المخرج الفلسطيني صبحي الزبيدي: السينما بالنسبة للفلسطينيين هي مشروع المستقبل زياد خداش |
رام الله ـ القدس العربي : اعرف صبحي الزبيدي منذ اكثر من عشرين عاما، فقد تقاسمنا معا العيش في جغرافيتين: المخيم والحلم، يكبرني صبحي بعدة سنوات، ما زلت اتذكر كيف كنت اراقب بفضول ملبسه الغريب وطريقة تفكيره، كنت احب ان اكون مثله، فقد كان يمثل لي الخروج عن شرط الحياة القاسي في المخيم وعن شرط الحياة التقليدية ايضا بكل ما تمثله من سطحية وبرود وملل، ترك صبحي المخيم قبل سنوات لكنه ظل يتردد علي امه ليشرب عندها صباح كل يوم الشاي بالنعناع، غادر صبحي المخيم بعد وفاة امه نهائيا. ترك جغرافيا العراء ليذهب رشيقا ومجنونا الي جغرافيا الحلم، هناك حيث للحياة شروط اخري ومفاهيم اخري وحيث المخيلة هي سيدة الشعور والموقف، انه الجنون اذن، جنون ان نكون في اللهب تماما، لهب الابداع والتعرف علي ابعادنا الخفية، بعيدا عن العادي والمطمئن، لم يعد هناك نعناع في الشاي الخاص، لكن نعناعا اخر من نوع اخر صار صبحي يتعاطاه بادمان رائع، هو نعناع الفن، صبحي فنان من نوع خاص، فهو يتلقف المشهد بكاميرا قلبه قبل كاميرا كتفه، وهو روائي بامتياز في سرده البصري، شخصياته مستعارة من الروائي المختبيء في معطفه، هنا في هذا الحوار الصريح اجاب صبحي عن اسئلتي المدببة باجابات تشبه مشاهد صورها لتوه من كاميرا قلبه. هنا فيلم قصير علي شكل اجابات. · الذات في فنك السينمائي طاغية الي درجة التمركز. عند اية نقطة يحق لنا ان نقول يا ذات توقفي هنا فهذا خط احمر؟ في العادة وكما تجري عليه الامور في خطاباتنا القومية والدينية، وفي منتوجاتنا الثقافية التابعة لهذه الخطابات المسيطرة، فان هناك دائما خطا احمر بين الشخصي والعام، بحيث ان الشخصي غير مقبول، هامشي، تافه، لا قيمة له. بالطبع نتيجة الظروف التاريخية والاستثنائية التي عشناها، فان سطوة الخطاب الوطني والذي هو مزيج من الدين والقومية والذكورية المستبدة، فان هذه الظروف قد قللت من فرص ميلاد الصوت الشخصي. ولكن الان اعتقد ان الامور بدأت تتغير. النكسة الوطنية التي عشناها منذ اوسلو وحتي الان، اعطت الكثيرين الفرصة للتحرر قليلا من هذه السطوة. انظر الي السياسة، لقد اختفت الجماهير من الفعل السياسي الذي اصبح امتيازا لمجموعات مسلحة او مؤسسات. هذا تعبير عن نوع من اليأس من الخطاب السياسي الذي غرب الكثيرين من الناس، وكان لسان حال اولئك الذين اختاروا الابتعاد يقول (السياسي ليس شخصياً) علي عكس المقولة الشهيرة التي كانت عنوان ثورة الطلاب والمثقفين في اواخر الستينات في اوروبا (السياسي شخصي). ولكن اين يذهب كل هؤلاء الذين لا ينتمون الي الاحزاب والميليشيات المسلحة. اين يذهب المواطنون العاديون والطلاب والمثقفون الذين يسبب لهم خطابنا وواقعنا السياسي حالة من الضجر ان لم تكن من اليأس. هؤلاء لم يتركوا وطنهم لانهم تركوا السياسة، انهم يبحثون عن طريق اخري لصياغة انتماءاتهم وهويتهم الوطنية خارج كلاشيهات السياسة. دعني أقل ان اهم ما يحدث فلسطينيا، يحدث في الثقافة، او انه سوف يحدث في الثقافة. نحن نعيش في مرحلة بدات فيها الثقافة تتحرر شيئا فشيئا