جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

فيلم «هنا ولهيه »

حيرة الانسان البسيط بين ما هو هنا... وما هو هناك

طارق أوشن

طوال تجربته الاخراجية في مجال الفيلم الروائي الطويل، أظهر المخرج محمد اسماعيل تحسناً مطرداً في امتلاك أدوات الحكي القصصي والتقنية السينمائية، ابتداء بشريطه «اوشتام: محمد يا وليدي» الذي لم يكن تجربة موفقة بشكل كبير، مروراً بفيلم «وبعد...» حيث أبان عن نضج فني بدأ في التكون داخله، وصولاً للشريطين التلفزيونيين اللذين اشتغل خلالهما لفائدة القناة الثانية المغربية ( أمواج البر / علال القلدة الحائز جائزتي أحسن عمل وأحسن اخراج في مهرجان القاهرة للاذاعة والتلفزيون - 2004) مبرزاً تحسناً ملحوظاً في أدائه الاخراجي المعتمد على سيناريوات مكتوبة في شكل محترم تسمح للمخرج باستخدام حاسته الابداعية وتدفعه للاستنجاد بحسه التخييلي والنبش فيه.

بعد سنوات من الاغتراب، يصل المهاجر المغربي الأصل الفرنسي الجنسية رحال الى سن التقاعد حيث يغادر عمله كسائق سيارة أجرة. وفي الليلة ذاتها (ويا للمصادفة) يكتشف أن هذا المجتمع الغريب الذي عاش فيه عمراً مديداً لم يعد يستوعبه كمثل أقرانه من المهاجرين وأبنائهم حيث العنصرية متفشية في كل الأماكن من طرقات وحافلات ومراكز شرطة. بل ان المجتمع نفسه، بقيمه الاخلاقية المتحررة الى حد الانحلال، يشكل خطراً على حاضر ومستقبل ذريته التي انساقت وراء الأنموذج المعيشي الغربي ولو في قشوره ومظهرياته. هذا الاكتشاف المتأخر يدفع رحال الى اتخاذ قرار العودة النهائية الى البلد الأم، الى المغرب، وكله أمل في تدارك ما فات والانطلاق مجدداً على أسس «سليمة» ومتينة تأخذ في الاعتبار التقاليد والمقومات الحضارية المغربية. لكن واقع الأمر كان أكبر وأدق بكثير من مخططات رحال حيث لم يعد المغرب مغرباً، ولا البنوة بنوة، ولا الزوجة زوجة، ولا الأخوة أخوة، فقد تطبع الجميع بلبوس الجحود والخداع والنفاق والسعي وراء الملذات ولو على حساب الآخرين. ولأن المغرب أصبح غير قادر على استيعاب أبنائه واحتضان مهاجريه لم يجد رحال بداً من العودة من حيث أتى صاغراً ومرغماً وذليلاً أكثر من أي وقت مضى...

هكذا شكل شريط «هنا ولهيه»، الذي يعد ثالث عمل روائي سينمائي مطول يشتغل عليه محمد اسماعيل، عودة الى موضوع الهجرة واستكمالاًَ لنفس تيمة شريطه السابق « وبعد...» مع اختلاف في الأحداث والشخصيات والقصة المحورية المعالجة. فالى أي حد وُفّق المخرج في انجاز شريط متكامل يمكنه من تجاوز «وبعد...» الفائز بأهم جوائز المهرجان الوطني السابع للسينما الذي عقد في وجدة قبل سنتين؟

