جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

من عروض الدورة 49 لمهرجان لندن السينمائي: سرتان القرغيزي يزاوج السياسة بالفكاهة حول التوتاليتارية

والعيون المسروقة البلغاري يؤرخ المحنة التركية في عهد جيفكوف وثلاث حقن الكندي فيلم شجاع حول الدين والتجارة و.. الإيدز

زياد الخزاعي *

لاتني السينما ان تدهشنا باكتشافاتها. فكلما ارتفع صوت ما يرثي حالها وقصصها وابطالها وانغماسها الذي وصل الي حد الهوس بتقنيات المؤثرات المستحدثة، وسعيها في استقطاب جمهور أوسع عبر الأشرطة المفخخة بخدع الكمبيوتر والديجيتال والشخصيات المنفوخة بقدرات الحداثة المعسكرة والوطنيات الممجدة للقوة ومثل الانتصارات التي يجب ان لا تنتهي. كلما ارتفع مثل هذا الصوت الراثي (وهو في بعض من حججه علي حق بين) تأتي هبات سينمائية دولية تؤكد ان هذا الفن الأكثر شعبية لن تشح مساحاته وسجلاته من توليد مواهب ذات بصائر تقارب هموم انسان الألفية الثالثة. فمن السياسة الي الحروب التي تكاثرت من دون ان تفضي الي ديمقراطيات موعودة الي التعصب الديني الذي تحول اليوم الي شعار واستهداف وتخوين مرورا بالاغتراب العولمي الذي احال مجتمعات ذات عراقة وتاريخ ومظاهر حضارة الي اعداء مزمنين وشعوب من القتلة والارهابيين ومثلها صفات جاهزة كثيرة.

السينما تملك شجاعة نادرة في وضع قناعات مخرجيها علي الشاشات، فزمن الرقابات والوصايات واستحكامات القوانين ولي، وبات علي الذين يودون أن يعرقلوا انتشار شريط ما يُندد ويفضح ويعري، ان يتحايلوا علي الشبكات التي تعقدت مع الانترنت واخترقت اليوم شاشات الهواتف الجوالة الصغيرة. انها ثورة اعلامية فريدة سنحتاج الي وقت معتبر كي نعي خطورة تدويل الصورة السينمائية وحكاياتها، فما كان يعتبر متعة وازجاء وقت، سيتحول الي منشورات تضع الفيلم ونصوصه في خانتها التحريضية الصحيحة (علي شاكلة فهرنهايت مايكل مور و ماكدونالد مواطنه مورغان سبورلوك والعديد من اشرطة التنديد بحرب العراق التي تكاثرت عناوينها اخيرا بشكل لافت، في هذا السياق تجمعت في خانات الدورة 49 لمهرجان لندن السينمائي (The Times LFF) عناوين تتشارك بجدتها وشجاعتها في طرح موضوعات سجالية وتستمد شجاعتها من مواقفها السياسية في المصاف الاول.

فمن قيرغزستان أتت كوميديا باهرة من توقيع المخرج ارنست عبد يشاباروف سرتان التي حصدت اهتماما اعلاميا في أروقة مهرجان (كان) الاخير، وتم انتاجها بمعونة مالية من المانيا. وهي نص يزاوج السياسة بالفكاهة والرؤية الاجتماعية بالغمز الايديولوجي والديني، ويختزل محنة البلاد، التي عبرت الفلك السوفييتي لتصحو متأخرة علي استقلال سياسي لكنه مرتهن اقتصاديا، في قرية صغيرة نائية تتوافر علي شخصيات نمطية تملأ الحيز الدرامي بكثير من الشغب والحيوية الريفيتين: هناك رئيس البلدية قبلبق وهمومه اليومية في حل مشاكل المجموعة التي ارتفع تذمرها بسبب تأخر المعونة المالية الاجتماعية، وسعيه الي امتصاص ما يشبه الصورة الشعبية المصغرة، الي جانبه هناك امام الجامع وخطأه اليومي المزمن في رفع الآذان متأخرا عن موعده، والسبب ضعفه امام اغراء النوم!!! اما الشرطي الشاب الوسيم فلن يفرط بأي فرصة للفوز بليلة غرام مع الزوجات الشابات والذي سيفضحه لاحقاً لص الخراف تشمات بعد مواجهتهما الدامية. الأول لأنه يريد اقرار القانون، فيما يجاهد الثاني للابقاء علي مهنته التي توارثها عن اجداده، ولم تفلح الشيوعية في المساس بها او عرقلة عملها، فما بالك بعزّ سياسة السوق المفتوحة. هناك الثري الذي اشاد امبراطوريته الصغيرة عبر صفقات فاسدة عندما كان قائدا شيوعيا ومسؤولا حزبيا نافذا، واستمر بصفقات الربا المالية، ليفرض لاحقا علي رئيس البلدية متاجرة براميل البترول غالية الثمن بقضم أراض فلاحية تابعة للدولة!!! مقابل هذه الشخصية يقف وارث الماركسية والحركة العمالية النضالية وهو رجل في الخمسينات ما زال يحمل القيم والشعارات الديماغوجية القديمة، ولن يتواني عن القاء الخطب وشحذ الهمم للوقوف في وجه السرقة الرأسمالية ولصوصها واعادة التاريخ لمجد الدولة التوتاليتارية ويصرخ لا تثقوا بأحد . في شريط سرتان هناك اكثر من اربعين شخصية اشهرها الثلاثي المخمور، الذين سيصرفون يومهم في محاولات سرقة وتحايل من اجل الحصول علي مال الفودكا وحينما يقارعون الكؤوس يبدأون بالبكاء علي الارض والطبيعة والوطن!!

ولا يفهم ان المخرج عبد يشاباروف صنع فيلما كاريكاتيرياً، بل جاء الفيلم شبه اقصوصة تقليدية لمجتمع ريفي ألبسها لبوس التهكم الصافي. قد تكون قيرغزستان دولة غير مؤثرة في آسيا الوسطي ومحيطها، الا ان هذا المخرج (ولد في بشقيق عام 1961 وانجز اول افلامه الوثائقية عام 1993 تبعه بعدد من الاشرطة الروائية القصيرة) استهدف نقده الوراثة السياسية التي بادلت وجوها حزبية تعود للعهد السوفييتي، بأخري حزبية ارتدت زيا غربيا. فالتوليتارية باقية ورموزها تجول وتتحكم في مصائر المحليين. و سرتان يثير اسئلة كثيرة حول القرار السياسي، وهل هو مستقل حقا: (يصرخ رئيس البلدية بالمنتفضين: موسكو لم تحول مبالغكم، اذهبوا الي هناك واعترضوا )، وهناك اسئلة مشابهة حول ثقل المؤسسة الدينية التي يقدمها كبنية كسولة، متزلفة (سيتحلق إمام الجامع دائماً حول الثري الفاسد ولا يتأخر في التراكض امامه)! بيد ان يشاباروف يفصل في مشاهد كثيرة بين طقسية الاسلام والاطراف التي تستغل خطابه في تبرير سقوطها الاخلاقي. ما يشع في هذا الفيلم هو تكافل المجموعة رغم الظرف الطبيعي وعزلته. انها الحياة بكامل عناصرها العظيمة، الانسان وأرضه ومستقبله.

وهذه الاخيرة ستغطي أكبر مساحة درامية في الشريط البلغاري العيون المسروقة (Stolen Eyes) للمخرج رادوسلاف سباسوف (ولد عام 1943 ودرس التصوير السينمائي في موسكو، وانجز اول اعماله الروائية يوم للنسيان عام 1993) الذي يعالج مرارة قطاع كبير من اتراك بلغاريا الذين قررت حكومة تودور جيفكوف في عام 1985 ترحيلهم جميعا الي تركيا، ومن يريد المكوث، عليه ان يتخلي عن اسمه وهويته القديمة ويندمج دينيا ويلتزم بما يترتب عليه من تقاليد واعياد وقيم وغيرها.

مستقبل هذه الاقلية المحكوم بقرار حزبي ستقوم الميليشيات الشيوعية (!!) بتنفيذه باسم الجيش، اولا باغراء المال (كل مرتحل له مكافأة مالية سخية) وثانيا بالوعيد (سرقة الارض ومنع الماء مصدر الرزق اياً كان)، وبعد ان يستعرض سباسوف الخطوط العامة للمحنة، يركز كاميرته ونصه علي البطلة الشابة والأم الارملة ايتان (اداء مميز من فاسيلاكازاكوفا) وقرارها المفاجئ ـ وهي عند الحدود مع تركيا ـ بالعودة الي مسقط رأسها، فهي ولدت هنا وانتمت الي هذه الارض والذاكرة وتاريخها. فما الذي ستفعله هناك؟. هذه العودة مركبة الاتجاه دراميا، فهي من جهة فرصة لعرض حكايات متعددة للحيوات التي راهنت علي التمسك بجذرها الاجتماعي، والاخري كشف المخفي من حياة آيتان التي سنراها في المقطع الاول وهي حاملة لبندقية موجهة الي بلغاري شاب تهدده باطلاق النار ان لم يرحل ، وعند رفضه تطلق رصاصة واحدة، سيعد سباسوف صدي في آخر مشهد من فيلمه. فهذا اليافع الأشقر انما هو احد جنود التهجير الذي حدث ان دهس ابنتها بالخطأ خلال احدي المواجهات، وتوفيت تحت جنازير مدرعته. يلتقي الاثنان في مستشفي الامراض العقلية، فكلاهما يحمل وزر الجريمة التي حدثت امام الجميع، آيتان لا تستطيع ان تأخذ بثأرها، وايفان (فاليري ياردانوفا) لا يستجمع شجاعته لمعاقبة نفسه (رغم اشادة قادته بعزمه العسكري وقوة شخصيته وموهبته الخارقة في لعب الشطرنج وذاكرته المتوقدة التي لا تخطئ ابدا)! تهرب الأم المفجوعة الي دارة عمها الريفية، وتسعي الي اعادة تأقلمها (مع الطبيعة كعنصر مساعد في اعادة تأهيل الارض والبناء والزرع، واجتماعيا باستعادتها اسمها الاصلي بدلا من آنا الرسمي الماسخ لهويتها الإثنية).

الصدي الاخير للرصاصة الوحيدة سيصيب ايفان من دون مقتل، فعلي سباسوف مهمة درامية، وايديولوجيا اهم: التآلف الديني والعرقي، فمع اجتماع الثنائي آيتان ـ ايفان ستحقق العائلة ذات الاصول المختلفة والمتفقة علي بناء وحدة اجتماعية لا تحددها هوية مقحمة ومفروضة او دين يرغم علي اتباع احكامه (في مشهد قوي يسعي ايفان الي العم التركي كي يختنه معبرا عن عزمه للانسلاخ عن ملته، لكن آيتان سترفض محاولته، وتصر علي ايمانه الداخلي بمشروعية العيش معاً من دون الاخلال بـ الصيرورة الاجتماعية للعائلة البلغارية ذات الإثنية المتداخلة.

العيون المسروقة لا يخفي خطابه المباشر الشجاع في اتهام توليتاريتية الدولة والحزب انذاك بالقيام وتكريس سياسة التطهير العرقي، وبما يتناقض مع الخطاب الايديولوجي لحزب الجميع؟ وسباسوف في هذا ضرب اكثر من وتر، فمع اختياره حقبة وتاريخاً مظلمين في وقائع السياسة في بلاده، الا ان نصه يأتي في الوقت المناسب مع تصاعد موضة التعصب الديني والعرقي في اوروبا منذ سقوط الكتلة الشرقية وانهيار الشيوعية وحرب البلقان والمجازر العنصرية في البوسنة والهرسك، واخيرا هجمات ايلول (سبتمبر) التي كرست العداء ضد الاسلام بشكل منهجي وموضب سياسيا واعلاميا. ان ما عانته الاقلية التركية في بلغاريا 1985، سيتحقق مثيله في وسط اوروبا بعد سنوات قليلة، ويحمد للمخرج سباسوف انه فتح سيرة تاريخ مغمط ومجهول، ضحاياه مئات الالاف، سينتظر اقرانهم في دولة متاخمة ان تنقل تلفزيونات وفضائيات الحداثة الاوروبية مجازر تصفياتهم في وقت لاحق، قبل ان يتنادي عدد من السينمائيين الي تصوير افلامهم عنها. فالسينما هي الفن الأسرع في تدويل صورة الجريمة اينما وقعت وأيا كان مرتكبها.

هناك جرائم اخري، من نوع آخر يتحدث عنها جديد المخرج الامريكي توم فيتزجيرالد ثلاث حقن (3 Needles) الانتاج كندي جميعها تدور حول الايدز، وآثام نقله الي اناس اصحاء، كسبا للعيش ودرءاً للفاقة وطموحا لغني ملعون بمصائر ضحايا. وشجاعة هذا المخرج الذي ولد في نيويورك وحقق شهرته العالمية في نصه الأخاذ الحديقة المعلقة في عام 1997، تكمن ايضا في تدويل الجريمة، فبدلا من اقتصارها علي مدينة واحدة، وبطل واحد ومحنة واحدة، ثلثها وسعي الي توثيقها في ثلاث قارات بثلاث حكايات ستلقي علي منبر سجالي واحد: الدين والتجارة!

وفيتزجرالد لا يجادل بين الاثنين او يربطهما بوشيجة حتمية، تضع الدين كمبرر لتجارة الموت، او ان التجارة تدعم ترحيل الدين وتعزز انتشاره، بل قارب ايديولوجية الصنعتين (ان جاز القول)، فالدين في ثلاث حقن شمولي، له معتقدات وبني متعددة، مختلفة، تتطلب من تابعه ان يجيدها ويعمق من اداء طقوسها، فالايمان ركيزته، وهدفه. وهو (اي الايمان) ذو وجه واحد وان تعددت الشروط الدينية واختلفت. الله صنع الانسان وعلي هذا الاخير ان يصنع ايمانه، يصوغه في داخله كقيم ورؤية وبصيرة لحياته ومعناها. شريط ثلاث حقن يستند في حكاياته الثلاث الي المسيحية والبوذية (ليس هناك اي تبرير لابعاد ديانات اخري؟!)، ابطالها يعيشون في امريكا الشمالية (كندا) وافريقيا (جنوب افريقيا) واسيا (الصين). وهم ليسوا بالضرورة مؤمنين لكنهم جميعا تابعون. والسؤال هنا كيف سيصلون الي ذلك الايمان؟ اي ظرف سيقودهم الي ذلك البر؟ هل هناك معجزات اليوم، وهل هناك قديسون يدفعونهم الي حضن الوعي الديني ليشملوا بالطهر؟ الحكايات الثلاث ستسردها البطلة كلارا (الممثلة شول سيفيغني) وهي عجوز، تعيدنا نحو بداياتها كراهبة متدربة، تسعي الي اقصي التدين (تعاقب نفسها علي ذنوب الآخرين بجرح نفسها متعمدة) من أجل الوصول الي قداسة لاحقة، لن تتحقق. في البداية ستأخذنا كلارا الي صوب افريقيا حيث الرهان ضد الايدز علي اشده، وتنغمر مع صاحباتها الاخريات في العمل الخيري لصالح مرضاه في ظروف قاسية مزرية. تصل كلارا الي قناعة ان هؤلاء الافريقيين لن تغفر خطاياهم ولن يستقبلوا في الجنان ما لم يؤمنوا بكاثوليكية معتقدها، اي ان ايمانها سيقود الي تسليع ذلك المعتقد. الزبون هو المقترن بالمرض القاتل، ولقاؤه بالرب مرهون بدخوله تحت جناح كنيستها. وحين تفلح مع مرضاها، عليها ان تقوم بالفعل الاكبر الذي سيثبت ان كان سعيها للقداسة صحيحا: تخترق كلار بصيحة صبي واشقائه الصغار الكثر في فيافي البلاد وجبالها كي توصلهم الي عمهم بعد ان فقدوا الوالد والوالدة (المعيلين)، ومع فشلهم في العثور عليهم، سيعودون في رحلة جلجلة معاصرة (شبيهة بمسيرة يسوع المسيح قبل صلبه) لتواجه امتحانها الأصعب، الرضوخ الي شهوة المستعمر الابيض العازب الذي يملك مزارع واسعة ونفوذا أوسع، غير انه يعاني من نقص عائلي: الذرية! وكي تحقق كلارا اهدافها في مساعدة الآخرين الفقراء لن تتواني عن التضحية ببكارتها (ولاحقا برهبانيتها وقدسيتها الضائعة)، وتجري مقايضة تجارية غير متعادلة: اشاعة الايمان لمحاربة فاقة رعاياها عبر جلسات جنسية مع انموذج سلفوي، مستغل استعماري!

هذه الحكاية الصادقة سيداخلها المخرج فيتزجرالد مع نظيراتها الاخريات الاولي حول الصينية جين بينغ (الممثلة الشهيرة لوسي لوي بطلة ملائكة تشارلي ) التي تتاجر ببيع دم الريفيين الذين سيقتنعون بقدرهم مقابل يونات قليلة، وحينما يواجه مزارع شاب محنته العائلية سيضحي بابنته اليافعة كي تبيع دمها للعميلة التي ستلد وليدها في العراء، قبل ان تعي جريمتها الاخلاقية وتورطها في اشاعة الفيروس القاتل بين سكان المقاطعة ومنهم ابنة المزارع، قبل ان تكتشف انها حاملة للفيروس عن طريق زوجها المريض. الاب المكلوم سيجد ضالته الروحية في المعبد البوذي بعد ان يفشل في اقناع السلطات المحلية بفاجعته، وحدها التجارة ستوصله الي اصحاب القرار. انها الصفقة الصغيرة التي سيجريها مع الضابط المتنفذ بالكشف عن التاجر الغامض (التي سنعرف في مشهد عنيف، انه هو وجنوده صادفوها ذات مرة وسمح لبعضهم باغتصابها عقابا رغم حملها) الذي اختفي عن الوجود. ايمان المزارع بان حياته زائلة وغير ذات معني سيدفع بالعسكري الي المساعدة في حصد أرز حقله!! وسنراه موزعا ومتبرعا بغلته الي جيرانه الفقراء الجائعين، فالمال الذي اغراه بقتل وليدته لن ينفعه في شراء قداسة ما ثمنها كان حقنة دم.

علي الطرف الآخر في العالم سنلاحق تجارة الشاب داني الذي يعمل ممثلا في اشرطة بونوغرافية رخيصة، متحايلا علي السلطات الطبية، بسرقة دم والده المتماوت، كي يثبت خلو جسده من الايدز، حفاظا علي رصيده المالي واعانته الي والدته العاملة كنادلة في مطعم احدي المدن الكندية الكبيرة.

يموت الاب وتكشف خيانة الإبن الطبية، لكن بعد فوات الأوان. فهذا الاخير سيرغم علي دخول المعزل الصحي، وتسعي الأم اوليف (الممثلة ستوكارد تشانينغ) الي المتاجرة بورقة رابحة: شهادة التأمين علي حياتها! فهذا هو السبيل الوحيد لعبور خط فقرهما (بعد خسارة الابن لعمله) المقبل. في هذا المقطع ـ الذي سيصر المخرج فيتزجرالد علي تقاطعه الحاد مع الاقسام الاخري ـ لا يملك خيطا دينيا كالسابقتين، بل عطفه عليهما، اي ان ايدز الابن داني هو عقاب علي إثم العائلة (سنسمع الاب يشيد بعمل ابنه وهما يشاهدان احد افلامه!)، والقدر الذي سيقودهما نحو المجهول العائلي آت من السماء.

كلما اشتدت المحن التي يعرضها فيتزجرالد وهي كثيرة (علي مدي مائة دقيقة) يأخذنا الي مشاهد طبيعية خلابة، وبعد كل مشهد قائم، سيسلسل صورا باهرة علي عظمة ارضنا ومنفسحاتها وبحارها وجبالها وغاباتها. وفي كل مشهد منها سيصبح انسانه ضئيلا الي حد قدري. اي ان وسع هذا الكون المحيط اصعب علي البشر ان يفهموا جلاله من دون ايمان حقيقي بخالقه. هذه الصبغة الدينية ليست الشرط الدرامي في ثلاث حقن ، بل ان مفاهيم الموت والحياة، الفقدان والكسب، الصحة والمرض، الغني والفقر (حتي وان كانت عامة ويومية) لا تقوم الا علي الاساس الايماني، نحن ابطاله وزبائنه في وقت واحد.

شجاعة المخرج فيتزجرالد بدت في ابعاده القناعات الجاهزة والكليشيهات الدرامية، واقصائه للتبرير. اذ ان ابطال حكاياته الثلاث متوافرون في كل بقاع هذه الارض لكن تقليدية النظر والمقاربة اليها، هي التي كرست خيانتها واساءة فهمها، والوباء القاتل ليس قدرا، بل جريمة (او جرائم) ترتكبها انظمة غربية نافذة عبر اغفال المساعدة والتكاسل في توفيرها الي مجتمعات فقيرة (هناك مشهد صاعق للصبي الذي تساعده كلارا في لم شمل عائلته، حين تشهد سرقته للعلبة الطبية التي تحوي الحقن الملوثة المستعملة من قمامة المستشفي، ومن ثم اعادة تسليعها وبيعها الي مرضي الادمان!!).

ثلاث حقن في وجهه الاكثر بهاءاً، هو فيلم سياسي من طراز جديد يتوافر علي درامات عالية النبرة، ومصنوعة بحرفة سينمائية محكمة، ذات سردية مبتكرة قائمة علي التقاطع لا التقابل. ليس هناك فذلكات تقنية، فكاميرا المصور المبدع توماس هارتنغ ستذهب الي المشهديات الطبيعية بحرية كي تتفرس بجمالها الأخاذ وعظمتها الأزلية.

* ناقد سينمائي من العراق يقيم في لندن

القدس العربي في 4 نوفمبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

الاختين الحلوين .. في العيد متنافستين

هنا شيحة: المقارنة بيني وبين "حلا".. لا تجوز

أخاف من الحسد علي ظهوري بالسينما.. بعد نجاح "مباراة زوجية"

علاء طه 

·         ما مشاعرك بعرض فيلمك "درس خصوصي" في نفس وقت عرض فيلمين شقيقتك حلا "غاوي حب" و"أريد خلعا"؟

تضحك "هنا" بطفولية وعفوية وتقول: هذا شيء جميل جدا بالنسبة لي وبالنسبة لحلا.. أنا عن نفسي "مبسوطة" وسعيدة جدا. لأني "وحلا"لسنا مجرد شقيقتين وكل منا تحب الأخري بلا حدود ومعنا "مايا" كل شيء نحكيه لبعضنا وكل واحدة تأخذ رأي الأخري وفرحتها وسعادتها تكون صادقة بأي عمل جديد للأخري نجاح "حلا" هو نجاح لي وكذلك نجاحي بالنسبة لحلا وبصراحة مشاعرنا المشتركة كاخوة لا يمكن وصفها بالكلام.

·     ألا تخشين من المقارنة بينكما في هذه الأفلام أو من أي أحاديث عن المنافسة بينكما كما يحدث في كل مواسم السينما عن نجمات الأفلام المعروضة في وقت واحد؟!

تحتد نبرة صوت "هنا" وتقول بشراسة: لا مقارنة بين الممثلات أنا لا أؤمن بوجود مقارنة بين "هنا" و"حلا" فكل منا لها أدائها وشكلها المختلف ولها نجاحها وأدوارها.. وبغض النظر عن أننا شقيقتين لا يمكن المقارنة بيننا أو وضعنا في إطار المنافسة لأننا أنفسنا لم نفكر يوما في منافسة أحد.. وبشكل عام "مافيش" مقارنة تجوز بين أي ممثلة وأخري لأن مواصفات المقارنة لا تنطبق في الفن!!

·         ما الجديد في الشخصية التي تقدينها بفيلم "درس خصوصي"؟

ألعب شخصية "جميلة" وهي دكتورة تعمل علي مركب سياحي وفجأة يعثروا علي صندوق بالمركب فيجدوا بداخله شخصا يدعي أنه قادم من القرن الماضي تحديدا عام 1951 ويظنه البعض مجنونا ثم تؤكد الأحداث والوقائع أشياء مدهشة وتدخل الدكتورة في قصة حب مع هذا الشخص وتخوض معه مغامرته!!

·         لم تترددي في قبول هذا الدور بعد أن رفضته قبلك ياسمين عبدالعزيز ومي عز الدين ودنيا سمير غانم!!

عرض عليّ العمل بعيدا عن هذه الترشيحات واختاي "حلا" و"مايا" لعبتا دورا كبيرا في قبولي للعمل بصفة مبدئية فكان رأيهما أن العمل فرصة جيدة في السينما علي اعتبار أنها أول تجربة سينمائية لمطرب ستار أكاديمي محمد عطية لكن بعد هذا تفرغت لقراءة السيناريو أكثر من مرة. وترسخت بداخلي قناعة أنه عمل جيد للغاية من حيث الفكرة والورق وتحمست للعمل به وأراهن أنه سيحدث انقلابا داخل الوسط الفني وفي السينما.

·         ماسر قناعتك الراسخة بهذا العمل؟

أولا لأن دوري به جيد. ومن النوعية التي كنت أتمني تقديمها. وهو شيء جديد بالنسبة لي.

ثانيا: القصة التي تدور فيها أحداث الفيلم بها نوع من التشويق والخيال العلمي وتعتمد اعتمادا كليا علي التقدم التكنولوجي والقضية الحديثة والخدع والمؤثرات بشكل جديد علي السينما المصرية.

·     هذه هي التجربة السينمائية الأولي لمحمد عطية فهل كان الأمر عبئا علي كاهلك كممثلة محترفة.. وهل شعرت بأنك مطالبة بمساندته ليجاريك في الأداء؟

مسئولية محمد عطية كممثل هذه تقع علي كاهل المخرج لكن بصراحة هو ممثل مجتهد جدا ويقدم بالفيلم أداء جيدا وكان في رأسه أن يقدم عملا مختلفا وهو ما نجح فيه.. ففكرة الفيلم لم تقدم من قبل في السينما المصرية. وهذا في صالحنا وكان معنا "كاست" قوي من الممثلين منهم: حسن حسني. حجاج عبدالعظيم. هالة فاخر. وصلاح عبدالله وكلهم من الحجم الثقيل وخبرتهم كبيرة وأضافوا للفيلم الذي أتمني أن يحقق نجاحا يوازي تعبنا واخلاصنا!!