من سطوة السياسي. السينما والفن التشكيلي والكتابة الابداعية فيها ازدهار للصوت والسرد الشخصي. ربما يمكنني القول انه في السينما اكثر من اي مجال اخر نستطيع ان نلمس هذا التغيير، وفي السينما نستطيع ان نتيقن بمدي تأثير هكذا لغة في الاخرين. باختصار، هناك الكثير من الخطوط الحمراء بين العام والشخصي، وما نحتاج اليه هو القوة والجرأة من اجل القفز عن هذه الخطوط، واجتيازها وليس من اجل تكريسها. · تنحاز في اعمالك السينمائية الي الهامش حيث الفقراء والمتعبون والمعوقون والمتروكون علي الارصفة المغبرة، سؤالي هو الي اي حد نستطيع ان نقول ان سينما فلسطين في اغلب اعمالها هي سينما السقوط الارعن في حفرة الخطاب التعبوي السياسي الضحل؟ بعيدا عن التأمل والحداثة والحلم واستبطان الحقيقة في مستوياتها الحلمية. في البداية دعني أكن صريحا. انا لم اعمل سينما بعد. وكل ما عملته هو مجموعة افلام وثائقية، يطغي عليها من حيث الاهتمام والموضوع ما تشير اليه في اسئلتك. وانت تصيب في هذه الملاحظة. انا شخصيا يجذبني الهامش والهامشيون واجد ان صمت اولئك الذين لا صوت لهم اكثر بلاغة من المتحدثين البليغين. انا لا اتفق معك القول بان السينما الفلسطينية هي في الاغلب سينما السقوط في حفرة الخطاب التعبوي. ربما ساد هذا الوضع سابقا (الاعمال التي انتجتها منظمة التحرير) وربما هذا هو حال بعض الافلام الوثائقية والتي معظمها في رأيي ينقصها الحرفية. ولكن الاعمال السينمائية التي بتنا نعرفها تشير الي عكس ذلك تماما. خذ افلام ايليا سليمان، توفيق ابو وائل، نزار حسن، رشيد مشهراوي، مي مصري، واخرين. خذ علي سبيل المثال الافلام التي يخرجها جيل جديد من الشباب، مثل شادي سرور او مجموعة الافلام القصيرة التي انتجتها مؤسسة المعمل مؤخرا، افلام ان ماري جاسر، فيلم رائد انضوني عن الثلاثي جبران، وهناك الكثير من الاعمال لمخرجين / ات يعيشون في المهجر. في كل هذه الافلام انت تجد نوع من المقاومة لسطوة الخطاب التعبوي والسياسي. افلامهم تشير الي حساسيات اخري، تأخذنا الي مناطق خاصة. اصوات فردية، اهتمام بالجزئيات المغيبة. انا اعتقد ان السينما في فلسطين هي اهم حدث ثقافي، من حيث سرعة النمو، تنوع المنتوج والاستقبال. السينما يجب ان تكون عنوانا كبيرا لنا مستقبلا. نحن بحاجة الي ان نتخيل اكثر، وبحاجة اكثر الي الخيال. الواقع يحرمنا مما نريد ان نكونه، ولكن تستطيع السينما ان توفر لنا هذا المكان المجازي الذي نستطيع فيه ان نكون ما نريد. للاسف ان السينما لا تحظي باهتمام المؤسسة الرسمية. للاسف ان السينما لا تحظي باهتمام رأس المال الفلسطيني. ومع هذا فان السينما في ازدهار، مجموع الافلام المنتجة كل سنة في ازدياد، مجموع الاصوات السينمائية اخذ بالتفرد والتنوع والغني. هكذا انظر الي السينما ولا احب ان احشرها في فيلم او مجموعة افلام سيئة الصنع. · الاحظ ان لغتك السنمائية لم تسقط في فخاخ الوعظ والتنظير وظلت وفية للايحاء والتلميح والشعرية العالية، كيف تخلصت من كل هذا؟ كيف قاومت اغواء التحريض وشهوات التعبئة النضالية؟ پليس لي لغة سينمائية بعد ولكن عندي وجهة نظر. ولكن الافلام التي اخرجتها ربما تومئ بهذا، وهو صحيح. في الافلام الروائية التي اتخيلها لا ابتعد عن هذه الاجواء الشعرية، احب ان افكر بنفسي بانني واحد من المحظوظين الذين نجوا من سطوة الدين والسياسة باتجاه الفن. اسعفني الفن مبكرا في حياتي، واسعفتني قراءة الشعر والقصص. هناك كنت اجد ملاذي من بؤس المخيم. · اعرف انك رفضت اعمالا مشتركة مع اسرائيليين انسجاما مع قناعاتك الوطنية والاخلاقية واعرف موقفك من التطبيع مع الاخر الاسرائيلي ولكني لا اعرف لماذا لا يتم التعاون سينمائيا مع فناني ومخرجي قوي السلام اليسارية غير الصهيونية في كشف عدوانية اليمين الصهيوني المتغرطس وفي انقاذ الاسرائيليين انفسهم من انياب الاحتلال وتبعاته التدميرية علي مجتمع اسرائيل علما بان فن السينما هو من اخطر الفنون واكثرها تأثيرا؟ انا ضد التطبيع بمعني ضد ذلك النوع من الاعمال التي تهدف الي غسل الذاكرة او الي طمس حقيقة ما يجري من استيلاب للانسان الفلسطيني من قبل اسرائيل علي مدي خمسة قرون. ولكنني ايضا ضد ان ينجو الاسرائيليون بفعلتهم. الاسرائيليون يريدون نسيان ما صنعوه بنا، لا يريدون ان يسمعونا، لا يريدون ان يرونا، واظن ان ابسط وظائف الجدار هي ان الاسرائيليين يساعدون انفسهم لكي ينسونا، لكي لا يفكروا فينا، وبهذا فهم لن يفكروا بما فعلوه بنا. فماذا نفعل. هل نصمت؟ هل نساعدهم في هذا الشأن؟ ام نجعل من ذاكرتنا شبحا يلاحقهم في اللغة، والموسيقي والشعر. اعتقد ان علينا ان نكتب بالعبرية تماما كما نكتب بالعربية. علينا ان نستغل كل فرصة تسمح لنا بالتعاون مع اسرائيلي ذو ضمير. علينا ان نترجم افلامنا واعمالنا المسرحية واشعارنا الي العبرية. يجب علينا جميعا ان نتحدث العبرية. هكذا نملأ فضاءهم اللغوي بنا. هكذا لن يستطيعوا نسياننا ولو بنوا الف جدار. أحس احيانا ان صبحي زبيدي روائي متنكر في زي مخرج سينمائي حس الروائي وذهنه أراه بوضوح في صياغة مشهدك لغة ومضمونا كما ان شخصياتك ذات طابع روائي اتخيل انك صغتها علي شكل ابطال روايات ثم غيرت رأيك واعرتها لفنك السينمائي. هل توافقني ؟ ملاحظة ظريفة وصحيحة. انا دائما احلم بان اكون روائيا. · انت منحاز بقوة الي فن رشيد مشهراوي، واخر ما كتبته في جريدة الايام كان مقالة تمجيدية ذات طابع شخصي مدحي بلاغي انا شخصيا مع احترامي لرشيد وفنه احس ان اعماله ذات رؤية تقليدية بمعني انه لا يطور ادواته ولا يبحر في مناطق جديدة ويظل يراوح مكانه في صحراء الرؤي التبشيرية الخارجية، ما رأيك؟ لا اعتقد انها مقالة تمجيدية. ربما اتفق معك بأنني في هذه المقالة قللت من الاشارة الي المشاكل الفنية في اعمال رشيد، وركزت اكثر علي طاقته كمخرج في افلامه. حقيقة الامر انني في هذه المقالة لم اكتب عن الافلام انما كتبت عن رشيد في هذه الافلام. رشيد عنده شغف للسينما، هذه مسألة واضحة. وهو لا يتوقف عن العمل. هذا مهم؟ نعم هناك مشاكل في اعمال رشيد الروائية، هذه المشاكل سوف تجدها في فيلمه الاخير (انتظار) اكثر من اي فيلم اخر. هناك مشكلة في البنية الدرامية، مشكلة في التمثيل، في الحوارات، وهي اموركنت سوف اكتب عنها ولكن فقط بعد عرض الفيلم. ولكن لم يعرض الفيلم حتي الان. وسوف تري بانني سوف اكتب عن الفيلم بما يستحقه من نقد، ولكن بعد العرض الاول هنا. مرة اخري انا معجب بطاقة رشيد علي العمل وبشغفه في السينما مع ان لي ملاحظات كثيرة علي البنية الفنية في اعماله خصوصا الروائية، وخصوصا الفيلم الاخير انتظار. · علاقة معظم السينمائيين الفلسطينيين مع السلطة السياسية تبدو قوية جدا تنسيقا وتمويلا ومواقف، انت خارج هذه الدائرة مع اخرين كثيرين ايضا، ما موقفك كمثقف من السلطة السياسية بشكل عام؟ وهل تعتقد كما يعتقد كثيرون ان السلطة الفلسطينية لم تشكل حتي الان سلطة سياسية بالمعني الاستبدادي ؟ للاسف ان شكل التعاون السائد بين المخرجين والسلطة يعتمد كثيرا علي شبكة العلاقات الشخصية. لا توجد بعد قنوات تواصل مستديمة علي شكل صندوق، او مؤسسة. السلطة غارقة في مشاكلها، واذا عرفت ان ميزانية وزارة الثقافة هي اقل من واحد في الالف من الميزانية العامة فانك لا تستطيع ان تتوقع دعما ماديا. هذه هي الحقيقة. الثقافة بشكل عام هي في مؤخرة الاهتمامات، في ادني السلم. هذا للاسف في الوقت الذي نكتشف فيه شغفا فلسطينيا بالسينما. عدد الافلام في ازدياد، عدد الورشات في ازدياد، عدد المهتمين في ازدياد، عدد المهرجانات،... الخ. تصور مثلا لو ان واحدا فقط من مئات الاف حفلات افتتاح مشاريع، كانت لتعلن ميلاد صندوق السينما الفلسطينية. مائة الف دولار من مئات المليارات التي انفقت في البلد، كانت تكفي لكي تحدث ثورة في صناعة السينما الفلسطينية. ولكن هذا لم يحدث؟ وهذا يحز في النفس. · ماذا عن موقفك كمثقف من السلطة السياسية؟ بعد اخر مقالتين لحسن خضر عن المثقف في ثلاثيات الايام الثقافية صرت ابدي حذرا اكثر في وصف نفسي كمثقف. لنقل كانسان، اشعر بغربة كبيرة عن كل ما يحدث حولي سياسيا. حقيقة الامر ان اخر ما الجأ اليه في تعريف هويتي الشخصية هو السياسة. افضل الجغرافيا. افضل القصص والاحلام. انا اشعر بالشفقة احيانا علي السلطة السياسية لانها دون التوقعات، ودائما مأزومة. · مخيم الجلزون يظهر في اعمالك علي شكل خلفية تعب وهزيمة وانسحاق كامل. في عملك الفني المسمي (deep shit) صورت فيه الاطفال في المخيم وهم يقفزون عن قنوات المجاري فيما يشبه رقصا او اغنية، لكنك لم تتورط في مناقشة قضية العودة او كارثة اللجوء بطريقة تقليدية سطحية بكائية انتحابية، كما فعل اخرون، كيف يمكن ان يخدم الفن السينمائي قضايا الوطن ومنها المخيم وكابوسه ؟ المشكلة ان كل الحديث عن المخيمات هو حديث شعارات، عن العودة والصمود. لم يتحدث احد عن حاجة السكان الذين في المخيم الي نوع من المواساة، الي ما يخفف ضغط الحياة. وهكذا تركوا للاونروا. بالنسبة لي فان المخيم هو النقطة صفر. من داخل المخيم احكم علي السيناريوهات المختلفة للحرب او للسلام. اقيم الامور بالتغيير الذي يمكن ان تحدثه في المخيم. اوسلو مشروع فاشل لان المخيم بقي كما هو، لم يتغير فيه شئ بل ازداد سوءا، هكذا هي المعادلة عندي ببساطة. الفن السينمائي بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين هو مسألة حساسة، مشروع مستقبلي، السينما مهمة لنا لانها تستطيع ان تأخذنا الي الاماكن التي حرمنا منها، في السينما نستطيع ان نتخيل كيف نريد ان نكون. أنا اري هذه البوادر في السينما منذ الان. · لن اسألك عن سينما الممول بشكل تقليدي سأسال ما يلي: تخيل نفسك ممولا اوروبيا صهيونيا ومشبوها، كيف تصف حالة السينما الفلسطينية من حيث سهولة شراء ذممها واتجاهاتها؟ پلا احتاج الي ان اتخيل نفسي ممولا اوروبيا او صهيونيا؟ المسألة واضحة. التمويل الغربي للافلام لا يأتي بريئا، بل مليئا بالتوقعات واحيانا الشروط. نهاية المسألة اذن ان هناك مخرجا ينصاع للشروط والتوقعات ولو علي حساب القصة ومن تمثل، وهناك مخرج يفرض شخصيته وروايته بدون تنازلات. كل الافلام الفلسطينية انتجت بتمويل اوروبي وفي بعض الاحيان اسرائيلي. كل الافلام الروائية بدون استثناء، ولكن انت تجد فروقا كبيرة بين هذه الافلام. القدس العربي في 3 ديسمبر 2005 |
"غير صالح".. أول فيلم عراقى يصور فى بغداد بعد سقوطها القاهرة - العرب اونلاين - وكالات: وسط أنقاض الحرب والتفجيرات المنظمة والعشوائية يحاول مخرج عراقى أن يصنع فيلما وثائقيا عن بغداد الجريحة فيكتشف أن المأساة لم تعد تتعلق بالسياسة بل اخترقت بيته وهددت حياته الاسرية بحيث يصبح كل شيء "غير صالح". واختار المخرج العراقى عدى رشيد "غير صالح" اسما لعمله الاول الذى يعد أول فيلم يصور فى بغداد بعد الاحتلال الامريكى الذى أنهى حكم الرئيس العراقى صدام حسين فى التاسع من ابريل نيسان 2003 . وعرض الفيلم أول أمس فى قسم السينما العربية الجديدة بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى بدأت دورته التاسعة والعشرون الثلاثاء الماضى وتختتم الجمعة القادم. ويحاول بطل "غير صالح" وهو مخرج شاب أن يتجاوز الشخصى وصولا لتصوير فيلم وثائقى عن مدينة يحبها لدرجة الجنون فيكتشف أن ما فعله صدام بالعراقيين لا يختلف كثيرا عما يعانيه المواطنون على أيدى القوات الامريكية. ويلجأ بطل الفيلم ومدته 67 دقيقة الى توثيق يوميات المدينة النازفة برصد تفاصيل حياة أصدقائه كما يأتى صوته فى كثير من المشاهد موازيا للصورة التى كانت تغنى عن أى تعليق. وخلال رحلة تصوير فيلمه لم يكن يصدق أنه لايزال على قيد الحياة. فبغداد التى كانت حلما فى خياله أصبحت كابوسا يطارده من خلال بقايا جثث تحت الركام ورفات لجنود فى مقابر جماعية "لا يعرفون قاتلوا من ومن أجل ماذا". كان رشيد منحازا للمدينة والبشر انحيازا جعله لا يكتفى بتصوير مشاهد الفيلم بل أثقل تصاعده الدرامى بتساؤلات وشروح وتعليقات ذهنية وأحكام يراها بعض النقاد كأنها وصاية على طريقة التلقي. لكن الفيلم ينتصر للقيمة الانسانية والجمالية التى تقاوم الفناء حيث ذهب الدكتاتور وسيذهب الاحتلال فى حين بقى نصب الحرية الشهير الذى أنجزه التشكيلى العراقى الرائد جواد سليم شامخا ووحيدا فى مشاهد تخلو فيها بغداد من الحياة وتصير ساحة لاستعراض دبابات ومدرعات تحمل قناصة أمريكيين. فى الفيلم تنعكس الفوضى وافتقاد الامان فى الشارع على البيت الذى يصبح أشبه بمعتقل لميسون زوجة المخرج-البطل التى تعانى انفصالا نفسيا عن الزوج. وظهر رشيد مخرج "غير صالح" فى الفيلم الوثائقى "طريق لغروب أقل" للمخرج اللبنانى باسم فياض الذى ذهب الى العراق لاول مرة بدعوة من رشيد