لما قرأت السيناريو المكتوب لشريط «هنا ولهيه» استوقفتني مجموعة من الملاحظات يمكن اجمالها في اصرار الشريط على تقديم صورة بالغة السوء عن المهاجرين المغاربة، فهم اما فاقدو هوية، أرباب سجون، أشباه عاهرات، أو ناقصو تربية... الخ. كما حاول كاتب السيناريو التطرق لكل المشاكل التي يعانيها هؤلاء المهاجرون هنا (المغرب) وهناك (اوروبا) من توتر في العلاقات العائلية بين الأبناء والآباء مروراً بالزواج المختلط بما ينتجه من صراع ثقافات داخل البيت الواحد وكذا العنصرية والازدحام بالجزيرة الخضراء ثم انتهاء بالاستقبال النمطي لوسائل الاعلام الرسمية لهم وغير ذلك من المعوقات التي لا تنتهي. كما كان عنصر المفاجأة والاثارة غائباً في معظم فترات الشريط حيث بدا النص الروائي متأثراً سلباً بالنص الوثائقي الذي كان مفترضاً أن يصوره أحد الصحافيين الاسبان بالموازاة معه من خلال تعدد المشاهد المتعلقة بفترة الاستعداد للعودة الى المغرب، وكذا تلك التي تصور أهم مسالك الطريق التي يتخذها أولئك العائدون الى أرض الوطن. أما على مستوى الحوارات فقد اعتمدت المباشرة في كثير من المشاهد بشكل ممل جعلها تبدو كدروس وعظ وارشاد موجهة الى سكان هذا البلد الذين لا يفقهون شيئاً في حسن التعامل وفي التدبير الخاص والعام (تشجيع السياحة، تربية الأبناء، العنصرية، الانتخابات، آداب السير والقيادة على الطرقات، تشجيع الاستثمار.... الخ). ولدعم بنائه الحكائي حاول السيناريو اختلاق مجموعة من القصص الفرعية، لكنها بقيت غير مكتملة وغير ذات جدوى بالنسبة للفعل الدرامي العام حتى أن بعضها بدا وكأنه مجرد حشو زائد لتكملة المدة الزمنية اللازمة لانجاز شريط مطول، اضافة لاعتمادها على شخصيات درامية باهتة البناء بشكل لم يسمح لها بالدفع قدماً بالمتن القصصي (المهاجرون الشباب العائدون من هولندا وعلاقة أحدهم بسميرة ابنة رحال، الانتماء الملتبس وغير المبرر درامياً لمختار ابن شقيق رحال للجماعات الاسلامية وقراره المفاجئ بحلق لحيته وهجره لباس أتباع تلك الجماعات، اللهم اذا أخذنا في الاعتبار رغبة المخرج في استثمار الأحداث الارهابية التي شهدتها الدار البيضاء أخيراًَ لاستجداء تعاطف جماهيري مع شريطه... الخ).

وعلى رغم ذلك اعتبرت أن اعتماد الشريط على نخبة كبيرة من الممثلين المغاربة المعروفين سيضمن له، من دون شك، متابعة جماهيرية كبيرة على مستوى شاشات السينما مع امكان تسجيل انحسار على صعيد المتابعة النقدية باعتباره يشكل، في نظري، تراجعاً فنياً عن سابقه «وبعد...»، وكلي أمل، وقتها، في أن يتدارك محمد اسماعيل تلك النواقص اثناء تنفيذه مختلف مراحل الانتاج. والآن، وبعد عرض «هنا ولهيه» في القاعات المغربية في نسخته النهائية، لم أجد في ما سماه محمد اسماعيل شريطاً سينمائياً متكاملاً كان يرنو المشاركة به في فعاليات مهرجان «كان» الماضي ما يجعلني أغير من الملاحظات السابقة شيئاً. بل تأكد لي بالملموس أن الفيلم الجيد يستدعي بالضرورة نصاً درامياً مكتوباً في شكل حرفي دقيق، اذ أن «هنا ولهيه» الشريط لم يستطع البتة التغلب على مختلف نواقص «هنا ولهيه» / السيناريو المكتوب. فقد ظهرت النسخة النهائية أضعف بكثير مما كان منتظراً باعتبار الفقر الابداعي المميز للعمل الاخراجي لمحمد اسماعيل الذي لم يوفق بتاتاً في منح الأحداث نفساً فرجوياً يشد انتباه المتتبع ويخرجها من الرتابة والملل المرافق لكل فصول القصة. كما أن وصفة الاعتماد على أسماء «كبيرة» في كاستينغ الشريط ولو في أدوار ثانوية لم تنجح هذه المرة في التغطية على ضعف المتن الحكائي وسطحية المعالجة الدرامية وخطية الحكاية المفتقرة لأحداث فعلية مشوقة تستحق التصوير مكتفية بالاعتماد على الكليشيهات الجاهزة والأحكام المسبقة، بل كان أداء الممثلين المعنيين متواضعاً الى حد بعيد، فلا هم أجادوا ولا هم أقنعوا.

