انطلاق مسابقة المهرجان الوطني للفيلم
طنجة أحمد نجيم |
استمرت درجات الحرارة في الانخفاض بعروس الشمال طنجة، فبعد يوم ماطر الجمعة المنصرم، عرفت التساقطات تراجعا خلال اليوم الثاني من مهرجان الفيلم الوطني الثامن المنعقد بطنجة. هذه الأجواء الباردة كان لها انعكاس على متابعة الأفلام، إذ شهدت عروض اليوم الأول من مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة إقبالا مكثفا من قبل الجمهور والمهرجانيين، فقاعة سينما روكسي أضحت ملاذا للطنجاويين وضيوفهم لمتابعة الأفلام وتجنب برودة الجو. في اليوم الأول من مسابقة الأفلام القصيرة، شهد تقديم تجارب مختلفة، يغلب على بعضها الطابع القومي الديني، كما هو في فيلم "البيدق" لرشيد الزين، إذ تاه في موضوعات كثيرة من فلسطين إلى العراق وصولا بغوانتانامو، فقدم عملا متواضعا أساء إلى مدينة إيفران ومناظرها الخلابة التي علاقة لها بتلك التيمات المقدمة في الفيلم. هذا التوجه القومي يبدو جديدا على السينما المغربية، توجه أثبت فشله في أعمال سينمائية غير مغربية. أما التوجه الديني فمثله فيلم "حين اهتزت الصورة" ليوسف عفيفي، عمل قد يصلح لقنوات "إقرأ" وما شابهها، يقدم بصورة سلبية صورة المرأة، كشكل من أشكال الغواية، كما يسعى إلى التركيز على العقاب الإلهي من خلال ما تعرض له الشاب نهاية الفيلم، وحاول كذلك التركيز على تناقض فقيه حامل لكتاب الله و"مرتكب للمعاصي". فيلم يفتقد الكثير من الحب، يسعى مخرجه إلى تقديم الوعظ والوعيد بالجنة وجهنم أكثر من شيء آخر. الأفلام الأخرى كانت مختلفة شكلا ومضموما، فرشيد الوالي عاد إلى طنجة بغد عشر سنوات ليس لتقديم فيلم شارك في بطولته، بل لعرض آخر أفلامه القصيرة "أنا والذبابة" والطريبق قدم أسلوبا آخر بعد "بالكون أطلانتيكو" من خلال فيلم "افتراض"، واختصرت لمياء ناجي تجربتها السينمائية الأولى في "فيكس"، بينما أعاد زينون تقديم فيلمه القصير "عثرة" في القاعة نفسها، إذ سبق أن تابعه جمهور مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة. "عثرة" واحدة من أكثر الأعمال تميزا خلال اليوم الأول، خلالها يوضح الكوريغراف ما تلقاه من فن الرقص في السينما، يتناول سنوات القمع والاضطهاد بالمغرب لكثير من "السينما"، بعيدا عن المباشرة والسطحية التي عرفتها بعض أعمال اليوم الأول. أفلام اليوم الأول من المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة كانت متباينة "كوميديا تلفزيونية للمخرج عمر الشرايبي في ثاني عمل سينمائي له، اعتمدت أساسا على الممثل الفكاهي حسن الفذ وأداء هدى الريحاني، فكان عملا تلفزيونيا عاديا، أما داوود اولاد السيد، فظل وفيا لشغفه بالصورة، فجاء "باب البحر" على مستوى الإخراج، استمرارية لفيلميه الطويلين "باي باي سويرتي" و"عود الريح". كما ظل وفيا على مستوى اختيار موضوعات تهم الهامش، من خلال شخصية فتاة، جسدتها ثريا العلوي، تحمل بالهجرة إلى لاس بالماس عبر مدينة طرفاية. غير أن أولاد السيد في هذا الفيلم حاول أن يتجه إلى الجانب التربوي، فاختار أحيانا تقديم مواعظ ودروس اتضحت حتى في قرارات الشخصية الرئيسية. ختام اليوم الأول كان مع فيلم "ماروك" لليلى المراكشي، فيلم فيه كثير من التلقائية والعفوية، ورحلة شخصية للمخرجة إلى عوالم البورجوازية المغربية. قدم الفيلم ممثلا سينمائيا أبان عن قدرة كبيرة في تقمص الفيلم وهو أسعد بواب في دور "ماو" أخ مرجانة. حضور قوي في المشاهد وتميز في تقمص واحد من أكثر الأدوار تركيبا في هذا الفيلم. من خلال الأفلام المشاركة تبدو حظوظ هذا الممثل كبيرة لنيل جائزة أحسن ممثل دور أول. أسدل الستار على اليوم الاول بعرض ثلاثة أفلام طويلة وستة أفلام قصيرة، تجارب سينمائية تلخص بعضا من التوجهات التي تعيشها السينما المغربية. رفع قيمة صندوق الدعم السينمائي إلى 50 مليون درهما
