سمير فريد يكتب:
|
الكثير من عناوين مقالاتي في «القاهرة» تتغير أو يضاف إليها عناوين فرعية، وأغلبها يتغير إلي الأفضل رغم أنني خبير عناوين بحكم احتراف الصحافة 40 سنة، وبحكم الاحتراف أيضا لا يزعجني الأمر من حيث المبدأ، ولكنه يزعجني حين يختلف العنوان كثيرا عن المضمون، أو حين لا يكون دقيقا في التعبير عن المعني. في عنوان رسالتي من المغرب عن مهرجان مراكش في العدد الماضي أن المهرجان نجح، لأن الملك يحب السينما ولأن إسرئيل تشارك فيه، وأن مدينة الاستوديوهات المغربية أصبحت أكثر مدن العالم اجتذابا لشركات الإنتاج في أوروبا وأمريكا. يسعدني أن تصبح المدينة كذلك، ولكني ذكرت أنها أصبحت من أكثر مدن العالم اجتذابا للشركات، وليست أكثر المدن علي الإطلاق كما جاء في العنوان. وإسرائيل ليست السبب وراء نجاح أو عدم نجاح أي مهرجان في العالم العربي أو العالم، وكل ما هناك أنني ذكرت أن الانفتاح علي إسرائيل يشجع شركات السينما العالمية وكبار السينمائيين في العالم لحضور أي مهرجان دولي يقام في بلد عربي من منطلق الحث علي حل الصراع بإقامة دولتين لليهود والعرب في إسرائيل. وقد سألني صديق هل أنت مع عرض أفلام إسرائيلية في مهرجان القاهرة مثلا حتي تتشجع شركات السينما العالمية علي الاشتراك فيه. قلت أولا مهرجان القاهرة عرض أفلاما إسرائيلية عام 1987 ووجه الدعوة إلي وفد إسرائيلي في نفس العام (عام كامب ديفيد). ثانيا مشاكل مهرجان القاهرة داخلية بحتة، ولن يحلها مشاركة أو عدم مشاركة إسرائيل. ثالثا أنا مع حل الصراع بإقامة دولتين. رابعا أنا مع موقف مهرجانات مصر السينمائية الدولية الفاشلة منها وشبه الفاشلة في رفض عرض أية أفلام إسرائيلية أو دعوة أي سينمائيين إسرائيليين في إطار رفض التطبيع الثقافي إلي أن توجد دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة، وعلي أساس أن هذا الموقف يساعد في إقامة هذه الدولة بالحد الأدني الذي يملكه المثقف وهو الرفض. وربما يتغير الواقع ويصبح التطبيع الثقافي مساعدا في الوصول إلي حل الدولتين، وفي هذه الحالة سيتغير موقفي، ولكن الواقع لم يتغير بعد. وإذا تغير الواقع لابد أن يكون هناك اتفاق بين أغلبية من يؤيدون حل الدولتين. أما الذين يريدون تحرير فلسطين من البحر إلي البحر، وإعادة الـ 5 ملايين يهودي إلي بلادهم، فعليهم أولا إعادة الزمن مائة سنة قبل إنشاء أول مستوطنة لليهود في فلسطين عام 1882. ومن المؤسف أن يسمي موقف القبول بحل الدولتين موقفا واقعيا بمعني الاستسلام للأمر الواقع، وإنما هو موقف إنساني وتاريخي، وكما قال لينين «التل الصناعي صناعي ولكنه تل»، وكذلك الشعب اليهودي في فلسطين، فهو شعب صنعته الحركة الصهيونية علي مدي قرن، ولكنه شعب. وهو مثل أي شعب ليس كتلة واحدة صماء تفكر بطريقة واحدة، ففيه من يؤمن بحل الدولتين، وفيه من يؤمن بأن يبقي كل فلسطيني في مكانه في المنفي، أو في إسرائيل، أو في منطقة حكم ذاتي ناقصة السيادة. ولا فرق في الحقيقة بين من يرفضون حقوق الشعب الفلسطيني ومن يطالبون بعودة اليهود الذين جاءوا إلي فلسطين إلي بلادهم الأصلية. من البدهيات أن أقصي اليمين الإسلامي يلتقي مع أقصي اليمين اليهودي، وشعار «الإسلام هو الحل» يلتقي في فلسطين مع شعار «اليهودية هي الحل». كلا الطرفين يريد حربا مقدسة من أجل مقدسات ديانته، ولكننا أكثر تواضعا ولا نقل إيمانا ونسعي للسلام