جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

كريمة «فاتنة السينما»

ناعسة القرن العشرين

محمود قاسم

لم أقرأ أي خبر لا عن رحيلها في أي جريدة أو مجلة حتي كتابة هذا المقال، بدا أن أستار النسيان نزلت علي صاحبة هذا الخبر التي اعتزلت الفن منذ عام 1961 كي تتفرغ للتمريض لزوجها الراحل محمد فوزي الذي أصابه في تلك الحقبة مرض غريب لازمه أربع سنوات. بعد رحيله ظلت تحمل لقب «أرملة محمد فوزي» حالة من الوفاء النادر لامرأة بالغة الحسن والجمال، عرفت باسم فاتنة المعادي وتنتمي إلي فصيلة جميلات ليلي فوزي.

كريمة التي لم نعرفها سوي في ثمانية أفلام فقط اختارت لنفسها أن تؤدي دور الزوجة المخلصة والأرملة الأكثر إخلاصا.

قبل أن أتحدث عنها كفنانة وعن أفلامها كنوع من التحية لها بعد رحيلها يهمني أن أتحدث عن مكالمة تليفونية طويلة تلقيتها قبل عام تقريبا جاءتني منها.

في البداية تصورتني الزميل الإعلامي محمود سعد رئيس تحرير الكواكب ولما ابلغتها عن نفسي وجدت في ذلك فرصة للحديث الطويل، كانت كمن يبحث عن شخص تستعيد معه أيامها وذكرياتها البعيدة، لم أر منها سوي صوتها القديم الذي لم يفقد جاذبيته وهي نعمة علي من مر بهم الزمن أن يبقي لصوتهم السحر نفسه، عرفت أنني أتابع مسيرتها وأسجلها في بعض ما أكتب، تحدثت طويلا في الهاتف عن أيامها المنصرمة، في نهاية المكالمة وبشكل غير مباشر المحت أنها مصابة بمرض لا شفاء منه سألتها: هل تغيرت ملامحك؟ قالت بكلمات محددة أنا أقترب الآن من السبعين.

عندما قرأت خبر وفاتها أدركت مدي معاناتها الطويلة مع المرض دون أن أحاول معرفة التفاصيل، فالمرض لا يؤلم فقط من يصيبه بل إن علاجه يدفع المرضي أن يقصوا الشعر الجميل حتي لو صار أبيض وأدركت مدي ذكائها بأن أغلقت أبوابها عليها كي تموت في صمت، وكي نحتفظ في ذاكرتنا بصورتها الفاتنة خاصة في فيلم يعرض كثيرا علي شاشات التليفزيون هو «حلاق السيدات» لفطين عبد الوهاب.

حسبما روت لي في مكالمة البوح الوحيدة التي تكلمت فيها معي قالت إن اسمها كريمة عبدالله عبد الرحيم الأوسطي وأنها مولودة في الإبراهيمية شرقية في 18 مارس عام 1934، كان أبوها العمدة من أصل تركي وكذلك الأم، وأمها درست في مدرسة نوتردام بالزيتون وقد أقامت بالمدرسة بنظام الداخلية، تزوجت من طيار مدني يدعي محمد بسيوني لم يكن قد بلغ الحادية والعشرين حين تزوجها وكانت أمه وصية عليه، أما هي فكانت في الخامسة عشرة من العمر أنجبت منه ثم انفصلا وبعد الطلاق بدأت تخرج إلي الحياة.

لم تحك لي أن محمد عبد الوهاب قد حاول إيقاعها في شباكه وهي في هذا السن الصغير وأنه الذي اطلق عليها اسم «فاتنة المعادي» كانت قد حصلت علي لقب ملكة جمال المعادي في تلك الفترة، روت لي أن الفنان محمد فوزي دخل حياتها دون أن يدري بعد طلاقها بثلاثة أشهر فقط شاهدته علي الشاشة في الأفلام، أحبته من طرف واحد، كانت تذهب لمشاهدة أفلامه أكثر من مرة، كنت أتمني أن ألمس يده علي الشاشة، وأشعر أنني لو قابلته فسوف يغمي علي.. في تلك الفترة كانت قد بدأت تعمل في السينما، لكن عينيها كانتا علي محمد فوزي قررت أن أخطبه لنفسي.. وبدأت تتواجد في الأماكن التي يذهب إليها حاولت أن تكون مطربة كي تدخل عالمه غنت في إحدي الحفلات التي كان فيها أغنية «أنا هنا يا ابن الحلال» لصباح فطلب أن يقابلها، ومن يومها لم ينفصلا حتي رحل عام **** تزوجا في ديسمبر عام 1959 وبعد فترة غير قصيرة أصابه المرض قالت إنها «ناعسة القرن العشرين» فقد كرست كل حياتها من أجل إسعاده ثم من أجل تمريضه، وبعد رحيله كان عليها أن تصير أرملته فقط قرابة أربعين عاما .. وذلك نوع من الوفاء النادر خاصة بالنسبة لامرأة ترملت وهي في سن الثانية والثلاثين وفي قمة نضجها وجمالها.

