شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

المنتدى القطري للسينما في نشاطه الأول بين مبدعيه وبعض "جمهوره"

 

 

 

 

 

 

الدوحة/الحياة: في الوقت الذي تختفي نوادي السينما من الحياة الثقافية في العواصم السينمائية العربية الكبرى مثل القاهرة وبيروت ودمشق. وفي الوقت الذي تتحول فيه النشاطات الى مهرجانات في عواصم اخرى, ويفهم فيه اصحاب هذه المهرجانات, الفن السابع احتفالات باهظة الكلفة وابهة اجتماعية وتكريم نجوم اكل الدهر على بعضهم وشرب. ها هي الدوحة تدخل عصر التلقي السينمائي الثقافي بخطوة صحيحة هي انشاء ناد للسينما, افتتح مساء السبت الفائت في العاصمة القطرية التي يبدو واضحاً لمن يزورها بعد غياب انها تعيش تطوراً حضارياً وعمرانياً كبيراً, يأتي متواكباً مع السمعة العالمية التي باتت اليوم لقطر, كواحدة من دول عربية قليلة تخطو بخجل نحو ديموقراطية مرنة.

والحقيقة ان افتتاح ما سمي في الدوحة "المنتدى القطري للسينما" لا يمكن النظر اليه الا ضمن اطار هذا التطور الثقافي والديموقراطي الذي تعيشه الدولة العربية الصغيرة, المرمية الآن وسط منطقة الزوابع الشرق أوسطية الجديدة.

غير ان المثقفين القطريين والعرب المقيمين الذين حولوا ليلة العرض الأولى الى احتفال ثقافي حقيقي ذكر بالعصر الذهبي لنوادي السينما العربية, أكدوا ان هذه ليست المحاولة الأولى... لكنها بالتأكيد الأكثر وعداً ونيلاً للدعم من جانب السلطات الثقافية الرسمية في قطر, ممثلة بـ"المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث", الذي بات الآن هيئة مستقلة بعد فصله عن وزارة الاعلام.

حوار ساخن

ومنذ الآن يبدو واضحاً ان مسؤولي "المنتدى", التابع لـ"ادارة الثقافة والفنون, ينوون ان يكون اللقاء (الشهري موقتاً, والذي قد تتسارع وتيرته الزمنية بعد ذلك) مناسبة للحوار الثقافي البناء. ومن هنا كان من الطبيعي ان يقع الاختيار, لباكورة نشاطات المنتدى, على الفيلم العربي الأبرز لهذا العام "اسكندرية / نيويورك" للمخرج يوسف شاهين ... ذلك ان هذا الفيلم يطرح العديد من المسائل الفنية والحضارية, بل السياسية ايضاً, من موقع التشتت الذي بات المثقف العربي يعيشه. وكان من المفروض مبدئياً ان يحضر يوسف شاهين العرض بنفسه, الى جانب بطلي الفيلم محمود حميدة ويسرا, لكن شاهين اعتذر بسبب عدم تمكنه من الحضور صحياً, كما ان يسرا اعتذرت بدورها. فكان ان اكتفى الجمهور باستقبال الفنان محمود حميدة, الى جانب الناقد اللبناني ابراهيم العريس, الذي تولى بعد العرض تقديم الفيلم رابطاً اياه بالاطار السياسي العام الذي دفع شاهين الى تحقيقه, مشيراً الى موقعه في تيار سينما السيرة الذاتية الذي بناه شاهين في الفن السابع العربي مع "اسكندرية ليه؟".

