المخرج سعد هنداوي: أتسلل بلغتي البصرية إلى ماهو أعمق من السطح حوار: حسين قطايا |
المخرج سعد هنداوي أحد ضيوف مهرجان دبي السينمائي الدولي . تخرج من معهد السينما في القاهرة عام 1994، وقدم حتى الان أربعة أفلام قصيرة: البكاء، زيارة في الخريف، فقاعات، يوم الأحد العادي، المشهد الأخير، الضمة، ثم قدم فيلماً روائياً طويلاً واحداً وهو: «حالة حب»، من بطولة هاني سلامة والتونسية هند صبري وتامر حسني، وشريف رمزي. حول مهرجان دبي السينمائي وأعماله جرى هذا الحوار مع الهنداوي: · كيف ترى هذا المهرجان؟ - خطوة مميزة، تشكل إضافة نوعية وكمية إلى سلسلة مهرجانات السينما في العالم العربي، مما يعطي للسينما فرصاً جديدة لكي تتجذر أكثر في دنيا العرب، وهذا بحد ذاته مفيد، ولدي ملاحظة واحدة ورجاء على كل القيمين على مهرجانات السينما، ان ينسقوا فيما بينهم حتى لا تتقاطع هذه المهرجانات في عملية التوقيت، مما يضيع الفرصة على السينمائيين والمهتمين المشاركة فيها. · هل تعتقد ان تعدد المهرجانات يضر بعضها بعضا؟ - على الإطلاق ليس هناك من ضرر، ولكن فقط أتمنى الانتباه لعملية التوقيت. · كيف تقيم تنظيم المهرجان، وهل أعجبك فيلم الافتتاح «الرحلة الكبرى»؟ - جيد بشكل عام من حيث التنظيم ولابد ان تقع بعض الأخطاء، يمكن تجاوزها مع تراكم الخبرة. ولا أخفي سراً فقد أدهشني «الرحلة الكبرى» ولاشك انه يستحق بجدارة ان يكون أعد للافتتاح. · من عناوين أفلامك تبدو ميالاً إلى شيء من التراجيديا أو الميلو درامية؟ - إذا كنت استشففت ذلك من عنوان فيلمي «البكاء» فهذا ليس بالصحيح، لأنني قدمت «البكاء» كحالة طقسية وليس كفعل تراجيدي. · ما هي القصص التي تجذبك إليها بشكل عام؟ - قصص الحياة اليومية بعاديتها وتفاصيلها، هي التي تشدني، وتحفزني إلى كشف العناصر الداخلية للمشاهد العامة. · كيف تستطيع ان تكشف من العادي واليومي ما هو ليس عادياً؟ - هذا يعتمد على قراءة الحدث المروي بطريقة سينمائية، بصرية في لغتها، فأتسلل عبرها إلى ما هو أعمق من السطح، أو إلى ما لا يظهر للوهلة الأولى. · بعد إخراجك 9 أفلام قصيرة قدمت فيلمك الروائي الأول، هل تعتقد ان تجربتك نضجت لان تقدم آخر أعمالك «حالة حب»؟ - ليست المسألة مسألة نضوج أو عدمه، ولا شك ان تراكم الخبرة ضروري، ولكني كنت استطيع ان أقوم بعمل فيلم طويل روائي منذ أعمالي الأولى، ولكنني كنت انشد إلى الأفلام القصيرة لأسباب فنية ولأخرى إنتاجية ليس اكثر. · هل في فيلمك الأخير أي تحول عن أساليبك في الأفلام القصيرة؟ - الفيلم الروائي ليس تحولاً وليس مواءمة بين هذا الأسلوب وذاك فقط هو عملية توافق بيني كمخرج وبين الجمهور كمتلق. · ما الفرق بين المواءمة والتوافق؟ - المواءمة هي ان يتخلى أحدنا عن وجهة نظره في سبيل وجهة نظر الأخر، والتوافقية التي أتحدث عنها هي ان أقدم وجهة نظري وقضيتي السينمائية آخذاً بعين الاعتبار ذوقية المتلقي أي المشاهد المصري والعربي عموماً. · ألا ينتقص هذا من المستويات الفنية للعمل؟ - السينما هي في الأول موجهة إلى الجماهير، أي إلى قاعدة واسعة، وتستطيع ان تقدم عملاً جدياً ومختلفاً عن المستويات التجارية وفي الوقت نفسه تستطيع ان تلون أفلامك بشيء من الكوميديا وبشيء من الموسيقى والأغاني التي تجذب المشاهد، ان تقدم فيلماً يعني أنت تقدم عملاً للفرجة وليس للانعزال والابتعاد، وأنا ضد السينما النخبوية وبالتأكيد لست مع سينما المقاولات. · أهذا يعني انك تريد ان تقطع نصف المسافة بين التجاري والنخبوي؟ - السينما صناعة، ولديها تكاليف يقدمها المنتج، وهذا اعتبار لا يمكن إلغاؤه على الإطلاق، ويمكن للمخرج ان يوهم المنتج مرة أو مرتين، ولا يقيم اعتباراً لحسابات الربح والخسارة المادية، عندها يتحول المنتج إلى استثمارات أخرى، وفي غير مجالات السينما. وفي هذا أخسر انا أولاً كسينمائي ويخسر المنتج ويخسر المتلقي أيضاً. · إلى أي مدرسة سينمائية تنتمي أفلامك؟ - لا استطيع ان أحدد، فهذا ليس عملي، بل هو عمل الناقد الذي يستطيع ان يراني أو ان يحددني ضمن شروط النقد المبني على العلم والأكاديمية. · هل السينما والمسرح يتنازعهما سلطات ثلاث بين المؤلف والمخرج والممثل؟ - الأمر محسوم في السينما، فهي فن المخرج، فلا النص يستطيع ان يدعي غير ذلك ولا الممثل أيضاً. · لكن المخرج يعمل على مادتين أساسيتين وهما النص أولاً والممثل ثانياً أليس كذلك؟ - المخرج هو الذي يقرأ النص وحينها يقوم بكتابته للمرة الثانية وفي النتيجة نحصل على كتابة جديدة تصبح أولية وليست ثانية، وهذا ليس تقليلاً من قيمة القصة أو المروي أو الفكرة، لكنني هنا أتحدث عن السيناريو الذي يقوم على بنية النص ولكن بتكويناته الخاصة. وبالنسبة للممثل فهو أهم عنصر في الكادر السينمائي، لأنه العنصر الوحيد الحي، من عناصر عديدة يمكن تطويعها جميعاً، لكن المخرج هنا عليه ان يجد أسلوباً لفهم الممثل في بعديه الإنساني والأدائي، ويجب ان يمنحه ثقة تتماشى جنباً إلى جنب مع العمليات التقنية الضرورية لتحضير العمل. · من المخرجين المخضرمين تأثرت بهم؟ - بالكثيرين، ومن أجيال مختلفة، ولا يتسع هنا الحديث على ما أظن للتسميات. · سؤال أخير من شدك عمله من المخرجين الشباب؟ - المخرجة هالة خليل في فيلمها أحلى الأوقات. البيان الإماراتية في 7 ديسمبر 2004 |
المخرج المغربي محمد اسماعيل يبحث في موضوع الهجرة مجدداً "هنا ولهيه".. فيلم عن الحياة بين نارين الرباط عبدالله الشخص: انتهى المخرج المغربي محمد اسماعيل أخيرا من تصوير الفيلم السينمائي الجديد “هنا ولهيه” ليدخل بعد ايام قليلة مرحلة التوضيب. الفيلم استغرق تصويره سبعة اسابيع، منها اسبوعان في فرنسا واسبانيا، والأخرى في مدن طنجة والدار البيضاء ونواحي الجديدة في المغرب. وجسد ادواره الرئيسية 63 ممثلة وممثلا محترفاً، منهم حميدو بنمسعود، محمد الخلفي، منى فتو، رشيد الوالي، نزهة الركراكي، محمد مفتاح، سناء العلوي وآخرون، إضافة الى ما يقارب 1500 من “الكومبارس”، وسهر على تأطيره تقنياً 45 فرداً من جنسيات مختلفة، (مغربية واسبانية وبرتغالية وصينية وكوبية). ووظفت فيه - حسب المخرج - تقنيات رقمية عالية (نظام سكوب، نظام رقمي، إنارة قوية، ومسح نحو 63 ديكوراً رئيسياً. فيلم “هنا ولهيه” لا يبتعد موضوعه عن الهجرة التي اتخذها اسماعيل منطلق كل اعماله الفنية، سينمائية وتلفزيونية، آخرها الفيلم السينمائي “وبعد..”