من دون التنازل عن الحقوق. الذكريات والمعلومات أتابع ذكريات الأستاذ الصحفي القدير عبدالنور خليل، ولكني أندهش من الحديث عن معلومات لا تغيرها أي ذكريات. الأفلام المصرية في المهرجانات الدولية داخل وخارج المسابقة، مسألة معلومات غير قابلة للنقاش أو الجدل. فكل مهرجان يوثق معلوماته، ويذكر الأفلام التي اشتركت فيه، وفي أي برنامج داخل أو خارج المسابقة. كما يذكر الأفلام التي فازت بجوائزه. وبالنسبة للمهرجانات الدولية الكبري في كان وبرلين وفينسيا، هناك وثائق تثبت كل فيلم مصري طويل أو قصير عرض في هذا المهرجان أو ذاك. والسينما المصرية لم تفز في المهرجانات الثلاثة إلا بجائزة واحدة حتي الآن، وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان برلين عام 1979 عن فيلم «إسكندرية.. ليه» إخراج يوسف شاهين. وقد جاء هذا الفوز اليتيم بعد أن انسحب الاتحاد السوفييتي وكل دول أوروبا الشرقية من المهرجان احتجاجا علي عرض الفيلم الأمريكي «صائد الغزلان» إخراج مايكل شيمينو، وكانت مكافأة للفيلم الجزائري المصري المشترك (وليس المصري الجزائري) عدم انسحابه والذي كان سيؤدي إلي إلغاء المسابقة ذلك العام، لأنه الوحيد الذي جعلها دولية، ومن دونه كانت ستصبح مسابقة غربية، والعرف أن المسابقة الدولية لا تقتصر علي منطقة واحدة. ومعلوماتي من واقع حضور دورة المهرجان المذكورة. ولا يعني هذا أن مصر لم تنتج من الأفلام ما كان جديرا بالفوز في المهرجانات الكبري الثلاثة، بل إن هناك عشرات الأفلام المصرية التي كانت جديرة بالفوز لو كنا نعرف كيف نشترك. حكاية الأوسكار قرأت سيلا من التعليقات والحوارات والتحقيقات حول حكاية ترشيح فيلم «خريف آدم» إخراج محمد كامل القليوبي في مسابقة الأوسكار. وهذه أيضا مسألة معلومات غير قابلة للنقاش أو الجدل. مسابقة الأوسكار لها قواعد دقيقة وصارمة مثل كل مسابقة لها قيمة في العالم. ومن بين هذه القواعد أن تصلح كل الأفلام التي عرضت في لوس انجلوس من 1 يناير إلي 31 ديسمبر موضوعا للمنافسة، وعندما يختار أعضاء الأكاديمية التي تنظم المسابقة خمسة في كل فرع من الفروع، يصبح الخمسة هم الأفلام أو الأشخاص المرشحين أو المتسابقين للفوز. بمعني أنه لو كان «اللمبي» مثلا أو أي فيلم من أي مكان في العالم عرض في لوس أنجلوس لكان من حق موزعه أن يعرضه علي أعضاء الأكاديمية، ولكنه في هذه الحالة لا يسمي بأي حال مرشحا لأن المرشح هو من يرشحه الأعضاء، ويأتي من بين الخمسة المرشحين. وحتي الآن لم تعلن ترشيحات الأوسكار. أما الترشيح لأوسكار أحسن فيلم أجنبي فترشحه جهة ما غير حكومية في بلده، وقد كان المركز الكاثوليكي هو الذي يتولي ترشيح الفيلم الذي يمثل مصر في بعض السنوات، ثم تعرض الأفلام التي أرسلتها هذه الجهات علي أعضاء الأكاديمية في لوس أنجلوس، ويختارون منها خمسة أفلام تصبح المرشحة للفوز بالجائزة. ولم يحدث أبدا أن وصل فيلم مصري إلي التصفية الأولي، أي أن يكون من بين الأفلام الخمسة. وحتي الآن أيضا لم تعلن ترشيحات أوسكار أحسن فيلم أجنبي. جريدة القاهرة في 6 ديسمبر 2005
أسمهان تثير أزمة داخل عائلة الأطرش