هكذا بدا حميدو تائهاً متصنعاً في حين كانت منى فتو خارج الموضوع كلية وظهر رشيد الوالي وحنان الابراهيمي بعيدين من مستواهما، واكتفت سناء العلوي باظهار ما أمكن لها من مفاتن جسدها، مع قليل من الاجادة من طرف نزهة الركراكي ومحمد الخلفي وهما بقيا وفيين لما عرف عنهما من أداء لا يختلف من شريط لآخر. أما الأجانب الذين عهد اليهم بتجسيد أدوار الشخصيات الفرنسية بالشريط فلا داعي للخوض في ما قدموه من أداء مفعم بهواية صارخة لا تترك أي مجال للنقاش.

ان اصرار المخرج على حشو شريطه بكل المواضيع الممكنة واللاممكنة وتحميله أكثر بكثير مما يمكنه تحمله، أسقطه في فخ تصوير أي شيء وبأي شكل كان من دون أدنى اكتراث لمعايير الجودة والجدة المفترضين في أي عمل درامي يتصدى لموضوع ظل الى حد الآن غير مطروق على الساحة السينمائية المغربية. الشيء الذي كان يسمح لمحمد اسماعيل بانجاز عمل ابداعي متميز لو أحسن، أولاً، لملمة السيناريو المفكك بتركيزه في حالات معينة تبعده عن استجداء قصص فرعية مكرورة من قبيل استغلال فترة الحملة الانتخابية التي شكلت خلفية أساسية للأحداث من دون أدنى ترابط درامي مع بقية القصص، في وقت كان الاستغناء عنها ممكناً أو تكثيف تفرعاتها لاعطاء مشاكل الهجرة حمولة سياسية لن تكون في حقيقة الأمر بعيدة من الواقع العام المؤطر لهذه الظاهرة بشقيها العلني والسري في المغرب. ولو أصاب، ثانياً، في اختيار فريقه الفني بحسب ما تستدعيه الشخصيات من مقومات فيزيولوجية ونفسية بدل الاكتفاء باختيار أسماء مألوفة للاعتماد عليها في جلب الجمهور. خلاصة القول ان شريط «هنا ولهيه» أوضح بجلاء أن نوعاً من السينما المغربية ما زال عاجزاً عن رسم مسار ابداعي يميزها عن تجارب الغير ويمنحها هوية وطنية خالصة، فلا هي هنا ولا هي لهيه (هناك)، وتبقى المفارقة في انطباق تلك الملاحظة على هذا الشريط الذي يدعي أنه يحاول معالجة أزمة فقدان الهوية التي يعانيها المهاجر المغربي هنا وهناك. «وبعد» يمكننا الجزم بأن «الملائكة لا تحلق أيضاً في السينما المغربية»...

الحياة اللبنانية في 2 ديسمبر 2005

 

ثلاثة أفلام أميركية بمضمون سياسي صلب في طريقها الى العرض

هل تنتج الأوقات العصيبة أفلاماً أفضل؟

ريما المسمار 

ثلاثة افلام اميركية جديدة بضمون سياسي صلب في طريقها الى الجمهور وهي تستدعي أسئلة حول عودة هوليوود الى عكس الواقع السياسي العالمي كما فعلت في السابق.

في منتصف فيلم كارول ريد الكلاسيكي "الرجل الثالث" The Third Man، يدخل اورسن ويلز وجوزيف كوتن في نقاش فلسفي. يحاول ويلز­ في دور هاري لايم­ ان يشرح لكوتن المرتاب ان جني الارباح من خلال بيع البينيسيلين في السوق السوداء ليس بالسوء الذي يعتقده. ويضرب له مثالاً: "في ايطاليا وعلى مدى ثلاثين عاماً تحت حكم البورجياس، كانت الحرب قائمة والدماء مراقة والارهاب متفشياً... ولكن كان هناك ايضاً مايكل أنجيلو وليوناردو دا فنشي وعصر النهضة بكامله. في سويسرا، كان عندهم أخوة ومحبة وخمسمئة سنة من الديمقراطية والسلام. فماذا أنتجوا؟ ساعة المنبه." على الرغم من النبرة الساخرة في ذلك الحوار الذي يروي الكاتب غراهام غرين انه كان من تأليف اورسن ويلز، الا ان سؤاله الجوهري يبقى مفتوحاً على الازمنة كافة: هل تنتج الاوقات العصيبة فناً أفضل؟