كان أول ظهور لكريمة في السينما مع فريد الأطرش في فيلمين الأول عام 1956 بعنوان «إزاي أنساك» ثم «ماليش غيرك» في عام 1958 وكلاهما من إخراج بركات، لم تكن أكثر من فتاة جميلة، ففي الفيلم الأول قامت بدور البطولة الثانية فهي إحدي بنات الذوات تحاصر المطرب فريد بإعجابها وهداياها وهي تشعر بالغيرة الشديدة من زنوبة ابنة الحي الشعبي التي جذبت عواطف المطرب بسبب جمالها وصوتها، لذا فإنها تحاول إهانة زنوبة وطردها، مما يدفع بفريد إلي قطع علاقته بابنة الذوات التي تدبر مكيدة كي توقع بين فريد وزنوبة خاصة أن هذه الأخيرة صاحبة طموح قاتل، فتتفق مع شاب ثري جذاب أن يوقع زنوبة في حبائله من أجل ابعادها عن فريد.

وينتهي رد هذه الفتاة عندما تبتعد زنوبة عن فريد فلا هو بعائد إليها ولا نعرف ماذا سيؤول إليها، المصير والغريب أن الدور الرئيسي الثاني لكريمة في فيلم «إزاي انساك» قد قابله دور أصغر بكثير في «ماليش غيرك» فهي لا تتعدي أن تكون واحدة من ثلاث شقيقات سوف يتزوجن تباعا حسب رغبة الأب ويقوم فريد بالغناء للعروس اغنيته الشهيرة «قسمة» ثم سرعان ما سوف تختفي الشخصية تقريبا من الفيلم.

المخرج الثاني الذي حاول الاستعانة سينمائيا بالممثلة الراحلة هو كمال الشيخ في فيلمه « الملاك الصغير» وقد اسندت البطولة في هذا الفيلم إلي ممثلة جديدة هي زبيدة ثروت التي جسدت شخصية ضحي المراهقة التي فقدت والديها في حادث سيارة فعاشت يتيمة مع جدها الذي عاني من مأزق مالي فيحاول اقناع الصغيرة ببيع المنزل الذي تركه الوالدان، ويشتري البيت ثري يدعي مراد، أما كريمة فقد جسدت شخصية امرأة في حياة مراد، تستعد للزواج منه وتسمي هيام، فهي تعاني من أن والديها يرفضان أن تتزوج بمراد لأنه ليس من طبقتهم الاجتماعية، إلا أن هيام تتنكر لوالديها وتضحي بهما في سبيل قلبها، وتغادر منزل أبويها إلي الفيلا التي اشتراها مراد، وتشعر هيام بأن هناك عواطف تتولد بين زوجها وضحي.

وهيام هنا عاشقة أكثر من امرأة شريرة تشعر بالغيرة علي زوجها الذي يحنو علي الفتاة التي تموت كي تحصد هيام تضحيتها من أجل زوجها.

وللأسف فإن بعض أفلام كريمة لا تعرض كثيرا في القنوات خاصة فيلم «أيامي السعيدة» لأحمد ضياء وهو أول بطولة مطلقة لعبد المنعم إبراهيم أمام فيروز وهي هنا امرأة لعوب تحاول أن ترمي شباكها حول رجل ثري كي يقوم بتعيين صديقها مديرا للفندق الذي يمتلكه، فيخضع لرأيها ويطرد المدير السابق، لكن هذا المدير الجديد يكون سببا في أن يخسر الثري كل ممتلكاته التي تباع في المزاد.

أما أشهر أفلام كريمة لدينا هو «حلاق السيدات» عام 1960 وهي البطولة الأولي لها والوحيدة علي الشاشة، وأيضا البطولة الأولي لعبد السلام النابلسي منتج الفيلم مما يعني أن كريمة قد عملت حتي الآن مع اسماء مهمة في الإخراج، وقد أسند إليها فطين عبدالوهاب دور الفتاة الثرية إلهام التي طلقت لتوها وتوافق أن تتزوج من حلاق السيدات المبتدئ نكاية في طليقها الذي عاد إلي امرأته القديمة، وتبدأ في إيهام من حولها أنها تزوجت مليونيرا وتفتح له محلا في فندق ضخم من أجل المظاهر وتتفق مع زيزو أن يتم الطلاق بعد وقت، وخلال هذه الفترة يكون زيزو قد صار مشهورا ولديه الكثير من الزبونات وتتغير مشاعر الزوجة نحو زوجها.

وقد بدت كريمة هنا بالغة الحسن والفتنة والرقة خاصة في مشهد تغيير اسطوانة «بتسأل ليه عليه» لكن الملاحظ أن السينما وضعت الممثلة في إطار ضيق للغاية البنت الجميلة من أهل الذوات وهي تقوم هنا بعمل حفل طلاق ترتدي فيه زي الحداد من أجل الانفصال عن زيزو التي تعود إليه مرة أخري.

في عام 1960وبعد زواجها مباشرة من محمد فوزي توقفت رحلة كريمة القصيرة مع السينما بعد أن ظهرت في فيلمين متواضعي القيمة الأول هو «حا يجننوني» إخراج فطين عبدالوهاب والثاني هو «الغجرية» إخراج السيد زيادة، ففي هذا الفيلم تقوم بدور مها التي تتربي وسط أسرة ثرية، ليست هي أسرتها الحقيقية باعتبار أن الغجري أبو دومة قد قام بتبديل الأطفال، ويصبح علي مها أن تعيش وسط مجتمع ثري بينما أبوها فقير، وحين تحس بالخطر من الغجرية سلمي الابنة الحقيقة فإنها تفهمها بسرقة شقتها لكن الحقيقة لا تلبث أن تظهر.

وفي فيلمها الأخير «حايجننوني» أمام إسماعيل ياسين فإنها تقوم بدور ممثلة سينمائية تدعي سوسن والتي تستعين بإسماعيل لتمشيط شعرها مرة كل أسبوع لكن الممثلة لا تلبث أن تموت مقتولة علي يد عشيقها لتختفي تماما وتروح الشبهات ضد إسماعيل .

تلك رحلة قصيرة للغاية في عالم التمثيل لكن حسبما قالته لي كريمة فإنها شاركت في عمل المكياج لنجوم الفيلم الأمريكي «السهم الذهبي» الذي صور في مصر وقام ببطولته تاب هنتر، لكن يذكر لها أنها كانت دائمة الاحتفال بذكري محمد فوزي «الميلاد والوفاة» كأنها تحاول أن تنتزع زوجها الراحل من الثنائي الشهير مع مديحة يسري ولتؤكد أنها بالفعل «ناعسة القرن العشرين».

كلمة أخيرة.. في صباح اليوم التالي لهذه المكالمة البالغة الشجن مع الممثلة أرسلت لها مظروفا به العديد من صورها النادرة والجميلة لأيام المجد والشهرة كي تساعدها علي استعادة ذكرياتها بأسلوبها الخاص.

جريدة القاهرة في 29 نوفمبر 2005

كيج ونيكول يتواطآن لإيصال رسالة

«لورد أوف وور» حكاية المال والدماء

حسين قطايا 

تتوالى الانتاجات السينمائية في آخر السنة كالعادة خاصة وان مواعيد المهرجانات السينمائية العالمية تبدأ مع مطلع السنة المقبلة، بما تحمل معها من جوائز مغرية لصناع الفن السابع. الذين يسعون لتكريس أنفسهم من خلال نيلهم »للاوسكارات« أو لـ »غولدن كلوب« وسواها من جوائز ذات قيمة عالمية.

بدأت بعض هذه الأفلام المتنافسة بالتسلل إلى الصالات العالمية ومنها بالطبع الصالات المحلية السباقة دائماً على مستوى »الشرق الأوسط« لعرض كل جديد من كل المستويات، ان كانت جيدة أو عادية أو ما دون، فالمهم تحقيق الانتشار وتأمين العروض لمشاهد ينتظر على الدوام الأفضل والأمتع. ومن الأفلام التي وجدت طريقها إلى صالات العرض المحلية من مستوى جيد فيلم »لورد أوف وور« أو »سيد الحرب«، عن قصة اجتماعية سياسية مثيرة حول شاب أميركي من أصل أوكراني يعمل في تجارة السلاح ويبيعه للعصابات والميليشيات وبعض حكومات العالم الثالث.

وهو يتمتع بذكاء كبير في أساليب تحقيق صفقاته، ويستطيع أن يهرب من ملاحقة الشرطة الدولية له والإيقاع به. ينتمي هذا الشاب إلى عائلة مهاجرة من الإتحاد السوفييتي السابق، جاءت إلى أرض الأحلام الأميركية، فاكتسب »أخلاقيات« المجتمع الرأسمالي، بكل أبعاده التبريرية المركبة لحب الربح، لو كان على حساب دماء الشعوب الفقيرة المتناحرة.

فيما بينها لأسباب التخلف الذي تفرض استمراريته الدول الكبرى على الدول الفقيرة، الذين يبدون لا حول لهم ولا قوة إلا الإذعان لما يخطط لهم في دوائر شركات ومصانع السلاح. فيتقاتلون، ولا يجنون سوى الدمار والموت لشعوبهم مقابل أن يحقق تجار السلاح الأرباح الهائلة والدولارات المغمسة بدماء المساكين.

يوري أورلوف (الممثل نيكولاس كيج)، يبدأ بتقبيل صور آخر زعيم سوفييتي على التلفاز، حين يعلن عن سقوط »النظام الاشتراكي«، فبالنسبة له هذه فرصته التاريخية لكي يذهب ويحصل على ما يستطيع من أسلحة من الدول التي انفكت عن الاتحاد السابق. وبالفعل يتوجه إلى بلده الأصلي »أوكرانيا«، ليلتقي بقريب له برتبة جنرال، فيقنعه بأن يتحول إلى فاسد، وتبدأ عمليات سرقة الأسلحة من جميع الأنواع خفيفة ومتوسطة وثقيلة، يتوجه بها إلى إفريقيا، حيث التقاتل القبلي والمذابح المرعبة. فيجد سوقاً كبيراً خصوصاً في ليبيريا وسيراليون وأكثر البلدان تلك التي تمتلك ثروات معدنية وأحجار كريمة، الماس وسواها.

يقيم علاقة قوية مع زعيم حرب يدعى »باتيت« في عاصمة ليبيريا مونرفيا، وهو يقتل من دون أدنى شفقة، لكن هذا لا يؤثر على يوري أورلوف، الذي يعرف كيف يجد تبريرات لتجارته، كأن يقول »إن الناس الذين يموتون بوسائل النقل أكثر عدداً من الذين يقتلون في الحروب«. وهو يفعل كل شيء ممكن لكي ينجح في حياته المهنية والخاصة.

فيقوم بخداع امرأة حلمه الحسناء (الممثلة بريدجيت مونهان)، التي تعمل كعارضة في الصور الإعلانية، ويتزوجها وتنجب منه طفله الأول، ثم لا تلبث هذه الزوجة المخدوعة بنوع عمل زوجها بأن تضغط عليه كي يستقيل من هذه المهنة، وبالفعل يتجاوب معها لمدة أشهر قليلة لكنه لا يلبث أن يعود بعد عرض مغر يقدمه له »باتيت«، فيورط شقيقه معه في هذه التجارة المرعبة، التي تكون سبباً لقتله على يد زبائنه في سيراليون، حين يحض أوري على توقيف هذه الصفقة بعد مشاهدته لقتل امرأة وطفلها. لكن أوري دائماً جاهز لإيجاد أجوبة وتبريرات، فيقوم الشقيق (الممثل جارد يتو) بتفجير إحدى عربات الأسلحة فيقتل على الفور، لكن هذا لا يمنع التاجر أن يعقد صفقته وكأن شيئاً لم يكن.

الفيلم من إخراج أندرونيكول الذي كتب السيناريو في عمله الإخراجي الثالث بعد فيلميه »سيمون« و»غيتيكا«، الأول من بطولة المخضرم آل باتشينو قدمه في العام 2002، والثاني أدار فيه أشين هواك وأوماثورمن، في أول تجربة إخراجية له، بعد ترشحه لجائزة الأوسكار عن أفضل سيناريو في العام 1998 عن فيلم »ترومان شو« في »سيد الحرب«، يقدم نيكول أسلوباً مركباً في إخراجه، بين الخط التسجيلي والروائي، فيستخدم السرد على طريقة الفلاش باك المخففة، فنسمع صوت بطل القصة وهو يخبر حكايته وكيف ربح الأموال الطائلة من تجارته الممنوعة وكيف خسر شقيقه وحياته العائلية، بعد أن يتخلى عنه زوجته ووالده.

والفيلم بهذا اقترب جداً من الأفلام الوثائقية وهو يلامس أعمال مايكل مور في هذا المجال، ويطرح قضية إنسانية بكل معانيها في وجه »الماكينة« الرأسمالية المهتمة فقط بقيم السوق التي تقضي على البيئة والمصالح الروحية للبشرية، ومن ثم تدير ظهرها لمعاني الحياة السامية. والمستويات الفنية للفيلم جيدة، لكن هذا غير مهم كثيراً في نوعيات هذه الأفلام التي تحمل قضايا وتريد إيصال فكرة إلى محطة السؤال حول سلوكيات الأفراد في مجتمعات الاقتصاد السريع وانعكاسه على مفاهيمهم الأصلية.

نيكولاس كيج، الذي دخل إلى عالم السينما ممثلاً ومنتجاً بداية في العام 1980 في شريط »ذا ويكر مان« ثم اشترك مع شون بن في الفيلم الكوميدي »الأوقات السريعة«، ومن ثم برز أكثر في فيلم »فالي غيرل« في العام 1983، ثم عمله مع بن مرة ثانية بإدارة ريتشارد بنجامن في فيلم »رايسيغ وذ ذا موون« في العام 1984، تبعه في عمل رائع حول حرب فيتنام في العام نفسه، تحت عنوان »بيردي« من إخراج آلان باركر.

ثم جسد سيرة الرياضي الأسطورة نيد هنلين الكندي في فيلم »ذا بوي إن بلو« من إخراج شارلز جاروت. لكنه لمع تماماً في العام 1986 في الفيلم الكوميدي »بيجي سوت تزوجت«، بإدارة أحد عباقرة السينما فرانسي فورد كوبولا، الذي يقول عنه كيج: »كوبولا أيقظ بي قدرة تعبيرية كنت غافلاً عنها«.

قدم كيج خلال مسيرته الفنية الممتدة منذ ربع قرن عشرات الأفلام برز في بعضها بقوة، إذ لا يمكن نسيان دوره في فيلم »ليفينغ لاس فيغاس«، بشخصية رجل مدمن على الكحول يتخلى عن عائلته وأصدقائه ويرحل إلى مدينة لاس فيغاس الشهيرة، لكي ينهي حياته منتحراً من خلال مواصلته على الشرب، فيلتقي بإحدى بائعات الهوى (الممثلة إليزابيث شو) التي تصير شاهدة على فعل الانتحار، وفي الوقت ذاته تقع في حبه في لحظة إنسانية نادرة. وهو حاز على جائزة أوسكار أفضل ممثل عنه في العام 1995، وعلى جائزة جمعية نقاد شيكاغو، وجائزة غولدن غلوب، وأكثر من عشر جوائز أخرى عن هذا الدور الرائع الذي أداه كيج بدقة وحرفية عالية بإدارة المخرج نيك فينجر. رشح مرة ثانية للأوسكار في فيلم »التكيف« لكنه لم ينلها.

في »سيد الحرب« ينحاز نيكولاس كيج من خلال أدائه إلى ما هو ضد الشخصية التي يمثلها. وكأنه يريد لمشاهده أن يراه في هذا المستوى المركب، لأن الفيلم يحمل رسالة وموقفاً من النظام الاقتصادي الرأسمالي بمفهوم »العولمة المتوحشة«. لذلك يمكن القول ان كيج والمخرج نيكول تواطآ معاً لتقديم هذه الشخصية بالأسلوب الذي يستطيع إيصال مرادهما منه، وهو التعبير عن مجموعة أسئلة تطرح اليوم بقوة حول المفاهيم الاقتصادية الحديثة القائمة وإلى أي مدى يمكن أن يبقى من إنسانية الإنسان أي شيء يذكر. ونيكولاس كيج ممثل كبير يمثل ويحب أن يعمل في اختياراته الفنية ما يعمله عادة ممثلون كبار من أمثال مارلون براندو وشون بين وسواهما من الممثلين الذين ينحني أمامهم الكثير من المبدعين كي يمروا...

البيان الإماراتية في 29 نوفمبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى