يعــــــرض الآن علــــى شاشات الكويـــــت «السفارة في العمارة» وأكذوبة الأفلام السياسية عرض وتحليل عماد النويرى |
كل الأفلام سياسية ما دام أبطالها بشرا مثلنا يأكلون ويشربون ويتحدثون ويحبون ويتزوجون، واذا تناقش هؤلاء الأبطال واختلفوا زادت جرعة السياسة، وإذا اظهروا وجهة نظر في ما يحدث من حولهم واعترضوا، فان الرقابة في هذه الحالة تمارس دورها وتفرض محاذيرها. ومنذ ظهور السينما العربية تدخلت أجهزة الرقابة كثيرا، وكانت البداية مع فيلم «لاشين»، ونذكر من الأفلام التي مُنعت أو حوربت أو غُيِّرت نهايتها «شيء من الخوف» و«زائر الفجر» و«الكرنك» و«البريء» و«بحب السيما» وغيرها. وقد نجح بعض هذه الأفلام في الاقتراب من مواضيع محظورة مثل علاقة الحاكم بالمحكوم وعلاقة السلطة بالمثقفين، وتجرأ بعضها على مناقشة الفكر الديني، ومر بعض الأفلام الأخرى على موضوعات السياسة والفكر الديني مرور الكرام. علاقة الفن بالسياسة هي علاقة قديمة ومتجددة، ومازالت المدارس الأدبية والمناهج النقدية والتيارات الفنية تدلي بدلوها في هذا المجال. بعض هذه المدارس يؤكد ويطالب ان يكون الفن مسيسا على طول الخط، والبعض الآخر يطالب بان يكتفي الفن بالاهتمام بالقيم الجمالية باعتبار أن دوره ينحصر في جلب المتعة للمشاهد وتوفير التسلية. عموما المعركة بين الاتجاهين لم تحسم وستظل متواصلة إلى ما لا نهاية. وليس هذا موضوعنا، وانما الموضوع بالتحديد هو كيفية تعامل السينما عندنا مع قضايا السياسة. هل نجحت الأفلام السياسية التي قدمت خلال الفترة الأخيرة أن تكون سياسية بالفعل؟ أمامنا فيلم «السفارة في العمارة» الذي يعرض هذه الايام على شاشات الكويت كنموذج. تطبيع وإدانة يتناول فيلم «السفارة في العمارة» بطولة عادل امام وداليا البحيري قضية التطبيع مع إسرائيل من خلال قصة مهندس يعود من عمله في إحدى الدول العربية ليجد أن السفارة الإسرائيلية تتخذ من الشقة المجاورة لشقته مقرا لها، وتتعرض الأحداث لمعاناته اليومية بسبب القيود الأمنية المفروضة لحماية السفارة ومن فيها، مما يولد لديه إحساسا شديدا بالكراهية. وبحثا عن حريته باعتباره شخصية تعشق المغامرات النسائية يقرر إقامة دعوى قضائية للمطالبة بنقل السفارة الإسرائيلية من العمارة التي يسكنها. وتتحول الدعوى إلى قضية رأي عام مما يولد حالة من العداء تجاهه، ويبدأ مسؤولو السفارة بالضغط عليه للتنازل عن الدعوى بعد أن نجحوا في تصويره في أوضاع مخلة بالآداب مع إحدى الساقطات. ويذكر ان الفيلم خرج الى النور بعد ان طاله مقص الرقيب وقام بحذف كل العبارات والمشاهد في الفيلم التي تشير الى اسم اسرائيل آو علمها أو أي شي ضدها، لكن كان من الواضح أن السفارة الإسرائيلية هي المقصودة في الأحداث التي يظهر فيها السفير الإسرائيلي أول مرة على شاشة السينما المصرية ويقوم بدوره لطفي لبيب. أدان كتاب ومثقفون سخرية فيلم «السفارة في العمارة» على لسان البطل من قصيدة الشاعر الراحل أمل دنقل «لاتصالح» التي تعارض التطبيع، وقال البيان «ان الموقعين يؤكدون رفضهم لسخرية الفيلم من عمل فني كبير رفع راية رفض التطبيع مع العدو التاريخي الصهيوني في الوقت الذي يحقق فيه هذا العدو نجاحا في مشروعه الصهيوني لتحقيق طموحاته التوسعية». وكان عادل إمام قد ظهر في الفيلم في جلسة حشيش (مخدرات) واستبدل كلمات القصيدة بمفردات من واقع الجلسة. ومن ناحية أخرى اعترض بعض رموز اليسار على سخرية الفيلم أيضا من الشعارات التي يرفعها اليسار في مواجهة التطبيع إضافة إلى تصويره الساخر لاسرة يسارية كل همها هو السكر والعربدة. أبطال وأخلاق «السفارة في العمارة» يتعامل مع قضية مهمة وجادة بطريقة سطحية ولم يحاول التعمق في تحليل الأشياء واكتفى بإغراق هذه االقضية في بحور من التفاهة. وكان من المهم أولا وقبل كل شيء ان نؤمن بأبطال هذه الأفلام قبل ان نؤمن بأقوالهم وافعالهم. كان من المهم ان نرى انهم يستحقون أولا ان يتبنوا قضايانا قبل ان نتعاطف معهم. ولم يحدث ذلك. نموذج غير أخلاقي في «السفارة في العمارة» سنجد البطل ومنذ البداية لايعرف شيئا عن الأخلاق، فهو مشغول دائما بمطاردة النساء ويصل به الأمر الى خيانة مديره في الشركة التي يعمل فيها. ونكتشف انه فاقد الانتماء إلى وطنه منذ البداية وهو بعيد عن هذا الوطن منذ ثلاثين عاما، وعندما يعود فان كل مايفعله هو السهر مع شلة من الأصدقاء تعودت منذ عشرات السنين على اللقاء اليومي لتعاطي المخدرات. وغير المخدرات نرى البطل عند عودته يستمر في ممارسه هواياته في مطاردة النساء. واذا افترضنا ان هذا أمر عادي في أي بطل، والأبطال عادة يتحولون بعد لحظات اكتشاف الحقيقة، فإن من المهم منذ البداية ان تكون هناك مقدمات للشخصية منطقية ومقنعة تقول لنا ان هذه الشخصية مؤهلة للبطولة على رغم كل مافيها من عيوب وسيئات حتى لاتكون التحولات فجائية. لكن في واقع الأمر ان الأحداث كانت تدور حول النجم ولا تدور حول الشخصية، فمنذ بداية الفيلم وعادل إمام يتيح لنفسه ان يفعل ما يحلو له دون منطق. ومنذ بداية الفيلم نجد ان كل النساء يقعن من النظرة الأولى في هوى النجم، ومنذ بداية الفيلم نجد ان النجم يسخر من كل شيء ويتعامل معه الجميع باعتباره النجم عادل إمام وليس مجرد مهندس قضى عمره في الغربة وعاد مطرودا الى وطنه بفضيحة أخلاقية. كيف لنا ان نتعاطف مع شخصية خائنة لايوجد في ماضيها أي صلة أو أي قصة فرعية تقول إننا بصدد مواطن حقيقي يحب بلده وقادر على اتخاذ موقف وطني؟ من المهم ان تناقش الافلام قضايا مهمة، لكن يبدو ان مايحدث في واقع الأمر ان أفلامنا عندما ترغب في ان تكون سياسية فإنها تتبع أسوأ تعريف للسياسي، وهو الذي يرى أمامه ثلاثة طرق عليه ان يمشي فيها في الوقت ذاته، وهذا ماتفعله هذه الأفلام التي تدعي أنها سياسية فهي ترغب ان تكون أفلاما كوميدية وأفلاما جادة وأفلاما هادفة في الوقت ذاته وفي الواقع انها لا تنجح كثيرا في تحقيق هدف واحد مما تصبو اليه. القبس الكويتية في 8 نوفمبر 2005 |
فيلم «السفارة فـي العمارة».. القضايا الوطنية بأسلوب كوميدي عمان - ناجح حسن ضحك غزير ومواقف مليئة بالسخرية اللاذعة، ودعابات على خلفية سياسية يمتلىء بها فيلم «السفارة في العمارة» الذي يضطلع ببطولته الفنان الكوميدي عادل امام في عودة الى ينابيعه الاولى التي ابتعد عنها ولو قليلا في افلامه الاخيرة. فيلم «السفارة في العمارة» لمخرجه عمرو عرفة يعرض في اكثر من صالة سينما محلية انطلقت عروضه بالقاهرة قبل شهرين، وها هو يكتسح اهتمام الجمهور المحلي بمناسبة عيد الفطر، ولا زال يستحوذ على ايرادات شبابيك التذاكر في اكثر من عاصمة عربية. يحكي الفيلم قصة مهندس مصري يعمل في دولة الامارات منذ 25 عاما ولم يسبق له ان عاد الى موطنه الاصلي، والذي ترك فيها شقته هناك وجماعة من اصدقائه يعود اليهم بعد ان تورط في علاقة عابرة مع زوجة صاحب الشركة الاجنبي ومن دون ان يدري يكتشف ان شقته صارت مجاورة الى مبنى السفارة الاسرائيلية في العمارة الكائنة فيها. ويكتشف ايضا ان صحبة عمره وزملاءه في مصر منهم المحامي والطبيب والصحفي لا زالوا غارقين في تدخين الشيشة والمخدرات، وكونه صاحب الشقة فان تسهيلات تمنح له من قبل الاجهزة الامنية المعنية بحراسة السفير الاسرائيلي ويرفض اخلاءها كما عمل باقي سكان الشقة الاخرى بالعمارة، وذلك عندما يفزع من حجم الصد له من قبل الناس البسطاء في بلده، فعامل المطعم يرفض تزويده بالطعام، وفي الوقت ذاته هناك بائعة الهوى التي تلومه بعنف وقسوة على مجاورته للسفارة! عدا عن اصدقائه ايضا الذين يأخذون على عاتقهم رفع دعوى قضائية ضد السفارة والمطالبة باخلائها من العمارة، هذا كله يقود بمحض الصدفة الى السير في مظاهرة ضد الممارسات الاسرائيلية والتطبيع معها يقوم بها تيار سياسي مصري وتتقدمه فتاة تعمل في سلك التدريس الجامعي (داليا البحيري) حيث يتعرف على عائلتها ويبدأ بالتوسط لها مع ضابط الأمن وينقذها بالتالي من الاعتقال. ويتزايد حجم المغامرات التي يتعرض لها وذلك عندما يقع بين ايدي تيار ديني متطرف يرغب في تجنيده لتفجير السفارة بحزام ناسف، ويظل المهندس مترددا في ذلك كونه غير معني بالسياسة اصلا وهذا يتبدى في بداية الفيلم مع زميله المهندس الفلسطيني العامل بالامارات وعلاقته المتينة مع ابنه الفتى الذي يطمح بالانخراط في الانتفاضة عند عودته الى مدينته في الاراضي الفلسطينية واثناء مشاهدته لتفاعل احداث الانتفاضة يقع بصره على صديقه الفتى وقد صار شهيدا من هنا يكون المهندس قد حزم امره، وأخذ بالمناداة ضد الهيمنة والاحتلال في الشارع مع زميلته مدرسة الجامعة. مثل تلك التفاصيل المجبولة بالقضايا الوطنية والفعل السياسي لم يمنع صناع الفيلم من السير فيه على نحو كوميدي ساخر، وفي علاقات عاطفية عابرة تتوارى فيها الاحداث السياسية كخلفية محركة للاحداث. والفيلم ينهج على اكثر من خط سياسي، فالعمل لا يدين الممارسات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة ووجود السفارة في مصر فحسب وانما يوزع اتهاماته واداناته الى الشارع المصري نفسه، والى القوى السياسية المحركة للاحداث المناوئة، فيصورهم الفيلم كجماعة منغلقة على ذاتها، ولا هم لها سوى تدخين الحشيش وادمان الخمرة وسلوكياتهم السيئة تجاه الاخرين وايضا قذارتهم الشخصية وانهم لا زالوا منغلقين بالشعارات الفضفاضة والتي لا مكان لها في عالم اليوم. وتطال سخرية الفيلم من قصائد الشاعر المصري الراحل امل دنقل وعلى وجه الخصوص قصيدته الشهيرة «لا تصالح» وذلك في مقطع أثرى حين افقأ عينيك واثبت مكانهما جوهرتين ويستبدل الكلمة الاخيرة بكلمة حجرين من احجار الشيشة! وهكذا ايضا جرى مع تناوله لاغنية المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم «انا بكره اسرائيل» كما يصور الفيلم نماذج من الشرائح الاجتماعية في تعاطي مع وجود سفارة لاسرائيل في مصر ومواجهته لها وبروز تعاطف مع قضيته من رقيب السير الذي يأبى ان يخالفه في حادث عرض وقع له على الطريق وايضا ضابط الامن المكلف بوظيفة مكافحة الشغب عندما يأخذ على عاتقه بتسهيل مرور المظاهرة التي يسير في مقدمتها عقب ضربه من رجال امن اخرين. فيلم «السفارة بالعمارة» احدث افلام عادل امام اثار حيرة وجدلا وغضبا بين النقاد المصريين والعرب، وهو رغم مباشريته في طرح قضايا الاحداث الساخنة، الا انها كانت بلا عمق او تحليل ولم يناقشها بشكل ناضج بل جاء وليد عواطف للناس العاديين والبسطاء ومحمل بسخرية لاذعة على طريقة الكاريكاتور الذي لا يلبث ان يمحى من الذاكرة. الرأي الأردنية في 7 نوفمبر 2005 'السفارة في العمارة' عادل امام يرفع الضحكة في وجه التطبيع ج . حبشي مع عودة المهندس شريف الى وطنه بعد غياب أعوام في امارة دبي، يعود "الزعيم" عادل امام الى تسليط الضوء على القضايا السياسية والاجتماعية الكبيرة بقالب خفيف ومضحك في فيلمه الجديد الذي احدث زوبعة في مصر "السفارة في العمارة". شريف اللامبالي بالسياسة والمهووس بالنساء فحسب، سيفاجأ بوجود سفارة اسرائيل في المبنى عينه حيث يقيم. اما نحن فلم نفاجأ بطرح عادل امام قضية التطبيع مع اسرائيل باسلوبه المعتاد المبسّط والقائم على سلسلة اسكتشات ومواقف فكاهية ومفارقات مضحكة حينا ومؤثرة حينا آخر، خفيفة حينا و"دسمة" حينا آخر بالعنصر الاغرائي النسائي الذي يحيط بـ"الجيغولو" عادل امام دائما وفي معظم افلامه. اسلوب وصفه بعض النقاد بالساذج والمكرر وغير العميق بينما نرى نحن انه "بصمة" عادل امام المميّزة والخاصة لسببين: اولا، لأن عادل امام ليس رئيس جمهورية بل هو "زعيم" الكوميديا ومهمته الاولى هي اضحاكنا من دون ان ينسى طبعا واجبه كفنان يلتزم قضايا بلده وهموم شعبه. وثانيا، لأن دور زير النساء المحاط دائما بالمنهارات امام سحره واغرائه، تحوّل شخصية طبعته وبات يعرف بها في معظم ادواره . شخصية "فكاهية" من الطراز الاول لانها تلعب على هذا التضارب بين صورة "الجيغولو الوسيم" التقليدية عادة، وملامح عادل امام وقسماته الكاريكاتورية المضحكة. تماما مثل شخصية "اوستن باور" العميل الكوميدي الذي يعتبر نفسه رمزا للاغراء. في "السفارة في العمارة"قدم الثلاثي عادل امام والمخرج عمرو عرفة والمؤلف يوسف معاطي فيلما سيضحك الجميع مهما كانت فئاتهم ومستوياتهم. لكنه ايضا سيسلّط الضوء على قضية التطبيع مع اسرائيل التي يرفضها المصريون كلهم، ايّا كانت ميولهم واتجاهاتهم (جماعات اسلامية او يسار او يمين او طلاب) . ثلاثي الفيلم لم يدّعوا انهم ناقشوا قضية التطبيع بكافة جوانبها ، ولكنهم حتما نجحوا في اظهار الوجدان الشعبي والحس الوطني الرافض للتعامل مع كل ما هو اسرائيلي رغم توقيع معاهدة "كامب داييد". والامثلة في الفيلم كثيرة مثل صاحب المطعم الشعبي الذي يرفض بيع فطائره لمقيم في عمارة السفارة، كذلك فتاة الليل التي ستحتقره عندما تعلم انه جار العدو الغدار. وايضا شرطي المرور الذي سيعفيه من مخالفة المرور مكافأة له لرفعه دعوى طرد للسفارة من العمارة، ثم يعود ويحررها بحقه عندما يسحب شريف الدعوى تحت ضغط تهديد الموساد الذي صوّر له فيلما "حميما". في الفيلم ايضا استخدام جيد لاغنية شعبان عبد الرحيم "انا بكره اسرائيل"التي لعبت على وتر الفكاهة والدراما في آن واحد، تماما مثل اجواء الفيلم "المضحكة المبكية" وخصوصا في مشاهد التأييد الشعبي للبطل الذي يصح معه القول:"مرغم أخوك لا بطل" وفي مشهد مقتل الطفل الفلسطيني صديق شريف، وفي المظاهرات ضد التطبيع التي سيدخلها شريف فقط للتعرف بمناضلة يسارية اعجبه جمالها. وادّت الممثلة داليا البحيري شخصية المناضلة بشكل جيد لا يرتكز على الجانب الانثوي الجمالي ، رغم ان معظم الادوار النسائية تظل ثانوية في هذا الفيلم . بدوره الممثل خالد زكي بدا مقنعا في دور المسؤول الامني الكبير المجبر على احترام اتفاق السلام البارد مع اسرائيل ، كما تميّز الممثل لطفي لبيب في تقديم شخصية السفير الاسرائيلي . اللافت ايضا في الفيلم ، جينيريك البداية الذي تتحول خلاله الكاميرا عصفورا يحلق في ارجاء امارة دبي الساحرة التي تنعم بالسلام والبحبوحة والطمأنينة. تصوير نقلنا الى اماكن جديدة غير معتادة في الافلام المصرية ، فجاء الاختيار موفقا شكلا ومضمونا. دليل النهار في 4 نوفمبر 2005
|