الأمير أباظة عادت المطربة الراحلة أسمهان لتثير كثيرا من الجدل بعد أكثر من 60 عاما من رحيلها عن دنيانا،الأزمة هذه المرة داخل عائلة الأطرش وأمراء جبل الدروز الذين رفضوا دوما تقديم أية أعمال فنية عن حياة أسمهان، خاصة في ظل تعدد المصادر واختلافها عن حياتها التي كانت عرضة لكثير من الشائعات حول علاقاتها الغرامية.. وعلاقتها بالمخابرات الإنجليزية والألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.. وكانت الأسرة قد أرسلت فاكسا منذ سنوات إلي الرئيس مبارك عند تصوير مسلسل «أم كلثوم»، الذي كتبه المبدع محفوظ عبدالرحمن وأخرجته إنعام محمد علي.. حيث أحال الرئيس الفاكس إلي وزير الإعلام ـ وقتها ـ صفوت الشريف الذي منع تصوير أسمهان في المسلسل الذي حقق جماهيرية كبيرة في الشارع العربي عند عرضه وحتي الآن. أسرة الأطرش قررت أن تنتج هي فيلما ومسلسلا عن حياة أسمهان.. لكي تضمن تقديمها بالصورة الملائمة.. وبالفعل حصل نشأت الأطرش وشقيقه المخرج ممدوح الأطرش علي حق إنتاج الفيلم والمسلسل، وتم توقيع التنازل من ابنتها كاريمان.. إلا أنها بعد قليل تراجعت عن الموافقة وهو ما دفع نشأت الأطرش إلي إقامة دعوي قضائية بصحة توقيع كاريمان علي التنازل وعدم أحقيتها في التراجع عنها.. وحصل بالفعل علي حكم قضائي بذلك.. ويومها اتفق مع المنتج والموزع السوري الراحل تحسين القوادري علي إنتاج المسلسل.. إلا أن الخلافات دبت بينهما مبكرا.. حيث اقترح القوادري أن يقوم نجله أنور القوادري بإخراج المسلسل، إلا أن نشأت الأطرش كان يرغب في أن يقوم شقيقه ممدوح بإخراج المسلسل فتوقف المشروع. بعدها وقع ممدوح الأطرش عقدا مع المنتج السوري فراس إبراهيم لإنتاج المسلسل يشترط أن تقوم الممثلة ليليان الأطرش ابنة نشأت بتقديم دور أسمهان.. إلا أن «فراس» لم يلتزم بتنفيذ الشرط.. حيث رشح المخرج نبيل المالح لإخراج المسلسل ورفض «المالح» أن تقوم «ليليان» بدور البطولة.. فقام نشأت الأطرش برفع دعوي قضائية ضد فراس إبراهيم ونبيل المالح لفسخ العقد لعدم تنفيذ بنوده.. وهي الدعوي التي يقول القضاء السوري كلمته فيها خلال ديسمبر القادم. وفي الوقت نفسه يبحث نشأت الأطرش عن منتج مصري لمشاركته في إنتاج فيلم سينمائي عن حياة أسمهان.. وكان قد عقد عدة جلسات مع عدد من المنتجين المصريين خلال مهرجان دمشق السينمائي الدولي الأخير منهم المنتج محمد زين.. حيث اتفقا علي مداومة الاتصالات وتأجيل الترشيحات لحين الانتهاء من كتابة السيناريو. جريدة القاهرة في 6 ديسمبر 2005 |
طارق الشناوي يكتب عن مهرجان دمشق: السينما السورية تواجه جهاز المخابرات! سينما ممزوجة بالسياسة وسياسة تنطق بالسينما، هذا هو مهرجان دمشق الدولي الرابع عشر وتلك هي ملامحه المميزة التي كانت حصيلتها في نهاية فعاليات المهرجان كثيرا من السينما وكثيرا جدا من السياسة! لا أحد يستطيع أن يغض الطرف علي أن الواقع الذي تعيشه سوريا الآن يجعل كل الاحتمالات ممكنة وأن أمريكا تخطط ولن تتوقف عن ايجاد وسيلة ما لفرض الحصار ولكن سوريا أيضا تواجه كل ذلك بالكلمة والنغمة والموقف والفكر والحرية والتماسك والصمود وبأن تعيش الحياة وتهتف: «تحيا السينما». الشعار الذي كان عنوان هذه الدورة يقول بصوت عال: إن تاريخ الحياة في المائة عام الأخيرة هو نفسه تاريخ السينما وأن العالم أصبح موثقا علي شريط خام وأن أعداء الحياة هم أنفسهم أعداء السينما.. إهداء الدورة إلي المخرج السوري الكبير مصطفي العقاد ومنحه وسام الجمهورية السورية من الدرجة الممتازة كل هذه اللمحات تؤكد علي أن البعد السياسي هو الذي يحدد مسار ومصير المهرجان. .