واللافت في هذا الاطار, وهي نقطة تحسب للجمهور, ان الجمهور بعد انقضاء ساعة الحوار والنقاش, أخذ على العريس, كما على حميدة, انهما لم يواصلا التحليل والنقاش لساعة اخرى. ولقد ادهش هذا الانتقاد الفنان حميدة والناقد العريس, اللذين اكدا ان التجارب السابقة علمتهما ان الجمهور لا يستسيغ اطالة النقاش. ولكن, هذه المرة, بدا واضحاً ان الجمهور الحاضر على عطش للكلام حول السينما والمجتمع. كما بدا واضحاً استياء الجمهور من بعض المتطرفين الذين أخذوا الكلام خلال الندوة ليستكثر بعضهم على شاهين تحقيق افلام عن سيرته الذاتية "بدلاً من تصوير بطولات صلاح الدين الأيوبي", وليرى أحدهم عدم "ضرورة ان يكون هناك ناد للسينما في بلد اسلامي كقطر" وليدعو ثالث الفنان حميدة وغيره من الفنانين الى "الجهاد في سبيل الله" بدل اضاعة وقتهم في التمثيل وحكايات الحب (!). لحسن الحظ هذا النوع من "الجمهور" كان قلة وأسكت بسرعة من قبل ضيفي المنتدى, كما من قبل المثقفين القطريين. هؤلاء الذين يتحركون الآن نحو تعزيز مجتمع يعيش "في ظل حركة التحديث التي تشمل جميع جوانب الحياة المادية والثقافية في المجتمع القطري", ورأوا - بحسب ما هو مذكور في المنشور الانيق الخاص بالعرض - انه في ظل تلك الحركة "كان لا بد من الالتفات الى السينما ودورها في التفاعل والرقي الثقافي والحضاري", حيث "مع الانتشار الكبير لدور العرض السينمائية وتضاعف اعداد المشاهدين كان لا بد لادارة الثقافة والفنون من ان تنهض بدورها في تقديم الراقي والمميز من الاعمال السينمائية والتعريف بمدارسها المختلفة من اجل الارتقاء بالذائقة الفنية ونشر المعرفة والثقافة السينمائية الرفيعة...".

اكتاف أهل البلد

والحقيقة ان من يشارك في نقاشات مسؤولي المنتدى, ويرى اقتراحاتهم للعروض المقبلة وتشمل افلاماً متميزة, ولكن ايضاً افلاماً مثيرة للسجال الفكري الحقيقي (مثل "السيد ابراهيم وزهور القرآن" و"باب الشمس" وربما ايضاً افلام مثل "دوغفيل" و"الحياة معجزة"...) يدرك ان المسألة جدية. وهو ما يدركه المرء كذلك من خلال التغطية الاعلامية التي واكبت العرض الاول, معتبرة اياه حدثاً ثقافياً استثنائياً في الحياة الاجتماعية القطرية. ولكن يدركه ايضاً, وفي شكل خاص من خلال ما اكده الفنان فرج دهام, مدير ادارة الثقافة والفنون, خلال مؤتمر صحافي عقده عشية بدء نشاطات الملتقى, معلناً انطلاقته ودعم السلطات الثقافية له, من ان الغاية الاساسية هي "تشكيل حركة سينمائية قطرية, وتقديم الغني والمميز من الاعمال السينمائية والعالمية, مضيفاً ان هذا الملتقى هو "الملتقى المأمول الذي يجمع بين المهتمين للتواصل مع الراقي والرفيع من الافلام, مصحوبة بندوات تتعرض الى الجوانب الابداعية في هذه الاعمال".

غير ان المنتدى لن يكتفي بهذا كما يؤكد المشرفان الرئيسيان عليه الفنان سالم ماجد, والكاتب المصري المعروف عبدالرحمن محسن, حيث يتطلعان الى ان يتمكن هذا الملتقى من ان يكون عما قريب مركز انطلاق لتكوين منشطين سينمائيين, بل حتى عاملين في السينما, انطلاقاً من تجارب سابقة, في تونس والمغرب ولبنان, جعلت من النوادي السينمائية نقطة انطلاق لتوليد جمهور حقيقي مهتم بالسينما, ويسعى حتى الى خوض غمار العمل فيها, ما يؤدي بالتالي, الى خلق حركة سينمائية نهضوية تقوم على أكتاف أهل البلد والمقيمين فيه, بدلاً من ان تكون حركة مستوردة, فكراً وطاقات بشرية, من الخارج!

في اختصار, نحن هنا امام تطلعات وأحلام, يمكن لمن حضر العرض الاول, وتمعن في نجاحه الكبير, ان يدرك امكان تحولها عما قريب الى برنامج عمل.

الحياة اللبنانية في 3 ديسمبر 2004