولكنها دلالة الى شرخ عميق بين تصور هذا القطاع الخاص للسينما وبين رؤيتها الحقيقة لأهميته. بكلام آخر، ليس مفهوماً موقف وزارة الثقافة او القطاع برمته من الانتاج السينمائي بعيداً من مفردات الصناعة والانتشار العالمي والدور الريادي للبنان في المنطقة. كأن بروز سينما محلية هو جزء من الاجندة السياحية والخدماتية التي يضطلع البلد بها منذ سطر تاريخه الاول. فالقول ان السينما يجب ان تكون صناعة اولى والتلميح الى انها تجارة مربحة حتماً وربط البلد بلعب دور ريادي في هذا المجال في المنطقة... كله نظريات لا تلمس جوهر الموضوع: هل السينما ضرورة؟ وظل السؤال المعلق: هل اذا اثبتت التجربة ان الفيلم اللبناني عاجز عن الوصول الى السوق العالمية ـ وهذا امر جائز جداً ولاينتقص من اهمية العمل بالضرورة­ نتوقف عندها عن دعمه؟ بمعنى آخر، هل نتحدث عن قيمة تجارية وصناعية فقط وننسى القيمة الضمنية الاساسية للعمل السينمائي في علاقته بالذاكرة وبتاريخ الشعوب؟

في الختام صدرت توصيات مازال تطبيقها غير ملموس وابرزها ما يتعلق بتخصيص صالة لعرض الافلام اللبنانية بأسعار تشجيعية؛ تقديم تسهيلات مصرفية بناءً على المداخيل المتوقعة من الدولة؛ انشاء مؤسسات مالية للمساهمة في الانتاج السينمائي؛ تخفيف الرقابة على السينما؛ الغاء الرقابة المسبقة؛ تفعيل تطبيق قانون المرئي والمسموع في ما يتعلق بساعات البث بحسب الموضوعات؛ تسهيل المعاملات الادارية في مجال استيراد المعدات التقنية والحصول على الرخص؛ دمج امؤسسات التلفزيونية المتعثرة لتدعيم دورها في مجال انتاج الافلام؛ الزام الموزعين بحصة من الافلام اللبنانية من مجمل توزيعاتهم السنوية؛ الاستفادة من السوق العربية نظراً لضيق السوق المحلية وغيرها...

مهرجانات

أحيت جمعية بيروت للتنمية السينمائية "بيروت دي سي" مهرجانها الثالث "ايام بيروت السينمائية" بين 15 و25 ايلول في خطوة أكدت مكانة المهرجان على صعيدين محلي وعربي وبتطور ملحوظ عن الدورة السابقة. كعادته كل عامين، قدم المهرجان كوكبة من ابرز الانتاجات العربية الروائية والقصيرة والوثائقية والطالبية المنجزة خلال العامين المنصرمين الى مجموعة افلام أخرجها اجانب حول العالم العربي. وخاضت الجمعية تجربة الانتاج عبر ثلاثة افلام قصيرة، بلغت مدة كل منها خمس دقائق وصورت بنظام 35 ملم، ووقعها كل من كاتيا جرجورة وقصي حمزه وزياد مسعد. الافتتاح كان بفيلم يسري نصر الله "باب الشمس" في عرضه العربي الاول الذى تلى عرضيه في مهرجان "كان" السينمائي وفي معهد العالم العربي. احتلت الافلام الوثائقية الهامش الاكبر كنتيجة طبيعية لعددها الذي يفوق عدد الانتاجات الروائية، بما قدم صورة عن تنوع الانتاج الوثائقي في المنطقة وان طغى موضوعا فلسطين والعراق. تخلل المهرجان عروض لافلام روائية طويلة وندوتان الاولى تناولت صورة فلسطين في السينما، استُهلت بحوار مع المخرج جان لوك غودار اجراه المخرج غسان سلهب حول فيلمه الاخير "موسيقانا" الذي عرضه المهرجان انطلاقاً من طرحه لفكرة فلسطين والصورة، وشارك فيها المخرج عمر اميرالاي والصحافي بيار ابي صعب وادارها الصحافي سمير قصير. اما الثانية فناقشت الهوية في الافلام المعاصرة. قبل "ايام بيروت السينمائية"، وخلال شهر آب/ أغسطس احيا مهرجان "نما في بيروت" دورته الرابعة المتخصص بالافلام اللبنانية، الجديدة والقديمة. فقدم برنامجاً قائماً على "فيديو منزلي" يعود لعائلات لبنانية صُور بين السبعينات والثمانينات من القرن الماضي الى افلام من ذاكرة السينما اللبنانية وإنتاجات جديدة لمحترفين وطلاب. أقيم كلا المهرجانين في سينما امبير­صوفيل في غياب الخيارات المكانية في ظل الاقفالات التي طاولت بعضها كمسرح بيروت وتدني الاحوال التقنية لأخرى كصالات الحمراء التي كان من المفترض ان يُقام "ايام بيروت" في احداها ـ استرال ـ قبل اكتشاف سوء احوالها.