إذا طاول السؤال السينما الاميركية حصراً، فالجواب قد يبدو نعم. فالحرب العالمية الاولى أثمرت الحقبة الذهبية في السينما والأزمة الاقتصادية وظلال الحرب العالمية الثانية مهدت للفيلم الاسود film noir. في هوليوود، يعيد بعضهم اليوم طرح السؤال مستنداً الى حفنة من الافلام الجديدة المختلفة مثل Garhead لسام منديس وGodd Night and Good Luck لجورج كلوني وNorth Country وSyriana متسائلاً ما اذا كانت هوليوود تستثمر المناخ السياسي القلق للخروج بمادة سينمائية مختلفة.ريكي ستراوس، رئيس شركة "بارتيسيبنت برودز" المنتجة المنفذة لمعظم الافلام الجديدة المذكورة، يؤكد على صحوة سياسية واجتماعية آخذة في التشكل في اميركا عموماً ومستعيداً أمثلة من حقبات سابقة عكست وعيها بقضايا المرحلة. ولعل السبعينات هي اغنى تلك الفترات بأحداثها وبمتغيراتها التي انعكست ايضاً في الافلام مثل حرب فييتنام وفضيحة "ووترغايت". أفلام مثل President's Men وComing Home وApocalypse Now رسمت ملامح المرحلة ووثّقتها. ولكن اللافت ان حتى افلام الرعب والثريلر والكوميديا قامت على مضمون سياسي كما في Harold and Maude الذي رفض مفهوم الرومنسية التقليدي، وجاك نيكسلن الذي ينهزم امام الثراء والفساد في Chinatown وأمام هيمنة المؤسسة في One Flew over the Cuckoo's Nest وحتى سيغورني ويفر في Alien التي تحارب برنامجاً لمؤسسة احتكارية ما. السبعينات القلقة انعكست في الافلام.

في الثمانينات، أفسحت السياسة في المجال امام الخيال العلمي، كوميديا المراهقين والافلام الخفيفة المتفائلة. حتى فييتنام أُعيد تقديمها للجيل الجديد من خلال Rambo وتشاك نوريس. وتراجع النقد الاجتماعي في حقبة الـblockbuster. التسعينات، وبعد ثلاثة عقود على فييتنام وورترغايت، هناك البيت الابيض متورطا في فضيحة جنسية وحرب معقدة تقسم الامة وتستدعي مقارنات مع فييتنام. هل من الممكن ان تعود الافلام السياسية والاجتماعية الناقدة؟

ستيفن غاغان كاتب ومخرج Syriana الذي يدور في أروقة تجارة النفط في العالم يقول انه ليس مولعاً بتسمية "مخرج سياسي". ويضيف ان "السياسة والتفكير السياسي هما الملجأ الأخير وهما في معظم الأحيان فن درجة ثانية." اما مايكل سايتزمن كاتب North Country الذي يدور في أجواء التحرش الجنسي والتمييز ضد النساء فيعتبر ان توجهه الى مادة مسيسة انما نابع من رغبته في التواصل مع مناخ سياسي متوتر: "أعتقد ان افلام القضايا تجد طريقها عندما تبدأ القضايا التي تهيمن على الاخبار بالسيطرة على موائد الطعام. للمخرجين موائدهم ايضاً وعندما نشعر ان هناك الكثير يجري في العالم، فاننا نريد ان نشعر بأننا نفعل أكثر من بيع الفوشار.. نريد ان نضيف الى ذلك الحوار الواسع الذي يتخطى ما نكتبه على الكومبيتر او الورقة." ويضيف: "أنا أحب أميركا مهما بدا ذلك ضرباً من الفروسية. في 11 ايلول سقط المبنيان ودخلت انا في الصدمة. في التسعينات بدا ان الرأسمالية والديمقراطية انتصرتا ولم يكن هناك شيء يقلق. اليوم، هناك عقلية توتاليتارية وتطرف ديني وكلاهما معاد لأميركا. لذلك أطرح الاسئلة: لماذا يكرهنا هؤلاء الناس؟ ماذا يعني هذا لنا ولاولادنا؟"

من جهته، يقدم كلوني كما في فيلمه السابق Confessions of a Dangerous Mind عملاً سياسياً يحاكي العلاقة المعاصرة بين الاعلام والسياسة. يتناول الشريط سيرة الصحافي الاخباري في CBS ادوارد مورو خلال خمسينيات القرن الماضي الذي يتعرض لضربة قاضية بسبب مساءلته لسياسة جو مكارثي المعادية للشيوعية. يعتبر الممثل والمخرج ان الحل الافضل هو أخذ كل وجهات النظر بعين الاعتبار. يشارك كلوني ايضاً ممثلاً في Syriana في دور عميل استخباراتي متورط في خطة لقتل امير عربي. كلا الفيلمين Syriana وGood Night... يطرقان موضوعات معاصرة ويصوران عالماً محكوماً بالفساد والمصالح الشخصية. وفي هذا السياق يقول كلوني ان في الفيلمين محاولة لفهم تلك الجغرافيا السياسية المتبدلة والتي تفرض قوانين جديدة: "نحن في حرب. وعلينا ان نفهم لماذا هناك من هو مستعد لقتل نفسه بهدف قتلنا. يجب ان نفهم وان ننظر الى الامور بعين ثاقبة والى كل ما تورطنا فيه."

اما سايتزمان كاتب North Country فيشير الى المزج بين الشعبية والليبرالية الذي يقوم به السياسيون لاسيما تجاه هوليوود: "الفيلم ليس ليبرالياً ولا محافظاً. يتناول الحق في العمل والحق في اعالة عائلتك والحق في العيش في مجتمع عادل بصرف النظر عن لونك.. هذه رسالة للجميع ليبراليين او جمهوريين او ديموقراطيين. مع انني أعيش في كليفورنيا، الا ان مطالبي ليست بعيدة من مطالب والدي المسنين المقيمين في كنتاكي: عالم آمن لاولادي، تعذيب اقل يُرتكب باسمي (كأميركي) وباسم الديمقراطية وقيادة أخلاقية واستراتيجية لبلادي. أعتقد انه قبل اعلان الحرب على الارهاب يجب اشهارها ضد الخوف وسوء الفهم..."

المستقبل اللبنانية في 2 ديسمبر 2005

الذكور والإناث في معسكرين

«باب المقام» يقارن بين زمني الانفتاح والتطرف

حسين قطايا 

في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة بالتعاون مع الرابطة الفرنسية الثقافية في الإمارات فعالية عروض سينمائية تحت عنوان »مهرجان متجول للفيلم الفرنسي العربي«. بدأ هذا التجول بعرض الفيلم الجديد للمخرج السوري محمد ملص »باب المقام«، الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في »مهرجان مراكش السينمائي الدولي« في دورته الأخيرة.

وتعذر على المشاهدين متابعة باقي العروض بعد عرض فيلم ملص، بسبب رداءة آلة العرض التي شطرت الفيلم إلى طابقين وأحياناً يغيب »الصوت« وان عاد بعد تأفف البعض من المشاهدين وأولهم »المندوب الفرنسي«، يعود مقطعاً فوقع تخلف »الآلة« على فحوى فيلم »باب المقام« الذي يسرد حكاية تخلفنا الاجتماعي العربي.

برز محمد ملص في منتصف ثمانينات القرن الماضي. كصانع سينمائي يحمل رؤية مختلفة عن السائد في السينما العربية، من خلال باكورته السينمائية في فيلم »الليل«، الذي كتب قصته وأخرجه معبراً عن ثلاثة أزمنة هي الزمن العربي من خلال المأساة الفلسطينية، والزمن »السوري« بكل تقلباته السياسية وأبعاده الاجتماعية، والزمن الفردي بعلاقته بالزمنين وبذاته وبذاكرته المختصرة لأزمنة عامة.

وبدا أسلوبه الفني المستخدم بتصوير كل هذه الخلطة المركبة »الجدلية«، من دون مرجعية عربية محلية أو عالمية. فهو يؤلف رؤية سينمائية جديدة تقوم على ابتداع خطها دونها التقليد أو استعارة من نماذج سينمائية معروفة ومشهورة أو مغمورة.

حكاية »باب المقام« تدور حول امرأة تعشق الغناء الكلاسيكي العربي القديم وتردد ألحانه بصوتها »الحنون« داخل منزلها وأمام زوجها وأطفالها الذين يشاركونها الغناء أحياناً مع ابنة شقيقها ذات العشر سنوات، والتي تعيش معها في منزلها بسبب ان والدها في المعتقل السياسي منذ سنوات والأم تخلت عن طفليها إثر ذلك ليعيشا مع عائلة والهدما السجين. لكن العائلة تعيش تحت هيمنة »العم« القاسي والمتعجرف، وهو ضابط في »الجيش« متقاعد ومتحسر على تقاعده »المبكر«، ويلوم في ذلك ابن شقيقته المسجون. فلولاه لما خرج من »الجيش« وأصبح صاحب مذبح للدجاج.

