شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

في الأحلام المستحيلة للتبادل السينمائي بين المشرق والمغرب ...

لكن السنونوة سنونوة حتى لو فشلت في صنع الربيع

إبراهيم العريس

 

 

 

 

 

 

 

«في نهاية الأمر نحن كلنا تربينا على مشاهدة الأفلام المصرية». هذه العبارة لا يتوقف عن قولها، في كل بساطة وهدوء واحد من أبرز السينمائيين في تونس، نوري بوزيد. ومع هذا من المعروف أن بوزيد حقق حتى الآن أفلاماً عدة تبدو في مواضيعها، وأساليبها الفنية، ثم بخاصة في جرأتها، كثيرة الابتعاد عن السينما المصرية إذ ينتهي الأمر دائماً الى التساؤل المشروع عما اذا كان نوري بوزيد يعني حقاً ما يقول... وأين هو تأثره بتلك السينما في أفلامه.

في هذا الاطار يمثل نوري بوزيد حالاً قصوى بين زملائه من سينمائيي بلدان المغرب العربي. ونحن ان استمعنا اليه يتغنى بالأفلام المصرية التي شاهدها ويواظب حتى الآن على مشاهدتها، وإن في شكل أقل تواتراً، «بسبب الظروف، لا بسبب عدم الرغبة في ذلك» كما يقول، يصبح من السهل علينا أن نفهم مخرجين من أمثال المغربيين مؤمن سميحي وعبدالقادر الأقطع ومحمد عبدالرحمن التازي، والجزائريين فاروق بلوفة وأحمد راشدي وعبدالعزيز طلبي، والتوانسة فريق بوغدير ومفيدة تلاتلي وغيرهم حينما يتحدثون عن السينما المصرية، والشعبي الميلودرامي منها بخاصة، حديث العارف والخبير.

وإذا كان هذا شأن النخبة السينمائية في بلدان المغرب، يسهل علينا أيضاً فهم إقبال الجماهير المغربية العريضة، ومنذ الخمسينات من القرن العشرين على الأقل، على منتجات استوديوات القاهرة... وصولاً الى اقبالها، اليوم، على ما ينتج من أعمال ومسلسلات مصرية ومشرقية عموماً. وهذه حقائق لا تقبل الجدل في اعتقادي.

أما المشكلة الحقيقية فتبدأ حينما نتساءل عما اذا كان ثمة - في المقابل - اهتمام مصري أو مشرقي بما انتج وينتج في بلدان المغرب العربي، لا سيما منذ حصول هذه البلدان على استقلالاتها التي نعرف، أن شعوب المشرق قد هللت لها كثيراً، وواكبتها تظاهراً ودعماً، لا سيما، إبان ما يسمى بزمن النهوض القومي الكبير.

أين التبادل؟

والمشكلة تبدأ حينما نتساءل عما اذا كان اهتمام السينمائيين أنفسهم متبادلاً.

ذلك ان لعبة التأثر والتأثير، أو لعبة التفاعل في شكل عام، هي حتى الآن والى حد كبير، ذات اتجاه واحد يقابله في الطرف الآخر تجاهل تام، وفي بعض الأحيان رفض وارتباك. وسأوضح هذا بعد قليل. أما هنا فأود أن أشير الى أن الأمر مبرر من الناحية التاريخية، وضمن اطار لعبة التراكم الفني والثقافي... وبخاصة بالنسبة الى مصر وتأثيراتها، في بلدان المغرب العربي.

فنحن اذا عدنا الى تاريخ الانتاج السينمائي «العربي» وليس الى تاريخ فن السينما، والأمران مختلفان بعض الشيء، سنتذكر انه في الوقت الذي كانت فيه بلدان المغرب العربي تؤسس سينماها عبر فيلم واحد ينتج مرة كل ستة أعوام أو سبعة، كانت مصر بدأت تعرف زخماً انتاجياً وصل في بعض الأحيان الى أربعين وخمسين فيلماً في السنة. وهذا الانتاج ما كان له أن يكون ممكناً ويتحقق لولا تمكن السينما المصرية في ذلك الحين (أعني سنوات الأربعين ثم الخمسين من القرن العشرين) من إيجاد أسواق لها، في بلدان المشرق العربي، ثم بلدان المغرب العربي - كلما سمحت الظروف بذلك. والحقيقة ان السينما المصرية إذ عانت منافسة كبيرة من السينمات الفرنسية والايطالية بخاصة في المدن الرئيسة في بلدان المغرب، فإنها سرعان ما تمكنت من الالتقاء بجمهورها هناك، وبخاصة بفضل انتشار الغناء المصري في كل مكان، وبالتالي بفضل الأفلام الغنائية.

والحال ان الجماهير المغربية، في المدن الصغرى المنغلقة على هويتها العربية والاسلامية أولاً، ثم في المدن الكبرى الكوزموبوليتية، سرعان ما وجدت في الفيلم المصري ربطاً لها بهوية راحت بها ترد، عن وعي أو عن وعي باطني، على الهوية الاستعمارية الأجنبية المفروضة عليها.

ولقد كان لهذا كله أن يترسخ مع بدء النضالات الاستقلالية ثم مع حصول تلك الشعوب على استقلالها، إذ وجدت في اللجوء الى مشاهدة الفيلم المصري هوية ثقافية جامعة لها، ولا ننسينّ هنا ان هذا كله كان في سنوات الخمسين يوم وعت شعوب المشرق للمرة الأولى وجود المغرب، كساحة نضال ثم كسوق للثقافات المشرقية وللفنون.

والحقيقة ان ذلك الوعي ارتبط كذلك بوعي سياسي قومي متزايد، لعل في إمكاننا القول انه وصل الى ذروة فنية له، حينما حقق يوسف شاهين فيلمه «جميلة الجزائرية» عن تلك البطلة المناضلة التي كان لها في المشرق والمغرب هيبة بطولة كبيرة.

إرهاصات

في تلك الآونة كانت بعض الأقطار المغربية بدأت تشهد إرهاصات حركات سينمائية لم تؤد يومها الى أي طريق... لكنها - على الأقل - رسخت الوعي لدى بعض الشبان من أبناء النخب السياسية والثقافية بضرورة أن تكون هناك سينما في بلدانهم. وليس سراً ان النموذج الذي تم اختياره منذ البداية للسير على هداه، كان نموذجاً سينمائياً أوروبياً، ربما على غرار ما كان يصبو اليه حتى أبناء النخبة السينمائية المصرية (من أمثال يوسف شاهين وتوفيق صالح وصلاح أبو سيف)، وربما في رد فعل نخبوي ضد ثقافة العموم المرتبطة أكثر وأكثر بالسينما المصرية. وقد يتعين علينا أن نتذكر هنا ان اول السينمائيين المغاربة، في شتى أقطار المغرب مارسوا ترفعاً كبيراً تجاه السينما الشعبية المصرية، قبل أن يتنبّه الطليعيون من بينهم الى ان التأثيرات الجوانية المصرية هي الأكثر رسوخاً لديهم. ولقد كان «جميلة الجزائرية» بداية لنسف ذلك الاستعلاء على أي حال... وذلك بالتواكب مع المد النضالي العربي العام والوعي التبادلي السياسي بين المشرق والمغرب.

واليوم إذ أنظر شخصياً الى ذلك المشهد، يبدو لي الأمر وكأن يداً مغربية مدت في اتجاه المشرق، لكن المشرق، السينمائي والشعبي سواء بسواء، لم يعرف كيف يلتقطها.

غير ان الأمور لم تتوقف عند هذا الحد... لحسن الحظ في شكل عام.

