د. محمد عمارة يفتح الملف الشائك «1 من 2»
|
هذه الصفحات، لا تطمح إلي أن تقدم اجتهادا مكتملا في هذا الموضوع ـ تمثيل أدوار الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في الأعمال الفنية الدرامية ـ الذي تختلف فيه وحوله الاجتهادات في دوائر الفقه والفكر الإسلامي المعاصر.. وإنما تريد هذه الصفحات أن تنهض بأمرين اثنين: أولهما: هو ضبط وتحرير وتحديد مضامين ومفاهيم المصطلحات.. وذلك حتي يكون الحوار حول هذا الموضوع دائرا بين فرقاء يعون حقيقة المراد بمضامين المصطلحات، ومن ثم حقيقة الموضوع الذي يدور حوله الحوار.. وأيضا مقادير الاتفاق أو الاختلاف في هذا الموضوع. وثانيهما: طرح مجموعة من «الأفكار الأولية»، التي يبدأ حولها الحوار. ممثلة «نقاط الابتداء».. وليست ـ بحال من الأحوال ـ نهاية المطاف في الاجتهاد. تحرير مضامين المصطلحات وفي موضوعنا هذا ـ تمثيل دور الصحابة ـ نجد أنفسنا أمام مصطلحين يحتاجان إلي ضبط وتحديد وتحرير للمراد بكل منهما.. أولهما: مصطلح «التمثيل».. وثانيهما: مصطلح «الصحابة». وإذا كان «التمثيل» هو تصوير الشيء، أو تصوير صفات الشيء، أي محاكات شيء من الأشياء، بإبداع صورته ومثاله.. فإن «التمثيلية» ـ وهي مصطلح تولّد، لم تعرفه المعاجم اللغوية القديمة ـ هي ـ كما في (المعجم الوسيط) ـ: «عمل فني، منثور أو منظوم، يؤلف علي قواعد خاصة، ليمثل حادثا حقيقيا أو مختلقا، قصدا للعبرة». وهذا التعريف للتمثيل والتمثيلية يؤكد علي حقيقة من حقائق قواعد النقد الفني الجاد، وهي أن العمل الفني لابد أن يتوخي مقاصد العبرة والاعتبار، أي لابد وأن تكون له رسالة أخلاقية، لا أن يقف فقط عند مجرد المحاكاة، أية محاكاة، فضلا عن أن يكون سبيلا لما يضر بمنظومة القيم التي تعارف عليها المجتمع، وقواعد الأخلاق التي يزكيها الدين، الذي يمثل المكوّن الأول للثقافة التي يتم فيها التمثيل. وعلي هذا المبدأ الفني، والحقيقة النقدية ـ ارتباط الجمال الفني والفن الجميل بالمقاصد الأخلاقية ـ اتفق وتوافق الفلاسفة والنقاد مع الدين. فالتمثيل، من الناحية الفنية المجردة، هو مجرد «مهارة».. وهذه المهارة لا تكون جميلة ـ أي لا يعد التمثيل من الفنون الجميلة، ذات البهاء والحسن والزينة ـ إلا إذا تغيت هذه الفنون تحقيق العبرة، أي المقصد الأخلاقي المحمود.. وهذا هو معني قول فيلسوفنا «ابن سينا» (370 ـ 428هـ، 980 ـ 1037م): «وجمال كل شيء وبهاؤه هو أن يكون علي ما يجب له» (1). ومع ابن سينا في هذا الربط بين الجمال وبين الأخلاق، يقف الناقد والأديب الروسي «بلنسكي» (Belinsky) (1811 ـ 1838م) عندما يقول: «إن الجمال شقيق الأخلاق، فإذا كان عمل فني ما فنيا حقيقة فهو أخلاقي بنفس المعني.. فإن الصور الفنية الإيجابية التي تعكس حياة الناس ونبلها وجمالها تفرض الاحترام والحب والإعجاب المخلص، وتعطي أنماط الأبطال الحقيقيين في الحياة للقارئ والمتفرج متعة وبهجة جماليتين. أما الصور السلبية، فإنها تثير مشاعر الاستنكار الأخلاقي والاحتقار، التي ترتبط ارتباطا وثيقا في طابعها بمشاعر الازدراء والاحتقار التي نحسها عندما ندرك ما هو قبيح ودنيء.. ومن ثم فإن وحدة الجمالي والأخلاقي هي أساس الدور التربوي ودور التحويل