وفي حين كان متوقعاً أن يعقد مهرجان السينما الشرق الاوسط ـ مهرجان بيروت السينمائي سابقاً ـ دورته الثانية خلال شهر تشرين الاول/ اوكتوبر، أعلنت مديرته نوفل الغاءه لاسباب أمنية من دون توضيحات أبعد مما وضع المهرجان الناشىء ثانية على المحك بعد انطلاقته الواهنة العام 2003 على انقاض مهرجان آخر من دون تفريق واضح بينهما. جاء مهرجان الجنى لسينما الأطفال بين 8 و14 تشرين الاول/ اوكتوبر ليقدم بعض الاختلاف في مشهد المهرجانات السينمائية. فالمهرجان الذي يحييه مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية كل عامين بالتناوب مع مهرجان "فلسطين في السينما الجديدة" الخاص بالافلام الفلسطينية، يقوم على تجربة جديدة من حيث تقديمه افلاماً عربية وأجنبية انجزها اطفال او أُنجزت عنهم. كما ويتخلله ورش عمل من بينها تعليم الاطفال كتابة نص نقدي عن الافلام. في موعده الثابت، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، انعقد مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية في دورته السادسة في مسرح اريسكو بالاس حفاظاً على موقع المهرجان في منطقة الحمراء، بعد ان درج القيمون عليه على احيائه في مسرح المدينة خلال السنوات الاخيرة وقبل اقفال المسرح. احتوت الدورة الاخيرة على خمسة وستين فيلماً من اثنين وثلاثين بلداً توزعت على أربع فئات رئيسية: بانوراما دولية، أفلام عربية، أفلام طلاب وأفلام لبنانية عروض اولى هي: "الطريق الى كربلاء" لكاتيا جرجورة، "صوت خطوات على الرصيف" لرين متري، "سيني­كارافان" للارا سابا (داخل المسابقة)، "لأ..بس" لراني بيطار (داخل المسابقة) و"برلين بيروت" لميرنا معكرون (داخل المسابقة). الى تلك، اختتم شريط محمد سويد الوثائقي الجديد "حكاية جريدة" المهرجان في عرضه الاول ايضاً متناولاً تأسيس جريدة "السفير" على خلفية فصول العيش في بيروت ابان الحرب الاهلية. كما خاضت ادارة مهرجان بيروت للافلام الوثائقية تجربة مهرجانية جديدة في نيسان/ ابريل الماضي تمثلت بعرض افلام لخمسة مخرجين ارمن تحت عنوان "عين الشمس" مقيمين في بلدان مختلفة بهدف تقديم تجربة بتقاطعاتها واختلافاتها.

افلام 2004

بالعودة الى انتاجات العام المنصرم، ذكرنا التجربة الروائية الثانية لزياد دويري "هكذا قالت ليلا" الذي كتبه بالتعاون مع جويل توما وانجزه بانتاج فرنسي ـ بريطاني ـ ايطالي مشترك. كان يُفترض عرضه في مهرجان سينما الشرق الاوسط في بيروت (الاسم الجديد لمهرجان بيروت السينمائي). ولكن الغاء الاخير لاسباب عللتها مديرته كوليت نوفل بـ"الأمنية"، جعل تقديمه يقتصر على عرضين افتتاحيين من دون تحديد موعد ثابت لعروضه التجارية. يأتي الشريط بعد سبع سنوات على "ويست بيروت"، بعيداً من محيطه، بيروت، وموضوعه، الحرب. يقدم الفيلم حكاية فتاة فرنسية وشاب عربي في حي عربي في إحدى ضواحي مرسيليا، هو خجول ومنطوٍ على ذاته انما حساس وهي كسرفة في خيالاتها الجنسية. اما شريط عربيد "معارك حب" الذي حاز غير جائزة فقُدم في عرض ضيق في مهرجان "نما في بيروت" ومن ثم في عرض رسمي اقامته وزارة الثقافة مفتتحاً مؤتمرها السينمائي آنف الذكر. هو الآخر لم يتحدد موعد عرضه في الصالات اللبنانية. يبدو الفيلم اقرب الى جزء من تجربة المخرجة الشخصية خلال الحرب الاهلية. كأفلام كثيرة، لا يخوض الشريط في الحرب وقذارتها بقدر ما يغوص على شخصيات كانت تحيا في كنفها. ولكن الحرب ليست مشكلتها بقدر ما تبدو احياناً متنفسها. كذلك الامر بالنسبة الى شريط حجيج "زنار النار" المقتبس عن رواية "المستبد" لرشيد الضعيف. فالحرب هي الخلفية اما الحكاية فتخص استاذا جامعيا، يستحوذ عليه مشهد علاقة عابرة بفتاة مجهولة في ملجأ الجامعة، فتطلق العنان لأوهامه في يوميات الحرب. في إطار مختلف، عرض المخرج الشاب محمود حجيج تجربته الفيلمية الطويلة الاولى "الاكثرية الصامتة" خلال مهرجان "اياك بيروت السينمائية". على الرغم من ان انتاجه يعود الى العام الماضي الا انه عُرض للجمهور للمرة الاولى خلال المهرجان. والفيلم تجربة خاصة يقوم على هامش واسع من الاختبار في الصوت والصورة، مشكلاً امتداداً لتجربة مخرجه الصغيرة نسبياً الميالة الى فن الفيديو والتجريب. صور حجيج فيلمه بهدف نقله لاحقاً الى نظام 35 ملم ولكن البحث عن تمويل لتلك خطوة يبرهن انه يتطلب احياناً الوقت عينه للعثور على تمويل لمشروع سينمائي. ويبقى السؤال الذي تثيره هذه التجارب: اين هو المكان الانسب لعرض هذه الافلام؟ معظم اصحاب التجارب يصرون على انها الصالة السينمائية ولكن غير التجارية اي صالة متخصصة بتقديم الانتاجات غير السائدة التي باتت مطلباً اساسياً لدى صانعي السينما والمهتمين بها.

