رغم صغر سنه إلا ان مسلسلاته تؤكد انه مخرج قدير كيف غزا حاتم علي السينما المصرية؟ القاهرة - من رياض ابو عواد |
· تميز المخرج السوري حاتم علي في الدراما التاريخية يقف وراء اخراجه لفيلم تاريخي عن محمد علي من انتاج مصري. ساهم تميز المخرج السوري حاتم علي في الدراما التاريخية في اختياره لاخراج فيلم مصري تاريخي عن مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا يلعب بطولته الفنان يحيى الفخراني. وفي لقاء مع المخرج السوري في القاهرة قال ان "التحضيرات للفيلم ستستغرق قرابة نصف عام الى جانب اختيار الممثلين بالاضافة الى نصف عام اخر لتصوير الفيلم حسب تصوراتي الاولية". واكد الفنان يحيى الفخراني أنه بدأ وزوجته كاتبة السيناريو لميس جابر والمخرج السوري بالتحضير للفيلم وتم توقيع العقود مع شركة جود نيوز المنتجة. والمخرج السوري انجز ثلاثية الاندلس "صقر قريش" و"ربيع غرناطة" و"ملوك الطوائف" و"التغريبة الفلسطينية" الذي يعتبر اهم مسلسل عربي يتطرق الى القضية الفلسطينية منذ هزيمة عام 1948. وكانت كل هذه الاعمال بالتعاون مع الكاتب الدرامي الفلسطيني وليد سيف الذي تميز بالكتابة الدرامية باستخدام الاسقاط التاريخي على الواقع العربي المعاصر. وشدد علي على ان الدراما التاريخية يجب ان تعكس الواقع الذي نعيشه الان. وقال "ارى واعتقد ان مشروعية اي عمل تاريخي لا تكون الا بالاسئلة الراهنة والمعاصرة التي يطرحها وليس لدي طموح لان اعود الى التاريخ لاخذ دور اساتذته في الجامعات". واشار الى ضرورة اجراء "قراءة معاصرة للتاريخ حيث ان المبدع يصبح لزاما عليه ان يتحلى بنظرة انتقائية للتاريخ تشابه بنظره الواقع المعاصر". واضاف ان "الهروب من اشكالاتنا او من الفترات الاشكالية في تاريخنا العربي يشبه الهروب من القضايا الساخنة في واقعنا الراهن وفي كلتا الحالتين تصبح القضية مثل اغلاق الابواب على الجثث المتعفنة والتي ستصيب الاحياء منا". وكان نقاد دراما مصريون اشاروا في كتاباتهم ومقابلاتهم الى تميز الدراما التاريخية السورية عن مثيلاتها المصرية حتى وصل الامر في برنامج "البيت بيتك" في القناة الثانية المصرية الى مهاجمة القائمين على انتاج الدراما التاريخية المصرية واتهامهم باهدار المال العام بشأن المسلسل التاريخي "بيبرس" اجراء مقارنة بينه وبين نظيره السوري الذي حمل نفس الاسم وعالج نفس الفترة التاريخية. ويبدو ان هذا كان دافع الشركة المنتجة للاستعانة بعلي لاخراج فيلم عن محمد علي (1769 - 1849) الذي ساهم في نهضة مصر التي شهدت استقرارا سياسيا في عهده. واعتبر المخرج السوري ان اهم اسباب تميز الدراما التاريخية السورية عن نظيرتها المصرية يعود الى انحيازها لرؤية المؤلف والمخرج بعكس نظيرتها المصرية التي تستند بغالبيتها الى صورة النجم". الى جانب ان السوريين "محظوظون بان ليس لدينا في سوريا حتى الان مفهوم النجم فلا يوجد ممثلون يسعون لفرض شروط او طلبات تفصيل سيناريو مسلسلات على مقاساتهم". وفي التفاصيل الفنية تتميز الدراما السوريه حسب راي علي "في اعتماد اللقطة كحجر الاساس في بناء الدراما وليس المشهد بعكس الدراما المصرية التي تعتمد المشهد المكون من عشرات اللقطات وهذا يجعل من لغة الصورة اقل قوة من اعتماد اللقطة الواحدة". وتابع ان "هذا التوجه في التصوير خيار فني وليس كما يظنه البعض قصورا في الامكانيات فالتصوير بكاميرا واحدة تلتقط التفاصيل اهم بكثير من التصوير بثلاث كاميرات فتتجاهل الكثير من جمال الصورة ودقة التفاصيل". وحاتم علي من المخرجين السوريين الذين يملكون اهتمامات متعددة فهو رغم عدم تجاوزه 44 عاما له انتاج فني وادبي غزير ومتميز. وكان بعد تخرجه من معهد المسرح في عام 1986 عمل كممثل في عدة مسلسلات بينها "الجوارح". كذلك ابدع في التاليف القصصي وله مجموعتان قصصيتان هما "ماحدث وما لم يحدث" و"موت مدرس التاريخ العجوز" ومسرحية "الحصار ثلاث مسرحيات فلسطينية" الى جانب عمله في تاليف الافلام القصيرة والمسلسلات. وعمل معيدا في المعهد وصولا الى كراسي الاستاذية وتخرج من تحت يديه فوجان من طلبة المعهد. وانجز خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة ست مسلسلات ثلاث منها دراما تاريخية وثلاث اخرى دارما اجتماعية من ابرزها ثلاثية الاندلس و"التغريبة الفلسطينية". يشار الى حاتم علي فاز باكثر من ست جوائز عن مسلسلاته التاريخية في مهرجان القاهرة للتلفزيون والاذاعة وتميزت ايضا اعماله في الدراما الاجتماعية التي فازت ايضا باكثر من جائزة ومن ابرزها "عصي الدمع" من تاليف دلع الرحبي. ويشارك علي في المسابقة الرسمية لمهرجان دمشق السينمائي الدولي الذي بدأ فعالياته الاثنين بفيلمين روائيين اولهما طويل "العشاق" تاليف امل حنا وبطولة سلاف فواخرجي وباسل الخياط وسلمى المصري وفيلم روائي قصير "شغف" تاليف رؤية كنعان ومنى واصف ورامي حنا. موقع "ميدل إيست أنلاين" في 21 نوفمبر 2005 |
ضوء.... تكنولوجيا السينما والإبهار عدنان مدانات قرأت ذات يوم مقالة لناقد مسرحي عربي يحكي فيه عن عرض مسرحي شاهده في عاصمة أوروبية ويتضمن تقنيات حديثة مبهرة الى حد الإعجاز المسرحي. غير أن الناقد وبعد أن يشيد بهذه التقنيات غير المألوفة على خشبة المسرح يستدرك ويقول إن حالة الانبهار التي تسيطر على المشاهدين منذ البداية يتراجع تأثيرها تدريجيا بعد ربع الساعة الأولى، ويصبح العرض بعد ذلك شكلا مملا يزيد من ملله خلو العرض من الإثارة السردية الدرامية وسطحية مضمونه. تذكرت هذه المقالة بعد أن عبّر لي صديق عن رأي مشابه إثر مشاهدته للفيلم الحديث “حرب العوالم” الذي تصادف إطلاقه في صالات العرض السينمائية أثناء زيارته لأمريكا. فقد ذكر لي أن الفيلم يتضمن تقنيات مبهرة، غير أن هذه التقنيات لم تنقذه من الملل بعد مرور بعض الوقت على بداية الفيلم، خاصة انه لاحظ أن الفيلم غير مقنع في بناء أحداثه. بعد عرض فيلم “حرب العوالم” في صالات السينما العربية وصفه ناقد سينمائي بأنه فيلم “يجمع بين البساطة الدرامية إلى حد السذاجة والجمال الشكلي والروعة الحرفية”. كما قرأت لناقد آخر تقريضا للفيلم يبدؤه بالقول انه “لا يمكن التعامل مع فيلم “حرب العوالم” إلا باعتباره هستيريا سينمائية ابتدعها المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001. وأقول هستيريا لأن الفيلم عبارة عن تلعثم سينمائي غير متماسك، أو بالأحرى رد فعل انفعالي لدرجة بدا فيها المخرج وكأنه لا يعرف ما يريد قوله سوى أن يبعثر الملايين التي رصدت لإنتاج هذا الفيلم”. ليس فيلم “حرب العوالم موضوع الحديث أو بيت القصيد هنا، الموضوع هو الإبهار التقني الذي بات يشكل “هاجسا” هدفا رئيسيا في الصناعة السينمائية الأمريكية، هدفا يحمل قيمته في ذاته حتى ولو كان ذلك يتم على حساب ما تطرحه الأفلام من أفكار أو ما تتضمنه من رؤى فنية. الإبهار التقني كان صفة ملازمة للسينما منذ الأفلام التي صنعها الساحر والمخرج الفرنسي الرائد جورج ميليس في السنوات الأولى من القرن العشرين، والتي مزج فيها بين تقنيات السينما البدائية آنذاك وتقنيات الألعاب السحرية الأكثر تطورا. كان منطلق جورج ميليس في علاقته بالسينما الاستفادة منها في عروضه السحرية التي كان يقدمها في مسرحه الخاص، ولهذا لم يكن للموضوع ولقصة الفيلم في بداية تجربته أي اعتبار خاص. في السنوات اللاحقة التي بدأ فيها ميليس يبتعد عن دور الساحر ويتورط أكثر فأكثر في دور المخرج السينمائي، خاصة بعد فيلمه الشهير “رحلة إلى القمر”، وهو أول أفلام الخيال العلمي في تاريخ السينما، صار الإبهار التقني يحتاج إلى مواضيع وقصص ملائمة له، وهذا ما مهد الطريق أمام التطورات اللاحقة في حقل السينما الروائية التي انتقلت قيادة دفتها إلى أمريكا وجعلت منها صناعة ذات رواج وتأثير في كافة أنحاء المعمورة، فصارت بالضرورة تبحث عن قصص غرائبية تتضمن مغامرات تجري تحت أعماق البحر أو فيها وحوش تخرج من باطن الأرض أو مخلوقات عجيبة تغزو الأرض وتهدد قاطنيها من البشر، وغير ذلك من مخاطر تثير الرعب في النفوس، وصارت تكتشف، بالمقابل تقنيات تساعد على تجسيد هذه الأجواء الغرائبية بصورة مقنعة ومؤثرة. واصلت السينما الأمريكية إنتاج وتطوير صناعة هذا النمط من الأفلام على مدى تاريخها مستفيدة من واقع أن هذه الأفلام ظلت، وبنسب متفاوتة، تحقق أرباحا بشكل عام. لكن هذا التطوير المتوازن بين القصص والتقنيات الهادفة إلى التحكم بانفعالات جماهير المشاهدين بواسطة الخدع البصرية و المؤثرات الخاصة بدأ مع الأيام يشوبه بعض الاختلال، ذلك أنه خلال هذه السنوات، ونتيجة ازدياد وعي المشاهدين وتراكم خبراتهم في مجال استقبال الأفلام، استنفذت قصص ومضامين تلك الأفلام إمكانياتها وأغراضها وظلت تراوح في مكانها من حيث مواضيعها وأبنيها السردية وشخصياتها المقسمة إلى فئتين متصارعتين دوما، فئة الأشرار “بشرا كانوا أم وحوشا أم مخلوقات حية غير أرضية”، وفئة الأخيار الذين يكسبون المعركة في نهاية المطاف. هذا في حين أن تقنيات السينما، خاصة ما يتعلق منها بالمؤثرات الخاصة ظلت تتطور بشكل متسارع وبقفزات طويلة يوما إثر يوم، وحققت، خاصة بفضل الثورة الرقمية، إنجازات غير مسبوقة، إنجازات لا تقف عند حد وتعد بالمزيد، لا على المدى البعيد بل القريب والقريب جدا. وهكذا، في حين بات أفق المواضيع والقصص التي تعالجها أفلام الإثارة محدودا، فبعض الأفلام مجرد نسخ تعيد إنتاج أفلام قديمة أنتجت مرارا في السابق، كما هو الأمر بالنسبة لحكاية غرق السفينة “تايتانيك” التي حظيت خلال تاريخ السينما بعدد كبير من الأفلام، وبعضها يتكرر من فيلم إلى فيلم على شكل سلاسل سينمائية، كما هو الأمر بالنسبة لسلسلة أفلام كوارث الطائرات و أفلام حرب النجوم و كذلك سلسلة أفلام “الرجل الخفاش” و”الرجل الوطواط” و”هاري بورتر” وغيرها من السلاسل الفيلمية، التي ظلت مواضيعها متشابهة تفقد تأثيرها مع كل نسخة جديدة من السلسلة، فيما تسير تقنياتها في طريق يقود نحو آفاق متجددة تبهر جماهير مشاهدي السينما الباحثين فيها عن الإثارة بقدرتها على تجسيد اكثر التخيلات غرابة وتحويلها إلى صور تقلد الواقع إلى درجة توهم بواقعيتها. هذه المسيرة المتجددة للتقنيات في السينما ليست فقط نتاج التطور والثورة الرقمية بل بشكل أساسي لأنها تلعب دورا بالغ الأهمية في اقتصادات صناعة السينما، فهي تشكل ضرورة ملحة لإثارة فضول المشاهدين الذين يمكن أن يصبح المستوى الراهن للمؤثرات البصرية معتادا بالنسبة لهم مما يحتم على صناعة السينما البحث عن الجديد الذي يمكن أن يشحن فضول المشاهدين ويدفعهم نحو الإقبال على التفرج على الأفلام الجديدة. ومن نافل القول هنا أن الدعاية المكثفة المبرمجة تلعب دورا أساسيا في التأثير على عقول وآليات استقبال جماهير المشاهدين لكل “حدث” جديد في مجال صناعة الأفلام وبالذات المؤثرات البصرية والسمعية الرقمية الخاصة، دورا يمكن تشبيهه بعمليات غسل الدماغ. ما يساعد ويدعم صناعة السينما في إثارة فضول جماهير المشاهدين نحو ما يستجد من تطبيقات على المؤثرات الخاصة الرقمية في الأفلام هو كون التكنولوجيا الرقمية ومنتجاتها المتبدلة المتجددة دوما والتي يزيح كل جديد فيها ما سبقه من طريقه قد صارت هوسا عاما مشتركا بين منتجيها ومستهلكيها، الأمر الذي جعل ممكنا وصف زمننا الحالي بأنه عصر “صنمية” التكنولوجيا الرقمية. الخليج الإماراتية في 21 نوفمبر 2005 |