الندوة الرئيسية التي عقدت تناولت مصطفي العقاد وشارك فيها من مصر النقاد سمير فريد وكمال رمزي وايريس نظمي وكاتب هذه السطور ومن الأردن عدنان مدانات ومن سوريا عدنان كلاس ويري مدانات أن هناك مبالغة في الاحتفاء بمصطفي العقاد وأن هذه المبالغة وجدت مجالها بعد رحيله حيث نميل بطبعنا كعرب إلي فرض حالة من القدسية علي المبدع إذا رحل مبكرا أو في ظل ظرف استثنائي مثلما حدث مع العقاد والذي راح ضحية عملية إرهابية في الأردن. وكان موقعي في الندوة آخر المتحدثين وقلت إن ما يقوله الناقد الأردني صحيح في مجمله لكنه لا ينطبق علي العقاد لأن فيلميه «الرسالة» و«عمر المختار» يؤكدان علي أننا بصدد موهبة استثنائية ومخرج صاحب وجهة نظر وموقف وكان «مدانات» أيضا قد أشار إلي أن نهاية فيلم «الفهد» للمخرج السوري نبيل المالح وتلك النظارة التي يهديها بطل الفيلم «انتوني كوين» لطفل هي نفسها نهاية «الفهد» وأن المالح قدم فيلمه عام 1976 سابقا العقاد بخمس سنوات! وبالطبع فإن الاتهام بالسرقة واضح.. وأنا حقيقة لا أتذكر نهاية «الفهد» لأدرك حجم التطابق بين النهايتين ولا اتشكك في الوقت نفسه في رواية الناقد الأردني، وسوف انطلق من التطابق بين النهايتين، ورغم ذلك فأنا لا أعتبر أن ما حدث هو سرقة لأن هناك بناء دراميا حتميا لدي فيلم العقاد يؤدي لتلك النهاية التي تعني السخرية من الموت وتعني أيضا من خلال الطفل أن الكفاح سيظل متواصلا من جيل الأجداد الذين يمثلهم عمر المختار وصولا إلي الأحفاد الذين يمثلهم الطفل وكفاح ليبيا بالفعل من أجل الاستقلال دفع ثمنه أكثر من جيل.. كان ينبغي أن يثار ذلك وأري أننا ينبغي ألا نكتم حتي شكوكنا في كبار مبدعينا.. لأن تلك الحالة التي نضعها ولو بحسن نية تبعدنا علي أن نقدر الكبار بما يستحقونه من حفاوة. تغيرت سوريا وهناك بالفعل مساحة من الحرية لا أقول إنها كافية في ظل الوطن العربي نستحق حرية أكثر وهامشا أكثر اتساعا مما هو متاح ولكن لاحظت أن الشارع السوري تعلو فيه عبارات الانتقاد في المسرح تقدم مسرحية «قيام.. جلوس سكوت» تنتقد جهاز المخابرات وبها عبارة تقول: إذا أردت أن تصبح عضوا باتحاد الكتاب فعليك أن تثبت أن جهاز المخابرات رضي عنك.. وقدم المخرج سمير ذكري فيلمه «علاقات عامة» من إنتاج مؤسسة السينما السورية ويحمل انتقادا لجهاز المخابرات السوري وتجاوزاته رغم أن المخرج قدم فيلمه الذي يغلفه قدر من الخيال في تلك العلاقة الثلاثية بين امرأة تحمل في أحشائها جنينا من زواج عرفي ورجل لا يريد أن يشهر زواجه لأنه أحد مراكز القوي في جهاز المخابرات ورجل ثان يريد أن يتزوجها.. ويبدأ رجل المخابرات في عقد المساومات علي الطرفين.. إنه يمارس الفساد وفي الوقت نفسه يخشي الفضيحة.. ولم تكن السينما تجرؤ علي الدخول إلي تلك المنطقة الشائكة بل إن رجل الشارع في السنوات الأخيرة لم يكن يجرؤ علي أن يشير إلي ذلك لولا أن المناخ بات يسمح بالحرية وأتصور أن مساحات الحرية سوف تزداد في الحياة لتنطق بها الأعمال الفنية فتصبح هي نبضها الدائم! خرجت مصر من المهرجان بلا جوائز حقيقية تذكر لأن جائزة كل من منة شلبي وهند صبري عن فيلم «بنات وسط البلد» مجرد ترضية سياسية ولهذا تعمد رئيس لجنة التحكيم أن يذكر أن منة شلبي ممثلة مصرية وهند صبري ممثلة تونسية حتي لا تخرج أيضا تونس بلا جائزة حتي ولو كانت جوائز وهمية! جريدة القاهرة في 6 ديسمبر 2005 |