في إطار المشاريع غير المكتملة، يتصدر مشروع برهان علوية "الحب مر من هنا" اللائحة إذ يدخل عامه الثالث منذ انتهاء تصويره. اما المشاريع الاخرى فجرى تصويرها خلال العام المنصرم: "فلافل" لميشال كمون في تجربته الروائية الاولى صُور بين تموز/يوليو وآب/ اغسطس مع فريق عمل صغير وموازنة ضئيلة؛ "زوزو" مشروع روائي ثانٍ ايضاً لمخرجه اللبناني الاصل المقيم في السويد جوزيف فارس الذي صور جزءاً من مشروعه في برج حمود حيث ولد وترعرع؛ "البوسطة" المشروع الروائي الاول لفيليب عرقتنجي من النوع الموسيقي؛ مشروع خليل جريج وجوانا حاجي توما الثاني بعد "البيت الزهر".

بموازاة هذه المشاريع الروائية، لا تنفك حركة انتاج الافلام القصيرة والوثائقية تسجل ولادة افلام جديدة يصعب حصرها احياناً، ما لم يتم عرضها في اطار مهرجان او مناسبة. بعيداً من المهرجانات التي تشكل الارضية الاساسية لتقديم هذه الافلام، عرض المخرج سمير حبشي فيلمه الوثائقي "سيدة القصر" عن سيرة السيدة نظيرة جنبلاط في سينما اريسكو بالاس، بينما قدم جان شمعون شريطه الوثائقي "أرض النساء" من ضمن سلسلة "نساء رائدات" ايضاً (انتاج شركة مصر العالمية) في عروض خاصة. وفي إطار الانتاجات التلفزيونية، برزت مطلع العام ثلاثة افلام وثائقية انتجتها محطة "العربية" حول الموضوع العراقي في استكمال لسلسلة بدأتها منذ اجتياحه. الافلام هي: "العائلة" لوائل الديب، "سيدي الرئيس القائد" لجاد ابي خليل و"طريق لغروب اقل" لباسم فياض. في إطار المهرجانات، عُرضت افلام لبنانية عدة منها: "أطفال الارز" لديميتري خضر، "هنا وربما هناك" للميا جريج، "سفر" لسنتيا شقير وديميتري خضر، "عالليلكي" لسرمد لويس، "فان اكسبرس" لإيلي خليفة، "بيروت برلين" لميرنا معكرون، "أحاديث الصالون" لدانييل عربيد وسواها.

افلام عربية

على صعيد الانتاج السينمائي العربي، وفرت المهرجانات العربية والمحلية المساحة الفضلى لرصد أحدث الانتاجات الروائية والوثائقية. من ابرز الاعمال الوثائقية المنجزة خلال العام: "سريدة، امرأة من فلسطين" لتهاني راشد، "اغترابات" لمالك بن اسماعيل، "ملوك وكومبارس" لعزة الحسن، "دردشة نسائية" لهالة خليل، "عندما تغني النساء" لمصطفى الحسناوي، "حول العراق" لمجموعة مخرجين، "نساء في الدوامة" لليلى كنعان، "16 ساعة في بغداد" لطارق هاشم... واما الافلام الروائية فيتصدرها "باب الشمس" ليسري نصر الله من انتاج محطة "آرتي" الفرنسية ـ الالمانية. تجربة فريدة تلك التي خاضها نصر الله بمشروع هو الاول في السينما العربية الذي يتناول القضية الفلسطينية على تلك المساحة الزمنية إذ يمتد منذ النكبة وحتى الثمانينات. ويقع الفيلم في جزءين مدة كل منهما نيف وساعتان وقد أُخذ عن رواية الياس خوري بالعنوان نفسه. من انتاجات العام 2004 الروائية نذكر: "كليفتي" لمحمد خان، "عطش" لتوفيق ابو وائل، "الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء" لمحمد عسلي.. وشريط يوسف شاهين الجديد "اسكندرية..نيويورك" الى انتاجات مصرية اخرى منها: "الباحثات عن الحرية" لايناس الدغيدي، "أحلى الاوقات" لهالة جلال، "عريس من جهة امنية" لعلي ادريس بطولة عادل امام، "بحب السيما" لاسامة فوزي...

المستقبل اللبنانية في 29 ديسمبر 2004