، عالجها بأشكال وصيغ مختلفة، لأن الهجرة -كما يقول المخرج - موضوع قائم الذات، وموضوع الساعة تعاني منه شرائح واسعة من المجتمع المغربي “اذ ليست هناك عائلة على الاطلاق لا تعيش في الهجرة او تتعايش معها، فكل اسرة لها فرد في الخارج سواء كان عاملا او طالبا او هاجر بطريقة سرية، أو فكر في “الحريك” اي الهجرة غير المشروعة. ويعتقد مخرج “هنا ولهيه” ان هذه الموضوعة تربة خصبة للعمل السينمائي، تتيح للمشتغلين فيه، على العموم، موضوعات متعددة ومختلفة مستنبطة من واقع معيش، تنتمي سينمائيا الى ما يمكن أن نطلق عليها السينما الواقعية، وهي “اقرب الأنواع والأحب الي من اي نوع آخر”. تدور أحداث الفيلم الجديد في “الهنا”، الضفة الجنوبية للمتوسط، و”لهيه”، الضفة الشمالية منه، “الهنا” حيث الفقر و”لهيه” حيث الأمل والحلم في تحقيق غد افضل. “الهنا” التي اطلق فيها “رحال بن عيسى” (حميدو بنمسعود) صرخة الميلاد الاولى، المكان الذي لم يكن يعتقد وقتها ان رياح فقر ستلطم خديه، وهو يتطلع بطموح الحالم الى مستقبل مجهول، فظل رحال يحلم بمعانقة الأيام التي سوف تبعده عن شرنقة العوز والحاجة. “لهيه” أوروبا، حيث الانسان يمكن أن يضمن حياة هادئة ومستقرة ومضمونة المدخول. و”إذ يتحقق الحلم يجد ابن عيسى نفسه بين احضان فرنسية ارتبط بها رغبة في مواجهة اعباء حياة الغرب، بيد انها فضلت احضان رجل آخر. وقتها أحس بأن “بنت البلاد” الفقيرة وحدها القادرة على ضمان استمرارية عش الزوجية والمؤهلة لمواجهة صعوبة المعيشة وتربية الأولاد. رافقته الى المهجر، وهناك أنجبت له رشيد (يوسف بريطل) وسميرة (سناء العلوي) والبشير (عبدالسلام اسماعيل)”. عاش الأب رحال متزناً ويحظى باحترام الجميع. هذا التقدير غالبا ما كان يخونه وهو يصطدم مع الابناء، في سياق تربيتهم وفق اصول وتقاليد المغرب. لكن حدث اعتقال ابنه في جريمة سرقة كان القطرة التي أفاضت كأس الصبر لديه، وهو على أهبة التقاعد، ليقرر العودة الى المغرب بعد 40 سنة من العمل المضني. عند العودة الى المغرب وجد رحال نفسه امام واقع اكثر مرارة من ضنك العمل في الغربة: أخ استحوذ على الأموال التي كان يبعث بها من فرنسا على أمل ان يقتني بيتاً، ابناء تحولوا الى عدوانيين بعد ان تناهى الى علمهم قرار الأب بالعودة النهائية الى “البلاد” وبنوك ترفض منح قروض له لشراء مقهى بدعوى غياب الضمانات، ليضطر في الأخير الى بيع نصيبه في الإرث. متغيرات تدفع رحال الهادئ المتسامح المتخلق الى رجل عنيف يحشر أنفه في امور لا تعنيه. الخليج الإماراتية في 8 ديسمبر 2004
|