ليوثق تحولات بلد كان يتوقع الاحتلال لكنه فوجيء بما هو أقسى من الدكتاتورية والغزو معا حيث غابت فكرة الدولة واختلط الضحية بالجلاد ودماء العسكريين والمدنيين على السواء. موقع "العرب أنلاين" في 4 ديسمبر 2005 أزمة سينمائية إيرانية بطلها الرئيس نجاد!! يواجه مهرجان "كيتش" الإيراني للأفلام الوثائقية مخاطر تهدده بالفشل بعد التصريحات التي أدلي بها مؤخراً الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي أعلن عن عزمه منع عرض كل الأفلام الليبرالية والعلمانية والأفلام التي تلعب النساء بطولتها أو تدافع عن حقوق النساء إضافة إلي الأفلام التي تروج للظالم في إشارة واضحة إلي الولايات المتحدة. كشفت صحيفة لوموند الفرنسية عن أن كامران شريدل المدير المؤسس لمهرجان كيتش الإيراني للأفلام الوثائقية بعث برسائل إلي مخرجي الأفلام المشاركة في المهرجان يبلغهم فيها بأن السلطات الإيرانية قامت بمصادرة كل الأفلام والوثائق التي كان من المقرر عرضها في المهرجان كنتيجة مباشرة لتصريحات الرئيس الإيراني اليميني أحمدي نجاد. أعرب شريدل عن أسفه لما قامت به السلطات الإيرانية ضد المهرجان الذي يعتبر الوحيد في إيران الذي يحظي بالاستقلالية. يعتبر شريدل أن المتضرر الأول من قرار الرئيس نجاد هو حرية التعبير مطالباً في نفس الوقت مخرجي الأفلام التي ستسمح بها السلطات الإيرانية بعد دراستها باستعادتها علي الفور حتي لا يفسر السماح بعرضها بأنها تأييد لقرارات الرئيس الإيراني. يعتبر المخرج عبدالفضل جليلي رئيس هيئة التحكيم في مهرجان فيلمكس أن مهرجان كيتش لكامران شريدل يعد من أهم المهرجانات السينمائية الوثائقية فضلا عما يتمتع به شريدل كرجل فكر. يري جليلي في قرار الرئيس نجاد عودة إلي الوراء تتعارض مع الانفتاح الذي شهدته إيران خلال حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. أعرب المخرج الإيراني عامر تادري الذي يعيش في نيويورك منذ 20 عاماً عن أسفه لهذه الإجراءات التي تضرب حرية الرأي والتعبير في إيران. أما عبدالفضل جليلي فلا يري مع ذلك في تصريحات الرئيس محمود أحمدي نجاد جديداً فهو يري أنها تعكس تصريحات كل الذين حكموا إيران بعد الثورة الإيرانية فهم يبدأون فترات حكمهم بمثل هذه التصريحات المتشددة التي لا تلبث أن تتغير بمرور الوقت لتميل أكثر إلي الاعتدال لتحقيق ما يطلبه الناس في إيران. وحذر عبدالفضل جليلي السلطات الإيرانية من أنها تخفي رأسها في التراب مثل النعامة لأن أفلام "دي في دي" المهربة إلي إيران تتيح لكل الإيرانيين متابعة جميع الأفلام العالمية بدون أدني حذف أو رقابة.. وأعرب عبدالفضل جليلي عن أسفه مع ذلك علي حرية الصحافة بعد أن مارس مهنة الصحافة لفترة طويلة قبل أن يتجه إلي صناعة السينما. ويصف جليلي المسرح السياسي في إيران بأنه مثل الدائرة التي يأتي رجل ليفتح فيها الباب قبل أن يحل محله قائد آخر ليغلقه ثم يعود هو نفسه بفتح الباب من جديد. واعترف جليلي مع ذلك بأنه أعتقد بأن هذه الحلقة المفرغة قد ذهبت بغير رجعة بعد فترة حكم محمد خاتمي غير أن تصريحات الرئيس نجاد جاءت لتطيح بهذه الآمال. الجمهورية المصرية في 3 ديسمبر 2005
|