المخرج يسري نصر الله
القاهرة - أمنية فهمي |
تثير أفلام المخرج يسري نصر الله عادة، الجدل. فجمهور هذه الأفلام غالباً ما يتساءل عما يريد أن يقوله المخرج من خلال تلك الأفلام، بينما يرى النقاد انه يطرح قضايا مهمة ويخاطب وجدان المتلقي، وذهب بعضهم الى اعتباره امتداداً لمخرجين كبار، أمثال يوسف شاهين وعلي عبدالخالق وداود عبدالسيد وعاطف الطيب، مع اختلاف اسلوب كل منهم. قدم يسري نصر الله عدداً من الافلام المتميزة مثل «صبيان وبنات» و»مرسيدس» و»المدينة» و»سرقات صيفية». «الحياة» التقته وكان معه هذا الحوار... حول فنه وفيلمه الأخير «باب الشمس» الذي يعرض مساء اليوم على محطة «الشاشة». · تم اختيارك عضواً في عدد من لجان التحكيم على مستوى العالم، وافلامك تحصل على جوائز عند عرضها في الخارج، لكنك على المستوى المحلي لا تحقق النجاح المرجو، ما تفسيرك؟ - أنا لا اعتمد على النجوم في افلامي باستثناء يسرا، حتى عبلة كامل ومحمد هنيدي كانا وجهين جديدين عندما قدمتهما في فيلم «سرقات صيفية»، كما أنني لا أفعل بشباك التذاكر ومعاييره، اذاً كيف نتوقع ان افلاماً لها مثل تلك الخصوصية، يتم التعامل معها من الجمهور أو الموزعين وكأنها من الافلام التي صنعت لاجتذاب الناس؟ المشاهد لأفلامي يذهب الى دار العرض، لأن هناك اشياء تعتمل في وجدانه، ولأنه يشعر انه طرف حقيقي في عملية الإبداع. انفصام · هذا يقودنا الى السؤال حول الافلام الجادة، هناك شبه انفصام بين المتفرج العربي والافلام التي بها بعض الخصوصية؟ - السؤال يجب أن يكون: هل الأفلام التي أصنعها مستعصية على الفهم؟ لا اعتقد ذلك، فكلها افلام بسيطة تحمل مفردات عالمية، ويصبح على المتفرج ان (يفك) ليصل الى المعنى. أنا لا أدخل في مناقشات فلسفية صعبة في افلامي. بالعكس، أنا وفّي لبعض السمات، فعلى سبيل المثال لن أقدم أبداً شخصيات أغبى مني أو من المتفرج، ولا اقصد هنا انني اقدم شخصيات مثقفة، لا بل شخصيات لديها وجدان يجعلها أنداداً للمتفرج ولي شخصياً، ولعل هذا هو السر وراء اعجابي بشخصية (اللمبي)، حيث اجد فيه المواصفات التي ذكرتها، على رغم ان الفيلم يبدو من الخارج وكأنه يسخر من تلك الشخصية، لكنه على العكس يحمل درجة عالية من الاحترام لها، كذلك أنا وفّي للمواضيع التي أقدمها، عن علاقة الانسان بالقضايا الكبرى، وقد لا يكون هذا معتاداً بالنسبة الى المتفرج الذي قد لا يحب تلك النوعية من الافلام، لكنه بالتأكيد يحترمها، وهذا يحدث في افلام يوسف شاهين، فعندما يقدم افلاماً مغايرة لما تعود عليه الناس يصيبهم بخيبة أمل تغضبهم. · لماذا تختار ممثلين غير معروفين لأفلامك؟ - لست صاحب نظرية في هذا المجال، لكن الموضوع هو أنني عندما اختار أبحث عن ممثلين مناسبين للدور، وأعرض الدور على من أراهم ملائمين، من يقبل أهلاً وسهلاً، ومن يرفض لا أغضب، ما يهمني حقاً هو الحال التي يعطيني إياها الممثل على الشاشة، لا يهم كونه نجماً أو وجهاً جديداً، واليوم أصبح واضحاً أن هناك مستوى عالياً من التمثيل في افلامي و99 في المئة من أسباب عدم وجود اسماء مشهورة في أفلامي يعود لرضى النجوم على الدور. تمويل وباب شمس · هل يفرض التمويل الفرنسي عليك مواضيع معينة؟ - التمويل الاجنبي ليست له اي شروط، الرقابة والشروط عندنا نحن معشر العرب، فعندنا رقابة متعددة المستويات، وعندنا منتج يريد استرجاع أمواله مضاعفة في أسرع وقت ممكن، وعندنا تلفزيون عليه قيود، وأصحاب دور عرض لهم شروطهم، وممثلون يرفضون التدخين أو القبلات، والسؤال لا بد من ان يصبح: هل يجبرني التمويل الفرنسي على وضع مشاهد عُري... لا... هل يجبرني على إظهار عذاب المرأة أو الختان، لا... هل يجبرني على طرح قضايا سياسية او دينية او اخلاقية... لا، لكن ما يجعلني الجأ الى التمويل الاجنبي هو انني كمخرج أرغب في ايجاد صيغة انتاجية تعطيني اكبر قدر من الحرية، فلا يفرض عليّ المنتج موضوعاً معيناً ولا طريقة تصوير محددة، ولا أن يطرح الفيلم في 50 دار عرض، كل هذا بعيداً من الحال السينمائية الراهنة التي تفرض على صانع الفيلم ان يحقق في اسابيعه الاولى عدداً محدوداً من الملايين. · تم اختيار فيلمك الاخير «باب الشمس» ضمن أهم 10 أفلام في العالم، هل هذا التقدير يكفي، أم كنت تفضل أن يأتي التقدير من الداخل؟ - عندما أحصل على تقدير ما أقول الحمد لله، وكون هذا التقدير يأتي من الخارج أو الداخل فلا فارق عندي، وعندما يعرض «باب الشمس» في عدد محدود من دور العرض في مصر، والناس تقبل عليه في حدود الممكن، فهذا شيء جميل، لأن من غير المعقول ان فيلماً طوله 4.5 ساعة بممثلين غير معروفين ويتم عرضه في 40 دار عرض مثلاً، لكن القاعات التي عرض بها كانت مزدحمة طوال الوقت وهذا شيء رائع، واليوم أصبحت أفلامي تباع للمحطات الفضائية بأعلى الاسعار على الاطلاق، في النهاية فإن ما يهمني هو أن أصنع الفيلم الذي أراه من دون ان يخسر العاملون معي. الحياة اللبنانية في 3 يونيو 2005 |