الأيديولوجي اللذين تقوم بهما الفنون في الحياة الاجتماعية» (2). فنحن، بهذا التحديد لمرادنا من هذا المصطلح ـ «التمثيل» ـ نريد أن يكون الحوار دائرا حول هذا اللون من التحليل.. التمثيل الذي يقدم محاكاة وتصويرا فيه من البهاء والحسن والزينة مما ينمي الإيجابيات النبيلة والجميلة في واقع الحياة، وذلك حتي ينهض «الجمال الأخلاقي» بالدور الأساسي في تربية المشاهدين لهذا التمثيل.. هذا عن مصطلح «التمثيل». أما عن مصطلح الصحابة: فإن له معني لغويا يشمل كل من رأي وصحب رسول الله (ص) ممن أعلن الإسلام.. فلا يعد في الصحابة المشركون الذين رأوا رسول الله وصحبوه.. ولا أهل الكتاب ـ من يهود المدينة ونصاري نجران ـ الذين رأوا الرسول وصحبوه.. ولا المسلمون الذين أسلموا علي عهد رسول الله (ص) لكنهم لم يفدوا عليه ـ في عام الوفود ـ وإنما وفد عليه ممثلوهم الذين أبلغوه عن إسلامهم، ثم عادوا إليهم حاملين عهود رسول الله (ص) بعد ذيوع الإسلام وانتشاره، قد بلغ ـ في فتح مكة سنة 8هـ ـ عشرة آلاف.. وبلغ ـ في حجة الوداع سنة 10هـ ـ أكثر من هذا العدد.. لكنه لم يضم كل الذين دخلوا الإسلام حتي ذلك التاريخ.. هذا عن المعني اللغوي لمصطلح «الصحابة». أما معناه الاصطلاحي، فإنه خاص بالذين جمعوا إلي الإسلام الإيمان القلبي اليقيني، الذي عبر عنه وترجم له هذا الإسلام.. وكانت لهم الصحبة والمعية التي جعلتهم قريبين من حياة الرسول (ص) ومن العلم النبوي الذي حملوه وبلّغوه.. فالصحابة ليسوا كل من أعلن الإسلام ورأي الرسول (ص) وصحبه مطلق الصحبة، وإنما هم الجيل الذي شارك ـ علي نحو ما ـ في تأسيس دين الإسلام.. ودولة الإسلام.. والنظام الإسلامي، الذي مثل نواة الحضارة الإسلامية، وبداية التاريخ الإسلامي. وإذا كان هذا التعريف الاصطلاحي للصحابة، يخرج ويسقط الذين صحبوا الرسول (ص) وأعلنوا الإسلام، بينما أبطنوا الكفر ـ أي المنافقين ـ وهم الذين شملهم المعني اللغوي لمصطلح الصحابة.. فقال فيهم رسول الله (ص) عندما استأذنه عمر بن الخطاب في قتل من كشف لسانه عن خبيئة نفاقه، قائلا: ـ يا رسول الله، ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟ ـ فكان جواب الرسول (ص): «معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمدا يقتل أصحابه» ـ رواه الإمام أحمد ـ ويخرج ـ هذا التعريف الاصطلاحي ـ الذين أعلنوا الإسلام ورأوا الرسول وصحبوه، من الذين قال فيهم القرآن الكريم «قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا، إن الله عفور رحيم» (الحجرات: 14». وكذلك الذين قالوا ـ مع إعلان الإسلام والرؤية والصحبة ـ: «لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» (المنافقون: 8).. «وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ü وإذا قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا» (الأحزاب: 12 و13). فلئن شمل المعني اللغوي المصطلح «الصحابة» مثل هؤلاء المنافقين ـ لأنهم أعلنوا الإسلام، ورأوا الرسول (ص) وصحبوه ـ فلقد تميزت وتقدمت، من بين الذين أعلنوا الإسلام واجتمعت لهم الرؤية والصحبة، كوكبة الجيل الفريد والمؤسس، الذين انطبق عليهم المعني الاصطلاحي للمصطلح، وذلك لتميز رسوخهم في الإيمان، وعطائهم المجد لهذا الإيمان، في مختلف ميادين الدين والدنيا.. وعن هؤلاء الذين تميزوا بحقيقة الصحبة حدثنا القرآن الكريم المجسد لهذا الإيمان، في مختلف ميادين الدين والدنيا.. وعن هؤلاء الذين تميزوا بحقيقة الصحبة حدثنا القرآن الكريم عن صفاتهم وأعمالهم في العديد من الآيات: (محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوي علي سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما» (الفتح: 29). ومن هذا الجيل الفريد والمؤسس، من كان له فضل السبق إلي الإسلام، يوم أن كان الإسلام في مرحلة الاستضعاف، فتكلف الذين اختاروه عنتا لا يطاق، فتميزوا بهذا السبق، وتواصوا بالحق، وبالصبر علي تبعاته.. وتحدث عنهم القرآن الكريم فقال: «والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم» (التوبة: 100). فالتمايز، في صفوف الصحابة، حقيقة واقعة.. وكما تميز «المهاجرون الأولون» ـ العشرة ـ بين الذين آمنوا بمكة وهاجروا منها إلي المدينة المنورة، فلقد تميز من بين الأنصار «النقباء الاثني عشر»، الذين اختارهم الخمسة والسبعون الذين حضروا بيعة العقبة، ليعقدوا باسمهم ونيابة عنهم، مع رسول الله (ص) عقد تأسيس الدولة الإسلامية الأولي. ولهذه الحقيقة، تمايز واختلف تعداد الصحابة عند العلماء الذين صنفوا في التراجم لصحابة رسول الله (ص) ورضي عنهم.. فرأينا تعدادهم في كتاب «الاستيعاب لأسماء الأصحاب» لـ «ابن عبدالبر»، أبو عمر يوسف بن عبدالله بن محمد النمري القرطبي (368 ـ 463هـ، 979 ـ 1071م) 4225 صحابيا وصحابية.. بينما بلغ تعدادهم في كتاب «أسد الغابة في معرفة الصحابة» لـ «ابن الأثير الجزري»، عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني (555 ـ 630هـ، 1160 ـ 1233م) 7703 صحابيا وصحابية، منهم 6681 صحابيا و1022 صحابية. (5). ومرد هذا الاختلاف في التعداد ـ إلي جانب التقصي والتتبع ـ هو الاختلاف حول دور الصحابي، خاصة في رواية أحاديث رسول الله (ص). وإذا كان رسول الله (ص) قد حدثنا عن فضل أصحابه، رضي الله عنهم، فقال: «الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فبغضبي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي الله، ومن آذي الله يوشك أن يأخذه» ـ رواه الترمذي وابن حبان ـ فإن هذا الحديث ـ وما في معناه ـ هو البيان النبوي للبلاغ القرآني ـ القطعي الثبوت والدلالة ـ عندما يقول: «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله» (الفتح: 10).. «لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا» (الفتح: 18). وإذا كان الرسول (ص) قد تحدث عن خيرية هذا الجيل، الفريد المؤسس، علي كل الأجيال التي تلته.. فقال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..» رواه البخاري والترمذي وابن ماجة والإمام أحمد.. فليس معني ذلك نفي الخيرية عمن عدا هذا الجيل المؤسس، والظن بأن «الخط البياني» للخيرية، في التاريخ الإسلامي، هو دائما وأبدا في هبوط ـ كما يحسب البعض ـ وإنما معني هذا الحديث تمييز وامتياز جيل التأسيس، لأنه لا بناء بدون أساس وتأسيس، فكل الأجيال التالية ـ من التابعين إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ـ عيال علي هذا الجيل الفريد، جيل التأسيس. لكن ذلك ـ كما أشرنا ـ لا يعني تدني الخيرية مع مرور وتوالي الأجيال، لأن التأسيس والأساس لا يغني عن كامل البناء، خصوصا إذا كان هذا البناء هو الإسلام، الممتدة ظلاله، والمنتشرة فروعه ـ لعالميته وختامه للرسالات ـ عبر الزمان والمكان. ولهذه الحقيقة، وجب أن نضع مع حديث الخيرية هذا أحاديث من مثل قول رسول الله (ص): «نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتي يبلغه، فرب مٌبلّغ أحفظ له من سامع» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد.. «ولن تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق، ومنصورين، لا يضرهم من خذلهم حتي تقوم الساعة» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة والإمام أحمد. ثم، إن المنهاج النبوي لا يري التقدم خطا صاعدا باستمرار، ولا هابطا دائما وأبدا، وإنما يراه دورات، فيها التقدم والتراجع، والنهوض والهبوط.. وعن هذا المنهاج تحدث رسول الله (ص) عندما قال: «لا يلبث الجور بعدي إلا قليلا حتي يطلع، فكلما طلع من الجور شيء ذهب من العدل مثله، حتي يولد في الجور من لا يعرف غيره. ثم يأتي الله تبارك وتعالي بالعدل، فكلما جاء من العدل شيء ذهب من الجور مثله، حتي يولد في العدل من لا يعرف غيره» رواه الإمام أحمد. وهكذا.. فصحابة رسول الله (ص) هم صفوة الذين رأوه وصحبوه، من الذين آمنوا بدعوته وأسلموا الوجه لله، ونهضوا بمهمة التأسيس للدين والدولة والأمة والحضارة ودار الإسلام، في عصر البعثة، تحت قيادة الرسول (ص). جريدة القاهرة في 22 نوفمبر 2005 |
يكرمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لبني عبدالعزيز.. نجمة من زمن الرومانسية حامد حماد * رمسيس نجيب خطفها من الصحافة إلي التمثيل * «الوسادة الخالية» أول أفلامها.. جمعها بـ «عبدالحليم حافظ» والمخرج صلاح أبوسيف الذي كانت تعشق أفلامه وتعتبره أفضل مخرجي السينما المصرية * في برنامجها الإذاعي «صور شخصية» حاورت محمد نجيب وعبدالناصر والسادات وتوفيق الحكيم ومصطفي وعلي أمين * نالت ميدالية التقدير المصرية في الفنون من الزعيم جمال عبدالناصر عام 1966 * عبدالسلام النابلسي وقع في غرامها من أول نظرة وطلبها للزواج ولكنها رفضت * حصلت علي العديد من الشهادات الدراسية والدرجات العلمية منها ماجستير في فنون الدراما من جامعة واشنطن * «الوسادة الخالية» و«إسلاماه» و«غرام الأسياد» من أكثر ما تعتز به من أفلامها الـ 16 التي قدمتها في 10 سنوات.
رغم أن رصيدها السينمائي لم يصل إلي عشرين فيلما، إلا أنها استطاعت أن تضع لنفسها بصمة كإحدي نجمات جيل الخمسينيات والستينيات، ذلك الجيل الذي يطلق عليه جيل زمن الفن الجميل.. إنها الفنانة لبني عبدالعزيز التي دخلت عالم التمثيل عن طريق المصادفة البحتة دون أن ترتب له أو تسعي إليه. مع الإذاعة بدأت علاقة لبني عبدالعزيز بالفن وهي صغيرة جدا لم يتجاوز عمرها السبع سنوات عندما شاركت في برامج منوعات الأطفال بالقسم الإنجليزي للإذاعة المصرية، وذلك من خلال برامج «ركن الأطفال» و«خمسة وخميسة» و«أضواء القاهرة»، وهي البرامج التي تطورت علاقتها بها فيما بعد كمقدمة ومعدة ومخرجة وأيضا منتجة لها. وفي مرحلة الشباب وخلال النصف الأول من عقد الخمسينيات قدمت البرنامج الإذاعي الأسبوعي «صورة شخصية»، وكانت تستضيف في كل حلقة من حلقاته إحدي الشخصيات المهمة لمحاورتها، فاستضافت من قادة ثورة يوليو الرئيس محمد نجيب والزعيم جمال عبدالناصر وأنور السادات وعبداللطيف البغدادي ومن كبار الصحفيين محمد حسنين هيكل ومصطفي وعلي أمين والأديب الكبير توفيق الحكيم والاقتصادي الكبير ورئيس الوزراء فيما بعد د. مصطفي خليل. وفي مطلع الستينيات وبداية انطلاق التليفزيون المصري انتقلت للعمل بهذا «الصندوق السحري»، فانتجت وأخرجت البرنامج الأسبوعي «الغرفة المضيئة» الذي استضافت خلاله العديد من الشخصيات السياسية والفكرية. وخلال مزاولتها لهذه الأعمال حصلت لبني عبدالعزيز علي العديد من الشهادات الدراسية والدرجات العلمية منها ليسانس الفلسفة والصحافة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما درست بالأكاديمية الملكية لفنون الدراما بلندن «كورسات صيفية».. وحصلت علي منحة فولبرايت الأمريكية، كما درست بجامعة واشنطن بولاية سياتل وجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، حيث حصلت علي ماجستير فنون الدراما وفي أثناء تلك الفترة عملت كمراسلة صحيفة لجريدة «الأهرام». رمسيس نجيب بوابة التمثيل بعد عودتها من أمريكا اتجهت لبني عبدالعزيز للعمل الصحفي بالإضافة للإذاعة، ومن خلال مزاولتها لمهنة الصحافة ذهبت إلي استوديو الهرم لكتابة تحقيق صحفي تقارن فيه بين استوديوهات مصر واستوديوهات هوليوود، وهناك التقت بالمنتج الكبير رمسيس نجيب الذي كان يصور من إنتاجه فيلم «دليلة» بطولة عبدالحليم حافظ وشادية وعبدالسلام النابلسي وإخراج محمد كريم. وما أن وطئت قدماها الاستوديو حتي قابلها المخرج بالعناق مبديا إعجابه بها كمذيعة، كما أعجب بها عبدالسلام النابلسي وأخذ يلاحقها منذ أول لقاء بطلب الزواج منها، ولكنها رفضت رغم جديته وإلحاحه في طلبه، وبعد أن انتهت من مهمتها كصحفية وغادرت الاستوديو فوجئت بعد أيام بالمنتج رمسيس نجيب يطلبها لعمل اختبار في الأداء أمام الكاميرا «تست كاميرا»، فاستجابت للطلب وقامت بالاختبار ونجحت فيه للدرجة التي جعلت رمسيس نجيب يرسل إليها في اليوم التالي مباشرة لهذا الاختبار عقدين لبطولة فيلمين هما «الوسادة الخالية» و«هذا هو الحب» فوقعت العقدين دون أن تشترط أجرا معينا، ولكنها اشترطت أن يكون المخرج هو صلاح أبو سيف، فوافق رمسيس نجيب علي هذا الشرط، وبدأ مشوار لبني عبدالعزيز مع التمثيل ووصل رصيدها خلال عشر سنوات هي مدة عملها بالسينما المصرية ستة عشر فيلما مصريا إلي جانب بعض الأعمال السينمائية والتليفزيونية في عدد من دول أوروبا خاصة إنجلترا وإيطاليا. الوسادة الخالية رغم أن لبني عبدالعزيز وكما سبق لم تشارك سوي في بطولة ستة عشر فيلما فقط، وهو ما يعد رقما قليلا، مقارنة بالكثيرات غيرها من نجمات جيلها، إلا أن رصيد الفنان وتعلقه بالذاكرة لا يحسب بالكم، ولكن بالكيف وهو ما ينطبق علي نجمتنا لبني عبدالعزيز، إذ تعد أغلب الأفلام التي شاركت في بطولتها من كلاسيكيات السينما المصرية وأكثرها تعلقا بذاكرة الجمهور، كما لاتزال تحظي بإقبال كبير علي مشاهدتها عند عرضها، رغم مرور نحو خمسين عاما