طنجة أحمد نجيم: أعلن وزير الاتصال محمد نبيل بنعبد الله عن رفع قيمة صندوق الدعم السينمائي إلى خمسين مليون درهما، وأوضح بنعبد الله خلال افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم الوطني في طنجة ليلة أمس الجمعة، أن هذا الإجراء يدخل في خطة عمل حكومية شمولية لدعم الإنتاج السينمائي المغربي، وأضاف أن هذه الخطة تنطلق خلال الدورة المقبلة لاجتماع أعضاء لجنة الدعم، إذ سيرفع المبلغ بخمسة ملايين درهما، لينتقل المبلغ الموسم المقبل إلى خمسين مليون درهما، بزيادة عشرين مليون درهما. وصرح الناطق الرسمي باسم الحكومة في تصريح ل"الصحراء المغربية" أن هذا الدعم يعد خطوة أولى في سياق تطوير الإنتاج السينمائي، وأنه سيرتفع الغلاف المالي لصندوق دعم الإنتاج السينمائي في المستقبل. وأشار الوزير خلال الكلمة نفسها أنه بالإضافة إلى الدعم المباشر ستستفيد من دعم آخر، من خلال دعم القناتين الأولى والثانية للإنتاج السينمائي المغربي، إذ ستنتج القناتين ثلاثين فيلما سينمائيا سنويا، عشرون تنتجها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون وعشرة أفلام سينمائية من إنتاج القناة الثانية "دوزيم"، وذلك استجابة لدفتر تحملات المؤسستين الإعلاميتين الحكوميتين. وينضاف إلى هذا العدد بالتزام القناتين إنتاج الأفلام التلفزيونية. وفي علاقة بالإنتاج السينمائي طمأن الوزير بنعبد الله المنتجين المغاربة بخصوص إنشاء القناة الثانية لاستوديو بمساحة تصل إلى ألف ومائتي متر مربع، وقال أن القناة لا تود منافسة المبادرات الخاصة والاستوديوهات الخاصة في المغرب. وكان حفل افتتاح الدورة الثامنة بسينما روكسي في طنجة شهد استرجاع الأسماء السينمائية المغربية التي غادرت الحياة خلال السنتين الأخيرتين، إذ قدمت صور المخرجان الراحلان نجيب الصفريوي ومحمد مزيان والممثل أحمد العمري والممثل محمد عتيق، غير أن الجمهور الذي حضر إلى القاعة عوض الوقوف دقيقة صمت ترحما على هؤلاء الممثلين والمخرجين، اختار أن يصفق. حفل الافتتاح بالإضافة إلى كلمة الوزير والأخبار السارة التي صفق لها السينمائيون كثيرا بخصوص رفع قيمة صندوق الدعم السينمائي الموسم المقبل، شهد كلمة مملة لجأت إلى الإنشاء أكثر من الإخبار لدحمان الدرهم رئيس مجلس مدينة طنجة وشهد كلمة لأعضاء لجنة التحكيم، وشهدت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة غياب الرئيسة المنتجة الإسبانية إيزونا باسولا بسبب تأخر طائرتها القادمة من إسبانيا، كما شهدت غياب الصحافي في القناة الثانية إبراهيم السلاكي عن لجنة تحكيم الأفلام القصيرة. سينمائيا اختارت إدارة المهرجان العودة إلى العام 1957 من خلال فيلم "بداية وأمل" للمخرج جون فليشي. وقدم الممثل حسن الصقلي، بطل الفيلم، هذا العمل السينمائي. رغم ضعفه الفني والتقني، لقي الفيلم تجاوبا كبيرا جدا مع الجمهور خاصة الممثلين السينمائيين من الجيل الأول والثاني لما بعد الاستقلال، وكانت مفاجأة الكثيرين منهم كبيرة وهم يتابعون الطيب الصديقي والراحل العربي الدغمي وحمادي عمور والراحل البشير لعلج، بالإضافة إلى ممثلين وممثلات أخريات. انطلق المهرجان بأخبار مفرحة ورحلة سفر إلى الذاكرة السينمائية المغربية، لتبدأ في اليوم الموالي عرض الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية. موقع "إيلاف" في 4 ديسمبر 2005 |
مضاعفة الأرباح لـ (آل باشينو).. فيلم يحكي عن الخسائر التي تبعث الحياة عمان محمود الزواوي تضع الإنجازات الفنية والجوائز السينمائية الممثل آل باشينو في مصاف أقدر الممثلين الأميركيين المعاصرين مثل جاك نيكولسون وروبرت دينيرو ودستن هوفمان وميريل ستريب. وإذا كان هناك ما يميز آل باشينو عن معظم أقرانه من الممثلين الأميركيين استعداده للمجازفة في أعماله الفنية بصرف النظر عن مردودها المالي، كما نرى في عودته المتكررة إلى مسارح برودواي وإلى المسارح المحلية الصغيرة للظهور في أعمال مسرحية تجريبية مقابل أجور رمزية. ويقول آل باشينو إن أحد أحلامه هو أن يقوم بدور هامليت في أحد المسارح الصغيرة. كما فعل آل باشينو ذلك في عدد من الأعمال السينمائية الرفيعة المستوى فنيا والمتواضعة في مستوى الإنتاج والإيرادات. ويتضح ذلك في عدد من الأفلام التي قام آل باشينو ببطولتها خلال السنوات العشر الأخيرة والتي اختارها على أساس قيمتها الفنية. ويندرج في هذه القائمة الفيلم الوثائقي البحث عن ريتشارد (1996)، وهو أحد ثلاثة أفلام من إخراجه وأحد فيلمين من إنتاجه. ويبحث هذا الفيلم عن الطريقة المثلى التي يجب أن تمثل فيها شخصيات مسرحيات شيكسبير، وبالتحديد مسرحية ريتشارد الثالث، ويحاول الإجابة فيه عن كيفية أداء هذا الدور بالطريقة الصحيحة وعن المعنى الحقيقي للتمثيل. ويندرج في هذه القائمة أيضا أحدث أفلام الممثل آل باشينو، وهو فيلم مضاعفة الأرباح الذي يغوص في أعماق عالم المراهنات على الألعاب الرياضية في المجتمع الأميركي. وتقع أحداث الفيلم في مدينة نيويورك بولاية نيويورك، وهي واحدة من 49 ولاية من الولايات الأميركية الخمسين التي تحظر فيها المراهنات على الأحداث الرياضية بموجب القانون. والولاية الوحيدة التي يسمح فيها بمثل هذه المراهنات هي ولاية نيفادا التي يقع فيها مركزا القمار الشهيران لاس فيجاس ورينو. والجدير بالذكر أن المراهنات على الأحداث الرياضية التي لا تشمل سباق الخيل تمارس على نطاق واسع وبصورة غير قانونية في الولايات المتحدة، وذلك رغم حظرها بموجب القوانين المحلية في تلك الولايات. وتقدّر قيمة هذه المراهنات بحوالي 200 مليار دولار سنويا. وتتخذ هذه المراهنات أشكالا متعددة، منها المراهنات بين الأفراد، وهي منتشرة في كل مكان لمجرد التسلية، والمراهنات المنظمة التي ترعاها المافيا وغيرها من العصابات السرية وتشتمل على مبالغ هائلة، كما هو الحال في فيلم مضاعفة الأرباح الذي يقوم فيه بطل الفيلم والتر (الممثل آل باشينو) بدور وكيل مراهنات في مدينة نيويورك يملك موقعا مرتبطا بخط هاتفي ساخن للمراهنات. ويقوم والتر باستدعاء شخص بارع في التنبؤ بنتائج الألعاب الرياضية يدعى براندون (الممثل ماثيو ماكونيكي) يعيش في مدينة لاس فيجاس. وكان براندون نجما صاعدا من نجوم كرة القدم الأميركية قبل أن ترغمه إصابة في ركبته على اعتزال اللعبة. وبعد أن يقابل براندون زوجة والتر واسمها توني (الممثلة رينيه روسو) بصفتها خبيرة في تحليل الشخصيات والتعرف على حقيقتهم ويجتاز الاختبار يضمه والتر إلى مؤسسته ويعطيه شخصية جديدة بتغيير قصة شعره وملابسه وسيارته ويمنحه هوية جديدة ويقدمه في سلسلة من المقابلات التلفزيونية ويحوّله إلى نجم كبير. ويبلغ والتر وبراندون ذروة نجاحهما حين يجذبان كأحد عملائهم مقامرا فاحش الثراء يدعي نوفيان (الممثل أرماند أسانتي) قبل أن يواجها جملة من المتاعب التي تقودهما إلى الهاوية. ولا يقتصر فيلم مضاعفة الأرباح على تعريف المشاهد على عالم المراهنات الرياضية من الداخل، بل يشركه أيضا في المشاعر العاطفية لشخصياته، ويركّز على العلاقات بين أبطال الفيلم الرئيسيين، وعلى التغييرات التي تطرأ على شخصياتهم وعلى العلاقات بينهم. ومن المفارقات في قصة فيلم مضاعفة الأرباح أن وكيل المراهنات والتر مقامر مدمن سابق. ومن المشاهد الواقعية المؤثرة في الفيلم والتي تظهر موهبة الممثل أل باشينو وتقدم عبرة من عبر القصة مشهد والتر وهو يخاطب زملاءه في اجتماع لجمعية المقامرين المدمنين السابقين المجهولين، وهي جمعية على غرار جمعية المدمنين على الخمر السابقين المجهولين، حيث يقول إننا جميعا أشخاص فاشلون، ونحن بحاجة إلى الخسارة. وحين يخسر المقامرون كل شيء الوظيفة والمنزل والأسرة تبعث فيهم الحياة. وعندما يربحون، يواظبون على المقامرة إلى أن يخسروا مرة أخرى . ويقول والتر أيضا إن الناس يقامرون لأنهم يبحثون عن الحقيقة في عالم غير حقيقي. ويدرك والتر ذلك تمام الإدراك، حتى أنه لم يقامر منذ سنين. أما براندون فلم يمارس القمار أبدا، ولكن الزوجة توني خبرت القمار بعد أن تزوجت والتر، وعرفت العواقب المأساوية للقمار قبل أن تشفى هي وزوجها من هذه العادة السيئة التي تجلب لمن يمارسها المصائب. ويتميز فيلم مضاعفة الأرباح بقوة إخراجه على يد المخرج دي. جي. كاروسو، وببراعة السيناريو للكاتب السينمائي دان جيلروي الذي استلهم قصة الفيلم من وقائع حقيقية تتعلق بنجم رياضي أميركي اكتسب شهرة واسعة في مدينة لاس فيجاس كمتنبيء لنتائج الأحداث الرياضية بعد أن اعتزل الرياضة. وقد بلغت تكاليف إنتاج فيلم مضاعفة الأرباح 35 مليون دولار، أي نصف معدل تكاليف إنتاج الفيلم في استوديوهات هوليوود الكبرى. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية للفيلم خلال الشهر الأول لعرضه 23 مليون دولار، حقق معظمها في دور السينما الأميركية. ومثل هذا الدخل المتواضع ليس غريبا على هذا النوع من الأفلام الجادة في هوليوود. كما يتميز فيلم مضاعفة الأرباح بحساسية أداء أبطاله الرئيسيين الثلاثة، وفي مقدمتهم آل باشينو الذي تشهد القائمة الطويلة للجوائز التي رشح لها أو فاز بها على مواهبه الفياضة. فقد رشح آل باشينو لثمان وخمسين جائزة فنية وفاز بسبع وعشرين منها. ورشح لجائزة الأوسكار ثماني مرات وفاز بها مرة واحدة عن فيلم عطر امرأة (1992)، ورشح لجائزة الكرات الذهبية 15 مرة وفاز بها أربع مرات. كما فاز بجائزة مهرجان البندقية السينمائي ومهرجان بوسطن السينمائي ومهرجان سان سباستيان السينمائي. وتم تكريم آل باشينو بمنحه جائزة الإنجازات السينمائية لمدى الحياة من مركز لنكون للفنون الأدائية بنيويورك، وفاز بجائزة إيمي التلفزيونية عن دوره في المسلسل التلفزيوني القصير ملائكة في أميركا في العام 2004. الرأي الأردنية في 5 ديسمبر 2005
|