توجو مزراحي مغامر إيطالي اسمه على أفلام مصرية شهيرة "مخرج من مصر".. أم قنبلة يهودية مفخخة؟ القاهرة ـ وائل عبدالفتاح |
وصلتني على البريد الالكتروني تفاصيل الاحتفال بتوجو مزراحي (16 تشرين الثاني/ نوفمبر بمكتبة الاسكندرية). وكانت مفاجأة. ليس فقط لأن الاحتفال بعنوان: مخرج من مصر. وتوجو مزراحي أصبح مع هستيريا العنصرية واللون الواحد.. أصبح فقط: مخرجاً يهودياً.. مجرد يهودي. الهستيريا ألغت اسمه من على الأفلام عندما تعرض على التلفزيون (في الخمسينات والستينات). وكان رد الفعل: رسائل في الجامعات الأوروبية لباحثين مصريين يعظمون من دور توجو مزراحي ويضعونه في موقع أرفع من موقعه الحقيقي (ربما). المفاجأة خاصة نوعاً ما: الرسالة الالكترونية وصلتني وأنا مشغول بكتابة سيرة يوسف درويش. محامٍ من مصر عمره الآن 95 سنة.. يهودي، أو أصله يهودي، لكنه كان عملياً مرتبط بمواطنة مصرية. وعاش حياة ثرية من زمن السلطان حسين.. الى سنوات حكم حسني مبارك. ظل واحداً من أهم مهندسي التنظيمات في الماركسية. وعرف باسم حركي هو "الحديدي".. لأنه كان نموذجاً في التحمل والصرامة.. وفوق كل هذا ظل مؤمناً بفكرة كبيرة حتى الآن. عرفت من حكاية يوسف درويش.. أن الاخوان المسلمين هم الذين افتتحوا شرخ العلاقة بين اليهود ومصر (بعملية تفجير حارة اليهود 1947) وهي واقعة لم أسمع بها من قبل في الكتابات عن تلك المرحلة ..لكنها بالتاكيد أنهت حالة الأمان وطرحت السؤال البسيط الذي ما زال يطرح حتى الآن: لماذا تنفجر حياتي لمجرد أن ديانتي مختلفة..؟ سؤال تبدو قسوته في الشعور بأنك غريب في بيتك. هذا الشعور الساذج يجعل يوسف درويش حكاية كبيرة. كيف لم يشعر بالغربة وكل عائلته سافرت الى أميركا واليهودية أصبحت تهمة في حد ذاتها؟ كيف استمر مؤمناً بالماركسية على الرغم من أنها أصبحت من المحرمات ليس سياسياً فقط بل اجتماعياً..؟! حكاية يوسف درويش.. من حكايات كثيرة منسية.. حكايات تقاوم احساساً بأننا غرباء، وحيدون في مجتمع تسيطر عليه هستيريا المهووسين باللون الواحد. كيف نرى الحكاية.. في مصر التي لم تعد تتحمل اختلافاً.. أو خروجاً عن القطيع.. فما بالك بيهودي.. اختار أن يكون شيوعياً.. ويحمل أوراق إشهار الإسلام..؟!. وسط طوفان الأسئلة وصلت رسالة الاحتفال بتوجو مزراحي: أشهر مخرج يهودي في تاريخ السينما المصرية. سمير فريد المشرف على البرنامج... أشار في المقدمة الى أنه ربما "لم يتمكن مخرج يهودي قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) من التعبير عن ثقافته كيهودي كما تمكن توجو مزراحي (1901 ـ 1986) في وقت صعود الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا ووصول العنصرية ضد اليهود الى ذروة جديدة في العالم.. وبخاصة في أوروبا..". توجو مزراحي بالنسبة لي شهير بأفلام علي الكسار.. وأم كلثوم (جعلها ترتل القرآن في فيلم "سلامة"..)... هو أيضاً صاحب سلسلة أفلام "ليلى".. وفي لم أضحك كثيراً على اسمه: "العز بهدلة".. وأخيراً هو صاحب النسخة الممصرة من "غادة الكاميليا".. ونسخة بطولة علي الكسار من "ألف ليلة وليلة". هو مخرج أفلام خفيفة. ميوزيكال (إذا أمكن القول).. ودراما بطل من عالم قديم (الريف.. الصحراء..) في مواجهة عالم جديد (المدينة.. الارستقراطية..) والأهم هو أسطى في سينما لكوميديا تلتقط المفارقة الاجتماعية وصراع الصغير في عالم الكبار، وهي سينما لمع فيها من بعده: فطين عبد الوهاب ونيازى مصطفى.. وغيرهما. "صنايعي" محترف في سينما المزاج العام. وهنا تبدو ملاحظة (اسطى) آخر محترف مثل انور وجدى مهمة، وهو قال: "تجتمع في توجو شخصيتان متناقضتان، تحارب إحداهما الأخرى حرباً طاحناً لا هوادة فيها. هما شخصية المنتج وشخصية المخرج. فهو بلا جدال مخرج ناجح جداً، بل أستطيع الى أكثر من هذا وأصرح بأنه مخرج مصر الأول، إذ استطاع أن يقذف الى الشاشة بعدد غير قليل من الأفلام المصرية الناجحة دائماً. كما أنه استطاع أن يقدم كثيراً من الشخصيات العادية، في إطار محترم جميل، بل كثيراً ما صعد بشخصيات الى قمة المجد، أخفقت مع غيره إخفاقاً واضحاً.. ثم هو بلا جدال منتج مصر الأول، إذ استطاع في مدة وجيزة أن يسيطر على السوق السينمائية في الشرق كله، ويوجهها كيفما يريد ويهوى. لو أنه استطاع أن يفرق بين شخصيتيه المتحكمتين فيه، لكان لنا فيه رجلاً خالداً". إيطالي عرفت لأول مرة (من تفاصيل الاحتفال) أنه من أصل ايطالي.. مولود في الاسكندرية لكنه درس السياسة والاقتصاد في فرنسا.. وضد رغبة العائلة (الغنية.. المتبحرة في عالم الشركات الكبرى) درس السينما كمغامر بين روما وباريس وبرلين (وخرج عن أحلام عائلته، وعاد الى مصر).. لكن أول أفلامه في القاهرة كان سنة 1930,. فيلم صامت اسمه "الكوكايين". أحبت الحكومة المصرية فيلم توجو مزراحي.. لأنه يساند حملتها ضد المخدر المميت.. وكان هذا أول علامة تشير الى استمراره في الاخراج بعد أن كانت بدايته في التمثيل باسم "احمد مشرقي" (وهي الترجمة العربية لاسمه العبري). توجو مزراحي لم يكن مخرجاً فقط بل كان صانع سينما بالمعنى الشامل (مونتير وسيناريست ومنتجاً وصاحب استوديوات).. وفي السنة التي ضرب فيها يوسف درويش (صديقي المحامي التي تشغلني حكايته الآن) من شباب متعصب لموسوليني في النادي الايطالي بالقاهرة سنة 1934,. كان توجو مزراحي في التفاصيل الأخيرة لفيلمه "شالوم المندوبان" الأول في سلسلة بطلها شخصية يهودية.. بطل على طريقة اسماعيل ياسين في مجموعة الأفلام التي حملت اسمه. تذكرت صورة شالوم على غلاف كتاب اشتريته من أشهر عدة ولم أكمله اسمه: "..اليهود والسينما في مصر" مؤلفه احمد رأفت بهجت فرغ حياته تقريباً لكشف المؤامرة التي تتم من خلال السينما.. مؤامرة موجهة (ضدنا). ومن أول سطر في الكتاب يعلن بهجت عن مهمته (النبيلة) يقول: "..استشعر اليهود منذ البداية مدى أهمية احتكار السينما باعتبارها الشكل الجديد والأمثل من وسائل الترفيه القادرة على تحقيق أهدافهم المادية وأفكارهم الايديولوجية". السينما هنا جزء من مؤامرة صهيونية لتشويه العرب والمسلمين...ليس في السينما المصرية بل في سينما العالم كله. من هنا فإن توجو مزراحي ليس إلا يهودياً من الاشكيناز. ويستغل شالوم اليهودي من السفارديم ليثبت استحالة حياة اليهود في مصر. وعلى الرغم من أن المؤلف معجب بالممثل إلا أنه يراه شريكاً سلبياً في المؤامرة. والغريب أن الهدف من المؤامرة ليس إلا إقناع اليهود بأن لا حياة لهم في مصر. هكذا يصنع توجو مزراحي سينما فقط لكي يقنع اليهود بالهجرة الى إسرائيل...(؟!). وهي نظرة مهووسة بفكرة الهدف السري وراء الصورة البسيطة. هوس الى درجة لا تتيح لصاحبها الخروج عنها.. هو أسيرها.. الفكرة جاهزة.. ساطعة مثل الحقيقة وهو مثل الأنبياء أو الرسل (والفرسان النبلاء) ليس عليه إلا اثباتها (..بدون فسحة لتأمل) قد يرى تأثير الثقافة اليهودية على مخرج مثل توجو مزراحي. يمكنه ذلك لكن من يعتقد أن شخصية علي الكسار في سلسلة أفلامه غرضها الوحيد تقديم المصريين في صورة بلهاء.. أو أن ليلى الشخصية القادمة من الريف والتى يظلمها المجتمع الارستقراطي.. هي نفسها ليلى مراد اليهودية (قبل أن تعلن إسلامها 1946).. وهو ما يجعله يظن أو متاكداً من أن الجمهور سيرى ليلى (بطلة الفيلم) في صورة المضطهدة (على طريقة ليلى مراد اليهودية). الناقد هنا مخبر سري (هل قلت الناقد..؟!.. ربما.. والغريب أنه يثبت علاقة توجو مزراحي بالصهيونية عن طريق مذكرة لوزارة الداخلية لا يثبت فيها سوى التاريخ لكن أي نوع من المذكرات وأين وكيف عثر عليها.. لا يهتم !!). له معجبون ومريدون.. أقصد لفكرته أو للهوس بالمؤامرة الخفية.. والقنبلة المفخخة. اعجاب المهزوم الذى يبحث عن قشة يتعلق بها ويبرر تردي أحواله. لأنه حتى منهج البحث عن المعنى الاجتماعي للصورة تجاوزت الهوس الذي رأى أفلام توجو مزراحي قنبلة في السينما المصرية.. أقنعت فقراء اليهود بالهجرة الى إسرائيل.. ودمرت صورة الذات عند المصريين والعرب. .. عرفت الآن لماذا لم أستطع تكملة الكتاب المليء بكلام شبيه عن أسماء لامعة في السينما المصرية من ليلى مراد وراقية ابراهيم ونجمة ابراهيم وكاميليا .. والمخرجين وداد عرفى والاخوان لاما.. كلام لم يفتح لي نافذة بل بنى جداراً. كلام اقلق ذاكرتي (هل ستتغير صورة ليلى مراد أو كاميليا أو راقية ابراهيم.. وكل واحدة.. نجمة أحلام رجل يبحث عن صورة ناعمة.. هل ستتغير الصورة لأن النجمة يهودية.. أو ستتوافق صورة نجمة ابراهيم أكثر مع اكليشيه صورة ريا وسكينة عندما نتأكد أنها يهودية... كلام يفسد الذاكرة ولا يمنحها متعة الاكتشاف). وفي المادة المصاحبة للاحتفال نشر أول مقال عن توجو مزراحي في الصحافة المصرية بعد حظر اسمه (عقب العدوان الثلاثي 1956,. بعد أن عاد الى روما بعشر سنوات). المقال كتبه شيخ النقاد احمد كامل مرسي في مجلة "السينما والناس" (تشرين الأول/ اكتوبر 1970).. وعرفت منه أن توجو.. بنى استوديو الجيزة وكان "..غريباً وجديداً في نوعه.. ففي الدور الأرضي توجد حجرات المعامل والتوليف والمكياج. وفي الدور الأول توجد حجرات الممثلين والممثلات ومكاتب الإدارة والحسابات. وفي الدور الثاني يوجد الاستديو وكل ملحقاته من معدات التصوير والإضاءة ومخازن الملحقات والمناظر (الديكور والاكسسوار).. الواقع أن هذه هي المرة الأولى والأخيرة، التي شاهدت فيها أحد الاستديوات التي أقيمت على هذا الطراز وبهذا التصميم". سلامة عرفت أيضاً أن "..توجو بدأ بتصوير أفلامه في المناظر الخارجية، ثم انتقل الى الأفلام ذات المناظر الداخلية البسيطة، وتدرج منها الى الأفلام ذات المناظر الداخلية الضخمة، حتى أنه استخدم شارفنبرج في تصميم رائعته السينمائية "سلامة" بطولة أم كلثوم ويحيى شاهين..". والمدهش أن توجو كما يقول احمد كامل مرسي: ".. يحرص طوال حياته السينمائية على العمل مع مجموعة من الفنانين والفنيين، الذين ارتبط بهم وارتبطوا به في كل أفلامه تقريباً.. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الزملاء والأصدقاء عبد الحليم نصر وشقيقه محمود نصر وعبد الحميد السخاوي الذي كان يهتم بكل ما يتصل بالمناظر ولوازمها ورضوان عثمان الدينامو الحي لمعمل توجو الصغير الملحق بالاستديو. واتصل به لفترة غير قصيرة الصديق الراحل عبد الحميد زكي مدير الإنتاج المعروف كمشرف ومنظم الناحية الإدارية في شركة الأفلام المصرية، وكذلك الزميل المخرج إبراهيم حلمي ومن الملاحظ أنهم جميعهم من أبناء الاسكندرية، وأنهم انتقلوا جميعاً معه الى القاهرة، عندما عزم على نقل نشاطه الفني الى العاصمة. وعرفوا في الوسط الفني باسم (أسرة توجو السينمائية)...". احمد كامل مرسي عرف توجو من بعيد كمتفرج عادي، ثم عرفه من قريب عندما عمل معه كمساعد في بعض الأفلام... وكما يقول "الواقع الذي أعترف به ولا أنكره، إن العلاقات الودية بيني وبينه، استمرت حتى اليوم، على الرغم من استقراره بعيداً هناك في روما. ولقد انتهزت فرصة وجودي في مهرجان قرطاج السينمائي عام 1970، وما أنهيت مهمتي كرئيس لجنة التحكيم، حتى سعيت لزيارة توجو في إيطاليا.. وفي طريق العودة الى القاهرة ذهبت الى روما وقضيت فيها بضعة أيام، واتجهت الى عنوانه بشارع ثري مادونا أي العذارى الثلاث.. وكان يوماً ممطراً شديد البرودة ولكنه أحسن استقبالي هو وزوجته، ورحبا بي ترحيباً كبيراً وغمراني بسيل من الأسئلة والاستفسارات عن مصر.. عن أم كلثوم.. عن.. وعن.. حتى أنني شعرت بالدفء من حرارة لقائهما وصدق عاطفتهما ولا أذيع سراً ولو قلت أني أتمنى أن يمد الله في عمري، وأن يهبني مالاً من عنده، لأقوم بزيارة هذا الزميل والصديق والأستاذ الكبير. وأتمتع بجولة في إيطاليا بلاد الفن والموسيقى والجبال..". اختفى توجو مزراحي من عالم السينما في القاهرة والاسكندرية بالتدريج ابتداء من 1946. بعدها كانت تنشر أخبار عن عودته من روما واستعداده لمشاريع جديدة لم تنفذ. لكنه طوال 40 سنة (مات في روما 1986) ظل اسمه بين حضور وغياب.. هو أحد أساطين السينما المصرية كما وصفته مجلة "سيني فيلم" في عدد أول نيسان /ابريل 1952. توجو حكى في حواراته الأخيرة عن أحلامه: الكونت دي مونت كريستو ومحمد علي الكبير. والآن بعد كل هذه السنوات وبعد أن قامت الدنيا ولم تقعد بقيام إسرائيل.. وبعد أن أصبح كل يهودي متهم حتى تثبت براءته من الصهيونية.. ما زال توجو مزراحي يثير نوعاً مدهشاً من الجدل.. على الرغم من أنه كان من اسطوات الصنعة المشغولين بحرفيتها ربما أكثر من أفكارها.. هكذا تبدو أفلامه.. فهل كان هذا المغامر الايطالي مخرجاً من مصر..؟! أم قنبلة مفخخة كما يتوهم المهووسون بالمؤامرات الخفية..؟ اميل للسينما. لكن المؤامرة تضع على مشاهدة الأفلام بهارات. أجدها.. هنا حتى بهارات مغشوشة. المستقبل اللبنانية في 10 نوفمبر 2005 |
الشخصيات الواقعية تطغى مرة أخرى على الأوسكارات مع اقتراب العام السينمائي 2005 من نهايته، تتوجه أنظار المهتمين بالسينما والعاملين في مجالها في العالم الى جوائز أكاديمية فنون الصورة وعلومها مانحة اكثر الجوائز السينمائية تأثيراً، الاوسكار. على الرغم من ان الأخير لا يتعدى الجائزة "المحلية" إذ يُمنح الافلام الهوليوودية التي تتنافس في ما بينها ـ مع جائزة واحدة لفيلم عالمي ـ الا انه يحظى بكل الاهتمام والاقبال من السينمائيين والنقاد والجمهور على حد سواء. ربما لأنه تقليد جاوز عمره الخامسة والسبعين وربما لأن تاريخ السينما الأميركية حافل بأعمال عظيمة هي التي منحت جائزة الاوسكار قيمتها وليس العكس. فحين تُكرم أفلام ستانلي كيوبريك وانغمار بورغمن وفيديريكو فيلليني وسواهم من قامات السينما الطويلة بجوائز اوسكار فإن الأخيرة تكتسب قيمة خاصة وتختزل عظمة هؤلاء ليصبح انتقالها الى آخرين تكريماً لهم بتحولهم لاحقين للعظام او "زملاء" لهم في "جوقة" الاوسكار. ككل عام، يبدأ الترقب مع اقتراب العام من نهايته حيث تتحول الأشهر الأخيرة فيه تحضيراً للحدث من خلال اطلاق الافلام الكبيرة التي خبأها اصحابها لنهاية العام كي تبقى عالقة في الأذهان او من خلال اعادة اطلاق افلام اخرى عُرضت مطلع العام او عبر تنبؤات الصحافيين والعاملين في المجال. التوقعات مازالت في اولها ولكن ثمة ملاحظة يمكن سوقها بالنسبة الى المتابعين وهي احتلال افلام الشخصيات الواقعية الواجهة بما يعني ان هناك عدداً كبيراً من الممثلين والممثلات يجسدون شخصيات حقيقية. صحيح ان ذلك شكل في الغالب ضمانة للممثل لينال التقدير والجوائز حيث تتيح له الشخصيات الواقعية إظهار قدرات اضافية، الا ان الموجة وصلت ذروتها العام الفائت عندما تضمنت الترشيحات لأفضل ممثلين ثمانية ممثلين لعبوا أدواراً واقعية من اصل عشرين مرشحاً. هكذا غادر جايمي فوكس وكايت بلانشيت بالجائزة المرموقة تقديراً لتجسيدهما المغني راي تشارلز والممثلة كتارين هيبورن تباعاً. من المتوقع ان يزداد العدد هذا العام. ولعل تحليل أحد النقاد لتلك الظاهرة، اي فوز الممثلين الذين يؤدون شخصيات حقيقية، يبدو منطقياً إذ اعتبر ان الجزء الأكبر من المصوتين من اعضاء الاكاديمية هم من الممثلين. وحين يختارون مرشحهم، فإنهم يتخيلون انفسهم في ادوار مشابهة ويعرفون قيمة الفرصة بالنسبة الى الممثل ان يلعب شخصية حقيقية. إلى الآن، يبدو من بين المرشحين الاقوياء لاوسكار أفضل ممثل جواكين فينيكس في دور جوني كاش في Walk the Line، دايفيد ستراتهايرن في دور الصحافي ادوارد مورو في شريط جورج كلوني Good Morning and Good Luck وفيليب سايمور هوفمن في دور الكاتب ترومن كابوت. وبنسبة أقل، ينضم الى اللائحة كولن فاريل في دور المكتشف جون سميث في فيلم تيرينس ماليك The New World وجايك غيلينهال في فيلم سام منديس Jarhead. علينا الاعتراف ايضاً بأن الافلام المذكورة تشكل نقطة ثقل من خلال مخرجيها فهي افلام جيدة بصرف النظر عما اذا كانت تابعة موضة الشخصيات الواقعية ام لا. كذلك يمتلك فيلم Walk the Line فرصة اوسكار اخرى للممثلة ريز ويذرسبون في دور جون كارتر كاش. ولكنها ستواجه منافسة من جوليان مور في دور إمرأة من بلدة صغيرة تحاول ان تعيل عائلتها عبر المشاركة في مسابقة ما وجودي دينش في Mrs. Henderson Presents ولا ننسى تشارليز ثيرون التي سبق لها العام الفائت تجسيد شخصية قاتلة متسلسلة في Monster ونيلها اوسكار افضل ممثلة والتي تطل هذا العام في دراما North Country المقتبسة عن رواية تروي تجربة واقعية عن التمييز والتفرقة. المستقبل اللبنانية في 10 نوفمبر 2005 كتاب «فنيات المونتاج الرقمي فـي الفيلم السينمائي».. تكنولوجيا الصورة الحديثة عمان- ناجح حسن صدر في القاهرة حديثا كتاب «فنيات المونتاج الرقمي في الفيلم السينمائي» لمؤلفته رباب عبداللطيف والكتاب يأتي ضمن سلسلة دراسات ومراجع السينما التي تصدرها اكاديمية الفنون وقدم له المخرج والباحث السينمائي د.مدكور ثابت بانه جهد مختلف ضمن حقل ابداعي جديد يبحث في موضوع التكنولوجيا الرقمية في فنون الصورة بمثابرة واهتمام جيل شاب جديد يتميز بقدرته على المتابعة والتميز في هذا المجال حتى اعتبر البعض منهم كما هو حال مؤلفة الكتاب التي تعمل معيدة في المعهد العالي للسينما بالقاهرة بانها من الفئة الرائدة في هذا التحديث سواء بالنسبة لجيلها او حتى بالنسبة لجيل اساتذتها ممن يتابعون التعريف على هذا التحديث في مجال التكنولوجيا الرقمية في الحقل السمعي- البصري». تستهل المؤلفة كتابها المتفرد بموضوعه بالاشارة الى اختلاف الفن السينمائي عن بقية الفنون لما لديه من مواصفات خاصة، جعلته خلال فترة وجيزة جدا قادرا على ان يحتوي مشاعر وافكار الجماهير وهو ما لم يحدث مع اي فن اخر، كما تعتبر السينما فنا متطورا تقنيا، فمنذ البدايات عندما كان الفيلم قصيرا وصامتا كانت تصاحبه آلة صامتة لتعبر عن الحالات والاحداث والمواقف، ثم امتد التطور التقني متاحا في جميع تخصصات الفيلم السينمائي من كتابة سيناريو، واخراج، وديكور، وتصوير، وماكياج، وملابس، وتمثيل وصوت ومونتاج. لكن مثل هذا التطور الجارف يطرح عدة اسئلة امام المؤلفة ويقف عندها الكتاب مطولا فيما يتعلق بالفهم الواضح للطابع التكنولوجي ونواحي امتداد وعلى العمل الابداعي برمته، وهل يدفع التقدم التكنولوجي في انظمة المونتاج الى المساعدة على زيادة فرص الابداع بالفيلم. عملت المؤلفة على تقسيم كتابها الى بابين فيهما واحد رئيسي جرى عنونته «الاجهزة السينمائية الحديثة المرتبطة بمرحلة المونتاج ويبدأ بتمهيد يوضح ان الفن السينمائي تجارة وصناعة بجانب كونها فنا ولكونها صناعة فهي تتأثر بعوامل تكنولوجية وتطورات تقنيات العمل بها، ثم تستعرض المؤلفة انواع التكنولوجيا المختلفة بالفيلم والامكانيات التي قدمتها التكنولوجيا في تقنيات وحرفيات العمل في فروع الفيلم المختلفة ما يساعد على انجاز العمل بسرعة عالية وسهولة فائقة. اما فيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا على اسلوبية وفنية الفيلم فان الكتاب يبرز تلك الامكانيات الجديدة في الشكل الفني للفيلم والذي يعبر عن مضمونه عن طريق الصوت والصورة، كما ان النتيجة تظهر على الشاشة ويشعر بها المتفرج عند العرض النهائي للفيلم ويتمثل في المؤثرات البصرية او السمعية التي يحفل بها العمل. يتفرع عن الباب الرئيسي مجموعة فصول متنوعة تحت عناوين: «عناصر التكنولوجيا المرتبطة بالمونتاج في مرحلة ما قبل الانتاج»، و«عناصر التكنولوجيا المرتبطة بالمونتاج في مرحلة الانتاج»، «عناصر التكنولوجيا في مرحلة ما بعد الانتاج قبل المونتاج». في الباب الثاني المعنون «اجهزة المونتاج غير المتتالي» ويتفرع عنه فصول «بدايات ظهور اجهزة المونتاج غير المتتالي»، و«اجهزة المونتاج غير المتتالي الرقمية»، اضافة الى تطبيق على فيلمين تم المونتاج لهما على اجهزة المونتاج غير المتتالي، وهما: «المصير» وفيلم «الاسكندرية.. نيويورك»، لمخرجهما يوسف شاهين، حيث جرى شرح مطول لخط سير الفيلمين من مرحلة التصوير وصولا الى المونتاج وما تبعه من اعمال الصوت والنيجاتيف وصولا الى النسخة في حالتها الجاهزة للعرض على الجمهور. كتاب «فنيات المونتاج الرقمي في الفيلم السينمائي» لرباب عبداللطيف جهد ابداعي مليء بالافكار الجديدة يستفيد منها صناع السينما الشباب الجدد من الشباب والدارسين ايضا. الرأي الأردنية في 10 نوفمبر 2005
|