علي إنتاجها. وهو ما يتضح بقوة من استعراضنا للأفلام التي قامت ببطولتها، وهي «الوسادة الخالية» و«هذا هو الحب» 1958، و«أنا حرة» 1959، وهذه الأفلام الثلاثة من إخراج المخرج الكبير الراحل صلاح أبو سيف الذي كانت لبني عبدالعزيز تعشق أفلامه سواء قبل عملها بالتمثيل أو بعده، وكانت ولاتزال تعتبره من أكبر وأفضل مخرجي السينما المصرية. وبعد هذه الأفلام الثلاثة لـ «صلاح أبو سيف» قامت لبني عبدالعزيز ببطولة ثلاثة أفلام أخري لمخرج واحد هو رمسيس نجيب، وكان ذلك بعد زواجهما، وهي أفلام «هدي» 1959، «بهية» 1960، و«غرام الأسياد» 1961، وهو نفس العام الذي قامت خلاله أيضا ببطولة الفيلم الديني التاريخي الشهير «واإسلاماه» الذي قام بإخراجه المخرج العالمي أندرو مارتون، وفي عام 1962 قامت ببطولة فيلمين «آه من حواء» إخراج فطين عبدالوهاب، و«رسالة من امرأة مجهولة» وهو الفيلم الذي عادت من خلاله للوقوف مرة أخري أمام كاميرا صلاح أبو سيف، كما أنه كان الفيلم الأخير أيضا الذي يجمع بينهما، وفي عام 1963 قامت ببطولة فيلم «عروس النيل» إخراج فطين عبدالوهاب، وقامت في عام 1964 ببطولة فيلم «أدهم الشرقاوي» إخراج حسام الدين مصطفي، وفي عام 1965 شاركت في بطولة ثلاثة أفلام دفعة واحدة، وهي «باسم الحب» إخراج سيد زيادة، و«العنب المر» إخراج فاروق عجرمة، و«هي والرجال» إخراج حسين الإمام. وبعد غياب كامل عادت في 1967 لتشارك في بطولة ثلاثة أفلام أيضا هي «إضراب الشحاتين» إخراج حسين كمال، و«العيب» إخراج جلال الشرقاوي «في إحدي تجاربه القليلة جدا مع الإخراج السينمائي إذ إنه في الأساس مخرج مسرحي»، و«المخربون» إخراج كمال الشيخ والذي يعد آخر الأفلام التي شاركت في بطولتها، إذ توقفت بعده عن التمثيل نهائيا، بل وتركت مصر وسافرت مع زوجها الثاني الدكتور إسماعيل برادة إلي أمريكا، حيث يعمل كأحد كبار المتخصصين في أمراض النساء في هيوستن بتكساس وأسفر زواجهما عن إنجاب ابنتين إحداهما تزوجت والأخري لاتزال تكمل دراستها الجامعية.. وبعد غياب 32 سنة وتحديدا في عام 1999 قررت هي وزوجها العودة مرة أخري للإقامة الكاملة في مصر بعد أن شعرا ـ كما تقول ـ إن مصر تناديهما، وأنه بحكم السن فأي إنسان عندما يتقدم به العمر يفضل أن يموت في بلده وفي الأرض التي ولد بها. وبعد العودة لمصر بدأت في مزاولة الأعمال التي كانت قد بدأت بها حياتها، وهي العمل بالصحافة والإذاعة، فأخذت تكتب المقالات الصحفية في العديد من الصحف والمجلات وعادت لتقديم البرامج الإذاعية والتليفزيونية التي تهتم بتثقيف الطفل المصري، ومنها برنامج «اقرأ لطفلك» الذي تقدمه حاليا علي شاشة قناة النيل للأسرة والطفل الذي تقول عنه إنه جعلها تمنت لو عاشت حياتها داخل مكتبة مع عظماء التاريخ وتهجر الحياة المادية. ورغم العروض العديدة التي انهالت علي لبني عبدالعزيز بعد عودتها لـ«مصر» للمشاركة في بطولة أعمال سينمائية وتليفزيونية، إلا أنها رفضت جميع هذه العروض، والعمل الفني الوحيد الذي وافقت علي المشاركة فيه كان المسلسل الإذاعي «الوسادة لاتزال خالية» أمام سمير صبري، والذي كان محاولة لاستثمار النجاح الكبير الذي حققه أول أفلامها «الوسادة الخالية» مع عندليب الغناء عبدالحليم حافظ، وتعترف لبني عبدالعزيز بأن هذا المسلسل لم يكن علي المستوي الذي تمنته، ولهذا قررت التوقف النهائي عن المشاركة في أي أعمال فنية سواء للإذاعة أو التليفزيون أو السينما. أفلام أعتز بها لكل فنان أعمال يعتز بها أكثر من غيرها من بين جميع أعماله، ورغم ذلك عندما تتوجه لأي فنان بسؤاله عن أهم أعماله أو الأعمال التي يعتز بها أكثر من غيرها، فإن أغلبهم يقولون إنهم يعتزون بكل أعمالهم علي طريقة الجميلة الشهيرة «كلهم أبنائي». ولبني عبدالعزيز لا تخرج عن هذه الأغلبية إذ تقول أيضا: إنها تعتز بجميع الأفلام التي قامت ببطولتها، إلا أنها تعود وتقول: إن هناك من بين أفلامها الذي تعتز به بشكل أكبر وفي مقدمتها فيلم «الوسادة الخالية»، وتضيف ليس فقط لأنه أول فيلم تقوم ببطولته، ولكن لأنه الفيلم الوحيد الذي يجمعها بالعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وكذلك فيلم «غرام الأسياد» الذي كتبه الأديب الكبير يوسف السباعي، وشاركت في بطولته مع النجمين عمر الشريف وأحمد مظهر، وأيضا فيلمي «آه من حواء»، و«عروس النيل» لأنها من الأفلام الكوميدية، كما أن الذي قام ببطولتهما أمامها النجم رشدي أباظة، كما تؤكد علي اعتزازها بشكل خاص بفيلم «واإسلاماه» إخراج المخرج العالمي «اندرو مارتن» الذي صور من شخصيتين إحداهما مصرية والأخري إيطالية، وقد شارك هذا الفيلم في مسابقة «أوسكار» الأمريكية لأحسن فيلم أجنبي «غير أمريكي»، ورغم وجود تيارات يهودية داخل اللجان الأولية التي تشاهد الأفلام المرشحة واختيار ما يصلح منها للاشتراك في المسابقة النهائية، إلا أن الفيلم قبل داخل المسابقة من بين أفلام كثيرة تقدمت، ورغم أنه لم يحصل علي أي من جوائز الأوسكار إلا أن مجرد دخوله المسابقة يعد في حد ذاته نجاحا كبيرا. وبالإضافة إلي مشاركة «واإسلاماه» في مسابقة الأوسكار، فقد شاركت أفلام أخري عديدة من بطولة لبني عبدالعزيز في مهرجانات دولية منها فيلم «هذا هو الحب» الذي شارك في مهرجان سبابستيان بـ«أسبانيا» عام 1958، وفيلم «أنا حرة» في مهرجان فينسيا عام 1959، وفيلم «بهية» الذي شارك في مهرجان نيويورك عام 1960، وفيلم «آه من حواء» مهرجان لوكارنو بـ«سويسرا» عام 1962، وفيلم «عروس النيل» وشارك في مهرجان فرانسيسكو عام 1962. واللافت أنه رغم هذه المشاركات العديدة لأفلام لبني عبدالعزيز في المهرجانات الدولية، إلا أنها لم تحصل علي جوائز، وعن ذلك تقول لبني عبدالعزيز: بصراحة شديدة كل أفلامي شاركت في مهرجانات، ولكنها لم تستحق أي جائزة لأنها لم تكن في مستوي الأفلام العالمية التي شاركت معها في هذه المهرجانات، وإذا كان حظ لبني عبدالعزيز مع الجوائز قليلا، إلا أن نصيبها من التكريمات يكاد يكون كبيرا، حيث كرمتها الدولة عام 1966 منها خلال منحها ميدالية التقدير المصرية في الفنون من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما تم تكريمها كضيفة شرف لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال عام 1999، وكرمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن تكريمه لنخبة من نجوم الرومانسية في السينما المصرية في دورته العشرين التي أقيمت عام 2000. جريدة القاهرة في 22 نوفمبر 2005 |