يمثل هذا الرجل صورة أصيلة لتخلف المجتمعات العربية، القائمة على بنية اجتماعية أبوية ذكورية محضة، ترتفع وتزداد مع تقدم المجتمعات الحداثية.

وهي أكثر قوة الآن من زمن منتصف القرن الماضي. حيث الغناء الكلاسيكي و»الطرب الأصيل« الذي انتشر في كل بيوتات ذلك الزمن، خصوصاً في مدن مثل حلب ودمشق وبيروت والقاهرة وبغداد وسواها من مدن عربية أخرى.

وللدلالة على هذا الزمن يحضر ملص إلى فيلمه امرأة عجوز تحمل صفة »خوجة حلب«، أي المغنية التي كانت تحيي كل حفلات الأعراس وسواها في البيوتات عندما كانت شابة، وهي بالإضافة إلى تمثيلها تلك المرحلة الزمنية بأبعادها السياسية »القومجية« التي كانت أكثر انفتاحاً على حراك التطور الاجتماعي الإنساني، تمثل الطبقة الاجتماعية الوسطى التي كانت تؤمن فضاء إنسانياً واسعاً، بالمقارنة مع الطبقة الاجتماعية الفقيرة السائدة اليوم بخطابها »المتطرف« والقاتل لمجرد الشبهة، كنتيجة طبيعية لتخلفنا الاقتصادي.

يبدأ العم بالتشكيك بابنة شقيقه المولعة بالموسيقى والغناء، ويعتبر ان في الأمر شيئاً لا يعرفه. ويروح به الظن إلى انها قد تكون واقعة في »الغرام« أو انها »ضيعت شرف العائلة« مع انها متزوجة من رجل كان صديقاً لشقيقها قبل اعتقاله، تهمه الحالة السياسية العامة فيواظب على سماع نشرات الأخبار على الدوام، ويحب زوجته برقة وعذوبة التي تبادله الحب والاحترام.

بمعنى ما هو رجل مضاد للذكر القبيح الذي يمثله العم، الذي لا تهمه الحالة العامة وما يتعلق بها من اختلالات لأجزاء عربية (فلسطين العراق)، بمقابل تكريس جهده لمراقبة الزوجة الوفية والرقيقة، إلى ان يقوم بقتلها لمجرد شبهة يقنع بها نفسه وذكور العائلة الذين يخضعون له خوفاً وتهيباً من دون أي جرأة على الرفض أو التفكير بإيقاف فكره »المعتوه«، وحين يقول له أحد أبنائه ان قلبه لا يطاوعه على ارتكاب هذه الجريمة يزجره قائلاً: »روح أقعد بجانب زوجتك«.

ما يطرحه محمد ملص في »باب المقام« قضية نعيشها في معظم المجتمعات العربية بنسب متفاوتة. وهي قضية المرأة ودورها في المجتمع بمواجهة بنية »بطركية« ذكورية مغلقة وفاقدة للحواس وللقدرة على استخدام منة العقل. لطرح اسئلة كبرى ببساطة واضحة إلى متى نبقى في معسكرين، أولهما رجالي، وثانيهما نسائي. إلى متى يبقى هذا الانفصام يقف كجدار عائق أمام قدرتنا على التقدم والمساواة والعدالة؟

لأن القصة واقعية بالفعل اختار ملص أسلوباً مختلفاً في تقنيات وفنيات شريطه الجديد، عن فيلميه السابقين »الليل« و»أحلام المدينة«. فلم يفرق بالاستعراضات »الرمزية«، إذ ان كل فاصلة في الفيلم موظفة في مكانها من دون مبالغة، ومن دون ان يتخلى عن ملء كادراته بلغة بصرية ممتازة في زوايا اللقطات وتحريك الكاميرا مع حركة الشخصيات، موحياً بما تحمل في دواخلها ومظهراً أفعالها في مساحة سينمائية كاملة، حافظت على المروي ووضعت كل عناصر الشريط في مكانها المحدد، وكأن المشاهد يطل من شرفته على حدث واقعي يقع في شارعه الذي يقطنه، مع انه يرى ذلك على الشاشة الفضية التي يمتلك محمد ملص مفاتيح لعبتها بالفعل.

يستحق هذا الفيلم أكثر من جائزة مع أننا لم نستطع ملاحظة كل مستوياته الفنية بسبب ما ذكرنا من رداءة آلة العرض.

البيان الإماراتية في 2 ديسمبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى