فيلم الجزيرة: استنساخ البشر بين الخيال العلمي العنيف والطرح الأخلاقي المبطن |
يبدو أن شغل هوليوود الشاغل هذه الأيام هو التسابق لإنجاز كل ما هو غريب وعجيب وفريد، بحيث أنها حقا قد تجاوزت الأطر النمطية أو التقليدية التي مازالت تحكم معظم النماذج السينمائية في دول العالم الأخري، ولكن إذا سلمنا أيضا بأن الكثير من المتابعين أو المنتقدين لها يرون فيها سينما تنغمس في حمأة العنف والإثارة الحركية غالبا، وتبدو سينما مصنعة تكنولوجيا في المختبرات الكمبيوترية، ومغرقة في آخر ضروب التطورات الصوتية والصورية والمؤثرات، فإن كل هذه الانتقادات تبدو ضربا من العبث إذا أخذنا المشهد بمجمله، وعلي كل فإن النتاجات الجديدة تحمل دوما كل ما هو مثير للتساؤل والتجديد سواء علي مستوي الأفكار المطروحة أو الأساليب المنجزة أو التقنيات الموظفة، ويبدو أن النقاد في أمريكا هم أول من ينتبه للأفلام حين بدء عرضها فيمطرونها بسيل من الكتابات التقيمية التي لا ترحم غالبا، فثمة نقاد لهم آراؤهم التي يتابعها الجمهور ويهتدي بها، وقد يسقط فيلم ما وينصرف عنه الجمهور بفضل هذه الكتابات أو قد تزدحم دور العرض بالمشاهدين له للسبب نفسه. أسوق هذه المقدمة من أجل فيلم الجزيرة المنتج لهذا العام 2005 والذي يحمل في مضمونه وطريقة صياغته لمحات تجديدية، وإن كان في مجمله لا يخلو من الهفوات، والفيلم من إخراج مايكل بي عن قصة للكاتب تريد ويل أوين، وقد جاء في (136 دقيقة) وحشد له مجموعة من النجوم وكبار الممثلين من أمثال: إيوان مكريغور، وسكارليت جوهانسون، وجيمون هونسو، وشين بين، مايكل كلارك دونكان وغيرهم، ويبدو الجزيرة لمشاهده مقسوما إلي جزئين أساسيين، أولهما الخيال العلمي المثير للتساؤلات، ومحاولة حل الألغاز التي تجري أمامنا كمشاهدين، ثم قسم الإثارة الحركية والعنف الصلب المثير للدهشة، ولحبس الأنفاس وحتي اللحظة الأخيرة منه. الاستنساخ: فكرة شريرة أم لصالح البشر ؟ يبدو الفيلم منشغلا منذ اللحظات الأولي في إدخالنا إلي عوالم غريبة لمجتمع يبدو فاضلا، ومنظما بطريقة عجيبة وتدور الأحداث في العام 2019 م، فنري مئات من الرجال والإناث في لباس أبيض يتحركون بانتظام، وترتيب، داخل ممرات وردهات ومقاصير، وكأنهم في سفينة فضائية مثلا أو بناية ضخمة، مغلقة عليهم، وقد ضبطوا بمعاصمهم بأساور تبدو سجلا شاملا لهم، وتدل عليهم أينما تحركوا وتراقبهم بكل سلاسة من قبل المشرفين عليهم الذين يتميزون بلباسهم الأسود، وتبدو شاشات تلفزية عملاقة وحديثة تبث الإعلانات والتعليمات للجميع، ونتعرف هنا علي عنصر من هؤلاء البيض وهو لينكولن إيكو 6 (الممثل إيوان مكغريغور)، ورفيقته جوردان 2 ديلتا (الممثلة سكارليت جوهانسون)، ويبدو كل شيء مرتبا بعناية فائقة دون أخطاء، فثمة رقابة كومبيوترية صارمة علي الجميع، حتي أن الاقتراب العاطفي أو الجسدي ممنوع من الطرفين، وهؤلاء البشر الذين لا يبدون بشرا تماما، تحكمهم ذاكرة مبرمجة لماضيهم، فالكل يعتقد بأنه من المطهرين المحظوظين بالنجاة من التلوث الخطير الذي تعرضت له الأرض، وأنه في هذا المكان المعقم رحمة من السماء، والكل يعيش علي أمل واحد أن يقع الاختيار عليه من أجل الذهاب إلي الجزيرة، وهي المكان الذي نجا أيضا من التلوث، ولهذا تجري إدارة هذا المكان الغامض بين الحين الآخر سحبا أو يانصيبا علي من يفوز للذهاب إلي الجنة الموعودة أو الجزيرة حيث الهواء والماء والشمس والجمال حسب ما تبثه الشاشات لهؤلاء المحظوظين ولكننا نتعرف عبر أحداث الفيلم، وبطليه الأساسيين لينكولن 6 وجوردان 2 علي غير ذلك، فهؤلاء الرجال والنساء ما هم إلا مجموعة من المستنسخين لرجال ونساء في الواقع، وأن أعمارهم لا تتجاوز الثلاث سنوات، وهم عبارة عن قطع بشرية لكفلائهم أو من أوصي بهم من الأغنياء والمتنفذين من أجل استبدال جزء معطوب أو أكثر فيهم، وما الجزيرة الموعودة أو الجنة المبتغاة غير تذكرة ذهاب نحو الموت، وتبدو لنا كوابيس لينكولن التي تتكرر في منامه، وتقض مضجعه كمؤشرات علي ذاكرة سابقة له أو حياة مر بها، وهي أيضا تثير فزع د. ميريك (شين بين) المسؤول الأول عن هذا العالم المستنسخ، والذي يخدم الشيطان بمعرفته من أجل أن يحقق أهدافه الشريرة المغلفة بالرحمة بالناس، والحرص عليهم والذي يعتقد أن هذا العالم الذي بناه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهكذا نعيش في القسم الأول من الفيلم أجواء خيال عملي مثير للتساؤلات، وفيما ينجح لينكولن 6 بالهرب مع رفيقته جوردان 2 خارج هذا السجن الكبير المنعزل نكتشف أن هذا المكان السري لا يكاد يعرف عنه أحد في العالم غير حراسه، ومسؤوليه، وأنه حتي الممولين لمشاريعه، ومنهم الحكومة الأمريكية نفسها لا تدري عن غرائبه شيئا، وتظنه مختبرا خاصا للأبحاث الجينية وللاستنساخ، ويبدو أن العالم لم يتقبل حتي في العام 2019 الموافقة علي مشاريع الاستنساخ للبشر، ونعلم اليوم أي قبل 14 سنة من هذا الموعد أن ثمة ما يجري في السر بهذا الشأن في مختبرات قصية وسرية، وأن الحديث عن النعجة المستنسخة دوللي ليس غير مقدمات لأمور أشد هولا وغرائبية من الخيال نفسه، ومن المعروف أيضا أن السينما تلتقط المؤشرات، وتحاول أن تستبق الواقع، وأن تنجز رؤيتها الخاصة في المستقبل، ولنا في فيلم عن الصعود إلي القمر أنجز في العام 1909 مثالا علي أمر تم التأشير عليه قبل نحو 60 سنة من إنجازه الفعلي. القسوة المتوحشة تطارد البراءة مجرد هرب لينكولن وجوردان خارج القلعة الحصينة تبدأ مرحلة ثانية من الفيلم مبنية علي المطاردات التي لا تنتهي، من أجل القبض عليهما حتي لا يفشيا الأسرار ويكتشف العالم ما يجري هناك من أهوال، وبالرغم من أن الفيلم يقدم لنا هؤلاء المستنسخين كأطفال بخبرات حياتية بسيطة عن عالم مفترض (نسخة جوردان عمرها أربع 4سنوات فعلية، ونسخة لينكولن ثلاث سنوات)، فإن أجسادهم لا تقول ذلك فهم قد تجاوزوا العشرينات، كما أنهما نجحا بالفرار من أعتي رجال القوات الخاصة السرية والمدججة بالأسلحة المتطورة جوا وأرضا، وهذه من مثالب الفيلم فثمة الكثير من الأمور غير المقنعة فمن أين جاءا بتلك القدرات علي القتال والهرب من جنود محترفين، وبالطبع فإن الفيلم قد حفل بمطاردات عنيفة، ومشاهد جديدة ومثيرة، وخطيرة، ومنها تلك المطاردة التي لا تنسي وسط الشوارع المزدحمة بالسيارات وعجلات حديدية ضخمة مخصصة للقطارات تسقط علي السيارات فتسحقها، وتلك اللقطات للدراجات النارية الطائرة فوق الشوارع والبنايات، والقطارات المعلقة السريعة، والسيارات موديل 2019، وسقوط لافتة إعلانية ضخمة من أعلي بناية علي الأرض، وهرسها للناس والمركبات بل واصطدامها المثير بطائرة مروحية. من الواضح أن مخرج الفيلم مايكل بي وطواقمه قد عملوا علي إنجاز واقع متخيل لمدينة أمريكية بعد 14 سنة من اليوم، وفي اجتهاداتهم الكثير من الخيال الواقع علي أسس علمية منظورة، وفيه أيضا الكثير من الإخفاقات، فالسيارات مثلا وبعض مظاهر المدينة تبدو من أيامنا هذه وملامح أخري تبدو منتمية إلي عالم المستقبل، ناهيك عن السيل المبالغ فيه من القسوة والقتل المتواصل، وتدمير المئات من السيارات والأبنية، وإطلاق النيران من أسلحة مختلفة من أجل القبض علي عنصرين من المستنسخين، كما أن النهايات تكون غالبا سعيدة ومتضامنة مع عواطف الجمهور الذي يتابع الفيلم، ولهذا تحدث المبالغات التي تفسد متعة التلقي والإقناع، فبعد تلك الكمية الهائلة من العنف تكون الغلبة لهذين النسختين من بني البشر، ونري كيف أن رجل القوات الخاصة المكلف بتصفيتهما ينحاز إليهما أخيرا، ويقتنع بأحقيتهما في الحياة، وينقلب علي ميريك الشرير، ويتم تحرير بقية المستنسخين وإطلاقهما إلي الحياة الحقيقية، إنها تبدو ثورة لأولئك المصنعين مختبريا ضد من صنعهم بعد أن أدركوا بأنهم ذاهبين إلي الموت وليس إلي الجزيرة المفترضة، كما أن قدراتهم العقلية قد أصبحت تنضج بطريقة متسارعة لتضاهي النسخ الأصلية التي استنسخوا منها، وهي أمور لا تكون في حسبان من استنسخهم من العلماء، أي أنهم كائنات بشرية حقيقية وليسوا مجرد قطع جسدية بديلة أو مجموعة من (المنتجات النباتية) كما يطلق عليهم ميريك. لا يمكن بالطبع لأية كتابة عن فيلم ما أن تعيد صياغة جوانبه البصرية والسمعية في كلمات مكتوبة، بل هي تشير إليها، وتحفز لمشاهدة الفيلم أو عدم إضاعة الوقت من أجله، ولكن تظل تلك الصور المرعبة للمئات من البشر المستنسخين في الأنابيب البلاستيكية الذين هم علي وشك الخروج إلي هذا العالم في فيلم ( الجزيرة)، وتلك الأجواء الجدلية من الحوارات والعوالم الغريبة تطرح الكثير من التساؤلات عن المزالق التي يمكن أن يتورط فيها البشر بحثا عن عشبة الخلود عبر الاستنساخ أو غيره، وعن الثمن الذي من الممكن أن يدفعوه لو نحج هذا الأمر أو أخفق..!! * قاص وصحافي أردني القدس العربي في 25 نوفمبر 2005 |
سلوي خطاب: لا اجد نفسي في الأفلام السينمائية الحالية لخلوها من القيمة الفنية ترفض ما يحدث علي الساحة السينمائية القاهرة ـ القدس العربي ـ من محمد عاطف: أكدت الفنانة سلوي خطاب أنها منذ نجاحها في الفيلم السينمائي الساحر أمام محمود عبد العزيز وإخراج رضوان الكاشف لم تجد الدور الذي يناسبها.. وتقول: يبدو أن القائمين علي السينما اليوم يفضلون العناصر التي تجسد الأدوار الثاني والثانوية.. وكل الأفلام التي تعرض حاليا لا أجد فيها الدور الذي يلائمني.. ومع ذلك الأمل لدي لأجد دورا به قيمة فنية مثل فيلمي عفاريت الأسفلت و الساحر . بالنسبة للبطولة المطلقة ومدي سعيها إليها قالت سلوي: يكفيني أنني جسدت أدوار صعبة لم يستطع غيري الحصول عليها. حول شعورها بأنها مظلومة فنيا أم انها حصلت علي حظها في الأعمال المختلفة قالت:لا انظر من هذه الزاوية.. عندما عملت بالتمثيل كانت مشكلتي الأساسية أن أثبت موهبتي وقدراتي كممثلة جيدة.. خاصة أن البعض كان يراني في أدوار الفتاة الجميلة واللطيفة ليس أكثر من ذلك مما ضايقني كثيرا.. وبمشاركاتي في العديد من الأعمال تفاعل الجمهور معي وأصبحوا لا ينظرون لي من حيث شكلي ومظهري بل من خلال مشاعري وأحاسيسي وهو ما حدث وهذا دليل علي تفوقي كممثلة وهو ما يعنيني في المقام الأول. البعض يري أنك تكررين نفسك في دور الراقصة أو الغازية.. وترد قائلة: لا أري هذا الكلام بل علي استعداد لتجسيدها مرات أخري لأن لكل راقصة شكلها وجوهرها .. فهناك راقصة شعبية وراقصة ذات مستوي اجتماعي.. والغازية القريبة من الطبقة الحاكمة وعندما أختار شخصية الرقصة لا يكون هدفي الرقص ولكنني أدرس مشاعرها في العمل وما هي القيم التي تؤمن بها حتي لو كانت مجرد رقصة في نظر الجمهور. البحث عن الدور المركب صعب في التمثيل ودائما تسألين عنه مع المؤلفين والمخرجين ألا تخشين من صعوبة تجسيده.. وتقول سلوي خطاب: لا أعترف بشيء اسمه دور صعب وآخر سهل.. فالدور الذي يتسلل إلي داخلي ويتملك من أحاسيسي أوافق عليه.. ولذلك نجحت في التواصل مع الجمهور بشكل كبير وأصبحت أدواري علامة مميزة في الأعمال التي أشارك فيها. هل ترين ذلك في دورك الأخير بمسلسل المرسي والبحار قالت: وجدت نفسي في هذا العمل أمام نوعية جديدة ومختلفة من الدراما التليفزيونية علي الرغم من تأخر ظهوري في الحلقات.. لكنني بذلت جهدا كبيرا في تقمص شخصية المرأة التي تحب ابن عمتها يحيي الفخراني فالدور به مشاعر مختلفة وله أحاسيس جديدة في كل لحظة.. وأري أنني محظوظة لأنني وجدت هذه النوعية من الأدوار التي أجد فيها نفسي وكل ما هو جديد.. فالأدوار العادية لا تشغلني ومجرد دور درامي بعكس الأدوار المركبة فهي أدوار صعبة وعندما يختارني المخرجون لتجسيدها فهذا أمر يثير سعادتي لأنه يعني ثقتهم في ويؤكد أنني أملك القدرة من بين كثيرات غيري علي تجسيد هذه الأدوار الصعبة. ما هو الدور الذي تمنيت تقديمه.. قالت: أدواراً كثيرة لأنني اشعر بعدم اكتفائي بالعمل الكبير وأتمني استمرار اجتهادي حتي أقدم للناس الذي يرضيني ويرضيهم.. ودائما الفنان يسعي إلي العمل الجيد وهناك الكثير من الطموحات التي أحب أن أصل اليها خلال مشواري الفني. عن عدم استمرارها في تجربة الإعلان قالت: لأنه ليس المجال الذي أجد نفسي فيه.. إضافة إلي أن الإعلان يمكن أن يسيء للفنان الذي يشارك في الترويج له إذا لم يكن جيدا ويبدو أن البعض احترف تقديم الإعلانات وحدها كمهنة وهذا يتناقض مع طبيعة شخصيتي. القدس العربي في 25 نوفمبر 2005 |