ذلك انه حدث لاحقاً... وعند منعطف ستينات القرن المنصرم وسبعيناته، أن بدأ، حتى بعض السينمائيين في بلدان المغرب يمعنون في وعي مشرقي طوعي، ومجازف أحياناً... وقد يكون من الممكن الاشارة هنا الى أن الأمر بدا في بعض الأحيان أشبه بتوجه ما، نحو نوع من الانتاج المشترك، خصوصاً أن مؤسسات سينمائية وطنية، رسمية غالباً، أخذت تنشأ في بلدان مثل الجزائر وتونس، منفتحة على المشرق العربي وبخاصة على مصر، كما ان سينمائيين من أمثال طاهر الشريعة ورضا الباهي وفريد بوغدير والراحل حمادة الصيد، في تونس ناهيك عن عدد من المسؤولين السينمائيين في الجزائر، كل منهم في ميدانه، رأوا ان الوقت حان لتطوير علاقة الجماهير العريضة في بلدانهم - والمتفاعلة دائماً مع السينما المصرية والعارفة جيداً، لنجومها وأبطالها - مع أفلامهم المحلية. وهكذا، منذ نشأ مهرجان قرطاج في تونس، كان للسينما المصرية عموماً، حصة كبيرة فيه. ومنذ قررت مؤسسات سينمائية رسمية انتاج أفلام مشتركة، كان التطلع أساساً صوب القاهرة. ورحنا نشاهد محمود مرسي أو كمال الشناوي أو مديحة كامل، أو حتى شيريهان، في أفلام تونسية. ورحنا نشاهد الأموال الجزائرية تنفق على أفلام ليوسف شاهين وغيره، ثم أموال تونسية تسلك الطريق نفسه («العصفور» و«عودة الابن الضال» انتجا بأموال جزائرية، كما ان «السقا مات» انتج بأموال تونسية أوصلها يوسف شاهين الى صلاح أبو سيف). ولقد مهد كل هذا، الطريق لإشراك ممثلين مغاربة في تلك الأفلام (سيد علي قويرت، وبلقيس شريعة على سبيل المثال).

غير ان عمر ذلك التعاون سرّع ما بدا قصيراً... إذ ما أن شحّت الأموال الجزائرية والتونسية حتى اختفى، الانتاج المشترك، ومعه اختفى الممثلون المغاربة عن ساحة السينما المصرية. ولقد كان على محبي ذلك النوع من التعاون ان يكتفوا بحضور مغنيات من الجزائر أو تونس، في بعض السينما المصرية، ولكن في شكل افرادي جداً وشخصي جداً... وفي أدوار نساء مصريات (وردة، لطيفة... الخ).

صعوبة اللهجات؟

والأدهى من هذا كله انه خلال تلك الحقبة نفسها، والتي راحت تمتد طوال الربع الأخير من القرن العشرين، كانت تأسست في المغرب والجزائر وتونس، كما ظهر في شكل افرادي في موريتانيا، تيارات وسينمات فرضت حضورها في أنحاء أوروبية عدة، وحققت نجاحات كبيرة داخل بلدانها. كما واصل عدد كبير من سينمائيي المغرب مثلاً (وربما يصح هنا حتى ذكر عبدالله المصباحي المغربي) اهتمامهم بالممثلين المصريين (جميل راتب...) واهتمامهم بترسيخ علاقة ما مع مصر والمشرق. وصور مؤمن سميحي فيلماً في القاهرة، كما حقق فريد بوغدير فيلماً مهماً عن السينما المصرية. وغاص رضا الباهي أكثر وأكثر في سينما القضية الفلسطينية، ولكن دائماً من دون أن يكون ثمة اهتمام مقابل آت من مصر أو من بلدان المشرق العربي الأخرى.

صحيح ان عدداً كبيراً من الأفلام المغربية والتونسية والجزائرية عرض في مهرجانات قاهرية واسكندرانية كما في مهرجانات مشرقية أخرى (دمشق مثلاً)، وصحيح ان الصحافة العربية المشرقية تحدثت وبإسهاب وإعجاب عن بعض أفضل ما ينتج في المغرب العربي من أفلام... غير ان هذا كله لم يوصل تلك الأفلام لا الى صالات السينما، ولا الى الوعي السينمائي العربي العام. هنا قد يتوجب علينا أن نذكر بأن بعض الفضائيات العربية (أوربت مثلاً) يهتم بين الحين والآخر بعرض أبرز الأفلام المغربية، ولكن من دون أن تترك هذه الأفلام أثراً، أو تشكل تراكماً. ولعل صعوبة فهم اللهجات المحلية تشكل عائقاً في هذا السياق؟ غير ان فيلماً تونسياً متميزاً هو «شيشخان» لمحمود بن محمود دبلج الى المصرية، وفيه جميل راتب، ومع هذا لم يلق أي نجاح أو إقبال.

بل ان الأمور وصلت ذات مرة خلال عقد إحدى دورات مهرجان دمشق ان حرّض فنانون مصريون (منهم الراحل سعد الدين وهبة، والممثلة فردوس عبدالحميد) ضد السينما التونسية متهمينها بممالأة الصهيونية(!) لمجرد أن في بعض أفلام هذه السينما شخصيات يهودية...

غير ان هذا كله لم يكن له سياق متواصل. بل ان كل الاهتمام السينمائي التبادلي لم يقم أبداً على أي انتظام فكري أو تخطيطي على رغم كل المحاولات الجادة التي بذلت في سبيل ذلك.

وفي اختصار قد يصح أن نرسم صورة «التبادل» السينمائي بين المشرق والمغرب على النحو الآتي:

·     اذا استثنينا تأثيرات يوسف شاهين (خصوصاً في مجال لغته السينمائية الابتكارية حقاً، كما في مجال خوضه سينما السيرة الذاتية) وصلاح أبو سيف (في واقعيته وحضوره) وتوفيق صالح (في ربطه السينما بقضايا النضال السياسي) يمكننا أن نقول ان السينما المصرية ليست ذات أثر في نهضة السينما المغاربية، لا سيما بالنسبة الى الأجيال التي تلت فيها أجيال المؤسسين، إذ - بعد زوال فتور العلاقات مع المستعمر وثقافته - حل تعاون وتأثير بين السينما الفرنسية وسينما بلدان المغرب، وصل أحياناً الى ذرى غير متوقعة (فوز «وقائع سنوات الجمر» لمحمد الأخضر حامينا بالسعفة الذهبية في «كان» 1975) والى تبادل الخبرات وحتى الى استثمار أموال فرنسية طائلة في الأفلام المغاربية... ناهيك عن وجود العشرات من فناني السينما ذوي الأصول المغربية في الحياة السينمائية الفرنسية نفسها.

·     في مقابل الحضور الطاغي للسينما المصرية في المهرجانات المغاربية، وبخاصـة قرطاج، يتسم حضور الأفـلام المغاربية في المهرجانات الشرقيـة بحياء شديـد، ومعـظمهـا يـعــرض مـن دون جمهور. ويمكن قول الشيء نفسه عن حضور السينمائيين والفنانين المغاربة في تلك المهرجانات، فيكونون أشبه بضيوف غربيين.

·     كان ثمة حضور تبادلي لممثلين من هنا وهناك، في أفلام الهناك والهنا... لكنه ظل ضئيل الأهمية ويعد على أصابع اليدين، ناهيك عن أن ما فرضه دائماً كان نوعاً من المسايرة أو ضرورات اجتذاب التمويل المشترك.

·     في الوقت الذي توجد فيه نتاجات السينما المصرية في كل مكان وفي كل مدينة في بلدان المغرب، بالكاد يحسّ وجود نتاجات السينما المغربية، على أهميتها المتصاعدة، في أي مدينة مصرية أو مشرقية.

·     ومحطات التلفزة الفضائية على رغم محاولات خجولة في هذا المجال، لا تزال قاصرة عن لعب أي دور في أي مساعٍ تبادلية حقيقية.

وأسباب كل هذا واضحة الى حد كبير ومتنوعة، ويمكن اختصارها في:

أولاً - جدة السينمات المغاربية ورغبتها في أن تنافس تراكماً مصرياً لا يمكن منافسته.

ثانياً - صعوبة اللهجات المغاربية وعدم اقبال الجمهور المصري والمشرقي على الأفلام المترجمة.

ثالثاً - حتى الدبلجة تبدو غير عملية في هذا الاطار.

رابعاً - عدم تحمل الفضائيات مسؤولياتها في هذا المجال في شكل منطقي، كأن تعرض الأفلام المغاربية مع تقديم وأطر تاريخية ونقدية تثير فضول المتفرجين وتضمن إقبال قطاعات منهم.

خامساً - (وليس هذا أقل الأمور أهمية بالطبع) عدم وجود تراكم معرفي يطاول الحياة والمجتمعات المغاربية فيثير فضول المتفرج المصري أو المشرقي وأسئلته مثلاً...

بيد ان هذا كله يجب ألا تغيب عن بالنا مسألة، قد لا تعني هنا الجمهور العريض، ولكنها بدأت تلقي بآثارها المهمة على الفن السينمائي ككل.

تفاعل على رغم كل شيء

فإذا كانت سينما السيرة الذاتية (كما هي عند مبدعين مغاربة من أمثال نوري بوزيد ومفيدة تلاتلي وفريد بوغدير وحتى جلالي فرحاتي وفريدة بليزيد...) قد ولدت، وان في شكل غير مباشر، من رحم سينما يوسف شاهين، والسينما الشعبية التي يحققها محمد عبدالرحمن التازي، من رحم السينما الشعبية المصرية، فإن ما يمكن اليوم قوله، في المقابل، هو أن الكثير من السينمائيين المصريين من أبناء الأجيال الجديدة (بما فيهم أسامة فوزي ويسري نصرالله وأسماء البكري وخالد الحجر وأحمد عاطف) يبدون الى حد ما، على تفاعل تام أولاً، مع اللغة السينمائية، وثانياً مع الجرأة الموضوعية التي تفوح من الكثير من أفلام مرزاق علواش وفريد بوغدير وجلالي فرحاتي وأحمد المعنوني ورضا الباهي ومحمد عبيد هندو وعبدالرحمن سيساكو وغيرهم بحيث اننا، أكثر مما يمكننا أن نقيم فرزاً عمودياً، بين جديد السينما المصرية وجديد السينما المغاربية، يمكن مع بعض الجهد، إقامة فرز أفقي بين الأجيال، والقول ان بعض ما تقدمه الأجيال المصرية الجديدة يبدو أكثر اقتراباً من جديد السينمات المغاربية، منه من قديم السينما المصرية.

طبعاً لا يشكل هذا كله سوى سنونوة واحدة. والسنونوة لا تصنع ربيعاً، خصوصاً أن الأمر لا يزال حتى اليوم ناتجاً من رغبات فردية ومبادرات طوعية، أكثر منه ناتجاً من ضرورات ومخططات توحيدية واضحة. وهذا ان كان ينطبق على السينما فإنه ينطبق أيضاً على شتى النتاجات الفكرية والابداعية الأخرى... لئلا نتحدث عن الصناعة والزراعة والتجارة.

فالشرخ بين المغرب والمشرق، الذي كان يخيل الينا، وسط زهو الخمسينات وفي حمأة النضالات المشتركة انه عابر ومفتعل ومن صنع الأجنبي، ترسخ أكثر وأكثر بعد الاستقلالات وفي معمعات اللاعمل العربي المشترك.

ذات يوم سئل استاذنا الكبير نجيب محفوظ عن السبب الكامن خلف المستوى الهابط للسينما المصرية، فقال: ولماذا تظلمون السينما وحدها وتلومونها وأنتم تعرفون ان كل شيء في بلادنا هابط... ويزداد هبوطاً؟

* مداخلة ألقيت في الكويت ضمن إطار الاحتفالات الفكرية لمجلة «العربي».

الحياة اللبنانية في 10 ديسمبر 2004