·     نجاحك في فيلم "حب البنات" كان ملحوظا.. لكن علي غرار توقعات النقاط بسطوع نجمك في السينما إلا أن ظهورك التالي تأخر لأكثر من عامين حتي هذا الفيلم ما سبب ذلك؟

فيلم "حب البنات" كان فيلمي الأول. ونجاحه أسعدني جدا وكنت فرحة بما كتبه النقاد عني وما توقعوه لي وأعتقد أن هذا النجاح جعلني مسئولة عن الظهور بشكل جيد وخلال هذه الفترة عرضت عليّ سيناريوهات وأدوار كثيرة مع نجوم كبار في السينما ولكن اعتذرت عنها لأنني لم أجد نفسي بها. وكلها أدوار المسمي لها أنها بطولة نسائية لكنها في الحقيقة "سنيدة" للممثل وبالنسبة لي ليس من المهم أن أقدم فيلما كل يومين الأهم أن أقدم شيئا يترك بصمة.. الفكرة التي تعجبني أقدمها ولا أنظر لأي شيء آخر.. دوما أريد فكرة جديدة ودورا مختلفا غير مكرر أو ممل.. والشخصية "الطازجة" أشارك فيها فورا.. أم خلاف ذلك فاسأل نفسي: لماذا أقدم شيئا قدم من قبل؟ وبالطبع اعتذر!! بقي أن "هنا" سعيدة أيضا بدورها في مسلسل "مباراة زوجية" وتري أن عرض فيلم "درس خصوصي" عقب المسلسل اضافة نجاح إلي نجاح.. وهي تخاف من الحسد وتؤمن به لأنه مذكور بالقرآن الكريم!!

·         لماذا خرجت "حلا".. "من الخدمة" في رمضان؟

رغم كلام هنا عن عدم جواز المقارنة بينها وبين حلا أو وضعهما في حسبة "برما" لتنافس ممثلات السينما فإن التشابه بينهما أكيد في "المود" و"المزاج"بالنسبة للعمل الفني.. أعمالهما قليلة قياسا بالممثلات من جيلهما لكننا نقر بوجود اختلافات كبيرة بين الاثنتين في الشخصية.

حلا اختفت تماما عن الأنظار طيلة رمضان وحتي بدأ عرض فيلميها "أريد خلعا" و"غاوي حب" وأصبحت "خارج الخدمة" هكذا يقول أصدقاؤها والمقربون منها بالوسط الفني. في اشارة إلي هاتفها المغلق تماما والخارج عن الخدمة أو الذي لا ترد عليه.. وهي أكدت أنها لن تظهر إلا في "العيد" حين تحضر عرض فيلميها والالتقاء بالزملاء والاصدقاء لكن ما أسباب ذلك؟

"حلا" لمن يعرفها عن قرب تحرص علي التفرغ تماما في رمضان للعبادة بالصلاة وقراءة القرآن الكريم ومن المستحيل أن تضبطها في حفل سحور أو خيمة رمضانية وهي تري أن العبادة هامة في الشهر الكريم!!

هذا العام اضطرت فقط لتظهر ببرنامج تليفزيوني علي الهواء لتضع حدا عن ربط اسمها بعماد متعب نجم النادي الأهلي.. وخلاف ذلك اعتكفت بالمنزل.

الجديد في حياة "حلا" أنها بدأت منذ فترة تعلم العزف علي الجيتار.. وهي تلقي بكل ثقلها علي فيلم "غاوي حب" مع محمد فؤاد الذي تعتبره نقلة فنية خاصة أنها تقدم من خلاله دورا رومانسيا!!

الجمهورية المصرية في 4 نوفمبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى