عمان - محمود الزواوي |
تتنافس 58 دولة هذا العام على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، كما أعلنت الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما التي تقدم جوائز الأوسكار. وتمثل فلسطين بفيلم «الجنة الآن» للمخرج هاني أبو أسعد، كما يمثل العراق لأول مرة في هذه المنافسة بالفيلم الكردي «مرثية الثلج» للمخرج جميل رستامي. وتتعلق قصة الفيلم الفلسطيني «الجنة الآن» للمخرج هاني أبو أسعد بشابين فلسطينيين يعملان كميكانيكيين ويتأهبان للقيام بعملية استشهادية في تل أبيب، وتربط بين هذه الشابين صداقة حميمة منذ الطفولة. أما فيلم «مرثية الثلج» باكورة الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الكردي الإيراني جميل رستامي فتتعلق قصته بسكان منطقة كردية تعاني من الجفاف يصلون من أجل سقوط المطر، ويتهيأ لأحدهم سقوط الثلج خلال أحلام اليقظة. ويثير ترشيح فيلم «مرثية الثلج» الناطق باللغة الكردية لمخرج كردي إيراني كفيلم ممثل للعراق في التنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي بعض التساؤلات. فهو فيلم ذو إنتاج إيراني، وقد اشترك في مهرجان الفجر السينمائي الدولي للأفلام الإيرانية في طهران هذا العام، علما بأن بعض المصادر في الإنترنت تشير إليه كإنتاج إيراني ـ عراقي مشترك. ويذكر أن إيران ممثلة في التنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي هذا العام بفيلم «قريب جدا، بعيد جدا» للمخرج سيد رضا ميركريمي، وقد هيمن هذا الفيلم على جوائز مهرجان الفجر السينمائي الإيراني وفاز بالجائزة الأولى. ويثير اختيار فيلم «مرثية الثلج» لتمثيل العراق تساؤلا حول الدقة التي تتوخاها الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما في تطبيق أنظمتها المتعلقة باختيار الأفلام الأجنبية المشتركة في التنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بالنظر لرفضها في وقت سابق من هذا العام قبول ترشيح الفيلم الإيطالي «خصوصي» للمخرج سافيريو كوستانزو والذي يتعلق بالقضية الفلسطينية بحجة أنه لا يفي بشروط الأكاديمية بسبب خلوه من الحوار باللغة الإيطالية، علما بأن حوار الفيلم يشتمل على اللغات العربية والعبرية والإنجليزية. وتتعلق قصة فيلم «خصوصي» الذي يقوم ببطولته الممثل الفلسطيني محمد بكري باحتلال مجموعة من الجنود الإسرائيليين لمنزل أسرة فلسطينية في الضفة الغربية واضطرار جميع أفراد هذه الأسرة للعيش في غرفة واحدة من منزلها. وقد استبدل فيلم «خصوصي» بفيلم «الوحش في القلب» للمخرجة كريستينا كومينسيني كالفيلم الممثل لإيطاليا في سباق الأوسكار على جائزة أفضل فيلم أجنبي هذا العام. ويتناقض قرار الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما فيما يتعلق برفض فيلم «خصوصي» - على ما يبدو ـ مع قرار سابق لها حين وافقت على فيلم «ز» (1969) للتنافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي، علما بأن هذا الفيلم الناطق باللغة الفرنسية قدم باسم الجزائر. ويخلو هذا الفيلم من أي حوار باللغة العربية مع أنه يمثل دولة عربية هي الجزائر. وقد أجريت اتصالا مع الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما في مدينة لوس أنجيليس، مستوضحا ما يبدو أنه تناقض في مواقف الأكاديمية من أفلام «ز» و«مرثية الثلج» و«خصوصي»، ومتسائلا عما إذا كان رفض فيلم «خصوصي» قد تم لأسباب سياسية لأنه يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقدمت الأكاديمية الرد التالي، كما هو مترجم إلى اللغة العربية: «الجواب على الأسئلة المتعلقة بفيلمي «ز» و«مرثية الثلج» هو نفسه. فنحن نشترط في حوار الفيلم المؤهل أن تكون اللغة المهيمنة فيه لغة مستخدمة في الدولة التي يمثلها. وقد تأهل فيلم «ز» الناطق باللغة الفرنسية في العام 1969 لأن اللغة الفرنسية مستخدمة على نطاق واسع في الجزائر. واللغة الكردية مستخدمة في جزء من العراق، ولذلك فإن فيلم «مرثية الثلج» مؤهل كفيلم ممثل للعراق. أما الفيلم الإيطالي «خصوصي» فلم يكن مؤهلا للترشيح لأنه لا اللغة العربية ولا اللغة العبرية مستخدمتان على نطاق واسع في إيطاليا. كما لا بد من الإشارة إلى أنه لم يرشح أي فيلم لجائزة الأوسكار هذا العام حتى الآن. وما تم هو إعلان تأهيل الأفلام الأجنبية للترشيح». يشار إلى أن جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي اكتسبت أهمية متزايدة على مر السنين، خاصة بعد أن أصبحت الأفلام الأجنبية المرشحة لجائزة أفضل فيلم أجنبي مؤهلة أيضا لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم ولجوائز الأوسكار الأخرى، مع أن أنظمة الأكاديمية المتعلقة بترشيح الأفلام الأجنبية لجائزة أفضل فيلم قد تغيرت في وقت لاحق. وقبل أن يتم ذلك التغيير، رشح فيلم «ز» (1969) للمخرج اليوناني المولد والمقيم في فرنسا كوستا كافراس ـ على سبيل المثال ـ لخمس من جوائز الأوسكار بينها جائزتا أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبي في نفس الوقت، وفاز بجائزة أفضل فيلم أجنبي بالإضافة إلى جائزة أفضل مونتاج. ولم تعد الأفلام الأجنبية مؤهلة حاليا للترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم ما لم تكن ناطقة باللغة الإنجليزية، كالأفلام البريطانية والكندية والأسترالية. وقد مرت الأفلام الأجنبية فيما يتعلق بجوائز الأوسكار في ثلاث مراحل. المرحلة الأولى هي التي قدمت فيها جوائز أوسكار خاصة للأفلام الأجنبية المتميزة، وقد امتدت هذه المرحلة من العام 1947 حتى العام .1949 والمرحلة الثانية هي التي قدمت فيها جوائز أوسكار فخرية للأفلام الأجنبية المتميزة، وامتدت هذه المرحلة من العام 1950 حتى العام .1955 والمرحلة الثالثة هي تلك التي أصبحت فيها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي جزءا أساسيا من جوائز الأوسكار، وقد بدأت تلك المرحلة في العام 1956، وهي مستمرة حتى الآن. وتتصدر إيطاليا جميع الدول الفائزة بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، حيث فازت بها عشر مرات، تليها فرنسا بثماني جوائز ثم الاتحاد السوفييتي/ روسيا بأربع جوائز. وهناك أربع دول فازت كل منها بثلاث جوائز أوسكار لأفضل فيلم أجنبي هي السويد وإسبانيا وهولندا وجمهورية التشيك. والجزائر هي الدولة العربية التي فازت بهذه الجائزة المرموقة عن فيلم «ز» الناطق باللغة الفرنسية. الرأي الأردنية في 7 نوفمبر 2005 |
النسر الشهيد : ثلاثية البطولة والدم والانتصار وثيقة سينمائية لملحمة إنسانية القاهرة ـ من كمال القاضي: تحتل السينما التسجيلية موقعا فريدا وتمثل بطبيعتها وثيقة تاريخية لثبوت الأحداث ورسوخها حيث لا يمكن التشكيك فيما هو كائن بالضرورة، وترجع قيمتها لكونها تسجيلا حيا لوقائع تاريخية يعاد تجسيدها من جديد لتزداد اخضرارا كأنها آنية الوقوع لا تنال منها عوامل التعرية الزمنية ولا يصيبها العطب والتآكل.. في الفترة الأخيرة سجلت ذاكرة السينما الوثائقية تواريخ وأحداثا مهمة ارتبط بعضها بفترة الستينيات وانتصارات حرب الاستنزاف التي تلت نكسة 67 فكانت اهميتها مضاعفة ودورها حتميا ووجودها مطلبا إنسانيا قبل أن يكون تاريخيا. من الأعمال التي ينطبق عليها هذا الحكم فيلم يجسد بطولات الشهيد عبد المنعم رياض أحد نسور القوات المسلحة المصرية في فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر.. تأتي الكتابة عن فيلم النسر الشهيد للسيناريست مكاوي سعيد والمخرج سامي إدريس مشحونة بإنجازات وآلام تاريخ طويل يعود إلي مسافة نصف قرن أو يزيد.. هي رحلة بطل الملحمة الفريق أول عبد المنعم رياض وربما يضاف إلي تلك الآلام والإنجازات خصوصية الاختيار في هذا التوقيت بالذات، حيث تتلاشي كل ملامح النبل والبطولة، ولا يبقي غير عار الهزيمة والانكسار شاهدا ودليلا علي سقوط الأقنعة والشعارات لتتحول المرحلة الثورية إلي قراءات في جدول أعمال المؤتمرات واتفاقيات العجز، كي يتسني لنا استبطان ما هو واضح في كف المستقبل القادم من جهة الغرب! يخلف مكاوي سعيد كل الظنون، ويكتب فيلما تسجيليا منزوع الدسم التجاري.. مراهنا هو وصاحبه المخرج سامي إدريس علي شخصية سقطت من ذاكرة البروغرام اليومي، لتتواري خلف أحداث مرتكنة وتاريخ احتل مكانه الطبيعي في خزينة الأنتيكات والنفائس، ولم يجد المبدعان المثقفان سوي حارس واحد بإمكانه فتح الخزينة متمثلا في قناة النيل للأخبار، الجهة الوحيدة التي قبلت أن يخرج الفيلم إلي النور، ليعرف عامة الناس من هو عبد المنعم رياض .. وتوالت المجهودات بعد كتابة السيرة الذاتية لهذا الرجل للبحث عن تفاصيل حياته الفوتوغرافية وكم كان البحث شاقاً، حيث عزف الشهيد عن الرياء، فلم يدخل نفسه إطار التسجيل الفوتوغرافي لتكون مهمة البحث عن لقطات تذكارية او أحاديث منقولة إنجازا مضافا لإنجازات الفيلم ذاته. 45 دقيقة هي الزمن الذي تم اختزال حياة الشهيد خلاله في صياغة درامية شديدة العذوبة والشجن بدأت وقائعها في بلدته سبرباس إحدي قري الوجه البحري.. وامتدت أفقيا ورأسياً في جوانب عديدة حتي وصلت إلي الجبهة، وفي الطريق كانت التضحيات والبطولات هي الواقع الذي فرض نفسه، وأدخل الفريق رياض التاريخ من أوسع أبوابه.. رحلات مكوكية بين الدول الشقيقة لتوحيد الجبهة القتالية في أيام الغضب والغليان قبل وبعد النكسة في عام الحزن 67 ورصد مواطن الضعف والقوة لديه في مناورات ذكية، لم يكن الرجل بمنأي عن خطورتها ولا معزولا عن قيادته السياسية، التي وضعت فيه ثقة ارتقت به إلي آفاق المجد ومنحته أرفع النياشين والأوسمة وتوجته أميرا علي الجيوش العربية في فترات التحالف العسكري الوطني. ولم تختلف الروح الإنسانية للشهيد عبد المنعم رياض في غمرة الاهتمام بالمسؤوليات الجسيمة، وهو الجانب الذي بدا واضحا بين السطور في علاقته بمدير مكتبه، وحرصه علي ان تكون حياته كضابط وقيادته بسيطة وغير متكلفة، فضلا عن تمسكه بريفيته وامتنانه لقريته ومسقط رأسه.. علامات ودلالات كثيرة رسمت ملامح الشخصية عن قرب ونفضت غبار السنين عن الرجل المنحوت علي جدار الفداء والبطولة. غير ان جانبا آخر كان أشد وضوحا وغرابة في شخص الأسطورة العسكرية.. هو الدهاء والقدرة الفائقة علي استشراف المستقبل عن بعد إذ تنبأ بدخول القوات الأمريكية العراق، ومحاولاتها السيطرة علي ثرواته المعدنية وخاصة البترول معلنا ذلك بصراحة شديدة وتفصيل دقيق في مؤتمر عقده مع القادة والجنود قبل ثلاثين عاما من اليوم، والمثير للدهشة أنه حدد العراق بالذات، وأكد أنه الدولة المستهدفة من أمريكا، متوقعا قيام الحرب فيما بين عامي 95 و2001 علي وجه التحديد.. وليس أدل علي عبقريته الاستراتيجية من تلك النبوءة المستوحاة من حسابات دقيقة لم يكن قائد مثله يخطئها! تداعيات وأحداث امتلأ بها الفيلم الذي كانت ذروته في لحظة الاستشهاد التاريخية والتي عبرت عنها الموسيقي التصويرية لأكرم مراد تراجيديا بليغة، وحدت بين إحساسنا الإنساني واللحظة الدرامية فقد قصرت الموسيقي المسافة التاريخية للحدث فبدا كأنه حالة راهنة واستشهاد طازج لنسر هوي علي الأرض بعد طول تحليق. تنتهي الملحمة العسكرية الإنسانية ويظل الفيلم حالة فنية وثائقية تتجاوب مع إحساسنا العام بحلاوة الذكري ومرارة الفراق. القدس العربي في 7 نوفمبر 2005 السينما العربية من مأزق إلى آخر
حسين قطايا كلما خرجت السينما العربية عموماً والمصرية خصوصاً، من مأزق، دخلت إلى مأزق آخر، فبعد موجات أفلام »المقاولات« التي تعممت في الساحة المصرية منذ عقدين من الزمن انطلقت منذ سنوات موجة جديدة، تسمي حالها »كوميدية«، في توصيف يسمى لتحقيق هدف يصير بالنتيجة »تسمية« تنتزع فحواها بسذاجة تقريرية أصحابها. فالتسطيح والاستخفاف بمدارك الجمهور، سمة رئيسية في هذه »الكوميدية«، الغير مفهومة إلى حد التكرار والابتذال. مما يتطلب مراجعة نقدية حقيقية لهذه الموجة التي يقودها مجموعة من الشباب الجدد، الذين يعبرون عن خواء وفراغ يتماثل مع الواقع السياسي والثقافي في العالم العربي، وأحياناً يكون أسوأ من هذا، فينثر ما يدعيه فناً، على أساس أن التسطح هو العمق الوحيد الذي نمتلكه ونستطيعه. من هذه الأفلام التي تعرض في الصالات المحلية فيلم »بوحه«، إخراج رامي إمام وبطولة محمد سعد، وتأليف نادر صلاح، الذين تواطأوا معاً لتقديم مهزلة عجيبة، في كل مستوياتها الفنية. وتحت سقف الادعاء أن هذا العمل يقدم شخصية موجودة في الشارع المصري، وهو يعمل عليها لاستنطاقها. يبدأ الفيلم بتعريف المشاهد على شخصية بطل القصة »القروي« بوحه الذي يحاول الدفاع عن أصدقائه، فيتعرض للضرب على أيدي أولاد إسماعيل من العائلات »البلطجية«، ومن ثم يموت والده فيترك له إرثاً مع أحد الجزارين، مما يضطره إلى الذهاب إلى المدينة لتحصيل هذا الدين، وهناك تقع المفارقات فيلتقي بعائلة تعيش بالقرب من مذابح الأغنام والأبقار، فيدافع عن الأم »لبلبة« وابنتها »مي عز الدين«، في مواجهة »زعيم« محلي يريد تزويج ابنه من ابنة هذه العائلة، حتى يستطيع الحصول على بقعة أرض تكمل امتلاكه لأرض كبيرة تقع عليها المذابح. القصة عادية ومكررة، وتم معالجتها اخراجياً بأسلوب التضخيم الكاريكاتوري، وفي اجترار دائم من أفلام أخرى. اعتقد المخرج إمام أنه يؤلفها، ففي حسبانه أن المشاهدين، لا يتمتعون بأي مستوى من الوعي النقدي، أو الفني أو سواه. فالمهم تمرير الفيلم بالاضحاك مع دعاية منظمة تخوضها الفضائيات العربية، وفيها تمتلئ الجيوب، وبعدها غير مهم. فلا خجل ولا وجل، ولا اخراج أو سينما أو من يحزنون على أوضاعنا المهترئة في السياسة والثقافة والفن. فالتخلف ينسحب على كل مستويات المجتمع. فإن أصاب قطاعاً لابد له أن يصيب قطاعات أخرى. والممثل محمد سعد مقتنع بأنه يقدم للسينما تحفة فنية مملوءة ثقافة ولا شيء سواها. بدل أن يعترف أنه يتاجرفي مساحات الفن والابداع. وهو يستمر على تقديم شخصية واحدة، في كل أفلامه، ويعتبرها شخصيات. كيف؟ لا أحد يعلم، فما هو الفرق بين شخصياته في »اللمبي« و»عوكل« و »بوحه« و»اطاطا«؟ طبعاً يستطيع سعد أن يشرح على هواه بأنه عمل على شخصية كل على حدة وباستقلال عن الاخرى. وهذا غير صحيح، لان ما يفعله يقع في اداء مصطنع على تماس مع فن الرسم الكاريكاتوري القائم على التضخيم، إضافة إلى وقوع سعد في تكرار يدفع إلى الشك بموهبته أصلاً. »بوحه« يظهر مدى تعاستنا في العالم العربي. فإن نظرنا إلى حالنا في الاجتماع والسياسة والثقافة وجدنا في الفن السينمائي حالة متراجعة وسط أحوال مشابهة في كل المجالات. البيان الإماراتية في 6 نوفمبر 2005
|